سورة الواقعة

كلها مكية وهي تسعون وست آيات

١

قوله تبارك وتعالى { إذا وقعت الواقعة } يعني قامت القيامة وإنما سميت القيامة { الواقعة } لصوتها وهي النفخة الأخيرة

وقال قتادة هي الصيحة أسمعت القريب والبعيد

٢

 { ليس لوقعتها كاذبة } يعني ليس لها مثوبة ولا ارتداد ولا خلف

ويقال ليس لقيامها تكذيب

٣

ثم وصف القيامة فقال { خافضة رافعة } يعني خفضت أقواما بأعمالهم فأدخلتهم النار ورفعت أقواما بأعمالهم فأدخلتهم الجنة

وقال قتادة في قوله { خافضة رافعة } يعني خفضت أقواما في عذاب اللّه ورفعت أقواما في كرامة اللّه

٤

ثم قال عز وجل { إذا رجت الأرض رجا } يعني زلزلت الأرض زلزلة وحركت تحريكا شديدا لا تسكن حتى تلقي جميع ما في بطنها على ظهرها

٥

ثم قال { وبست الجبال بسا } يعني فتتت الجبال فتا

ويقال قلعت الجبال قلعا ويقال كسرت الجبال كسرا

٦

فكانت هباء منبثا " يعني ترابا منتشرا وهو ما يسطع من سنابك الخيل

ويقال الغبار الذي في شعاع الكوة

وقال القتبي { وبست الجبال بسا } يعني فتتت حتى صارت كالدقيق والسويق المبسوس

ثم وصف حال الخلق في يوم القيامة وأخبر أنهم ثلاثة أصناف

اثنان في الجنة وواحد في النار

ثم نعت كل صنف من الثلاثة على حده

٧

 فقال " وكنتم أزوجا ثلاثة " يعني تكونون يوم القيامة ثلاث أصناف "

٨

فأصحاب الميمنة " يعني الذي يعطون كتابهم بأيمانهم " ما أصحاب الميمنة " يعني ما تدري ما لأصحاب الميمنة من الخير والكرامات

٩

{ وأصحاب المشئمة } يعني الذين يعطون كتابهم بشمالهم { ما أصحاب المشئمة } يعني ما تدري ما لأصحاب المشئمة من الذل والعذاب

ويقال { أصحاب الميمنة } يعني الذين كانوا يوم الميثاق على يمين آدم عليه السلام ويقال على يمين العرش { وأصحاب المشئمة } الذين كانوا على شمال

آدم عليه السلام

ويقال على شمال العرش

ويقال { أصحاب الميمنة } الذين يكونون يوم القيامة على يمين العرش ويأخذون طريق الجنة { وأصحاب المشئمة } الذين يأخذون على طريق الشمال فيفضي بهم إلى النار

١٠

ثم قال عز وجل { والسابقون السابقون } يعني السابقين إلى الإيمان والجهاد والطاعات { السابقون } يعني هم السابقون إلى الجنة

فذكر الأصناف الثلاثة

أحدها أصحاب اليمين الثاني أصحاب الشمال والثالث السابقون

ثم وصف كل صنف منهم بصفة فبدأ بصفة السابقين

١١

 فقال { أولئك المقربون } يعني المقربون عند اللّه في الدرجات

١٢

{ في جنات النعيم } يعني في جنات عدن

١٣

 " ثلة من الأولين

١٤

وقليل من الآخرين " يعني إن السابقين تكون جماعة من الأولين يعني من أول هذه الأمة مثل الصحابة والتابعين " وقليل من الآخرين " يعني إن السابقين في آخر هذه الأمة يكونون قليلا

وقال بعضهم { ثلة من الأولين } يعني جمع من الأمم الخالية { وقليل من الآخرين } يعني من هذه الأمة فحزن المسلمون بذلك حتى نزلت { ثلة من الأولين وثلة من الآخرين } فطابت أنفسهم

والطريق الأول أصح

وروي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال ( كلتا الثلتين من أمتي )

وروي عن عبد اللّه بن يزيد قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ( أهل الجنة عشرون ومائة صنف هذه الأمة منها ثمانون صنفا )

١٥

ثم قال { على سرر موضونة } يعني إن السابقين في الجنة على سرر منسوجة بالدر والياقوت

