سورة نون والقلم

مكية وهي اثنتان وخمسون آية

١

قول اللّه تبارك وتعالى { ن والقلم }

قرأ الكسائي ونافع وعاصم في إحدى الروايتين بالإدغام والباقون بإظهار النون وهما لغتان ومعناهما واحد

قال ابن عباس هي السمكة التي تحت الأرضين

وروى الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس قال أول ما خلق اللّه تعالى من شيء القلم فقال اكتب قال بم أكتب قال اكتب القدر فيجري بما هو كائن إلى قيام الساعة

ثم خلق النون يعني السمكة فدحا الأرض عليها فارتفع بخار الماء ففتق منه السموات فاضطربت النون فمادت الأرض فأثبتت بالجبال وإن الجبال لتفخر على الأرض إلى يوم القيامة

وقال سعيد بن جبير والحسن وقتادة النون الدواة وقال قتادة لولا الدواة والقلم ما قام للّه دين ولا صلح عيش خلقه واللّه يعلم ما يصلح خلقه

ويقال النون افتتاح اسم اللّه تعالى وهو النون

ويقال هو آخر اسمه من الرحمن وهذا قسم أقسم اللّه تعالى بالنون والقلم وجواب القسم { ما أنت بنعمة ربك بمجنون } فذلك قوله { نون والقلم }

{ وما يسطرون } يكتب الحفظة من أعمال بني آدم ويقال { وما يسطرون } يعني تكتب الكتبة في اللوح المحفوظ

٢

ما أنت بنعمة ربك بمجنون " يعني ما أنت يا محمد بحمد اللّه  تعالى بمجنون كما يزعمون

وذلك أن أول ما نزل من القرآن قوله تعالى { اقرأ باسم ربك الذي خلق } [ العلق ١ ] إلى قوله { علم الإنسان ما لم يعلم } [ العلق ٥ ] وعلمه جبريل الصلاة فقال أهل مكة جن محمد صلى اللّه عليه وسلم

وكان النبي يفر من الشاعر والمجنون فلما نسبوه إلى الجنون شق ذلك عليه فنزل { ما أنت بنعمة ربك بمجنون }

بل أنت رسول اللّه تعالى

٣

ثم قال { وإن لك لأجرا غير ممنون } يعني غير مقطوع ويقال غير محسوب

ويقال لا يمن عليك

٤

 وإنك لعلى خلق عظيم " يعني على خلق حسن

وقال مقاتل يعني على دين الإسلام وقال عطية يعني على آدب القرآن

٥

ثم قال { فستبصر ويبصرون } يعني سترى ويرون ويقال فستعلم ويعلمون

٦

 { بأيكم المفتون } يعني إذا نزل بكم العذاب تعلمون أيكم المفتون يعني بأيكم المجنون ويقال الباء زيادة ومعناه أيكم المفتون يعني أيكم المجنون وقال قتادة يعني أيكم أولى بالشيطان وقال أبو عبيدة أيكم المجنون والباء زيادة واحتج بقول القائل نضرب بالسيف ونرجو بالفرج يعني نرجو الفرج

٧

قوله تعالى { إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله } يعني هو عالم بمن أخطأ الطريق وضل عن دينه { وهو أعلم بالمهتدين } لدينه

٨

{ ودوا لو تدهن فيدهنون } قال مجاهد ودوا لو تركن إليهم وتترك ما أنت عليه من الحق فيميلون إليك

٩

وقال السدي ودوا لو تكفر فيكفرون وقال القتبي ودوا لو تداهن في دينك فيداهنون في أديانهم وكانوا أرادوا أن يعبد آلهتهم مدة ويعبدون اللّه مدة

١٠

ثم قال { ولا تطع كل حلاف مهين } يعني كذابا في دين اللّه والحلاف مكثار الحلف { مهين } ضعيف فاجر

نزلت في الوليد بن المغيرة

وقال القتبي المهين الحقير الدنئ وقال الزجاج وهو فعيل من المهانة وهي القلة

ومعناه في هذا الموضع القلة في الرأي والتمييز

١١

ثم قال { هماز } يعني الوليد بن المغيرة طعان لعان مغتاب { مشاء بنميم } يعني يمشي بين الناس بالنميمة

