٣١

قوله تعالى { فلما سمعت بمكرهن } يعني سمعت زليخا بمقالتهن وإنما سمي قولهن مكرا واللّه أعلم لأن قولهن لم يكن على وجع النصيحة والنهي عن المنكر ولكن كان على وجه الشماتة والتعيير { أرسلت إليهن } فدعتهن { وأعدت لهن متكأ } يعني إتخذت لهن وسائد يتكئن عليها لجلوسهن وذلك أنها إتخذت ضيافة ودعت النسوة ووضعت الوسائد لجلوسهن وقال الفراء من قرأ { متكأ } غير مهموز فإنه الأترج وكذلك قال ابن عباس

روى منصور عن مجاهد أنه قال من قرأ مثقلة قال يعني الطعام ومن قرأ مخففة قال الأترج ويقال الزماورد وهو نوع من التمر وقال عكرمة كل شيء يقطع بالسكين { وآتت كل واحدة منهن سكينا } يعني أعطت زليخا كل واحدة من النسوة سكينا وأمرت يوسف بأن يلبس أحسن ثيابه وزينته أحسن الزينة { وقالت أخرج عليهن } يعني أخرج على النساء فخرج عليهن

روى أبو الأحوص عن إبن مسعود قال أوتي يوسف وأمه ثلث حسن الناس في الوجه والبياض وغير ذلك وكانت المرأة إذا رأت يوسف غطى وجهه مخافة أن تفتن به فلما خرج يوسف إلى النسوة غطى وجهه فنظرن إليه { فلما رأينه أكبرنه } يقول أعظمنه أي

أعظمن شأنه وتحيرن وبقين مدهوشات طائرة عقولهن { وقطعن أيديهن } يقول حززن وخدشن أيديهن بالسكين ولم يشعرن بذلك { وقلن حاش للّه } يعني معاذ اللّه { ما هذا بشرا } قرأ بعضهم بالرفع { ما هذا بشر } وقرأ بعضهم { ما هذا ببشر } يعني مثل هذا لا يكون بشرا وقراءة العامة { ما هذا بشرا } بنصب الراء والتنوين لأنه خبر ما ولأنه صار نصبا لنزع الخافض ومعناه { ما هذا بشرا } يعني مثل هذا لا يكون آدميا { إن هذا إلا ملك كريم } يعني على ربه

فإن قيل إنهن لم يرين الملك فكيف شبهنه بشيء لم يرينه

قيل له لأن المعروف عند الناس أنهم إذا وصفوا أحدا بالحسن يقولون هذا يشبه الملك كما أنهم إذا وصفوا أحدا بالقبح يقولون هو كالشيطان وإن لم يروا الشيطان

قرأ أبو عمرو { حاشا للّه } بالألف وقرأ الباقون بغير ألف وكذلك الذي بعده

﴿ ٣١