٨٧

قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل اللّه لكم } نزلت في جماعة من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وذلك أنهم سمعوا من النبي صلّى اللّه عليه وسلّم وصف القيامة يوما وخوف النار والحساب اجتمعوا في بيت عثمان بن مظعون فتوافقوا بأن يخصوا أنفسهم ويترهبوا فنهاهم اللّه عن ذلك ونزلت هذه الآية { يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل اللّه لكم } إلى آخرها

قال حدثنا الفقيه أبو جعفر قال حدثنا أبو القاسم أحمد بن حميد قال حدثنا محمد بن الفضل قال حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك عن مدرك بن قزعة عن سعيد بن المسيب قال جاء عثمان بن مظعون إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال يا رسول اللّه غلبني حديث النفس ولا أحب أن أحدث شيئا حتى أذكر لك قال صلّى اللّه عليه وسلّم وما تحدثك نفسك يا عثمان قال تحدثني أن أختصي فقال مهلا يا عثمان فإن إخصاء أمتي الصيام قال يا رسول اللّه إن نفسي تحدثني أن أترهب في رؤوس الجبال فقال مهلا يا عثمان فإن ترهب أمتي الجلوس في المساجد لانتظار الصلوات قال يا رسول اللّه فإن نفسي تحدثني أن أسيح في الأرض قال مهلا يا عثمان فإن سياحة أمتي الغزو في سبيل اللّه والحج والعمرة قال فإن نفسي تحدثني أن أخرج من مالي كله قال مهلا يا عثمان فإن صدقتك يوما بيوم

وتكف نفسك وعيالك وترحم المساكين واليتيم أفضل من ذلك فقال يا رسول اللّه فإن نفسي تحدثني أن أطلق خولة فقال مهلا يا عثمان فإن الهجرة في أمتي من هجر ما حرم اللّه عليه أو هاجر إلي في حياتي أو زار قبري بعد مماتي أو مات وله امرأة أو امرأتان أو ثلاث أو أربع قال يا رسول اللّه فإن نهيتني أن اطلقها فإن نفسي تحدثني بأن لا أغشاها قال مهلا فإن الرجل المسلم إذا غشي أهله أو ما ملكت يمينه فلم يكن من وقعته تلك ولد كان له وصيفا في الجنة وإن كان من وقعته تلك ولد فمات قبله كان فرطا وشفيعا يوم القيامة فإن عبد مات بعده كان له نورا يوم القيامة فقال يا رسول اللّه فإن نفسي تحدثني بأن لا آكل اللحم قال مهلا يا عثمان فإني أحب اللحم وآكله إذا وجدته ولو سألت ربي أن يطعمنيه في كل يوم لأطعمنيه قال يا رسول اللّه فإن نفسي تحدثني بأن لا أمس الطيب قال مهلا يا عثمان فإن جبريل أمرني بالطيب غبا غبا وقال لا تتركه يوم الجمعة لا تتركه يا عثمان ولا ترغب عن سنتي فمن رغب عن سنتي ثم مات قبل أن يتوب صرفت الملائكة وجهه عن حوضي يوم القيامة ونزلت هذه الآية { لا تحرموا طيبات ما أحل اللّه لكم } { ولا تعتدوا } يقول لا تحرموا حلاله { إن اللّه لا يحب المعتدين } ويقال إن محرم ما أحل اللّه كمحل ما حرم اللّه

﴿ ٨٧