سورة الكافرون

مكية وهي ست آيات

١

قول اللّه تبارك وتعالى { قل يا أيها الكافرون } { يا أيها } الياء للنداء وأي للتمييز وها للتنبيه

ألا ترى أنه لا يجوز للّه أن يقال يا أيها الرحمن كما قال تعالى { يا أيها العزيز } لأن التنبيه لا يجوز

وذلك أن قريشا قالوا للنبي صلى اللّه عليه وسلم إن يسرك أن نتبعك عاما وترجع إلى ديننا عاما فنزلت هذه السورة

وقال مقاتل نزلت في المستهزئين وذلك أن النبي صلى اللّه عليه وسلم لما قرأ سورة النجم وجرى على لسانه ما جرى فقال أبو جهل أخزاه اللّه لا تفارقنا إلا على أحد أمرين ندخل معك في بعض ما تعبد وتدخل معنا في ديننا أو تتبرأ من آلهتنا ونتبرأ من إلهك فنزلت هذه السورة

وقال الكلبي وذاك أنهم أتوا العباس فقالوا له لو أن ابن أخيك استلم بعض آلهتنا لصدقناه بما يقول وآمنا به فنزل { قل يا أيها الكافرون } ويقال إنهم اجتمعوا إلى أبي طالب وقالوا له إن ابن أخيك يؤذينا ونحن لا نؤذيه لحرمتك فدعاه أبو طالب وذكر ذلك له فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ( إنما أدعوهم إلى كلمة واحدة ) فقال ما هي قال ( لا إله إلا اللّه ) فنفروا عن هذه الكلمة فنزل { قل يا أيها الكافرون } يعني قل يا محمد لأهل مكة

٢

 { لا أعبد ما تعبدون } يعني { لا أعبد } بعد هذا { ما تعبدون } أنتم من الأوثان ولا أرجع إلى دينكم

٣

ثم قال { ولا أنتم عابدون ما أعبد } يعني لا تعبدون أنتم بعد هذا الرب الذي أعبده أنا حتى ترون ما يستقبلكم غدا

وهذا كقوله عز وجل { فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا أعتدنا للظالمين نارا } [ الكهف ٢٩ ]

٤

قوله تعالى { ولا أنا عابد ما عبدتم } يعني لست أنا في الحال عابدا لأصنامكم وما كنت عابدا لها قبل هذا لأني علمت مضرة عبادتها

٥

{ ولا أنتم عابدون ما أعبد } يعني لستم عابدين في الحال لجهلكم وغفلتكم وقلة عقلكم

٦

ثم قال عز وجل { لكم دينكم ولي دين } يعني قد أكملت عليكم الحجة وليس علي أن أجبركم على الإسلام فاثبتوا على دينكم حتى تروا ماذا يستقبلكم غدا وأنا أثبت على ديني الذي أكرمني اللّه تعالى به ولا أرجع إلى دينكم أبدا

وهذا قبل أن يؤمر بالقتال ثم نسخ بآية القتال وفيها دليل أن الرجل إذا رأى منكرا أو سمع منكرا فأنكره فلم يقبل منه لا يجب عليه أكثر من ذلك وإنما عليه أن يحفظ مذهبه وطريقه ويتركهم على مذهبهم وطريقهم

وقال الحسن سمعت شيخا يحدث قال بينما أسير مع النبي صلى اللّه  عليه وسلم فسمع رجلا يقرأ " قل يا أيها الكافرون " فقال ( أما هذا فقد برئ من الشرك ) وسمع رجلا يقرأ " قل هو اللّه  أحد " فقال ( أما هذا فقد غفر اللّه  تعالى له واللّه  أعلم

﴿ ٠