٢٦

قوله تعالى { قل اللّهم مالك الملك } قال ابن عباس في رواية أبي صالح نزلت في شأن المنافقين وذلك أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لما فتح مكة قال عبد اللّه بن أبي رأس المنافقين إن محمدا يتمنى أن ينال ملك فارس والروم وأنى له ذلك فنزلت هذه الآية

وقال بعضهم سأل النبي صلّى اللّه عليه وسلّم ربه أن يجعل له ملك الروم وفارس في أمته فعلمه اللّه بأن يدعو بهذا الدعاء وهو قول مقاتل

وقال بعضهم إن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم لما أمر اللّه بحفر الخندق ظهرت في الخندق صخرة عجزوا عن حفرها فأخذ النبي صلّى اللّه عليه وسلّم المعول وضرب ضربة فظهر من تلك الصخرة نور فقال له سلمان رأيت شيئا عجيبا فقال له النبي هل رأيت ذلك قال نعم فقال رأيت في ذلك النور قصور أهل الشام ثم ضرب ضربة أخرى فكذلك ظهر أيضا فقال رأيت قصور أهل فارس فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سيظهر لأمتي ملك الشام وملك فارس فقال المنافقون إن محمدا لا يأمن على نفسه واضطر إلى حفر الخندق فكيف يتمنى ملك الشام وفارس فنزلت هذه الآية

وقال بعضهم إن مشركي مكة قالوا إن ملك فارس والروم يبيتان في الحرير والديباج فلو كان هو نبيا كيف ينام على الحصير فنزلت هذه الآية { قل اللّهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء } وأصل { اللّهم } في اللغة يا اللّه أمنا بخير أي اقصدنا بالرحمة ولكن لما كثر استعمال هذا اللفظ في الناس صارت الكلمتان كلمة واحدة فقال { اللّهم } يعني اللّهم يا مالك الملك { تؤتي الملك من تشاء } يعني تعطي الملك من تشاء يعني محمدا صلّى اللّه عليه وسلّم ومن اتبعه { وتنزع الملك ممن تشاء } يعني من فارس والروم { وتعز من تشاء } يعني أهل الإسلام { وتذل من تشاء } يعني أهل الشرك والطغيان { بيدك الخير } يعني النصرة والغنيمة والعز { إنك على كل شيء قدير } من العز والذل وقال الضحاك { تؤتي الملك من تشاء } يعني الإسلام { وتعز من تشاء } بالإسلام { وتذل من تشاء } بالشرك { بيدك الخير } يعني الهداية والسعادة { إنك على كل شيء قدير } من الهداية والسعادة

وقال الزجاج { تؤتي الملك من تشاء } معناه أن تؤتيه { وتنزع الملك ممن تشاء } أن تنزعه إلا إنه حذف الهاء لأن في الكلام ما يدل عليه قال مقاتل

وقد قيل في الملك قولان أحدهما هو المال والعبيد والآخر من جهة الغلبة بالدين

﴿ ٢٦