٤٠القول فـي تأويـل قوله تعالى: {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِيَ أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيّايَ فَارْهَبُونِ } قال أبو جعفر: يعنـي بقوله جل ثناؤه: يا بَنِـي إسْرَائِيـلَ: يا ولد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيـم خـلـيـل الرحمن وكان يعقوب يدعى إسرائيـل، بـمعنى عبد اللّه وصفوته من خـلقه وإيـل هو اللّه وإسرا: هو العبد، كما قـيـل جبريـل بـمعنى عبد اللّه . وكما: ٥٤٤ـ حدثنا ابن حميد، حدثنا جرير عن الأعمش، عن إسماعيـل بن رجاء، عن عمير مولـى ابن عبـاس ، عن ابن عبـاس : إن إسرائيـل كقولك عبد اللّه . ٥٤٥ـ وحدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن الأعمش، عن الـمنهال، عن عبد اللّه بن الـحارث، قال: إيـل: اللّه بـالعبرانـية. وإنـما خاطب اللّه جل ثناؤه بقوله: يا بَنِـي إسْرَائِيـلَ أحبـار الـيهود من بنـي إسرائيـل الذين كانوا بـين ظهرانـي مهاجر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فنسبهم جلّ ذكره إلـى يعقوب، كما نسب ذرية آدم إلـى آدم، فقال: يا بَنِـي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلّ مَسْجِدٍ وما أشبه ذلك. وإنـما خصهم بـالـخطاب فـي هذه الآية والتـي بعدها من الاَي التـي ذكرهم فـيها نعمه، وإن كان قد تقدم ما أنزل فـيهم وفـي غيرهم فـي أول هذه السورة ما قد تقدم أن الذي احتـجّ به من الـحجج والاَيات التـي فـيها أنبـاء أسلافهم وأخبـار أوائلهم، وقصص الأمور التـي هم بعلـمها مخصوصون دون غيرهم من سائر الأمـم لـيس عند غيرهم من العلـم بصحته، وحقـيقته مثل الذي لهم من العلـم به إلا لـمن اقتبس علـم ذلك منهم. فعرّفهم بـاطلاع مـحمد علـى علـمها مع بعد قومه وعشيرته من معرفتها، وقلة مزاولة مـحمد صلى اللّه عليه وسلم دراسة الكتب التـي فـيها أنبـاء ذلك، أن مـحمدا صلى اللّه عليه وسلم لـم يصل إلـى علـم ذلك إلا بوحي من اللّه وتنزيـل منه ذلك إلـيه لأنهم من علـم صحة ذلك بـمـحل لـيس به من الأمـم غيرهم. فلذلك جل ثناؤه خصّ بقوله: يا بَنِـي إسْرَائِيـلَ خطابهم كما: ٥٤٦ـ حدثنا به ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة عن ابن إسحاق، عن مـحمد بن أبـي مـحمد، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبـير عن ابن عبـاس قوله: يا بَنِـي إسْرَائِيـلَ قال: يا أهل الكتاب للأحبـار من يهود. القول فـي تأويـل قوله تعالى: اذْكُرُوا نِعْمَتِـي التِـي أنْعَمْتُ عَلَـيْكُمْ. قال أبو جعفر: ونعمته التـي أنعم بها علـى بنـي إسرائيـل جل ذكره اصطفـاؤه منهم الرسل، وإنزاله علـيهم الكتب، واستنقاذه إياهم مـما كانوا فـيه من البلاء والضرّاء من فرعون وقومه، إلـى التـمكين لهم فـي الأرض، وتفجير عيون الـماء من الـحجر، وإطعام الـمنّ والسلوى. فأمر جل ثناؤه أعقابهم أن يكون ما سلف منه إلـى آبـائهم علـى ذكر، وأن لا ينسوا صنـيعه إلـى أسلافهم وآبـائهم، فـيحلّ بهم من النقم ما أحل بـمن نسي نعمه عنده منهم وكفرها وجحد صنائعه عنده. كما: ٥٤٧ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن مـحمد بن إسحاق، عن مـحمد بن أبـي