وقال مجاهد { موضونة } مرمولة بالذهب

وقال القتبي { موضونة } أي منسوجة كأن بعضها أدخل في بعض أو نضد بعضها على بعض ومنه قيل للدرع { موضونة }

١٦

ثم قال { متكئين عليها متقابلين } يعني ناعمين على سرر متقابلين في الزيادة

وروي عن عبد اللّه بن مسعود أنه قرأ { متكئين عليها ناعمين } وقال مجاهد { متقابلين } يعني لا ينظر بعضهم إلى قفا بعض

١٧

ثم قال عز وجل { يطوف عليهم ولدان } يعني في الخدمة { ولدان مخلدون } يعني غلمان خلدوا في الجنة

ويقال على سن واحد لا يتغيرون لأنهم خلقوا للبقاء ومن خلق

للبقاء لا يتغير

ويقال { مخلدون } يعني لا يكبرون

ويقال هم أولاد الكفار لم يكن لهم ذنب يعذبون به ولا طاعة يثابون فيكونون خداما لأهل الجنة

١٨

قوله تعالى { بأكواب وأباريق } يعني بأيدي الغلمان أكواب يعني أكواب من فضة مدورة الرأس ليست لها عرى وهذا قول مقاتل

والأباريق التي لها عرى

ثم قال { وكأس من معين } يعني خمرا بيضاء من نهر جار

١٩

 { لا يصدعون عنها } يعني لا يصدع رؤوسهم بشرب الخمر في الآخرة { ولا ينزفون } يعني لا تذهب عقولهم ولا ينفد شرابهم ولا اختلاف في القراءة مثلما ذكرنا في سورة الصافات

٢٠

ثم قال { وفاكهة مما يتخيرون } يعني مما يتمنون ويختارون من ألوان الفاكهة

٢١

{ ولحم طير مما يشتهون } يعني إن شاء مشويا وإن شاء مطبوخا

٢٢

ثم قال عز وجل { وحور عين } قرأ حمزة والكسائي { وحور عين } بالكسر عطفا على قوله { بأكواب وأباريق } فصار خفضا على المجاورة والباقون { وحور عين } بالضم

ومعناه ولهم حور عين والحور البيض والعين الحسان الأعين

٢٣

 { كأمثال اللؤلؤ المكنون } يعني اللؤلؤ الذي في الصدف لم تمسه الأيدي ولم تره الأعين

٢٤

{ جزاء بما كانوا يعملون } يعني هذه الجنة مع هذه الكرامات ثوابا لأعمالهم

٢٥

ثم قال { لا يسمعون فيها لغوا } يعني في الجنة خلفا وكذبا { ولا تأثيما } يعني كلام فيه إثم عند الشرب كما يكون في الدنيا

ويقال { ولا تأثيما } يعني ولا إثم عليهم فيما شربوا

٢٦

 { إلا قيلا سلاما سلاما } يعني إلا قولا وكلاما يسلم بعضهم على بعض ويقال { إلا } بمعنى لكن فكأنه يقول لكن قولا سلاما يسلم عليهم الملائكة ويبعث اللّه تعالى إليهم الملائكة بالسلام فهذا كله نعت السابقين

ثم ذكر الصنف الثاني

٢٧

 فقال { وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين } يعني مالهم من الخير والكرامة على وجه التعجب

٢٨

ثم وصف حالهم فقال { في سدر مخضود } يعني لا شوك له كالسدر الذي يكون في الدنيا والسدرة شجرة بالبصرة وغيرها لها ثمرة وفي تلك الشجرة شوك ويتخذون من ورقها الخوص

وقال قتادة { في سدر مخضود } يعني الكثير الحمل الذي ليس له شوك

وقال

القتبي كأنه حصد شوكه يعني قطع

وروي في الخبر أنه لما نزل ذكر السدر قال أهل الطائف إنها سدرنا هذا فنزل { مخضود } يعني موقر بلا شوك

٢٩

ثم قال { وطلح منضود } وقال مقاتل يعني الموز المثمر المتراكم بعضه على بعض

وقال قتادة هو الموز وهكذا روي عن ابن عباس

والمنضود الذي نضد بالحمل من أوله إلى آخره

وروي عن علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه أنه قرأ { وطلع منضود } كقوله تعالى { طلع نضيد }

