١٠٤

ثم قال تعالى { ولتكن منكم أمة } فهذه لام الأمر كقوله { فليعمل عملا صلحا } الكهف ١١٠يعني لتكن منكم أمة

قال الكلبي يعني جماعة وقال مقاتل يعني عصبة وقال الزجاج معناه ولتكونوا كلكم أمة واحدة تدعون إلى الخير و { من } هاهنا لتخص المخاطبين من بين سائر الأجناس وهي مؤكدة كقوله تعالى { فاجتنبوا الرجس من الأوثن } الحج ٣٠ وقوله { يدعون إلى الخير } يعني

إلى الإسلام ويقال إلى جميع الخيرات { ويأمرون بالمعروف } قال الكلبي يعني باتباع محمد صلّى اللّه عليه وسلّم { وينهون عن المنكر } يعني الجبت والطاغوت ويقال { المنكر } العمل الذي بخلاف الكتاب والسنة ويقال ما لا يصلح في العقل

وروي عن سفيان الثوري أنه قال إنما يجب النهي عن المنكر إذا فعل فعلا يخرج عن الاختلاف ويقال إنما أمر بعض الناس بقوله { ولتكن منكم أمة } ولم يأمر جميع الناس لأن كل واحد من الناس لا يحسن الأمر بالمعروف وإنما يجب على من يعلم ويقال إن الأمراء يجب عليهم الأمر والنهي باليد والعلماء باللسان والعوام بالقلب وهنا كما قال صلّى اللّه عليه وسلّم إذا رأى أحدكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان

وروي عن عبد اللّه بن مسعود أنه قال بحسب امرئ إذا رأى منكرا لا يستطيع النكير أن يعلم اللّه من قبله أنه كان وروي عن بعض الصحابة أنه قال إن الرجل إذا رأى منكرا لا يستطيع النكير عليه فليقل ثلاث مرات اللّهم إن هذا منكر فإذا قال ذلك فقد فعل ما عليه

ثم قال تعالى { وأولئك هم المفلحون } يعني الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر هم الناجون ويقال فازوا بالنعيم

﴿ ١٠٤