مـحمد مولـى زيد بن ثابت، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبـير، عن ابن عبـاس : اذْكُرُوا نَعْمَتِـي التـي أنْعَمْتُ عَلَـيْكُمْ أي آلائي عندكم وعند آبـائكم لـما كان نـجاهم به من فرعون وقومه. ٥٤٨ـ وحدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا أبو جعفر، عن الربـيع، عن أبـي العالـية في قوله: اذْكُرُوا نِعْمَتِـيَ قال: نعمته أن جعل منهم الأنبـياء والرسل، وأنزل علـيهم الكتب. ٥٤٩ـ وحدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: اذْكُرُوا نِعْمَتِـيَ التِـي أنْعَمْتُ عَلَـيْكُمْ يعنـي نعمته التـي أنعم علـى بنـي إسرائيـل فـيـما سمي وفـيـما سوى ذلك، فجر لهم الـحجر، وأنزل علـيهم الـمنّ والسلوى، وأنـجاهم عن عبودية آل فرعون. ٥٥٠ـ وحدثنـي يونس بن عبد الأعلـى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: نِعمتـي الّتِـي أنْعَمْتُ عَلَـيْكُمْ قال: نعمه عامة، ولا نعمة أفضل من الإسلام، والنعم بعد تبعَ لها. وقرأ قول اللّه يَـمُنّونَ عَلَـيْكَ أنْ أسْلَـمُوا قُلْ لاَ تَـمُنّوا عَلَـيّ إسْلاَمَكُمْ الآية. وتذكير اللّه الذين ذكرهم جل ثناؤه بهذه الآية من نعمه علـى لسان رسوله مـحمد صلى اللّه عليه وسلم، نظير تذكير موسى صلوات اللّه علـيه أسلافهم علـى عهده الذي أخبر اللّه عنه أنه قال لهم. وذلك قوله: وَإذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّه عَلَـيْكُمْ إذْ جَعَلَ فِـيكُمْ أنْبِـياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلوكا وآتاكُمْ ما لَـمْ يُؤْتِ أحَدا مِنَ العَالَـمِينَ. القول فـي تأويـل قوله تعالى: وأوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ. قال أبو جعفر: قد تقدم بـياننا معنى العهد فـيـما مضى من كتابنا هذا واختلاف الـمختلفـين فـي تأويـله والصوابُ عندنا من القول فـيه. وهو فـي هذا الـموضع عهد اللّه ووصيته التـي أخذ علـى بنـي إسرائيـل فـي التوراة أن يبـينوا للناس أمر مـحمد صلى اللّه عليه وسلم أنه رسول، وأنهم يجدونه مكتوبـا عندهم فـي التوراة أنه نبـيّ اللّه ، وأن يؤمنوا به وبـما جاء به من عند اللّه . أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وعهده إياهم: أنهم إذا فعلوا ذلك أدخـلهم الـجنة، كما قال جل ثناؤه: وَلَقَدْ أَخَذَ اللّه مِيثاقَ بَنِـي إسْرَائِيـلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمْ اثْنَـي عَشَرَ نَقِـيبـا الآية، وكما قال: فَسأكْتُبُها للّذِينَ يَتّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزّكَاةَ وَالّذِينَ هُمْ بآياتنا يُؤْمِنُونَ الّذِينَ يَتّبِعُونَ الرّسُولَ النّبِـيّ أُلامّيّ الآية. وكما: ٥٥١ـ حدثنا به ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة بن الفضل، عن ابن إسحاق، عن مـحمد بن أبـي مـحمد مولـى زيد بن ثابت، عن عكرمة، أو سعيد بن جبـير، عن ابن عبـاس : وأوْفُوا بعَهْدِي الذي أخذت فـي أعناقكم للنبـي صلى اللّه عليه وسلم إذا جاءكم. أُوفِ بعَهْدِكُمْ: أي أنـجز لكم ما وعدتكم علـيه بتصديقه واتبـاعه، بوضع ما كان علـيكم من الإصر والأغلال التـي كانت فـي