٣٠

ثم قال عز وجل { وظل ممدود } يعني دائما لا يزول

وروي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام ما يقطعها اقرؤوا إن شئتم { وظل ممدود } يعني دائما لا يزول

٣١

ثم قال { وماء مسكوب } يعني منصبا كثيرا

ويقال منصبا من ساق العرش

٣٢

 { وفاكهة كثيرة } يعني ألوان الفاكهة كثيرة

٣٣

{ لا مقطوعة } يعني لا تنقطع عنهم في حين كما يكون في فواكه الدنيا بل توجد في جميع أوقات الدنيا { ولا ممنوعة } يعني لا تمنع منهم والممنوعة أن ينظر إليها ولا يقدر أن يأكل منها كأشجار الدنيا

٣٤

وفرش مرفوعة " يعني بعضها فوق بعض ويقال مرتفعة

٣٥

ثم قال عز وجل { إنا أنشأناهن إنشاء } يعني الجواري والزوجات

يقال نساء الدنيا خلقناهن خلقا بعد خلق الدنيا ويقال إنهن أفضل وأحسن من حور الجنة لأنهن عملن في الدنيا والحور لم يعملن

وروى يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم { إنا أنشأناهن إنشاء } قال ( إن من المنشآت التي كن في الدنيا عجائز عمشا رمصا زمنا )

٣٦

ثم قال { فجعلناهن أبكارا } يعني خلقناهن أبكارا عذارى

٣٧

{ عربا } يعني محبات عاشقات لأزواجهن لا يردن غيرهم

قرأ حمزة وعاصم في إحدى الروايتين { عربا } بجزم الراء والباقون بالضم ومعناهما واحد

وقال أبو عبيد نقرأ بالضم لأنها أقيس في العربية لأن واحدتها عروب وجمعها عرب مثل صبور وصبر

ثم قال { أترابا } يعني مستويات في السن كلهن على ميلاد واحد بنات ثلاث وثلاثين سنة

وروي عن عكرمة أنه قال أهل الجنة مثل أولاد ثلاثين سنة رجالهم ونساؤهم

قامة أحدهم ستون ذراعا على قامة أبيهم آدم صلوات اللّه عليه شباب جرد مكحلون أعينهم كالقمر ليلة البدر وآخرهم كالكوكب الدري في السماء يبصر وجهه في وجهها وكبده في كبدها وفي مخ ساقها وتبصر هي وجهها في وجهه وفي كبده وفي مخ ساقه ولا يبزقون ولا يتمخطون وما كان فوق ذلك من الأذى فهو أبعد

٣٨

 { لأصحاب اليمين } يعني هذا الذي ذكر كرامة لأصحاب اليمين

٣٩

ثم قال عز وجل " ثلة من الأولين

٤٠

 وثلة من الآخرين " يعني جماعة من أول هذه الأمة وجماعة من الآخرين

وذكر في السابقين أنهم جماعة من الأولين وقليل من الآخرين لأن السابق في أخر الأمة قليل وأما أصحاب اليمين يكون جماعة من أول الأمة وجماعة من آخر الأمة

٤١

ثم ذكر الصنف الثالث فقال { وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال } يعني ما لأصحاب الشمال من الشدة والشر والهوان

٤٢

ثم وصف حالهم فقال { في سموم وحميم } والسموم الزمهرير يقطع الوجوه وسائر اللحم

ويقال السموم النار الموقدة

والحميم الماء الحار الشديد

٤٣

 { وظل من يحموم } واليحموم الدخان يعني دخان جهنم أسود { لا بارد ولا كريم } يعني

٤٤

 { لا بارد } شرابهم { ولا كريم } منقلبهم

ثم بين أعمالهم التي استحقوا بها العقوبة

٤٥

 فقال { إنهم كانوا قبل ذلك مترفين } يعني متنعمين أي كانوا في الدنيا متكبرين في ترك أمر اللّه تعالى

ويقال كانوا مشركين

٤٦

{ وكانوا يصرون على الحنث العظيم } يعني يثبتون على الذنب العظيم وهو الشرك

وإنما سمي الشرك حنثا لأنهم كانوا يحلفون باللّه لا يبعث اللّه من يموت وكانوا يصرون على ذلك

وقال القتبي { الحنث العظيم } اليمين الغموس

وقال مجاهد الذنب العظيم

وقال ابن عباس { الحنث العظيم } هو الشرك

٤٧

 { وكانوا يقولون } مع شركهم { أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون } يعني بعدما صرنا ترابا وعظاما بالية صرنا أحياء بعد الموت

