سورة المسد

وهي خمس آيات مكية

١

قول اللّه تبارك وتعالى { تبت يدا أبي لهب وتب } يعني خسر أبو لهب وذلك أن النبي صلى اللّه عليه وسلم حين نزل قوله تعالى { وأنذر عشيرتك الأقربين } [ الشعراء ٢١٤ ] صعد على الصفا ونادى واصاحبا فاجتمعوا فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم ( أمرني ربي أن أنذر عشيرتي الأقربين وأدعوهم إلى شهادة أن لا إله إلا اللّه فقولوا أشهد لكم بها عند ربي ) فأنكروا ذلك فقال أبو لهب تبا لك سائر الأيام ألهذا دعوتنا وروي في خبر آخر أنه اتخذ طعاما ودعاهم ثم قال ( أسلموا تسلموا وأطيعوا تهتدوا ) فقال أبو لهب تبا لك سائر الأيام ألهذا دعوتنا فنزلت { تبت يدا أبي لهب } يعني خسرت يدا أي لهب عن التوحيد { وتب } يعني وقد خسر

ويقال إنما ذكر اليد وأراد به هو وقال مقاتل { تبت يدا أبي لهب وتب } يعني خسر نفسه وكان أبو لهب عم النبي صلى اللّه عليه وسلم واسمه عبد العزى ولهذا ذكره بالكنية ولم يذكر اسمه لأن اسمه كان منسوبا إلى صنم

وقال بعضهم كنيته كان اسمه

٢

ثم قال عز وجل { ما أغنى عنه ماله وما كسب } يعني ما نفعه ماله في الآخرة إذ كفر في الدنيا { وما كسب } يعني ما ينفعه ولده في الآخرة إذا كفر في الدنيا والكسب أراد به الولد لأن ولد الرجل من كسبه

٣

ثم قال عز وجل { سيصلى نارا ذات لهب } يعني سيدخل في نار ذات لهب يعني ذات شعل

٤

ثم قال عز وجل { وامرأته حمالة الحطب } يعني تدخل النار معه

قرأ عاصم { حمالة الحطب } بنصب الهاء ويكون على معنى الذم والشين ومعناه أعني حمالة الحطب

والباقون بالضم على معنى الابتداء

أو { حمالة الحطب } جعل نعتا له فقال { حمالة الحطب } يعني حمالة الخطايا والذنوب

ويقال { حمالة الحطب } يعني تمشي بالنميمة فسمى النميمة حطبا لأنه يلقي بين القوم العداوة والبغضاء

وكانت تمشي بالنميمة في عداوة النبي صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه ويقال كانت تحمل الشوك فتطرحه في طريق النبي صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه بالليل من بغضها لهم حتى

بلغ النبي صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه في شدة وعناء

فحملت ذات ليلة حزمة شوك لكي تطرحها في طريقهم فوضعتها على جدار وشدتها بحبل من ليف على صدرها فأتاها جبريل عليه السلام ومده خلف الجدار وخنقها حتى ماتت فذلك قوله { في جيدها حبل من مسد } أي من ليف

٥

وقال أكثر أهل التفسير { في جيدها حبل من مسد } يعني في الآخرة في عنقها سلسة من حديد وفوقها نار وتحتها نار

وروى سعيد بن جبير رضي اللّه عنه عن أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه قال لما نزلت { تبت يدا أبي لهب } جاءت امرأة أبي لهب إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال أبو بكر رضي اللّه عنه لو تنحيت يا رسول اللّه فإنها امرأة بذية فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم ( سيحال بيني وبينها ) فدخلت فلم تره فقالت لأبي بكر هجانا صاحبك فقال واللّه ما ينطق بالشعر ولا يقوله قالت إنك لمصدق فاندفعت راجعة فقال أبو بكر رضي اللّه عنه يا رسول اللّه ما رأتك فقال ( لم يزل بيني وبينها ملك يسترني عنها حتى رجعت )

وروى إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي يزيد بن زيد قال لما نزلت هذه السورة قيل لامرأة أبي لهب أن محمدا قد هجاك فأتت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو جالس في الملأ وقالت يا محمد صلى اللّه عليه وسلم على ما تهجوني فقال ( أما واللّه ما أنا هجوتك ما هجاك إلا اللّه تعالى ) قالت هل رأيتني أحمل الحطب أو رأيت في جيدي حبل من مسد وقال مجاهد { في جيدها حبل من مسد } مثل حديد البكرة وقال غيره يعني عروة السلسلة من حديد ذرعها سبعون ذراعا نسأل اللّه العفو والعافية و صلى اللّه عليه وسلم على سيدنا محمد وآله وسلم

﴿ ٠