١٠

القول فـي تأويـل قوله تعالى:

{فِي قُلُوبِهِم مّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّه مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ }

وأصل الـمرض: السقم، ثم يقال ذلك فـي الأجساد والأديان

 فأخبر اللّه جل ثناؤه أن فـي قلوب الـمنافقـين مرضا. وإنـما عنى تبـارك وتعالـى بخبره عن مرض قلوبهم الـخبر عن مرض ما فـي قلوبهم من الاعتقاد ولكن لـما كان معلوما بـالـخبر عن مرض القلب أنه معنىّ به مرض ما هم معتقدوه من الاعتقاد استغنى بـالـخبر عن القلب بذلك والكناية عن تصريح الـخبر عن ضمائرهم واعتقاداتهم كما قال عمر بن لـجأ:

وَسَبّحَتِ الـمَدِينَةُ لا تَلُـمْهارأتْ قَمَرا بِسُوقِهِمُ نَهارا

يريد وسبح أهل الـمدينة. فـاستغنى بـمعرفة السامعين خبره بـالـخبر عن الـمدينة عن الـخبر عن أهلها. ومثله قول عنترة العبسيّ:

هَلاّ سألْتِ الـخَيْـلَ يا ابنْةَ مالِكِإنْ كُنْتِ جاهِلَةً بِـمَا لَـمْ تَعْلَـمِي

يريد: هلا سألت أصحاب الـخيـل؟ ومنه قولهم: يا خيـل اللّه اركبـي، يراد: يا أصحاب خيـل اللّه اركبوا.

والشواهد علـى ذلك أكثر من أن يحصيها كتاب، وفـيـما ذكرنا كفـاية لـمن وفق لفهمه. فكذلك معنى قول اللّه جل ثناؤه: فـي قُلُوبِهمْ مَرَضٌ إنـما يعنـي فـي اعتقاد قلوبهم الذي يعتقدونه فـي الدين والتصديق بـمـحمد صلى اللّه عليه وسلم، وبـما جاء به من عند اللّه مرض وسقم. فـاجتزأ بدلالة الـخبر عن قلوبهم علـى معناه عن تصريح الـخبر عن اعتقادهم. والـمرض الذي ذكر اللّه جل ثناؤه أنه فـي اعتقاد قلوبهم الذي وصفناه هو شكهم فـي أمر مـحمد، وما جاء به من عند اللّه وتـحيرهم فـيه، فلا هم به موقنون إيقان إيـمان، ولا هم له منكرون إنكار إشراك ولكنهم كما وصفهم اللّه عز وجل مذبذبون بـين ذلك لا إلـى هؤلاء ولا إلـى هؤلاء، كما يقال: فلان تـمرض فـي هذا الأمر، أي يضعف العزم ولا يصحح الروية فـيه. وبـمثل الذي قلنا فـي تأويـل ذلك تظاهر القول فـي تفسيره من الـمفسرين ذكر من قال ذلك:

١٤٨ـ حدثنا مـحمد بن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن مـحمد بن إسحاق، عن مـحمد بن أبـي مـحمد مولـى زيد بن ثابت، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبـير، عن ابن عبـاس : فـي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أي شكّ.

١٤٩ـ وحدثت عن الـمنـجاب، قال: حدثنا بشر بن عمارة، عن أبـي روق عن الضحاك ، عن ابن عبـاس ، قال: الـمرض: النفـاق.

١٥٠ـ حدثنـي موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسبـاط عن السدي فـي خبر ذكره عن أبـي مالك، وعن أبـي صالـح، عن ابن عبـاس ، وعن مرة الهمدانـي عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبـي صلى اللّه عليه وسلم: فِـي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ

يقول: فـي قلوبهم شك.

١٥١ـ حدثنـي يونس بن عبد الأعلَـى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال عبد الرحمن بن زيد في قوله: فـي قُلُوبِهِمْ مَرَض قال: هذا مرض فـي الدين ولـيس مرضا فـي الأجساد

قال: هم الـمنافقون.

١٥٢ـ حدثنـي الـمثنى بن إبراهيـم قال: حدثنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن الـمبـارك قراءة عن سعيد عن قتادة في قوله: فِـي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ قال: فـي قلوبهم ريبة وشك فـي أمر اللّه جل ثناؤه.

١٥٣ـ وحدثت عن عمار بن الـحسن، قال: حدثنا ابن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع بن أنس: فِـي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ قال: هؤلاء أهل النفـاق، والـمرض الذي فـي قلوبهم الشكّ فـي أمر اللّه تعالـى ذكره.

