سورة الأنفال

مدنية وهي سبعون وخمس آيات

١

قوله تعالى { يسألونك عن الأنفال } يعني الغنائم واحدها نفل غنيمة وكذلك قال لبيد

( إن تقوى ربنا خير نفل وبإذن اللّه ريثي وعجل )

( من هداه سبل الخير إهتدى ناعم البال ومن شاء أضل )

قال ابن عباس { عن } صلة في الكلام وإنما هو يسألونك الأنفال يعني الغنائم

ويقال فيه تقديم ومعناه يسألون عنك الأنفال

ويقال معناه يسألونك لمن الأنفال يقال إنما هم سألوا عنها لأنها كانت محرمة من قبل فسألوا عنها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فنزل { يسألونك عن الأنفال } يعني الغنائم

قال الفقيه حدثنا أبو الفضل بن أبي حفص قال حدثنا أبو جعفر الطحاوي قال حدثنا إبراهيم بن أبي داود قال حدثنا سعيد بن أبي مريم عن عبد الرحمن بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن الحارث عن سليمان بن موسى عن مكحول عن أبي أمامة عن عبادة بن الصامت قال خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى بدر فلقي العدو فلما هزمهم اللّه تعالى أتبعهم طائفة من المسلمين يقتلونهم وأحدقت طائفة برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وإستولت طائفة بالعسكر والنهب فقال الذين طلبوهم نحن طلبنا إحاطة العدو وبنا نفاهم اللّه تعالى وهزمهم فلنا النفل وقال الذين أحدقوا برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نحن أحدقنا برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لئلا ينال العدو منه غرة فهو لنا وقال الذين إستولوا على العسكر والنهب واللّه ما أنتم بأحق منا بل هو لنا نحن حويناه واستولينا عليه فأنزل اللّه تعالى { يسألونك عن الأنفال قل الأنفال للّه والرسول فاتقوا اللّه وأصلحوا ذات بينكم } فقسم النبي صلى اللّه عليه وسلم بينهم عن فواق أي عن سواء

وروى أسباط عن السدي قال كانت الأنفال للّه ورسوله فنسخ بقوله { فأن للّه خمسه وللرسول } [ الأنفال : ٤١ ] وعن عكرمة ومجاهد مثله

قوله تعالى { فاتقوا اللّه وأصلحوا ذات بينكم } يعني إخشوا اللّه وأطيعوه في أمر الغنيمة وأصلحوا ما بينكم من الإختلاف في الغنيمة { وأطيعوا اللّه ورسوله } يعني في أمر الصلح والغنيمة { إن كنتم مؤمنين } يعني إن كنتم مصدقين ويقال معناه أتركوا المراء في أمر الغنيمة إن كنتم مصدقين٢

ثم نعت المؤمنين المصدقين فقال اللّه تعالى { إنما المؤمنون الذين إذا ذكر اللّه وجلت قلوبهم }

ويقال إنما المصدقون الذين إذا أمروا بأمر في أمر الغنيمة وغيرها من قبل اللّه تعالى خافت قلوبهم

ويقال إنما المصدقون { الذين إذا ذكر اللّه } أي ذكر عندهم أمر اللّه

ويقال الذين إذا أمروا بأمر من اللّه { وجلت قلوبهم } يعني قبلت قلوبهم فسمى قبول القلوب وجلا لأن بالوجل يثبت القبول لأنهم وجلوا عقوبة اللّه تعالى فقبلوه

ثم قال { وإذا تليت عليهم آياته } يعني إذا قرئت عليهم آياته بالأمر والنهي في أمر الصلح وغيره { زادتهم إيمانا } يعني تصديقا ويقينا وقال الضحاك يعني زادتهم تصديقا بحكم الناسخ مع تصديقهم بالمنسوخ وقال الزجاج تأويل الإيمان التصديق فكل ما تلي عليهم من عند اللّه تصديقا صدقوا به فزادهم تصديقا فذلك زيادة إيمانهم

وروي عن ابن عباس أنه قال زادتهم تصديقا بالفرائض مع تصديقهم باللّه { وعلى ربهم يتوكلون } يعني يفوضون أمرهم إلى اللّه ويثقون به ولا يثقون بما في أيديهم من الغنائم ويعلمون أن اللّه رازقهم

﴿ ١