سورة البروجمكية وهي عشرون آية واثنتان ١قول اللّه تبارك وتعالى { والسماء ذات البروج } يعني ذات النجوم والكواكب ويقال ذات القصور وقال عطية العوفي كان القصور في السماء على أبوابه وقال قتادة { البروج } النجوم وكذلك قال مجاهد أقسم اللّه تعالى بالسماء ذات البروج وجواب القسم قوله تعالى { إن بطش ربك لشديد } [ البروج ١٢ ] ٢ثم قال { واليوم الموعود } يعني يوم القيامة قال مقاتل { اليوم الموعود } الذي وعدهم أن يصيرهم إليه وقال الكلبي وعد أهل السماء وأهل الأرض أن يصيروا إلى ذلك اليوم ٣وقال { وشاهد ومشهود } ذكر مقاتل عن علي قال الشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم النحر يوم الحج الأكبر وروي عن ابن عباس أنه قال الشاهد محمد صلى اللّه عليه وسلم كقوله تعالى { وجئنا بك على هؤلاء شهيدا } [ النساء٤١ ] والمشهود يوم القيامة كقوله تعالى { وذلك يوم مشهود } [ هود ١٠٣ ] وروى جويبر عن الضحاك مثله وروى أبو صالح عن ابن عباس قال الشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم عرفة وروى سعيد بن المسيب عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال ( سيد الأيام يوم الجمعة وهو شاهد ومشهود يوم عرفة ) وروى جابر بن عبد اللّه قال الشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم عرفة وروى مجاهد عن ابن عباس قال الشاهد ابن آدم والمشهود يوم القيامة وقال عكرمة مثله وقال بعضهم الشاهد آدم والمشهود ذريته ٤
فإذا أتى الساحر ضربه وقال ما حبسك فإذا رجع من عند الساحر إلى أهله دخل على الراهب فاحتبس عنده فإذا أتى أهله ضربوه وقالوا ما حبسك فشكى ذلك إلى الراهب فقال له الراهب إذا قالوا لك ما حبسك فقل حبسني الساحر وإذا قال لك الساحر ما حبسك فقل حبسني أهلي فبينما هو ذات يوم يريد الساحر إذا هو بدابة هائلة يعني كبيرة قد قطعت الطريق على الناس فقال اليوم يتبين لي أمر الراهب فأخذ حجرا ودنا من الدابة فقال اللّه م إن كان أمر الراهب حقا فاقتل هذه الدابة ثم رماها فأصاب مقتلها فقلتها فقال الناس إن هذا الغلام قتل هذه الدابة واشتهر أمره فأتى الراهب فأخبره فقال يا بني أنت خير مني فلعلك أن تبتلى لا تدلن علي فبلغ من أمر الغلام أنه كان يبرئ الأكمه والأبرص ويداوي من الأمراض فعمي جليس الملك فذكر له أمر الغلام فأتاه فقال يا بني قد بلغ من سحرك أنك تبرئ الأكمه والأبرص فقال الغلام ما أنا بساحر ولا أشفي أحد ولا يشفي إلا ربي فقال له الرجل هذا الملك ربك قال لا ولكن ربي ورب الملك اللّه تعالى فإذا آمنت باللّه تعالى به دعوت اللّه فشفاك فأسلم فدعا اللّه تعالى فبرئ فأتى الملك فقال له الملك أليس يا فلان قد ذهب بصرك فقال بلى ولكن رده علي ربي فقال أنا قال لا ولكن ربي وربك اللّه قال أولك رب غيري قال نعم ربي وربك اللّه تعالى فلم يزل به حتى أخبره بأمر الغلام فأرسل إلى الغلام فجاءه فقال يا بني قد بلغ من سحرك أنك تشفي من كذا وكذا فقال الغلام ما أنا بساحر ولا أشفي أحدا وما يشفي إلا ربي فقال أنا قال لا ولكن ربي وربك اللّه فلم يزل به حتى دل على الراهب فدعا بالراهب فأتي به فأراده على أن يرجع من دينه فأبى وأمر بمنشار فوضع في مفرق رأسه فشق به حتى سقط شقاه ثم دعا بجليسه وأراد أن يرجع عن دينه فأبى فأمر بمنشار فشق حتى سقط شقاه فأمر بالغلام أن يفعل ذلك بمكانه