٣٩

قوله تعالى { فنادته الملائكة } قرأ حمزة والكسائي بالياء يعني ناداه جبريل عليه السلام وإنما صار مذكرا على معنى الجنس كما يقال فلان ركب السفن وإنما ركب سفينة واحدة وقرأ الباقون { فنادته } على معنى التأنيث لأن اللفظ لفظ الجماعة والمراد به أيضا جبريل { إن اللّه يبشرك بيحييى } قرأ حمزة وابن عامر { إن اللّه يبشرك } بكسر الألف ومعناه فنادته الملائكة وقالوا له إن اللّه يبشرك وقرأ الباقون بالنصب ومعناه فنادته الملائكة بأن اللّه يبشرك { بيحيى } قال مقاتل اشتق اسمه من اسم اللّه تعالى حي واللّه تعالى حي فسماه اللّه تعالى يحيى ويقال لأنه حيي به رحم أمه ويقال لأنه حي به المجالس

ثم قال تعالى { مصدقا بكلمة من اللّه } يعني بعيسى عليه السلام وكان يحيى أول من

صدق بعيسى عليهما السلام وهو ابن ثلاث سنين فشهد له أنه كلمة اللّه وروحه فلما شهد بذلك يحيى عجبت بنو إسرائيل لصغره فلما سمع زكريا شهادته فقام إلى عيسى فضمه إليه وهو في خرقة وكان يحيى أكبر من عيسى بثلاث سنين وقال بعضهم صدقة وهو في بطن أمه كانت أم يحيى عند مريم إذ سجد يحيى بالتحية لعيسى وكل واحد منهما كان في بطن أمه وذلك قوله { مصدقا بكلمة من اللّه } { وسيدا } يعني حكيما { وحصورا } يعني لا يأتي النساء وهو قول الكلبي وقال سعيد بن جبير السيد الذي يملك غضبه والحصور الذي لا يأتي النساء

وقال مقاتل يعني لا ماء له يعني لم يكن له ماء في الصلب وقال بعضهم هذا لا يصح لأن العنة عيب بالرجال والنبي لا يكن معيبا ولكن معناه أنه كان مانعا نفسه من الشهوات لأن الذي يمنع نفسه من الشهوات مع قدرته كانت فضيلته أكثر من الذي لا قدرة له

ثم قال تعالى { ونبيا من الصالحين } يعني أن يحيى كان نبيا من الصالحين فلما بشره جيريل بذلك

﴿ ٣٩