٤٨

 { وآباؤنا الأولون } الذين مضوا قبلنا وصاروا ترابا

٤٩

قال اللّه تعالى { قل } يا محمد { إن الأولين والآخرين } يعني الأمم الخالية وهذه الأمة

٥٠

{ لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم } يعني في يوم القيامة يجتمعون فيه

٥١

 " ثم إنكم أيها الضالون " يعني المشركون " المكذبون

٥٢

 لآكلون من شجر من زقوم " وقد ذكرناه

٥٣

 { فمالئون منها البطون } يعني يملؤون من طلعها البطون

٥٤

 { فشاربون عليه من الحميم } يعني على إثره يشربون من الحميم

٥٥

{ فشاربون شرب الهيم } يعني كشرب الهيم وهي الإبل التي يصيبها داء فلا تروى من الشراب

ويقال الأرض التي أصابتها الشمس وهي أرض سهلة من الرملة

قرأ نافع وعاصم وحمزة { شرب الهيم } بضم الشين والباقون بالنصب

فمن قرأ بالضم فهو اسم

ومن قرأ بالنصب فهو المصدر

ويقال كلاهما مصدر شربت

٥٦

ثم قال { هذا نزلهم يوم الدين } يعني جزاءهم يوم الجزاء

ويقال معناه هو الذي ذكرناه من الزقوم والشراب طعامهم وشرابهم يوم الحساب

٥٧

ثم قال { نحن خلقناكم } يعني خلقناكم ولم تكونوا شيئا وأنتم تعلمون { فلولا تصدقون } يعني أفلا تصدقون بالبعث وبالرسل

ثم أخبر عن صنعه ليعتبروا فقال { أفرأيتم ما تمنون } يعني ما خرج منكم من النطفة ويقع في الأرحام { أأنتم تخلقونه } يعني أنتم تخلقون منه بشرا في بطون النساء ذكرا أو أنثى { أم نحن الخالقون } يعني بل نحن نخلقه { نحن قدرنا بينكم الموت } يعني نحن قسمنا بينكم الآجال فمنكم من يموت صغيرا ومنكم من يموت شابا ومنكم من يموت شيخا

قرأ إبن كثير { نحن قدرنا } بالتخفيف وقرأ الباقون { قدرنا } بالتشديد ومعناهما واحد لأن التشديد للتكثير

ثم قال { وما نحن بمسبوقين على أن نبدل أمثالكم } يعني وما نحن بعاجزين إن أردنا أن نأتي بخلق مثلكم وأمثل منكم وأطوع للّه تعالى { وننشئكم في ما لا تعلمون } يعني ونخلقكم سوى خلقكم من الصور فيما لا تعلمون من الصور مثل القردة والخنازير

ويقال وما نحن بعاجزين على أن نرد أرواحكم إلى أجسامكم بعد الموت

ثم قال عز وجل { ولقد علمتم النشأة الأولى } يعني علمتم ابتداء خلقكم إذ خلقناكم في بطون أمهاتكم ثم أنكرتم البعث { فلولا تذكرون } يعني فلولا تتعظون وتعتبرون بالخلق الأول أنه قادر على أن يبعثكم كما خلقكم أول مرة ولم تكونوا شيئا

٦٣

ثم قال { أفرأيتم ما تحرثون } يعني فهلا تعتبرون بالزرع الذي تزرعونه في الأرض وتبذرون فيها { ءأنتم تزرعونه } يعني تنبتونه { أم نحن الزارعون } يعني أم نحن المنبتون

يعني بل اللّه تعالى أنبته { لو نشاء لجعلناه حطاما } يعني يابسا هالكا بعدما بلغ { فظلتم تفكهون } يعني فصرتم ثم تندمون

ويقال تتعجبون من يبسه بعد خضرته { إنا لمغرمون }

يعني لقلتم غرمنا وذهب زرعنا

ويقال { إنا لمغرمون } يعني معذبون { بل نحن محرومون } يعني حرمنا منفعة زرعنا

قرأ عاصم في رواية أبي بكر { أئنالمغرمون } بهمزتين على الاستفهام وقرأ الباقون بهمزة واحدة على معنى الخبر