أعناقكم بذنوبكم التـي كانت من أحداثكم. ٥٥٢ـ وحدثنا الـمثنى، قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا أبو جعفر، عن الربـيع، عن أبـي العالـية في قوله: أوفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ قال: عهده إلـى عبـاده: دين الإسلام أن يتبعوه. أُوفِ بِعَهْدِكُمْ يعنـي الـجنة. ٥٥٣ـ وحدثنا موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسبـاط، عن السدي: أوْفُوا بعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ أما أوفوا بعهدي: فما عهدت إلـيكم فـي الكتاب، وأما أوف بعهدكم: فـالـجنة، عهدت إلـيكم أنكم إن عملتـم بطاعتـي أدخـلتكم الـجنة. ٥٥٤ـ وحدثنـي القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: حدثنـي حجاج، عن ابن جريج في قوله: وأوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ قال: ذلك الـميثاق الذي أخذ علـيهم فـي الـمائدة وَلَقَدْ أَخَذَ اللّه مِيثاقَ بَنـي إسْرَائِيـلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَـي عَشَرَ نَقِـيبـا إلـى آخر الآية. فهذا عهد اللّه الذي عهد إلـيهم، وهو عهد اللّه فـينا، فمن أوفـى بعهد اللّه وفـى اللّه له بعهده. ٥٥٥ـ وحدثت عن الـمنـجاب، قال: حدثنا بشر، عن أبـي روق، عن الضحاك ، عن ابن عبـاس في قوله: وأُوفُوا بِعَهْدِي أوفِ بِعَهْدِكُمْ يقول: أوفوا بـما أمرتكم به من طاعتـي ونهيتكم عنه من معصيتـي فـي النبـي صلى اللّه عليه وسلم وفـي غيره أوف بعهدكم يقول: أرض عنكم وأدخـلكم الـجنة. ٥٥٦ـ وحدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: وأُوْفوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ قال: أوفوا بأمري، أوف بـالذي وعدتكم، وقرأ: إنّ اللّه اشْتَرَى مِنَ الـمُؤْمِنِـينَ أنُفُسَهُمْ وأمُوَالَهُمْ حتـى بلغ: وَمَنْ أَوْفـى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّه قال: هذا عهده الذي عهده لهم. القول فـي تأويـل قوله تعالى: وَإِيّايَ فـارْهَبُونِ. قال أبو جعفر: وتأويـل قوله: وَإِيّايَ فَـارْهَبُونِ وإياي فـاخشوا، واتقوا أيها الـمضيعون عهدي من بنـي إسرائيـل والـمكذّبون رسولـي الذي أخذت ميثاقكم فـيـما أنزلت من الكتب علـى أنبـيائي أن تؤمنوا به وتتبعوه، أن أحلّ بكم من عقوبتـي، إن لـم تنـيبوا وتتوبوا إلـيّ بـاتبـاعه والإقرار بـما أنزلت إلـيه ما أحللت بـمن خالف أمري وكذّب رسلـي من أسلافكم. كما: ٥٥٧ـ حدثنـي به مـحمد بن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، عن مـحمد بن أبـي مـحمد مولـى زيد بن ثابت، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبـير، عن ابن عبـاس : وَإيّايَ فَـارْهَبُونِ أن أنزل بكم ما أنزلت بـمن كان قبلكم من آبـائكم من النقمات التـي قد عرفتـم من الـمسخ وغيره. ٥٥٨ـ وحدثنا الـمثنى بن إبراهيـم، قال: حدثنـي آدم العسقلانـي، قال: حدثنا أبو جعفر، عن الربـيع، عن أبـي العالـية في قوله: وَإيّايَ فَـارْهَبُونِ يقول: فـاخشون. ٥٥٩ـ وحدثنـي موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسبـاط، عن السدي: وَإِيّايَ فَـارْهَبُونِ بقول: وإياي فـاخشون. |
﴿ ٤٠ ﴾