وقال القتبي { هماز } يعني عياب

١٢

ثم قال { مناع للخير } يعني بخيلا لا ينتفع بماله لنفسه ولا ينفق على غيره

ويقال معناه { مناع للخير } يعني التوحيد ويمنع الناس عن التوحيد

{ معتد } يعني ظلوما لنفسه { أثيم } يعني فاجرا

١٣

قوله تعالى { عتل } يعني شديد الخصومة بالباطل ويقال { عتل } يعني أكول

شروب صحيح الجسم رحيب البطن

{ بعد ذلك } يعني مع ذلك { زنيم } يعني ملصق

وقال ابن عباس الزنيم الدعي الملصق ويستدل بقول القائل

( زنيم تداعاه الرجال زيادة كما زيد في عرض الأديم الأكارع )

ويقال الزنيم الشديد الخلق وقد روي في الخبر هذا التفسير

وروى شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم يرفعه إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم قال ( لا يدخل الجنة جواظ ولا جعظري ولا العتل الزنيم ) قال أما الجواظ فالذي جمع ومنع وتدعوه لظى نزاعة للشوى وأما الجعظري فالفظ الغليظ

وأما العتل الزنيم فالشديد الخلق رحيب الصدر والجوف أكول شروب ظلوم للناس

ويقال

الزنيم الدعي

وذكر أنه لما نزلت هذه الآية قال لأمه إن محمدا لصادق وأنه قال كذا وكذا فأقرت والدته له بذلك

١٤

ثم قال { أن كان ذا مال وبنين } يعني تطعه وإن كان ذا مال وبنين فلا تطعه بسبب ماله

١٥

ثم قال { إذا تتلى عليه آياتنا } يعني القرآن { قال أساطير الأولين } يعني كذبهم وأباطيلهم

وقال السدي يعني أساجيع الأولين

١٦

ثم قال { سنسمه على الخرطوم } يعني سنضربه على الوجه ويقال سنسود وجهه يوم القيامة ويقال سنسمه على أنفه وقال القتبي للعرب في هذا مذهب يقولون للرجل إذا سبه سبة قبيحة أو يثني عليه فاحشة قد وسمه ميسم سوء يريدون أنه ألصق به عارا لا يفارقه كما أن السمة لا يعفو أثرها

وقد وصف اللّه تعالى الوليد بالحلف والمهانة والمشي بالنميمة والبخل والظلم والإثم والدعوى فألحق به عارا لا يفارقه في الدنيا والآخرة

قال والذي يدل على هذا ما روي عن الشعبي في قوله { عتل بعد ذلك زنيم } قال العتل الشديد

والزنيم له زنمة من الشر يعرف بها كما تعرف الشاة

١٧

ثم قال { إنا بلوناهم } يعني اختبرنا أهل مكة بترك الاستثناء

ويقال ابتليناهم بالجوع والشدة

{ كما بلونا أصحاب الجنة } يعني أهل ضيروان قبيلة باليمن

وروى أسباط عن السدي قال كان قوم باليمن وكان أبوهم رجلا صالحا وكان إذا بلغ ثماره أتاه المساكين فلم يمنعهم من دخولها وأن يأكلوا منها ويتزودوا فيها

فلما مات أبوهم قال بنوه بعضهم لبعض على ما نعطي أموالنا هؤلاء المساكين تعالوا فلندع من يصرفها قبل أن يعلم المساكين ولم يستثنوا فانطلقوا وهم يتخافتون أي خفيا يقول بعضهم لبعض لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين فذلك قوله { إذ أقسموا } يعني حلفوا فيما بينهم

{ ليصرمنها مصبحين } يعني ليجدنها وقت الصبح أي ليقطعنها قبل أن يخرج المساكين

١٨

ولا يستثنون " يعني لم يقولوا إن شاء اللّه

وروي في الخبر أن أباهم كان إذا أراد أن يصرم النخل اجتمع هناك مساكين كثير وقد جعل له علامة فكل ثمرة تسقط وراء العلامات تكون للمساكين