فقال احملوه في سفينة فانطلقوا به حتى إذا لججتم فغرقوه فانطلقوا به حتى إذا كانوا في وسط اللجة فلما أرادوا به ذلك فقال اللّه م اكفينيهم بما شئت فانكفأت بهم السفينة فغرقوا فجاء الغلام حتى قام بين يدي الملك فأخبره بالذي كان فقال انطلقوا به إلى جبل كذا وكذا فإذا كنتم في ذروة الجبل فدهدهوه عنه فانطلقوا به حتى إذا كانوا بذلك المكان فقال اللّه م اكفنيهم بما شئت فدهدهوا عن الجبل يمينا وشمالا فجاء حتى قام بين يدي الملك فأخبره بالذي كان وقال للملك إنك لن تقدر على قتلي حتى تفعل بي ما آمرك به فقال وما هو قال تجمع أهل مملكتك في صعيد واحد ثم تصلبني وتأخذ سهما من كتابي فترميتي به وتقول بسم اللّه رب هذا الغلام ففعل وأخذ سهما من كنانته فرمى به وقال بسم اللّه رب هذا الغلام فأصاب صدغه فوضع يده على صدغه فمات فقال الناس آمنا برب هذا الغلام فقيل للملك وقعت فيما كنت تحاذر وقد أسلم الناس فقال خذوا يا قوم الطريق وحدوا فيها أخدودا وألقوا فيها النار فمن رجع عن دينه وإلا فألقوه فيها ففعلوا فجعل الناس يجيئون ويلقون أنفسهم في الأخدود حتى كان آخرهم امرأة ومعها صبي لها رضيع تحمله فلما دنت من النار وجدت حرها فولت فقال لها الصبي يا أماه امضي فإنك على الحق فرجعت وألقت نفسها في النار
٥
وروي في خبر آخر أن الملك كان على دين اليهودية ويقال له ذو نواس واسمه زرعة ملك حمير وما حولها فكان هناك قوم دخلوا في دين عيسى فحفر لهم أخدودا فأوقد فيها النار وألقاهم في الأخدود فحرقهم وحرق كتبهم ويقال كان الذين على دين عيسى بأرض نجران فسار إليهم من أرض حمير حتى أحرقهم وأحرق كتبهم فأقبل منهم رجل فوجد مصحفا فيها وإنجيلا محترقا بعضه فخرج به حتى أتى به ملك الحبشة فقال له إن أهل دينك قد أوقدت لهم النار فأحرقوا بها وحرقت كتبهم وهذه بعضه ففزع الملك لذلك وبعث إلى صاحب الروم وكتب إليه يستمده بنجارين يعملون له السفن فبعث إليه صاحب الروم من يعمل له السفن فحمل فيها الناس وسافر بهم فخرجوا ما بين ساحل عدن إلى ساحل جازان وخرج إليهم أهل اليمن فلقوهم بتهامة واقتتلوا فلم ير ملك حمير له بهم طاقة وتخوف أن يأخذوه فضرب فرسه حتى وقع في البحر فمات فيه فاستولى أهل الحبشة على ملك حمير وما حوله وبقي الملك لهم إلى وقت الإسلام وروي في الخبر أن الغلام الذي قتله الملك دفن فوجد ذلك الغلام في زمان عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه واضعا يده على صدغه كما كان وضعها حين قتل وكلما أخذت يد سال منه الدم وإذا أرسل يده انقطع الدم فكتبوا إلى عمر بن الخطاب بذلك فكتب إليهم أن ذلك الغلام صاحب الأخدود فاتركوه على حاله حتى يبعثه اللّه تعالى يوم القيامة على حاله فذلك قوله تعالى { قتل أصحاب الأخدود } يعني لعن أصحاب الأخدود وهم الذين خدوا أخدودا { النار ذات الوقود } يعني الأخدود ذات النار الوقود ويقال { قتل أصحاب الأخدود } يعني أهل الحبشة قتلوا أصحاب الأخدود أصحاب النار ذات الوقود ٦ثم قال عز وجل { إذ هم عليها قعود } يعني القوم عند النار حضور قال سفيان { إذ هم عليها } على السرر { قعود } عند النار { وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود } يعني أن خدامهم وأعوانهم يفعلون بالمؤمنين ذلك وهم هناك { شهود } يعني حضورا ويقال يفعلون بالمؤمنين ذلك { وهم شهود } يعني يشهدون بأن