١٥٤ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال عبد الرحمن بن زيد: وَمِنَ النّاس مَنْ يَقُولُ آمَنّا بِـاللّه وَبـالـيَوْمِ الاَخِرِ حتـى بلغ: فِـي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ قال الـمرض: الشك الذي دخـلهم فـي الإسلام.

القول فـي تأويـل قوله تعالى: فَزَادَهُمُ اللّه مَرَضا.

قد دللنا آنفـا علـى أن تأويـل الـمرض الذي وصف اللّه جل ثناؤه أنه فـي قلوب الـمنافقـين: هو الشكّ فـي اعتقادات قلوبهم وأديانهم وما هم علـيه فـي أمر مـحمد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأمر نبوّته وما جاء به مقـيـمون.

فـالـمرض الذي أخبر اللّه جل ثناؤه عنهم أنه زادهم علـى مرضهم هو نظير ما كان فـي قلوبهم من الشك والـحيرة قبل الزيادة، فزادهم اللّه بـما أحدث من حدوده وفرائضه التـي لـم يكن فرضها قبل الزيادة التـي زادها الـمنافقـين من الشك والـحيرة إذْ شكوا وارتابوا فـي الذي أحدث لهم من ذلك إلـى الـمرض والشك الذي كان فـي قلوبهم فـي السالف من حدوده وفرائضه التـي كان فرضها قبل ذلك، كما زاد الـمؤمنـين به إلـى إيـمانهم الذي كانوا علـيه قبل ذلك بـالذي أحدث لهم من الفرائض والـحدود إذ آمنوا به، إلـى إيـمانهم بـالسالف من حدوده وفرائضه إيـمانا. كالذي قال جل ثناؤه فـي تنزيـله: {وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إيـمَانا فأمّا الّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إيـمَانا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمّا الّذِينَ فـي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسا إلـى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كافِرُونَ} فـالزيادة التـي زيدها الـمنافقون من الرجاسة إلـى رجاستهم هو ما وصفنا، والزيادة التـي زيدها الـمؤمنون إلـى إيـمانهم هو ما بـينا، وذلك هو التأويـل الـمـجمع علـيه. ذكر بعض من قال ذلك من أهل التأويـل:

١٥٥ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن مـحمد بن إسحاق عن مـحمد بن أبـي مـحمد مولـى زيد بن ثابت. عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبـير، عن ابن عبـاس : فَزَادَهُمُ اللّه مَرَضا قال: شكّا.

١٥٦ـ حدثنـي موسى بن هارون، قال: أخبرنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسبـاط عن السدي فـي خبر ذكره عن أبـي مالك، وعن أبـي صالـح، عن ابن عبـاس ، وعن مرّة الهمدانـي عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبـي صلى اللّه عليه وسلم: فَزَادَهُمُ اللّه مَرَضا

يقول: فزادهم اللّه ريبة وشكا.

١٥٧ـ حدثنـي الـمثنى بن إبراهيـم، قال: حدثنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن الـمبـارك قراءة عن سعيد عن قتادة: فَزَادَهُمُ اللّه مَرَضا

يقول: فزادهم اللّه ريبة وشكا فـي أمر اللّه .

١٥٨ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قول اللّه : فِـي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّه مَرَضا قال: زادهم رجسا. وقرأ قول اللّه عز وجل: {فأمّا الّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إيـمَانا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ وَأَمّا الّذِينَ فـي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسا إلـى رِجْسِهِمْ} قال: شرّا إلـى شرّهم، وضلالة إلـى ضلالتهم.

١٥٩ـ وحدثت عن عمار بن الـحسن، قال: حدثنا ابن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع: فَزَادَهُمُ اللّه مَرَضا قال زادهم اللّه شكا.

القول فـي تأويـل قوله تعالى: وَلهُمْ عَذَابٌ ألِـيـمٌ.

