٥

ثم قال تعالى { وما جعل أدعياءكم أبناءكم } نزلت في شأن زيد بن حارثة حين تبناه النبي صلى اللّه عليه وسلم قال فكما لا يجوز أن يكون لرجل واحد قلبان فكذلك لا يجوز أن تكون امرأته أمه ولا ابن غيره يكون ابنه

ثم قال { ذلكم قولكم بأفواهكم } يعني قولكم الذي قلتم زيد بن محمد صلى اللّه عليه وسلم أنتم قلتموه بألسنتكم { واللّه يقول الحق } يعني يبين الحق ويأمركم به كي لا تنسوا إليه غير النسبة { وهو يهدي السبيل } يعني يدل على طريق الحق

ويقال يدل على الصواب بأن تدعوهم إلى آبائهم

وروى أبو بكر بن عياش عن الكلبي قال كان زيد بن حارثة مملوكا لخديجة بنت خويلد رضي اللّه عنها فوهبته خديجة من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأعتقه وتبناه فكانوا يقولون زيد بن محمد فنزل قوله { ادعوهم لآبائهم } يعني انسبوهم لآبائهم فقالوا زيد بن حارثة { هو أقسط عند اللّه } يعني أعدل عند اللّه عز وجل { فإن لم تعلموا آباءهم } يعني إن لم تعلموا لهم آباء تنسبونهم إليهم { فإخوانكم في الدين } أي قولوا ابن عبد اللّه وابن عبد الرحمن { ومواليكم } يعني قولوا مولى فلان وفلان وكان أبو حذيفة أعتق عبدا يقال له سالم وتبناه فكانوا يسمونه سالم بن أبي حذيفة فلما نزلت هذه الآية سموه سالما مولى أبي حذيفة

ثم قال { وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به } يعني أن تنسبوهم إلى غير آبائهم قبل النهي

ويقال ما جرى على لسانهم بعد النهي لأن ألسنتهم قد تعودت بذلك { ولكن ما تعمدت قلوبكم } يعني ولكن الجناح فيما قصدت قلوبكم بعد النهي

وروي عن عطاء بن أبي رباح عن عبيد بن عمير عن عبد اللّه بن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال ( تجاوز اللّه عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه )

وروي عن سعد بن أبي وقاص أنه حلف باللات والعزى ناسيا فذكر ذلك للنبي صلى اللّه عليه وسلم ( فأمره أن ينفث عن يساره ثلاثا وأن يستعيذ باللّه من الشيطان الرجيم)

ثم قال { وكان اللّه غفورا رحيما } يعني { غفورا } لمن أخطأ ثم رجع { رحيما } بهم

﴿ ٥