سورة القدرمكية وهي خمس آيات ١قول اللّه تبارك وتعالى { إنا أنزلناه في ليلة القدر } يعني أنزلنا القرآن الكريم جملة واحدة إلى سماء الدنيا من اللوح المحفوظ في ليلة القدر يعني في ليلة القضاء وإنما سميت القضاء لأن اللّه تعالى يقدر في تلك الليلة ما يكون من السنة إلى السنة القابلة من أمر الموت والأجل والرزق وغيره ويسلمه إلى مدبرات الأمور وهم أربعة من الملائكة إسرافيل وميكائيل وجبريل وملك الموت عليهم السلام وفي آية أخرى { في ليلة مباركة } وإنما سميت ليلة القدر مباركة لأنه ينزل فيها الخير والبركة والمغفرة ٢ثم قال عز وجل { وما أدراك ما ليلة القدر } تعظيما لها ٣فقال { ليلة القدر خير من ألف شهر } يعني العمل في ليلة القدر خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر وذلك أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان جالسا بين أصحابه يحدث بأن رجلا كان من بني إسرائيل لبس السلاح ألف شهر وصام ولم يضع السلاح حتى مات فعظم ذلك على أصحابه فنزل { ليلة القدر خير من ألف شهر } يعني العمل فيها وثوابه أفضل من لبس السلاح والصيام ألف شهر ليس فيها ليلة القدر وروي في خبر آخر أن النبي صلى اللّه عليه وسلم ( أرى أعمال الناس ) فكأنه تقاصر أعمار أمته أن لم يبلغوا من العمل مثل الذي بلغ غيرهم في طول العمر فأعطاه اللّه تعالى { ليلة القدر خير من ألف شهر } فقيل يا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أي ليلة هي قال ( التمسوها في العشر الأواخر من رمضان ) ٤ثم قال عز وجل { تنزل الملائكة } يعني تتنزل الملائكة من كل سماء ومن سدرة المنتهى وهو مسكن جبريل على وسطها فينزلون إلى الأرض ويدعون الخلق ويؤمنون بدعائهم إلى وقت طلوع الفجر فذلك قوله { تنزل الملائكة والروح فيها } يعني جبريل معهم وذكر في الخبر أن جبريل عليه السلام وقف على سطح الكعبة ونشر جناحيه فبلغ أحدهما المشرق والآخر المغرب وقال بعضهم { الروح } خلق يشبه الملائكة وجهه يشبه وجه بني آدم وقال بعضهم هو ما قال اللّه تعالى { قل الروح من أمر ربي } [ الإسراء ٨٥ ] وقال مجاهد ما نزل ملك إلا ومعه روح ولهم أيد وأرجل وهم موكلون على الملائكة كما أن الملائكة موكلون على بني آدم ثم قال عز وجل { بإذن ربهم } يعني ينزلون بأمر ربهم { من كل أمر سلام } يعني تلك الليلة من كل أمر { سلام } يعني سلامة في هذه الليلة لأمة محمد صلى اللّه عليه وسلم ويقال ( سلام ) يعني لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها شرا وقال القتبي { من } توضع موضع الباء يعني بكل أمر هي أي بكل خير { هي حتى مطلع الفجر } وقال مجاهد من كل أمر سلام وسلام من أن يحدث فيها أذى أو يستطيع الشيطان أن يعمل فيها ويقال معناه { تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر } وقد تم الكلام يعني ينزلون فيها من كل أمر من الرخصة وبكل أمر قدره اللّه تعالى في تلك الليلة إلى قابل ٥ثم استأنف فقال { سلام هي } يعني سلام وبركة وخير كلها { حتى مطلع الفجر } يعني إلى مطلع الفجر وروي عن ابن عباس رضي اللّه عنه أنه قرأ { من كل امرء } يعني الملائكة يسلمون على كل امرئ وقرأ الكسائي { حتى مطلع الفجر } بكسر اللام والباقون بنصب اللام فمن قرأ بالكسر جعله اسما لوقت الطلوع ومن قرأ بالنصب جعله مصدرا يعني يطلع طلوعا ومطلعا واللّه الموفق و صلى اللّه عليه وسلم على سيدنا محمد وآله وسلم |
﴿ ٠ ﴾