سورة الضحىمكية وهي إحدى عشرة آية ١قول اللّه تبارك وتعالى { والضحى } يعني النهار كله ويقال { والضحى } ساعة من ساعات النهار وذلك حين يرتفع النهار ويقال الضحى حر الشمس ٢{ والليل إذا سجى } يعني أسود وأظلم ويقال يعني إذا سكن الناس ويقال { والضحى والليل إذا سجى } يعني عباده الذي يعبدونه في وقت الضحى وعباده الذين يعبدونه بالليل إذا أظلم ويقال { والضحى } نور الجنة إذا تنور { والليل إذا سجى } يعني ظلمة الليل إذا أظلم ويقال { والضحى } يعني النور الذي في قلوب العارفين كهيئة النهار { والليل إذا سجى } يعني السواد الذي في قلوب الكافرين كهيئة الليل ٣فأقسم اللّه تعالى بهذه الأشياء { ما ودعك ربك } يعني ما تركك ربك يا محمد صلى اللّه عليه وسلم منذ أوحى إليك { وما قلى } يعني ما أبغضك ربك منذ أحبك وذلك أن مشركي قريش أرسلوا إلى يهود المدينة وسألوهم عن أمر محمد صلى اللّه عليه وسلم فقالت لهم اليهود اسألوه عن أصحاب الكهف وعن قصة ذي القرنين وعن الروح فإن أخبركم بقصة أهل الكهف وقصة ذي القرنين ولم يخبركم عن أمر الروح فاعلموا أنه صادق فجاؤوه وسألوه فقال لهم ( ارجعوا غدا حتى أخبركم ) ونسي أن يقول إن شاء اللّه فانقطع عنه جبريل خمسة عشر يوما في رواية الكلبي وفي رواية الضحاك أربعين يوما فقال المشركون قد ودعه ربه وأبغضه فنزل فيهم ذلك وروى أسباط عن السدي قال أبطأ جبريل عليه السلام على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أربعين ليلة حتى شكى ذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى خديجة فقالت خديجة لعل ربك قد قلاك أو نسيك فأتاه جبريل عليه السلام بهذه الآية { ما ودعك ربك وما قلى } ٤{ وللآخرة خير لك من الأولى } يعني ما أعطاك اللّه في الآخرة خير لك مما أعطاك في الدنيا ويقال معناه عز الآخرة خير لك من عز الدنيا لأن عز الدنيا يفنى وعز الآخرة يبقى ٥قوله تعالى { ولسوف يعطيك ربك فترضى } يعني يعطيك ثواب طاعتك حتى ترضى وسوف من اللّه تعالى واجب ويقال { ولسوف يعطيك } الحوض والشفاعة حتى ترضى ثم ذكر له ما أنعم عليه في الدنيا وفي الآخرة ٦فقال عز وجل { ألم يجدك يتيما فآوى } يعني كنت يتيما فضمك إلى عمك أبي طالب فكفاك المؤنة يعني حين كنت يتيما { ما ودعك ربك } فكيف يودعك بعد ما أوحى إليك ٧ثم قال عز وجل { ووجدك ضالا فهدى } يعني وجدك جاهلا بالنبوة والحكمة وبالكتاب وقراءته والدعوة إلى الإيمان فهداك إلى هذه الأشياء كقوله { ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان } [ الشورى ٥٢ ] ويقال { ووجدك ضالا } يعني من بين قوم ضلال { فهدى } يعني حفظك من أمرهم وعن أخلاقهم ٨ويقال { ووجدك } بين قوم ضلال فهداهم بك ثم قال عز وجل { ووجدك عائلا فأغنى } يعني وجدك فقيرا بلا مال فأغناك بمال خديجة ويقال وجدك فقيرا عن القرآن والعلم فأغناك بالقرآن والعلم ويقال فوجدك فقير القلب يعني لترجو أموال الناس فأغناك يعني أغنى قلبك وأرضاك بما أعطاك ٩ثم قال تعالى { فأما اليتيم فلا تقهر } يعني لا تظلمه وادفع إليه حقه ويقال معناه واذكر يتمك وارحم اليتيم وقال مجاهد { فلا تقهر } يعني فلا تقهره وروي عن ابن مسعود أنه كان يقرأ { فأما اليتيم فلا تكهر } يعني لا تعبس في وجهه
١٠قوله تعالى { وأما السائل فلا تنهر } يعني لا تؤذه ولا تزجره واذكر فقرك ولا تزجر السائل ولا تنهره ورده ببذل يسير أو بكلمة طيبة وفي الآية تنبيه لجميع الخلق لأن كل واحد من الناس كان فقيرا في الأصل فإذا أنعم اللّه عليه وجب أن يعرف حق الفقراء ١١ثم قال عز وجل { وأما بنعمة ربك فحدث } يعني بهذا القرآن فيعلم الناس وفي الآية تنبيه لجميع من يعلم القرآن أن يحتسب في تعليم غيره ويقال معناه فحدث الناس بما آتاك اللّه من الكرامة ويقال معناه اجهر بالقرآن في الصلاة وروى أبو سعيد الخدري عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال ( إن اللّه تعالى جميل يحب الجمال ويحب أن يرى أثر النعمة على عبده ) يعني يشكر بما أنعم اللّه عليه ويحدث به فيظهر على نفسه أثر النعمة واللّه الموفق و صلى اللّه عليه وسلم على سيدنا محمد |
﴿ ٠ ﴾