قال أبو جعفر: والألـيـم: هو الـموجع، ومعناه: ولهم عذاب مؤلـم، فصرف (مؤلـم) إلـى (ألـيـم)، كما يقال: ضرب وجيع بـمعنى موجع، واللّه بديع السموات والأرض بـمعنى مبدع. ومنه قول عمرو بن معد يكرب الزبـيدي:

أمِنْ رَيْحَانَةَ الدّاعِي السّمِيعُيُؤَرّقُنِـي وأصْحابـي هُجُوعُ

بـمعنى الـمُسْمِع. ومنه قول ذي الرمة:

وَيَرْفَعُ مِنْ صُدُور شَمَرْدلاتٍيَصُدّ وُجُوهَها وَهَجٌ ألِـيـمُ

ويروى (يصك)، وإنـما الألـيـم صفة للعذاب، كأنه قال: ولهم عذاب مؤلـم. وهو مأخوذ من الألـم، والألـم: الوجع. كما:

١٦٠ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد اللّه بن أبـي جعفر عن أبـيه عن الربـيع، قال: الألـيـم: الـموجع.

١٦١ـ حدثنا يعقوب، قال: حدثنا هشيـم، قال: أخبرنا جويبر، عن الضحاك قال: الألـيـم، الـموجع.

١٦٢ـ وحدثت عن الـمنـجاب بن الـحارث، قال: حدثنا بشر بن عمارة، عن أبـي روق، عن الضحاك في قوله ألِـيـمٌ قال: هو العذاب الـموجع، وكل شيء فـي القرآن من الألـيـم فهو الـموجع.

القول فـي تأويـل قوله تعالى: بِـمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ.

اختلفت القراءة فـي قراءة ذلك، فقرأه بعضهم: بِـمَا كانُوا يَكْذِبُونَ مخففة الذال مفتوحة الـياء، وهي قراءة معظم أهل الكوفة. وقرأه آخرون: يُكَذّبُونَ بضم الـياء وتشديد الذال، وهي قراءة معظم أهل الـمدينة والـحجاز والبصرة. وكأن الذين قرءوا ذلك بتشديد الذال وضم الـياء رأوا أن اللّه جل ثناؤه إنـما أوجب للـمنافقـين العذاب الألـيـم بتكذيبهم نبـيهم مـحمدا صلى اللّه عليه وسلم وبـما جاء به، وأن الكذب لولا التكذيب لا يوجب لأحد الـيسير من العذاب، فكيف بـالألـيـم منه؟

ولـيس الأمر فـي ذلك عندي كالذي قالوا وذلك أن اللّه عزّ وجلّ أنبأ عن الـمنافقـين فـي أول النبأ عنهم فـي هذه السورة بأنهم يكذبون بدعواهم الإيـمان وإظهارهم ذلك بألسنتهم خداعا للّه عزّ وجلّ ولرسوله وللـمؤمنـين،

فقال: {وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنّا بـاللّه وَبِـالـيَوْمِ الاَخِرِ وَمَا هُمْ بِـمُؤْمِنِـينَ يُخَادِعُونَ اللّه وَالّذِينَ آمَنُوا} بذلك من قـيـلهم مع استسرارهم الشك والريبة، وما يخدعون بصنـيعهم ذلك إلا أنفسهم دون رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم والـمؤمنـين، وما يشعرون بـموضع خديعتهم أنفسهم واستدراج اللّه عزّ وجل إياهم بإملائه لهم فـي قلوبهم شك أي نفـاق وريبة، واللّه زائدهم شكّا وريبة بـما كانوا يكذبون اللّه ورسوله والـمؤمنـين بقولهم بألسنتهم: آمَنّا بـاللّه وَبـالـيَوْمِ الاَخِرِ وهم فـي قـيـلهم ذلك كَذَبة لاستسرارهم الشك والـمرض فـي اعتقادات قلوبهم. فـي أمر اللّه وأمر رسوله صلى اللّه عليه وسلم، فأولـى فـي حكمة اللّه جل جلاله أن يكون الوعيد منه لهم علـى ما افتتـح به الـخبر عنهم من قبـيح أفعالهم وذميـم أخلاقهم، دون ما لـم يجز له ذكر من أفعالهم إذ كان سائر آيات تنزيـله بذلك نزل. وهو أن يفتتـح ذكر مـحاسن أفعال قوم ثم يختـم ذلك بـالوعيد علـى ما افتتـح به ذكره من أفعالهم، ويفتتـح ذكر مساوىء أفعال آخرين ثم يختـم ذلك بـالوعيد علـى ما ابتدأ به ذكره من أفعالهم. فكذلك الصحيح من القول فـي الاَيات التـي افتتـح فـيها ذكر بعض مساوىء أفعال الـمنافقـين أن يختـم ذلك بـالوعيد علـى ما افتتـح به ذكره من قبـائح أفعالهم، فهذا مع دلالة الآية الأخرى علـى صحة ما قلنا وشهادتها بأن الواجب من القراءة ما اخترنا، وأن الصواب من التأويـل ما تأوّلنا من أن وعيد اللّه الـمنافقـين فـي هذه الآية العذاب الألـيـم علـى الكذب الـجامع معنى الشك والتكذيب، وذلك قول اللّه تبـارك وتعالـى: {إذَا جاءَكَ الـمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إنّكَ لَرَسُولُ اللّه وَاللّه يَعْلَـمُ إنّكَ لَرَسُولُهُ واللّه يَشْهَدُ إنّ الـمُنافِقِـينَ لَكاذِبُونَ اتّـخَذُوا أيـمَانَهُمْ جُنّةً فَصَدوّا عَنْ سَبِـيـلِ اللّه إنّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ} والآية الأخرى فـي الـمـجادلة: {اتّـخَذوُا أيْـمَانَهُمْ جُنّةً فَصَدوّا عَنْ سَبِـيـلِ اللّه فَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} فأخبر جل ثناؤه أن الـمنافقـين بقـيـلهم ما قالوا لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، مع اعتقادهم فـيه ما هفم معتقدون، كاذبون. ثم أخبر تعالـى ذكره أن العذاب الـمهين لهم علـى ذلك من كذبهم. ولو كان الصحيح من القراءة علـى ما قرأه القارئون فـي سورة البقرة: وَلهُمْ عَذَابٌ ألـيِـمٌ بِـمَا كانُوا يُكذَبّوُنَ لكانت القراءة فـي السورة الأخرى: {واللّه يشهد إن الـمنافقـين لـمكذّبون}، لـيكون الوعيد لهم الذي هو عقـيب ذلك وعيدا علـى التكذيب، لا علـى الكذب.