المؤمنين في ضلال حين تركوا عبادة آلهتهم ٧ويقال { على ما يفعلون بالمؤمنين شهود } يشهدون على أنفسهم يوم القيامة { وما نقموا منهم } يعني وما طعنوا فيهم { إلا أن يؤمنوا باللّه } يعني سوى أنهم صدقوا بتوحيد اللّه تعالى { العزيز } في ملكه { الحميد } في فعاله ٨ويقال { وما نقموا منهم } يعني وما أنكروا عليهم { إلا أن يؤمنوا باللّه } يعني إلا إيمانهم باللّه ٩{ الذي له ملك السموات والأرض واللّه على كل شيء شهيد } ثم بين ما أعد اللّه لأولئك الكفار ١٠فقال عز وجل { إن الذين فتنوا } يعني عذبوا وأحرقوا { المؤمنين والمؤمنات } يعني في الدنيا { ثم لم يتوبوا } يعني لم يرجعوا عن دينهم ولم يتوبوا إلى اللّه تعالى { فلهم عذاب جهنم } في الآخرة { ولهم عذاب الحريق } يعني العذاب الشديد وقال الزجاج المعنى واللّه أعلم { لهم عذاب } بكفرهم { ولهم عذاب } بما أحرقوا المؤمنين ١١قوله تعالى { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ذلك الفوز الكبير } وقد ذكرناه ١٢ثم قال عز وجل { إن بطش ربك لشديد } يعني عذاب ربك لشديد وهذا قول مقاتل وقال الكلبي أخذ ربك لشديد ومعناهما واحد ويقال عقوبة بك لشديدة وهذا موضع القسم ١٣ثم قال { إنه هو يبدئ ويعيد } يعني يبدئ الخلق في الدنيا ويعيد في الآخرة يعني يبعثهم بعد الموت ١٤{ وهو الغفور الودود } يعني { الغفور } لذنوب المؤمنين ويقال { الغفور } لذنوب التائبين { الودود } يعني المحب للتائبين ويقال المحب لأوليائه ويقال { الودود } يعني الكريم ١٥
قرأ حمزة والكسائي { المجيد } بكسر الدال وقرأ الباقون بالضم فمن قرأ بالخفض جعله نعتا للعرش ومن قرأ بالضم جعله صفة ذو يعني { ذو العرش } وهو { المجيد } و { المجيد } الكريم ١٦فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ
١٧ثم قال عز وجل { هل أتاك حديث الجنود } يعني قد أتاك حديثهم ثم فسر الجنود ١٨فقال { فرعون وثمود } يعني قوم موسى وقوم صالح أهلكهم اللّه تعالى في الدنيا وهذا وعيد لكفار هذه الأمة ليعتبروا بهم ويوحدوه ١٩ثم قال تعالى { بل الذين كفروا في تكذيب } يعني إن الذين لا يعتبرون ويكذبون الرسل والقرآن ٢٠{ واللّه من ورائهم محيط } يعني لا يعجزه منهم أحد قدرته مشتملة عليهم هكذا قال الزجاج ويقال اصبر على تكذيبهم فإن اللّه عالم بهم ٢١بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ
٢٢أو يقال شريف لأنه كلام رب العزة { في لوح محفوظ } يعني مكتوبا في اللوح الذي هو محفوظ عند اللّه من الشياطين وهو عن يمين العرش من درة بيضاء ويقال من ياقوتة حمراء قرأ نافع { محفوظ } بالضم والباقون بالكسر فمن قرأ بالضم جعله نعتا للقرآن ومعناه قرآن مجيد محفوظ من الشياطين في اللوح ومن قرأ بالكسر فهو نعت للوح وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال إن اللّه تعالى جعل لوحا من درة بيضاء دفتاه من ياقوتة حمراء ينظر اللّه تعالى فيه كل يوم ثلاثمائة وستين مرة ويحيي ويميت ويعز ويذل ويفعل ما يشاء وروي عن إبراهيم بن الحكم عن أبيه قال حدثني فرقد في قوله تعالى { بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ } قال هو صدر المؤمنين وقال قتادة في اللوح المحفوظ عند اللّه تعالى واللّه الموفق بمنه وكرمه و صلى اللّه عليه وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما |
﴿ ٠ ﴾