١٨

قوله تعالى { وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء اللّه اللّه وأحباؤه} يعني نحن من اللّه تعالى بمنزلة الأبناء من الآباء في المنزلة والمحبة والكرامة والوالد إذا سخط على ولده في وقت يرضى عنه في وقت آخر ويقال معناه نحن أبناء أنبياء اللّه وأحباؤه

قال اللّه تعالى لمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم { قل فلم يعذبكم بذنوبكم } يعني يحرقكم لأنهم كانوا مقرين أنه يحرقهم أربعين يوما أياما معدودة قل لهم فهل رأيتم والدا يحرق ولده أو يحرق محبة ففي الآية دليل أن اللّه تعالى إذا أحب عبده يغفر ذنوبه ولا يعذبه بذنوبه لأنه احتج عليهم فقال { فلم يعذبكم } إن كنتم أحباء اللّه تعالى وقال في آية أخرى { إن اللّه يحب التوبين ويحب المتطهرين } البقرة ٢٢٢ ففيها دليل على أنه لا يعذب التوابين بذنوبهم ولا المجاهدين الذين يجاهدون لقوله تعالى { إن اللّه يحب الذين يقتلون في سبيله صفا } الصف ٤

ثم قال { بل أنتم بشر ممن خلق } يعني أنتم لستم بأبناء اللّه ولا أحبائه ولكن أنتم خلق كسائر خلق اللّه تعالى

ثم قال { يغفر لمن يشاء } أي يتجاوز عمن يشاء فيهديه لدينه { ويعذب من يشاء } فيهينه ويتركه على الكفر { وللّه ملك السموات والأرض وما بينهما } من الخلق { وإليه المصير } يعني إليه المرجع فيجزيهم بأعمالهم

﴿ ١٨