٢٤

القول فـي تأويـل قوله تعالى:

{فَإِن لّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتّقُواْ النّارَ الّتِي وَقُودُهَا النّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدّتْ لِلْكَافِرِينَ }

قال أبو جعفر: يعنـي تعالـى بقوله: فإنْ لَـمْ تَفْعَلُوا: إن لـم تأتوا بسورة من مثله، وقد تظاهرتـم أنتـم وشركاؤكم علـيه وأعوانكم. فتبـين لكم بـامتـحانكم واختبـاركم عجزكم وعجز جميع خـلقـي عنه، وعلـمتـم أنه من عندي، ثم أقمتـم علـى التكذيب بهوقوله: وَلَنْ تَفْعَلُوا أي لن تأتوا بسورة من مثله أبدا. كما:

٢٩٦ـ حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة: فإنْ لَـمْ تَفْعَلُوا ولَنْ تَفْعَلُوا أي لا تقدرون علـى ذلك ولا تطيقونه.

٢٩٧ـ وحدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، عن مـحمد بن أبـي مـحمد، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبـير، عن ابن عبـاس : فإنْ لَـمْ تَفْعَلُوا ولَنْ تَفْعَلُوا فقد بـين لكم الـحقّ.

القول فـي تأويـل قوله تعالى: فـاتقُوا النّارَ الّتِـي وَقُودُها النّاسِ وَالْـحِجَارَةُ.

قال أبو جعفر: يعنـي جل ثناؤه بقوله: فـاتّقُوا النّارَ

يقول: فـاتقوا أن تَصْلَوا النار بتكذيبكم رسولـي بـما جاءكم به من عندي أنه من وحيـي وتنزيـلـي، بعد تبـينكم أنه كتابـي ومن عندي، وقـيام الـحجة علـيكم بأنه كلامي ووحيـي، بعجزكم وعجز جميع خـلقـي عن أن يأتوا بـمثله. ثم وصف جل ثناؤه النار التـي حذرهم صِلِـيّها، فأخبرهم أن الناس وقودها، وأن الـحجارة وقودها،

فقال: الّتِـي وَقُودُهَا النّاسُ والـحِجارَةُ يعنـي بقوله وقودها: حطبها، والعرب تـجعله مصدرا، وهو اسم إذا فتـحت الواو بـمنزلة الـحطب، فإذا ضمت الواو من الوقود كان مصدرا من قول القائل: وقدت النار فهي تقد وُقودا وقِدَةً وَوَقَدَانا ووَقْدا، يراد بذلك أنها التهبت.

فإن قال قائل: وكيف خُصّت الـحجارة فقرنت بـالناس حتـى جعلت لنار جهنـم حطبـا؟

قـيـل: إنها حجارة الكبريت، وهي أشدّ الـحجارة فـيـما بلغنا حرّا إذا أحميت. كما:

٢٩٨ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا أبو معاوية، عن مسعر، عن عبد الـملك بن ميسرة الزراد، عن عبد الرحمن بن سابط، عن عمرو بن ميـمون، عن عبد اللّه في قوله: وَقُودُهَا النّاسُ وَالـحجارَةُ قال: هي حجارة من كبريت خـلقها اللّه يوم خـلق السموات والأرض فـي السماء الدنـيا يعدّها للكافرين.

٢٩٩ـ وحدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أنبأنا عبد الرزاق، قال: أنبأنا ابن عيـينة، عن مسعر عن عبد الـملك الزرّاد عن عمرو بن ميـمون، عن ابن مسعود في قوله: وَقُودُها النّاسُ والـحجارَةُ قال: حجارة الكبريت جعلها اللّه كما شاء.

٣٠٠ـ وحدثنـي موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسبـاط عن السدي فـي خبر ذكره عن أبـي مالك، وعن أبـي صالـح، عن ابن عبـاس ، وعن مرة، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبـي صلى اللّه عليه وسلم: اتّقُوا النّارَ الّتِـي وَقُودُها النّاسُ وَالـحِجَارَةِ أما الـحجارة فهي حجارة فـي النار من كبريت أسود يعذّبون به مع النار.

٣٠١ـ وحدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: حدثنـي حجاج، عن ابن جريج في قوله: وَقُودُها النّاسُ والـحجارَةُ قال: حجارة من كبريت أسود فـي النار

قال: وقال لـي عمرو بن دينار: حجارة أصلب من هذه وأعظم.

حدثنا سفـيان بن وكيع، قال: حدثنا أبـي عن مسعر، عن عبد الـملك بن ميسرة، عن عبد الرحمن بن سابط، عن عمرو بن ميـمون عن عبد اللّه بن مسعود، قال: حجارة من الكبريت خـلقها اللّه عنده كيف وشاء وكما شاء.

القول فـي تأويـل قوله تعالى: أُعِدّتْ للكافِرِينَ.

قد دللنا فـيـما مضى من كتابنا هذا علـى أن الكافر فـي كلام العرب هو الساتر شيئا بغطاء، وأن اللّه جل ثناؤه إنـما سمى الكافر كافرا لـجحوده آلاءه عنده، وتغطيته نعماءه قبله فمعنى قوله إذا: أُعِدّتْ لِلْكَافِرِينَ: أعدّت النار للـجاحدين أن اللّه ربهم الـمتوحد بخـلقهم وخَـلْق الذين من قبلهم، الذي جعل لهم الأرض فراشا، والسماء بناءً، وأنزل من السماء ماءً، فأخرج به من الثمرات رزقا لهم، الـمشركين معه فـي عبـادته الأنداد والاَلهة، وهو الـمتفرّد لهم بـالإنشاء والـمتوحد بـالأقوات والأرزاق. كما:

٣٠٢ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن مـحمد بن إسحاق، عن مـحمد بن أبـي مـحمد مولـى زيد بن ثابت، عن عكرمة، أو عن سعيد، عن ابن عبـاس : أُعِدّتْ للْكافِرِينَ أي لـمن كان علـى مثل ما أنتـم علـيه من الكفر.

﴿ ٢٤