٨٦

ثم قال تعالى { كيف يهدي اللّه قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق } يعني

كفروا بعدما شهدوا أن الرسول حق { وجاءهم البينات } يعني بعدما ظهر لهم العلامات { واللّه لا يهدي القوم الظالمين } فإن قيل في ظاهر الآية أن من كفر بعد إسلامه لا يهديه اللّه ومن كان ظالما لا يهديه اللّه وقد رأينا كثيرا من المرتدين قد أسلموا وهداهم اللّه وكثيرا من الظالمين تابوا عن الظلم قيل له معناه لا يهديهم اللّه ما داموا مقيمين على كفرهم وظلمهم ولا يقبلون إلى الإسلام فأما إذا جاهدوا وقصدوا الرجوع وفقهم اللّه لذلك لقوله تعالى { والذين جهدوا فينا لنهدينهم سبلنا } سورة العنكبوت ٦٩وتأويل آخر قوله { كيف يهدي اللّه } يقول كيف يرشدهم إلى الجنة كما قال في آية { إن الذين كفروا وظلموا لم يكن اللّه ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا ، إلا طريق جهنم } سورة النساء ١٦٨ ويقال كيف يرحمهم اللّه وينجيهم من العقوبة ويقال كيف يغفر اللّه لهم وقالت المعتزلة كيف يهدي اللّه معناه كيف يكونون مهتدين لأنهم لا يرون الهداية والاهتداء في الابتداء إلا على سبيل الجزاء ويرون ذلك من كسب العبد

﴿ ٨٦