٧٩

قوله تعالى { ما كان لبشر أن يؤتيه اللّه الكتاب } يعني التوراة والإنجيل ثم قال { والحكم } يعني الفهم { والنبوة } وهو عيسى ابن مريم عليهما السلام { ثم يقول للناس } ما جاز له أن يقول للناس { كونوا عبادا لي من دون اللّه } ويقال إن اليهود والنصارى اختلفوا فيما بينهم فجاء الفريقان جميعا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وقال كل فريق نحن أولى بإبراهيم عليه السلام فقال لهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كلكم على الخطأ فغضبوا وقالوا واللّه ما تريد إلا أن نتخذك حنانا فأنزل اللّه تعالى { ما كان لبشر أن يؤتيه اللّه الكتاب } يعني القرآن { والحكم } يعني الحلال والحرام والنبوة { ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون اللّه } { ولكن } يقول لهم { كونوا ربانيين } يعني متعبدين ويقال كونوا علماء فقهاء

قال الزجاج الربانيون أرباب العلم والبيان أي كونوا علماء { بما كنتم تعلمون الكتاب } يعني كونوا عاملين بما كنتم تعلمون لأن العالم إنما يقال له عالم إذا عمل بعلمه وإن لم يعمل بعلمه فليس بعالم لأن من ليس له من علمه منفعة فهو والجاهل سواء

ثم قال تعالى { وبما كنتم تدرسون } يقول بما كنتم تقرؤون يعني كونوا علماء بذلك عاملين به قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو { بما كنتم تعلمون } بنصب التاء والتخفيف يعني يعلمكم الكتاب ودرسكم والباقون بضم التاء والتشديد يعني تعلمون غيركم فإنما يأمركم بذلك

﴿ ٧٩