٣٧

قوله تعالى { فتقبلها ربها بقبول حسن } يعني تقبل منها نذرها { وأنبتها نباتا حسنا } وقال مجاهد غذاها غذاء حسنا ورباها تربية حسنة { وكفلها زكريا } قرأ حمزة والكسائي وعاصم بالتشديد يعني ضمها اللّه إلى زكريا وقرأ الباقون بالتخفيف يعني ضمها زكريا إلى نفسه وقرأ حمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص { زكريا } بغير مد وإعراب وجزم الألف وقرأ الباقون بالإعراب والمد وهما لغتان معروفتان عند العرب فمن قرأ { كفلها } بالتشديد قرأ زكريا بنصب الألف لأنه يصير مفعولا ومن قرأ { كفلها } بالتخفيف قرأ زكريا برفع الألف على معنى الفاعل

وذكر في الخبر أن زكريا بنى لها محرابا في غرفة وجعل باب الغرفة في وسط الحائط لا يصعد إليها إلا بسلم واستأجر ظئرا فكان يغلق عليها الباب وكان لا يدخل عليها أحد إلا زكريا حتى كبرت وكانت إذا حاضت أخرجها إلى منزله فتكون عند خالتها وكانت خالتها امرأة زكريا وهذا قول الكلبي

وقال مقاتل كانت أختها امرأة زكريا وكانت إذا طهرت من حيضها واغتسلت ردها إلى المحراب وقال بعضهم كانت لا تحيض وكانت مطهرة من الحيض وكان زكريا إذا دخل عليها في أيام الشتاء رأى عندها فاكهة الصيف وإذا دخل عليها في أيام الصيف رأى عندها فاكهة الشتاء وكانت الحكمة في ذلك أن لا يدخل في قلب زكريا شيء من الريبة إذا رأى الفاكهة في غير أوانها وعلم أنه لم يدخل عليها أحد من الآدميين فذلك قوله تعالى { كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا } ويقال { المحراب } في اللغة أشرف المجالس وهو المكان العالي وقد قيل إن مساجدهم كانت تسمى المحاريب ف { قال } لها زكريا { يا مريم أنى لك هذا } يعني من أين لك هذا فإنه لا يدخل عليك أحد غيري { فقالت } مريم { هو } أي هذا الرزق { من عند اللّه } يعني من فضل اللّه { إن اللّه يرزق من يشاء بغير حساب } في غير حينه ويقال من حيث لا يحتسب

﴿ ٣٧