٤٧القول فـي تأويـل قوله تعالى: {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِي الّتِيَ أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنّي فَضّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ } قال أبو جعفر: وتأويـل ذلك فـي هذه الآية نظير تأويـله فـي التـي قبلها في قوله: اذْكُرُوا نِعْمَتِـي الّتِـي أنْعَمْتُ عَلَـيْكُمْ وأوْفُوا بعَهْدِي وقد ذكرته هنالك. القول فـي تأويـل قوله تعالى: وأنّـي فَضّلْتُكُمْ علـى العَالـمِينَ. قال أبو جعفر: وهذا أيضا مـما ذكرهم جل ثناؤه من آلائه ونعمه عندهم. ويعنـي بقوله: وأنّـي فَضّلْتُكُمْ عَلـى العَالَـمِينَ: أنـي فضلت أسلافكم، فنسب نعمه علـى آبـائهم وأسلافهم إلـى أنها نعم منه علـيهم، إذ كانت مآثر الاَبـاء مآثر للأبناء، والنعم عند الاَبـاء نعما عند الأبناء، لكون الأبناء من الاَبـاء، وأخرج جلّ ذكره قوله: وأنّـي فَضّلْتُكُمْ علـى العَالَـمِينَ مخرج العموم، وهو يريد به خصوصا لأن الـمعنى: وإنـي فضلتكم علـى عالـم من كنتـم بـين ظهريه وفـي زمانه. كالذي: ٦٠٥ـ حدثنا به مـحمد بن عبد الأعلـى الصنعانـي، قال: حدثنا مـحمد بن ثور، عن معمر، وحدثنا الـحسن بن يحيى، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة: وأنّـي فَضّلْتُكُمْ عَلـى العَالَـمِينَ قال: فضلهم علـى عالـم ذلك الزمان. ٦٠٦ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا أبو جعفر، عن الربـيع، عن أبـي العالـية: وأنّـي فَضّلْتُكُمْ عَلَـى العَالَـمِينَ قال: بـما أعطوا من الـملك والرسل والكتب علـى عالـم من كان فـي ذلك الزمان، فإن لكل زمان عالـما. ٦٠٧ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: حدثنـي حجاج، عن ابن جريج، قال: قال مـجاهد في قوله: وأنّـي فَضّلْتُكُمْ عَلَـى العَالَـمِينَ قال: علـى من هم بـين ظهرانـيه. وحدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قال: علـى من هم بـين ظهرانـيه. ٦٠٨ـ وحدثنـي يونس بن عبد الأعلـى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: سألت ابن زيد عن قول اللّه : وأنّـي فَضّلْتُكُمْ عَلَـى العَالَـمِينَ قال: عالـم أهل ذلك الزمان. وقرأ قول اللّه : وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَـى عِلْـمٍ عَلـى العَالَـمِينَ قال: هذه لـمن أطاعه واتبع أمره، وقد كان فـيهم القردة وهم أبغض خـلقه إلـيه، وقال لهذه الأمة: كُنْتُـمْ خَيْرَ أُمّةٍ أُخْرِجَتْ للنّاسِ قال: هذه لـمن أطاع اللّه واتبع أمره واجتنب مـحارمه. قال أبو جعفر: والدلـيـل علـى صحة ما قلنا من أن تأويـل ذلك علـى الـخصوص الذي وصفنا ما: ٦٠٩ـ حدثنـي به يعقوب بن إبراهيـم، قال: حدثنا ابن علـية، وحدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر جميعا، عن بهز بن حكيـم، عن أبـيه، عن جده. قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: (ألا إنّكُمْ وَفّـيْتُـمْ سَبْعِين أُمّةً) قال يعقوب فـي حديثه: (أنتـم آخرها) وقال الـحسن: (أنتـم خيرها وأكرمها علـى اللّه ). فقد أنبأ هذا الـخبر عن النبـيّ صلى اللّه عليه وسلم أن بنـي إسرائيـل لـم يكونوا مفضلـين علـى أمة مـحمد علـيه الصلاة والسلام، وأن معنى قوله: وَفَضّلْناهُمْ عَلَـى العَالَـمِينَ وقوله: وأنّـي فَضّلْتُكُمْ عَلـى العَالَـمِينَ علـى ما بـينا من تأويـله. وقد أتـينا علـى بـيان تأويـل قوله: العَالَـمِينَ بـما فـيه الكفـاية فـي غير هذا الـموضع، فأغنى ذلك عن إعادته. |
﴿ ٤٧ ﴾