١٥٩قوله تعالى { فبما رحمة من اللّه لنت لهم } يقول فبرحمة من اللّه وما صلة فاللّه تعالى ذكر منته أن جعل رسوله رحيما رؤوفا بالمؤمنين فقال { فبما رحمة من اللّه } يا محمد { لنت لهم } جانبك وكنت رؤوفا رحيما بالمؤمنين { ولو كنت فظا غليظ القلب } يعني خشنا في القول غليظ القلب { لانفضوا من حولك } أي لتفرقوا من عندك واللّه جعلك سهلا سمحا طلقا لينا لطيفا بارا رحيما هكذا قال الضحاك ثم قال { فاعف عنهم } أي تجاوز عنهم ولا تعاقبهم بما يكون منهم من الزلة والذنب { واستغفر لهم } من ذلك الذنب { وشاورهم في الأمر } يقول إذا أردت أن تعمل عملا فاعمل بتدبيرهم ومشاورتهم ويقال ناظرهم في الأمر ويقال ناظرهم عند القتال وروي عن عبد اللّه بن عباس أنه كان يقرأ { وشاورهم في بعض الأمر } لأنه كان يشاورهم فيما لم ينزل عليه الوحي فيه وكان النبي صلّى اللّه عليه وسلّم عاقلا ذا رأي ولكنه أمر بالمشورة ليقتدي به غيره ولأن في المشاورة يتودد لأصحابه لأنه إذا شاورهم يتودد قلوبهم وفي المشورة أيضا ترك الملامة لأنه يقول فعلت كذا بمشاورتكم وروى سهل بن سعد الساعدي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنه قال ما شقي عبد قط بمشورة وما سعد عبد باستغناء رأي ثم قال تعالى { فإذا عزمت فتوكل على اللّه } يعني لا تتكل على المشورة ولكن توكل على اللّه بعد المشورة لا على الأصحاب { إن اللّه يحب المتوكلين } الذين يتوكلون على اللّه |
﴿ ١٥٩ ﴾