وفـي إجماع الـمسلـمين علـى أن الصواب من القراءة في قوله: وَاللّه يَشْهَدُ إنّ الـمُنافَقِـينَ لَكاذِبُونَ بـمعنى الكذب، وأن إيعاد اللّه تبـارك وتعالـى فـيه الـمنافقـين العذاب الألـيـم علـى ذلك من كذبهم، أوضح الدلالة علـى أن الصحيح من القراءة فـي سورة البقرة: بـما كَانُوا يَكْذِبُون بـمعنى الكذب، وأن الوعيد من اللّه تعالـى ذكره للـمنافقـين فـيها علـى الكذب حق، لا علـى التكذيب الذي لـم يجز له ذكر نظير الذي فـي سورة الـمنافقـين سواء.

وقد زعم بعض نـحويـي البصرة أن (ما) من قول اللّه تبـارك اسمه: بِـمَا كانُوا يَكُذِبُون اسم للـمصدر، كما أن أن والفعل اسمان للـمصدر فـي قولك: أحبّ أن تأتـينـي، وأن الـمعنى إنـما هو بكذبهم وتكذيبهم

قال: وأدخـل (كان) لـيخبر أنه كان فـيـما مضى، كما يقال: ما أحسن ما كان عبد اللّه . فأنت تعجب من عبد اللّه لا من كونه، وإنـما وقع التعجب فـي اللفظ علـى كونه. وكان بعض نـحويـي الكوفة ينكر ذلك من قوله ويستـخطئه و

يقول: إنـما ألغيت (كان) فـي التعجب لأن الفعل قد تقدمها، فكأنه قال: (حسنا كان زيد)، (وحسن كان زيد) يبطل (كان)، ويعمل مع الأسماء والصفـات التـي بألفـاظ الأسماء إذا جاءت قبل (كان) ووقعت (كان) بـينها وبـين الأسماء.

وأما العلة فـي إبطالها إذا أبطلت فـي هذه الـحال فشبه الصفـات والأسماء بفعل ويفعل اللتـين لا يظهر عمل كان فـيهما، ألا ترى أنك تقول: (يقوم كان زيد)، ولا يظهر عمل (كان) فـي (يقوم)، وكذلك (قام كان زيد). فلذلك أبطل عملها مع فـاعل تـمثـيلاً بفعل ويفعل، وأعملت مع فـاعل أحيانا لأنه اسم كما تعمل فـي الأسماء. فأما إذا تقدمت (كان) الأسماء والأفعال وكان الاسم والفعل بعدها، فخطأ عنده أن تكون (كان) مبطلة فلذلك أحال قول البصري الذي حكيناه، وتأوّل قوله اللّه عزّ وجل: بِـمَا كانُوا يَكذْبِوُنَ أنه بـمعنى: الذي يكذبونه.

﴿ ١٠