فكانوا يأخذون الثمر قدر ما يتزودون به أياما كثيرة

فلما مات الرجل قال بنوه فيما بينهم إن أبانا كان عياله أقل وحاجته أقل فصار عيالنا أكثر وحاجتنا أكثر

فخرجوا بالليل لا يشعر بهم المساكين فاحترقت نخيلهم في تلك الليلة فذلك

١٩

 قوله { فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون } يعني بعث اللّه تعالى نارا على جنتهم بالليل

والطائف الذي أتاك ليلا فأحرقها وهم نائمون

" من ربك وهم نائمون

٢٠

 فأصبحت كالصريم " يعني صارت الحديقة كالليل المظلم

وقال القتبي الصريم من أسماء الأضداد

يسمى الليل صريما والصبح صريما لأن الليل ينصرم عن النهار والنهار ينصرم عن الليل

ويقال { كالصريم } يعني ذهب ما فيها فكأنه صرم أي قطع وجز

٢١

ثم قال { فتنادوا مصبحين } يعني نادى بعضهم بعضا عند الصبح

٢٢

وقال بعضهم لبعض { أن اغدوا على حرثكم } يعني اخرجوا بالغداة على جز زرعكم وصرام نخيلكم

{ إن كنتم صارمين } يعني إن أردتم أن تصرموها قبل أن يحضرها المساكين

٢٣

 فانطلقوا " يعني ذهبوا إلى نخيلهم " وهم يتخافتون " يعني يتشاورون فيما بينهم بكلام خفي

٢٤

 " أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين

٢٥

{ قادرين } على جنتهم

وقال الزجاج معناه على قصد وقال القتبي الحرد المنع ويقال الحرد القصد { قادرين } واجدين

ويقال على قوة ونشاط ويقال على طريق جنتهم ويقال الحرد اسم تلك الجنة

٢٦

فلما رأوها " يعني فلما أتوها ورأوها مسودة أنكروها " قالوا إنا لضالون " يعني

أخطأنا الطريق وليست هذه جنتنا

فلما تفحصوا علموا أنها جنتهم وهذا عقوبة لهم

٢٧

فقالوا { بل نحن محرومون } يعني حرمنا منفعتها

٢٨

 قال أوسطهم " يعني أعدلهم وأعلمهم وأعقلهم " ألم أقل لكم لولا تسبحون " يعني هلا تستثنون في أيمانكم

ويقال كان استثناؤهم التسبيح يعني هلا قلتم سبحان اللّه فندموا على فعلهم و

٢٩

 { قالوا سبحان ربنا } يعني نزهوه وعظموه تائبين عن ذنوبهم ويقال معناه نستغفر ربنا

{ إنا كنا ظالمين } يعني ضارين بأنفسنا عاصين بمنعنا المساكين

٣٠

 فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون " يعني جعل بعضهم يلوم بعضهم بعضا بصنيعهم ذلك

٣١

 ثم قالوا بأجمعهم قوله { قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين } يعني عاصين بمنعنا المساكين

٣٢

ثم قالوا { عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها } يعني يعوضنا خيرا منها في الجنة

{ إنا إلى ربنا راغبون } يعني راجين مما عنده

٣٣

قال اللّه تعالى { كذلك العذاب } يعني هكذا عذاب الدنيا لمن منع حق اللّه تعالى

{ ولعذاب الآخرة أكبر } لمن لم يتب ولم يرجع عن ذنبه

ويقال هكذا العذاب في الدنيا لأهل مكة بالجوع ولعذاب الآخرة أكبر إن لم يؤمنوا

{ لو كانوا يعلمون } يعني لو كانوا يفقهون

ويقال لو كانوا يصدقون

٣٤

ثم ذكر ما للمتقين من الثواب فقال تعالى { إن للمتقين عند ربهم } في الآخرة { جنات النعيم }

فلما ذكر اللّه تعالى نعيم الجنة قال عتبة بن ربيعة إن كان كما يقول محمد صلى اللّه عليه وسلم فإن لنا في الآخرة أكثر ما للمسلمين لأن فضلنا وشرفنا أكثر

