سورة الإسراء

مكية وهي مائة وإحدى عشرة آية

١

قوله تعالى { سبحان } أي عجب من أمر اللّه تعالى { الذي أسرى بعبده } ويقال تنزيه اللّه تعالى وروى موسى بن طلحة قال كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سئل عن { سبحان } فقال نزه اللّه نفسه عن السوء وروي عن علي بن أبي طالب أن ابن أبي الكواء سأله عن سبحان اللّه فقال علي كلمة رضيها اللّه لنفسه ويقال معناه سبحوا اللّه { سبحان الذي أسرى بعبده } أي أدلج برسوله صلى اللّه عليه وسلم { ليلا } أي في ليلة ويقال { أسرى } يعني سار بعبده ليلا { من المسجد الحرام } أي مكة وقال ابن عباس من بيت أم هانىء { إلى المسجد الأقصى } يعني إلى بيت المقدس

قال الفقيه أخبرني الثقة بإسناده عن أبي سعيد الخدري قال سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن الليلة التي أسرى به فيها فقال أوتيت بدابة هي أشبه الدواب بالبغل وهو البراق وهو الذي كان يركبه الأنبياء قال فانطلق بي يضع يده عند منتهى بصره فسمعت نداء عن يميني يا محمد على رسلك فمضيت ولم أعرج عليه أي ما التفت إليه ثم سمعت نداء عن شمالي فمضيت ثم استقبلتني امرأة عليها من كل زينة فمدت يديها وقالت على رسلك فمضيت ولم ألتفت إليها ثم أتيت البيت المقدس أو قال المسجد فنزلت وأوثقته بالحلقة التي كانت الأنبياء يوثقون بها ثم دخلت المسجد فصليت فقلت يا جبريل سمعت نداء عن يميني فقال ذاك داعي اليهودية أما إنك لو وقفت عليه لتهودت أمتك فقلت وسمعت نداء عن شمالي قال كان ذلك داعي النصارى أما إنك لو وقفت عليه لتنصرت أمتك وأما المرأة كانت الدنيا تزينت لك أما إنك لو وقفت عليها لاختارت أمتك الدنيا على الآخرة قال ثم أوتيت بإناءين أحدهما فيه لبن والآخر فيه خمر فقال لي اشرب أيهما شئت فأخذت اللبن وشربت فقال أصبت الفطرة أي أعطيت أمتك الإسلام أما إنك لو أخذت الخمرة لغوت أمتك ثم جيء بالمعراج الذي تعرج فيه أرواح بني آدم فإذا هو أحسن ما رأيت فعرج بنا فيه وذكر قصة طويلة فنزل { سبحان الذي أسرى بعبده } محمدا صلى اللّه عليه وسلم من أول الليل من المسجد الحرام يقول من الحرم من بيت أم هانىء بنت أبي طالب إلى المسجد الأقصى أي الأبعد يعني إلى مسجد إيلياء وهو بيت المقدس { الذي باركنا حوله } بالماء والأشجار وهو المدائن التي حوله مثل دمشق والأردن وفلسطين { لنريه من آياتنا } أي لكي نريه من آياتنا أراه اللّه تعالى في تلك الليلة من عجائب السموات والأرض { إنه هو السميع } لمقالة أهل مكة وإنكارهم { البصير } أي العليم بهم وذلك أنه لما أخبرهم عن قصة تلك الليلة أنكروا

وروى الزهري عن عروة قال إنه لما أسري به صلى اللّه عليه وسلم إلى المسجد الأقصى فأخبر الناس بذلك فارتد ناس كثير ممن كان صدقه وفتنوا بذلك وكذبوا به وسعى رجال من المشركين إلى أبي بكر فقالوا له هذا صاحبك يزعم أنه قد أسري به الليلة إلى بيت المقدس ثم رجع من ليلته فقال أبو بكر أو قال ذلك قالوا نعم قال فإني أشهد إن كان قال ذلك أنه قد صدق فقالوا أتصدقه بأنه جاء إلى الشام ورجع في ليلة واحدة قبل أن يصبح فقال أبو بكر نعم إني أصدقه في أبعد من ذلك أصدقه بخبر السماء غدوة وعشية فذلك سمي أبو بكر الصديق قال الزهري أخبرني أنس بن مالك أن النبي صلى اللّه عليه وسلم فرضت عليه الصلاة ليلة أسري به خمسين ثم نقصت إلى خمس ثم نودي يا محمد ما يبدل القول لدي وإن لك بالخمس خمسين

﴿ ١