٦٨

ثم قال " أفرأيتم الماء الذي تشربون

٦٩

 أأنتم أنزلتموه من المزن " يعني من السحاب " أم نحن المنزلون " يعني بل نحن المنزلون عليكم

٧٠

 { لو نشاء جعلناه أجاجا } يعني مرا مالحا لا تقدرون على شربه { فلولا تشكرون } يعني هلا تشكرون رب هذه النعمة وتوحدونه حين سقاكم ماء عذبا

٧١

ثم قال عز وجل { أفرأيتم النار التي تورون } يعني تقدحون والعرب تقدح بالزند والزند خشب يحك بعضه على بعض فتخرج منه النار

٧٢

 { ءأنتم أنشأتم شجرتها } يعني خلقتم شجرها { أم نحن المنشئون } يعني الخالقون

يعني اللّه أنشأها وجعلها لمنفعة الخلق { نحن جعلناها تذكرة } يعني النار عظة وعبرة في الدنيا من نار جهنم

٧٣

وقال مجاهد { نحن جعلناها تذكرة } يعني النار الصغرى عظة للنار الكبرى { ومتاعا للمقوين } يعني منفعة لمن كان مسافرا

وقال قتادة المقوي الذي قد فني زاده

وقال الزجاج المقوي الذي قد نزل بالقداء وهي الأرض الخالية

٧٤

ثم قال عز وجل { فسبح باسم ربك العظيم } يعني اذكر التوحيد باسم ربك يا محمد صلى اللّه عليه وسلم الرب العظيم

ويقال يعني صل بأمر ربك

ويقال سبح للّه واذكره

٧٥

قوله عز وجل { فلا أقسم } يعني أقسم و { لا } زيادة في الكلام

وقال بعضهم { لا } رد لقول الكفار

ثم قال { بمواقع النجوم } يعني بنزول القرآن نزل نجوما آية بعد آية وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال { بمواقع النجوم } يعني بمحكم القرآن

٧٦

 { وإنه لقسم لو تعلمون عظيم } يعني القسم بالقرآن عظيم { لو تعلمون } ذلك

ويقال { لو تعلمون } يعني لو تصدقون

قرأ حمزة والكسائي { بموقع النجوم } بغير ألف وقرأ الباقون { بمواقع النجوم } بلفظ الجماعة

فمن قرأ { بموقع } فهو واحد دل على الجماعة ويقال { بمواقع النجوم } يعني بمساقط النجوم

يعني الكواكب

٧٧

ثم قال عز وجل { إنه لقرآن كريم } يعني الذي يقرأ عليك يا محمد لقرآن شريف كريم على ربه

٧٨

 { في كتاب مكنون } يعني مستور من خلق اللّه وهو اللوح المحفوظ

٧٩

 { لا يمسه إلا المطهرون } يعني لا تمسه إلا الملائكة المطهرون من الذنب ويقال لا يقرؤه إلا الطاهرون

ويقال لا يمس المصحف إلا طاهر

وروى معمر عن محمد بن عبد اللّه بن أبي بكر عن أبيه رضي اللّه عنهم أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كتب كتابا فيه ( لا يمس القرآن إلا على طهور )

وروى إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد قال كنا مع سلمان فخرج يقضي حاجته ثم جاء فقلنا يا أبا عبد اللّه لو توضأت لعلنا نسألك عن آيات اللّه فقال إني لست أمسه لأنه لا يمسه إلا المطهرون

فقرأ علينا ما نسينا يعني يجوز للمحدث أن يقرأ ولا يجوز أن يمس المصحف

وأما الجنب فلا يجوز له أن يمس المصحف ولا يقرأ آية تامة

٨٠

ثم قال عز وجل { تنزيل من رب العالمين } يعني أنزل اللّه تعالى جبريل عليه السلام على محمد صلى اللّه عليه وسلم بهذا القرآن يقرأه عليه من رب العالمين

٨١

ثم قال عز وجل { أفبهذا الحديث أنتم مدهنون } يعني تكفرون

وقال الزجاج المدهن والمداهن الكذاب المنافق

وقال بعض أهل اللغة أصله من الدهن لأنه يلين في دينه

يعني ينافق ويرى كل واحد أنه على دينه

ويقال { أنتم مدهنون } يعني مكذبون

٨٢

 { وتجعلون رزقكم } يعني شكر رزقكم { أنكم تكذبون } يعني تقولون للمطر إذا مطرتم مطرنا بنوء كذا