٣٥

فنزل { أفنجعل المسلمين كالمجرمين } يعني أفنركم المجرمين كالمؤمنين ويقال معناه أفنهين المؤمنين كالمجرمن يعني لا يكون حال المسلمين في الهوان والذل كالمشركين

٣٦

ثم قال تعالى { ما لكم كيف تحكمون } يعني ويحكم كيف تقضون بالجور

٣٧

{ أم لكم كتاب فيه تدرسون } يعني ألكم كتاب تقرؤون فيه

٣٨

 { إن لكم فيه لما تخيرون } يعني في الكتاب مما تتمنون

٣٩

 أم لكم أيمان علينا بالغة " يعني ألكم عهد عندنا وثيق " إلى يوم القيامة "

يعني في يوم القيامة

إن لكم لما تحكمون " يعني ما تقضون به لأنفسكم في الآخرة

٤٠

قوله تعالى { سلهم أيهم بذلك زعيم } يعني أيهم كفيل يكفل بذلك

٤١

 { أم لهم شركاء } يعني شهداء يشهدون أن الذي قالوا لهم حق

{ فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين } يعني يشهدون أن لهم في الآخرة ما للمسلمين فهذا كله لفظ الاستفهام والمراد به الزجر والإياس يعني ليس لهم ذلك

٤٢

قوله عز وجل { يوم يكشف عن ساق } يعني اذكر ذلك اليوم ويقال معناه أن الثواب والعقاب الذي ذكر في يوم يكشف عن ساق

قال ابن عباس يعني يظهر قيام الساعة

وروى سفيان عن المغيرة عن إبراهيم عن ابن عباس قال { عن ساق } يعني عن أمر عظيم وقال مجاهد { يوم يكشف عن ساق } عن بلاء عظيم وقال قتادة يكشف شدة الأمر

{ ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون }

قال الفقيه حدثنا الخليل بن أحمد حدثنا ابن منيع قال حدثنا هدبة قال حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن عمارة القرشي عن أبي بردة عن أبي موسى قال حدثنا أبي قال سمعت رسول اللّه  صلى اللّه  عليه وسلم يقول ( إذا كان يوم القيامة مثل لكل قوم ما كانوا يعبدون في الدنيا فذهب كل قوم إلى ما كانوا يعبدون في الدنيا ويبقى أهل التوحيد فيقال لهم كيف بقيتم وقد ذهب الناس فيقولون إن لنا ربا كنا نعبده في الدنيا ولم نره قال أو تعرفونه إذا رأيتموه فيقولون نعم

فيقال لهم وكيف تعرفونه ولم تروه قالوا لا شبه له

فيكشف لهم الحجاب فينظرون إلى اللّه تعالى فيخرون له سجدا ويبقى أقوام ظهورهم مثل صياصي البقر فيريدون السجود فلا يستطيعون

فيقول اللّه  تعالى عبادي ارفعوا رؤوسكم قد جعلت بدل كل رجل منكم رجلا من اليهود والنصارى في النار )

قال أبو بردة فحدثت بهذا الحديث عمر بن عبد العزيز فقال واللّه الذي لا إله إلا هو أحدثك أبوك بهذا الحديث فحلفت له ثلاثة أيمان فقال عمر ما سمعت في أهل التوحيد حديثا هو أحب إلي من هذا الحديث

وقال القتبي { يوم يكشف عن ساق } هذا من الاستعارة فسمى الشدة ساقا لأن الرجل إذا وقع في الشدة شمر عن ساقه فاستعيرت في موضع الشدة

ويقال يكشف ما كان خفيا

ويقال يبدؤون عن أمر شديد وهو عذاب عظيم يوم القيامة

٤٣

ثم قال عز وجل { خاشعة أبصارهم } يعني ذليلة أبصارهم { ترهقهم ذلة } يعني تغشاهم وتعلوهم كآبة وكسوف وسواد

وذلك أن المسلمين إذا رفعوا رؤوسهم من السجود صارت وجوههم بيضاء كالثلج

فلما نظر اليهود والنصارى والمنافقون وهم الذين لم يقدروا على السجود حزنوا واغتموا واسودت وجوههم

