سورة الزلزلة

مختلف فيها وهي ثمان آيات مدنية

١

قول اللّه تبارك وتعالى { إذا زلزلت الأرض زلزالها } وذلك أن الناس كانوا يرون في بدء الإسلام أن اللّه تعالى لا يؤاخذهم بالصغائر من الذنوب ولا يعاقب إلا في الكبائر حتى نزلت هذه السورة وقال { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } وذكر أهوال ذلك اليوم وبين أن القليل في ذلك اليوم يكون كثيرا فقال { إذا زلزلت الأرض زلزالها } يعني تزلزلت الأرض عند قيام الساعة وتحركت واضطربت حتى يتكسر كل شيء عليها

ويقال سئل النبي صلى اللّه عليه وسلم عن قيام الساعة فنزل وبين متى يكون قيام الساعة فقال { إذا زلزلت الأرض زلزالها } يعني وتحركت تحركا وهو كقوله { ويخرجكم إخراجا } [ نوح ١٨ ] والمصدر للتأكيد

٢

قوله تعالى { وأخرجت الأرض أثقالها } يعني أظهرت ما فيها من الكنوز والأموات

٣

{ وقال الإنسان ما لها } يعني يقول الإنسان الكافر { ما لها } يعني للأرض على وجه التعجب

٤

يومئذ تحدث أخبارها " يعني تخبر الأرض بكل ما يعمل فيها بنو آدم من خير أو شر وتقول المؤمن صلى علي وحج واعتمر وجاهد

فيفرح المؤمن وتقول للكافر أشرك علي وسرق وزنى وشرب الخمر فيحزن الكافر فيقول { ما لها } يعني ما للأرض تحدث بما عمل عليها على وجه التقديم والتأخير ومعناه { يومئذ تحدث أخبارها } { وقال الإنسان ما لها }

٥

يقول اللّه تعالى لمحمد صلى اللّه عليه وسلم { بأن ربك أوحى لها } يعني أن الأرض تحدث بأن ربك أذن لها في الكلام وألهمها { يومئذ يصدر الناس أشتاتا } يعني يرجع الناس متفرقين فريق في الجنة وفريق في السعير وفريق مع الحور العين يتمتعون وفريق مع الشياطين يعذبون فريق على السندس والديباج على الأرائك متكئون وفريق على وجوههم في النار يجرون

لأنهم في الدنيا هكذا كانوا فريقا حول المساجد والطاعات وفريق في المعاصي والشهوات فذلك قوله

٦

{ ليروا أعمالهم } يعني ثواب أعمالهم وهذا

كما روي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال ( ما من أحد يوم القيامة إلا ويلوم نفسه فإن كان محسنا يقول لم لم أزدد إحسانا وإن كان غير ذلك يقول لم لم ترغب عن المعاصي ) وهذا عند معاينة الثواب والعقاب

وقال أبي بن كعب الزلزلة لا تخرج إلا من ثلاثة إما نظر اللّه تعالى بالهيبة إلى الأرض وأما لكثرة ذنوب بني آدم وأما لتحرك الحوت التي عليها الأرضون السبع تأديبا للخلق وتنبيها

٧

ثم قال عز وجل { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره } يعني مقدار ذرة وهو الذي يرى في شعاع الشمس

يعني يرى ثوابه في الآخرة { ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } يعني يرى جزاءه في الآخرة

وروى قتادة عن محمد بن كعب القرظي في قوله { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره } الآية قال ما من كافر عمل مثقال ذرة من خير إلا عجل له ثواب ذلك في الدنيا في نفسه أو في أهله أو في ماله حتى يخرج من الدنيا وليس له عند اللّه مثقال ذرة من خير وما من مؤمن عمل مثقال ذرة من شر إلا عجل له عقوبتها في الدنيا في نفسه أو في ماله أو في أهله حتى يخرج من دار الدنيا وليس له عند اللّه مثقال ذرة من شر

وروى معمر عن زيد بن أسلم أن رجلا جاء إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال علمني مما علمك اللّه فدفعه إلى رجل يعلمه القرآن فعلمه { إذا زلزلت الأرض } حتى بلغ { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } فقال الرجل حسبي فأخبر بذلك النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال ( دعه فقد فقه الرجل )

وروى الأجلح عن أبي إسحاق عن امرأته أنها قالت دخلت على عائشة رضي اللّه  عنها أنا وامرأة أبي السفر فجاء سائل يسألها وعندها سلة من عنب فأخذت حبة من عنب فأعطته فنظر بعضنا إلى بعض فقال إن قدر هذا أثقل من ذرات كثيرة ثم قرأت " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره

٨

 ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " واللّه  أعلم

﴿ ٠