وروي عن عاصم في بعض الروايات { أنكم تكذبون } بالتخفيف

يعني تجعلون شكر رزقكم الكذب وهو أن تقولوا مطرنا بنوء كذا

وقرأ الباقون { تكذبون } بالتشديد

يعني تجعلون شكر رزقكم التكذيب ولا تنسبون السقيا إلى اللّه تعالى الذي رزقكم

٨٣

ثم قال { فلولا إذا بلغت الحلقوم } يعني بلغ الروح الحلقوم

٨٤

 { وأنتم حينئذ تنظرون } إلى الميت

٨٥

 { ونحن أقرب إليه منكم } يعني أمر اللّه تعالى وهو ملك الموت أقرب إليه منكم حين أتاه لقبض روحه { ولكن لا تبصرون } ما حضر الميت

٨٦

{ فلولا إن كنتم غير مدينين } يعني غير محاسبين

ويقال غير مملوكين أذلاء من قولك دنت له بالطاعة وإنما سمي { يوم الدين } لأنه يوم الإذلال والهوان

ويقال { غير مدينين } يعني غير مجزيين

٨٧

 { ترجعونها إن كنتم صادقين } يعني إنكم غير محاسبين فهلا رددتهم عنه الموت

ثم ذكر الأصناف الثلاثة الذين ذكرهم في أول السورة

٨٨

 فقال { فأما إن كان من المقربين } يعني إذا كان هذا الميت من المقربين عند اللّه ومن السابقين

٨٩

 { فروح وريحان } قرأ الحسن { فروح } بضم الراء وقراءة العامة بالنصب

وقال أبو عبيد لولا خلاف الأمة لقرأته بالضم

وروت عائشة رضي اللّه عنها عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قرأ بالضم وقال القتبي { الروح } يعبر عن معان فالروح روح الأجسام الذي تقبض عند الممات وفيه حياة النفس

والروح جبريل وكلام اللّه روح لأنه حياة من الجهل وموت الكفر ورحمة اللّه روح كقوله { وأيدهم بروح منه } [ المجادلة ٢٢ ] أي برحمة

والروح الرحمة والرزق

ويقال { الروح } حياة دائمة لا موت فيها { والريحان } الرزق

ويقال هي النبات بعينها

ومن قرأ بالنصب فهو الفرح

ويقال الراحة ويقال هي الرحمة كقوله { لا تيأسوا من روح اللّه }

ثم قال { وجنة نعيم } يعني لا انقطاع لها

٩٠

{ وأما إن كان من أصحاب اليمين } يعني إن كان الميت من أصحاب اليمين

٩١

{ فسلام لك من أصحاب اليمين } يعني سلام اللّه لهم

ويقال يسلمون عليك من الجنة

ويقال { سلام لك } يعني سلام عليك منهم

ويقال ترى منهم ما تحب من السلام

ويقال { فسلام لك } يعني يقال لهم عند الموت وفي القبر وعلى الصراط وعند الميزان بشارة لك إنك من أهل الجنة

٩٢

ثم قال عز وجل { وأما إن كان من المكذبين } يعني إن كان الميت { من المكذبين } بالبعث { الضالين } عن الهدى

٩٣

 { فنزل من حميم } يعني جزاؤهم وثوابهم من حميم يعني

شرابهم من حميم

٩٤

 " وتصلية جحيم " يعني يدخلون الجحيم وهي ما عظم من النار " إن هذا لهو حق اليقين

٩٥

 " يعني إن هذا الذي قصصنا عليك في هذه السورة من الأقاصيص وما أعد اللّه  لأوليائه وأعدائه وما ذكر مما يدل على وحدانيته " لهو حق اليقين "

٩٦

 { فسبح باسم ربك العظيم } يعني اذكر اسم ربك بالتوحيد

ويقال نزه اللّه تعالى عن السوء يعني قل سبحان اللّه ويقال أثن على اللّه تعالى ويقال صل للّه تعالى وروي عن عبد اللّه بن مسعود أنه قال سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال ( من قرأ سورة الواقعة في كل يوم لم تصبه فاقة )

واللّه أعلم و صلى اللّه عليه وسلم على سيدنا محمد

﴿ ٠