ثم بين المعنى الذي عجزهم عن السجود فقال { وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون } يعني كانوا يدعون إلى السجود في الدنيا وهم أصحاء معافون فلم يسجدوا

٤٤

ثم قال عز وجل { فذرني ومن يكذب بهذا الحديث } يعني دع هؤلاء الذين لا يؤمنون بهذا القرآن

ويقال فوض أمرهم إلي فإني قادر على أخذهم متى شئت

{ سنستدرجهم } يعني سنأخذهم وسيأتيهم العذاب

{ من حيث لا يعلمون } يعني نذيقهم من العذاب درجة درجة من حيث لا يعلمون أن العذاب نازل بهم

وأصله في اللغة من ارتقاء الدرجة

وقال السدي كلما جددوا معصية جدد لهم نعمة وأنساهم شكرها وذلك الاستدراج

٤٥

{ إن كيدي متين } يعني عقوبتي شديدة إذا نزلت بهم لا يقدرون على دفعها

٤٦

قوله عز وجل { أم تسألهم أجرا } يعني أتسألهم على الإيمان جعلا { فهم من مغرم مثقلون } يعني لأجل الغرم يمتنعون

وهذا يرجع إلى قوله { أم لكم كتاب فيه تدرسون }

٤٧

ثم قال { أم عندهم الغيب } يعني اللوح المحفوظ

{ فهم يكتبون } يعني ما يقولون

٤٨

ثم قال عز وجل { فاصبر لحكم ربك } يعني على أمر ربك ولقضاء ربك

{ ولا تكن كصاحب الحوت } يعني لا تكن في قلة الصبر والضجر مثل يونس عليه السلام { إذ نادى وهو مكظوم } يعني مكروبا في بطن الحوت وقال الزجاج { مكظوم } أي مملوء غما

٤٩

لولا أن تداركه نعمة من ربه " يعني لولا النعمة والرحمة التي أدركته من اللّه  تعالى " لنبذ بالعراء " يعني لطرح بالصحراء

والصحراء هي الأرض التي لا يكون فيها نخل ولا شجر يوارى فيها { وهو مذموم } يعني يذم ويلام

ولكن كان رحمة اللّه تعالى حيث نبذ بالعراء وهو سقيم وليس بمذموم

٥٠

قوله تعالى { فاجتباه ربه } يعني اختاره ربه للنبوة { فجعله من الصالحين } يعني من المرسلين كقوله { وإن يونس لمن المرسلين }

٥١

قوله عز وجل { وإن يكاد الذين كفروا } يعني أراد الذين كفروا

" ليزلقونك

بأبصارهم ) يعني ليرهقونك بأبصارهم إن قدروا على ذلك

ويقال معناه إذا قرأت القرآن فينظرون إليك نظرا شديدا بالعداوة يكاد يزلقك أي يسقطك من شدة النظر

وذكر عن الفراء أنه قال { ليزلقونك بأبصارهم } يعني يعتانونك يعني يصيبونك بأعينهم

وذلك أن الرجل من العرب كان إذا أراد أن يعتان شيئا يقبل على طريق الإبل إذا صدرت عن الماء فيصيب منها ما أراد بعينه فأرادوا أن يصيبوا النبي صلى اللّه عليه وسلم

قال الكلبي { ليزلقونك } يعني ليصرعونك

" لما سمعوا الذكر " يعني قراءتك القرآن " ويقولون إنه لمجنون

٥٢

 وما هو إلا ذكر للعالمين " يعني ما هذا القرآن إلا عظة للجن والإنس ويقال عز وشرف للعالمين

قرأ حمزة وعاصم في رواية أبي بكر { آن كان ذا مال وبنين } بهمزتين والباقون بهمزة واحدة إلا ابن عامر فإنه يقرأ { آن كان } بالمد

فمن قرأ بهمزتين فالألف الأولى للاستفهام والثانية ألف إن

ومن قرأ بهمزة واحدة معناه لأن كان ذا مال أي لا تعطه لماله وتحمل لأن كان ذا مال

قال أساطير الأولين

قرأ نافع { ليزلقونك } بنصب الياء والباقون بالضم وهما لغتان ومعناهما واحد

واللّه أعلم

﴿ ٠