١٧٩قوله تعالى { ما كان اللّه ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه } قال الكلبي وذلك ان قريشا من أهل مكة من المشركين قالوا يا رسول اللّه إنك تزعم أن الرجل منا في النار وإذا ترك ديننا واتبع دينك قلت هو من أهل الجنة فأخبرنا عن هذا من أين هو وأخبرنا من يأتيك منا ومن لا يأتيك منا فأنزل اللّه تعالى { ما كان اللّه ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه } من الكفر والنفاق { حتى يميز الخبيث من الطيب } يقول حتى يخلص الكافر من المؤمنين { وما كان اللّه ليطلعكم على الغيب } يعني ليبين لكم المؤمن من الكافر قبل أن يؤمن قال الفراء لم يكن اللّه ليعلم أو يطلع على غيبه { ولكن اللّه يجتبي } يقول يصطفي { ومن رسله من يشاء } للنبوة والرسالة من خلقه فيوحي إليه بإذنه قال في رواية الضحاك إن المنافقين أعلنوا الإسلام وأسروا الكفر وصلوا وجاهدوا مع المؤمنين فأحب اللّه أن يميز بين الفريقين وأن يدل رسوله على سرائر المنافقين فقال تعالى { ما كان اللّه ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب } يعني المنافق من المؤمن { وما كان اللّه ليطلعكم على الغيب } ولكن اللّه يطلع أنبياءه ورسله يعني أن المؤمنين لا يعلمون سر المنافقين ولكن اللّه يبين ذلك للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم ويقال { ما كان اللّه ليذر } يعني ليترك من علم أنه من أهل الإيمان على ما أنتم عليه من الكفر حتى يوفقه للإيمان { وما كان اللّه ليطلعكم على الغيب } ولكن اللّه يطلع أنبياءه ورسله بالوحي حتى يكون ذلك علامة لنبوتهم ثم قال تعالى { فآمنوا باللّه ورسله وإن تؤمنوا } باللّه ورسله { وتتقوا } الشرك والمعصية { فلكم أجر عظيم } يعني ثواب في الجنة ويقال إن الكفار لما سألوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يبين لهم من يؤمن منهم فنزل { فآمنوا باللّه ورسوله } يعني لا تشتغلوا بما لا يعنيكم واشتغلوا بما يعنيكم وهو الإيمان باللّه ورسله فإنكم إن فعلتم ذلك فلكم أجر عظيم قرأ حمزة والكسائي { حتى يميز } بضم الياء ونصب الميم وكسر الياء مع التشديد وقرأ الباقون بنصب الياء وكسر الميم بغير تشديد وتفسيرهما واحد إلا أنك إذا قرأت بالتشديد قد يكون عبارة عن الكثرة وبالمبالغة |
﴿ ١٧٩ ﴾