٢ثم قال تعالى { أكان للناس عجبا } لأن أهل مكة كانوا يتعجبون ويقولون { أبعث اللّه بشرا رسولا } فنزل { أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم } يقول أعجب أهل مكة أن أختار عبدا من عبيدي وأرسله إلى عبادي من جنسهم وحسبهم حتى يقدروا أن ينظروا إليه فيعرفونه ولا ينكرونه ثم بين ما أوحى اللّه تعالى إليه فقال { أن أنذر الناس } يعني خوف أهل مكة بما في القرآن من الوعيد ويقال في الآية تقديم ومعناه تلك آيات الكتاب الحكيم للناس أكان عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس وقال عامة المفسرين على ظاهر التنزيل ثم قال { وبشر الذين آمنوا } أي بما في القرآن من الثواب في الجنة { أن لهم قدم صدق عند ربهم } قال مقاتل يعني بأن أعمالهم التي قدموها بين أيديهم ستكون خيرا عند ربهم وهي الجنة وقال ابن عباس يعني السعادة عند ربهم وهي الجنة وروي عن أبي سعيد الخدري أنه قال يعني شفاعة محمد صلى اللّه عليه وسلم لهم شفيع صدق عند ربهم وقال الحسن هي رضوان اللّه في الجنة وقال القتبي { قدم صدق } يعني عملا صالحا قدموه { قال الكافرون إن هذا لساحر مبين } قرأ نافع وأبو عمرو وإبن عامر { لسحر } بغير ألف يعني إن هذا القرآن لسحر مبين يعني كذب بين ظاهر وقرأ الباقون { لساحر مبين } يعني أن الذي يقرأ عليهم القرآن لساحر مبين فالساحر إسم والسحر فعل فإن قيل إذا قال الكفار هذا القول فما الحكمة في حكاية كلامهم في القرآن قيل له الحكمة فيه من وجوه أحدها أنهم كانوا يقولون قولا فيما بينهم فيظهر قولهم عند النبي صلى اللّه عليه وسلم فكان في ذلك علامة لنبوته لمن أيقن به والثاني أن في ذلك تعزية للنبي صلى اللّه عليه وسلم ليصبر على ذلك كما قال { فاصبر على ما يقولون } والثالث أن في ذلك تنبيها لمن بعده أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ولا يمتنع بما يسمع من المكروه |
﴿ ٢ ﴾