٤٨

قوله تعالى { إن اللّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك } يعني دون الشرك { لمن يشاء } يعني لمن مات موحدا نزلت الآية في شأن الوحشي قاتل حمزة وذلك أن الناس لما التقوا يوم أحد وقد جعل الوحشي حرا إن قتل حمزة فقتله لم يوف له فلما قدم مكة ندم على صنيعه الذي صنع هو وأصحابه معه فكتبوا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كتابا إنا قد ندمنا على صنيعنا وإنه ليس يمنعنا من الدخول في الإسلام معك إلا أنا سمعناك تقول إذ كنت عندنا بمكة { والذين لا يدعون مع اللّه إلها أخر } سورة الفرقان ٦٨ إلى قوله { يضعف له العذاب يوم القيامة } سورة الفرقان ٦٩ وقد دعونا مع اللّه إلها آخر وقتلنا النفس وزنينا فلولا هذه الآيات لاتبعناك فنزل { إلا من تاب وءامن وعمل صلحا } سورة مريم ٦٠ الآية فبعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بهذه الآية الى الوحشي وأصحابه فلما قرؤوا كتبوا إليه أن هذا شرط شديد نخاف ألا نعمل عملا صالحا فلا نكون من أهل هذه الآية فنزل { إن اللّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } فبعث إليهم فقرؤوها فبعثوا إليه إن في هذه الآية شرطا أيضا نخاف ألا نكون من أهل مشيئته فنزل قوله { قل يعبادى الذين أسرفوا على أنفسهم } سورة الزمر ٥٣الآية فبعثها إليهم فلما قرؤوها وجدوها أوسع مما كان قبلها فدخل هو وأصحابه في الإسلام وروي عن ابن عمر أنه قال كنا إذا مات الرجل منا على كبيرة شهدنا أنه من أهل النار حتى نزلت هذه الآية { إن اللّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } فأمسكنا عن الشهادة وهذه الآية رد على من يقول إن من مات على كبيرة يخلد في النار لأن اللّه تعالى قد ذكر في آية أخرى { إن الحسنات يذهبن السيئات } سورة هود ١١٤يعني ما دون الكبائر فلم يبق لهذه المشيئة موضع سوى الكبائر ثم قال تعالى { ومن يشرك باللّه فقد افترى إثما عظيما } يعني اختلق على اللّه كذبا عظيما ويقال فقد أذنب ذنبا عظيما

﴿ ٤٨