١٩

{فَقَالُواْ رَبَّنَا بَـٰعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا} وقد كانوا في قراهم آمنين منعّمين فذلك قوله: { لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ} يعني أنهم كانوا يسيرون من قرية إلى قرية بالليل والنهار آمنين من الجوع والعطش واللصوص والسباع، قرأ إبن كثير وأبو عمرو بعد بغير ألف وتشديد العين وقرأ الباقون باعد بالألف، وهما لغتان بَعّدَ باعد، وقرأ يعقوب الخضرمي وكان من أهل البصرة ربُنا بضم الباء باعَد بنصب العين وهو على معنى الخبر،

وروى الكلبي عن أبي صالح أنه قرأ هكذا معناه ربنا باعد بين أسفارنا فلذلك لا ينصب ثم قال { وَظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ} بالشرك وتكذيب الأنبياء { فَجَعَلْنَـٰهُمْ أَحَادِيثَ} يعني أهلكهم اللّه تعالى فصاروا أحاديث للناس يتحدثون في أمرهم وشأنهم لم يبق أحد منهم في تلك القرى { وَمَزَّقْنَـٰهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ} أي فرقناهم في كل وجه فألقى اللّه الأزد بعمان الأوس والخزرج بالمدينة وهما أخوان وأهل المدينة كانوا من أولادهما إحدى القبيلتين الخزرج والأخرى الأوس فسموا بإسم أبيهم وخزاعة بمكة كانوا بنو خزاعة منهم لخم وجذام بالشام، ويقال: كلب وغسان { إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَاتٍ} أي: في هلاكهم وتفريقهم لعبرات { لّكُلّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} يعني للمؤمنين الذين صبروا على طاعة اللّه تعالى وشكروا نعمته

﴿ ١٩