٦٠

القول فـي تأويـل قوله تعالى:

{وَإِذِ اسْتَسْقَىَ مُوسَىَ لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بّعَصَاكَ الْحَجَرَ.......}

عنـي بقوله: وَإِذِ اسْتَسْقَـى مُوسَى لِقَوْمِهِ: وإذ استسقانا موسى لقومه: أي سألنا أن نسقـي قومه ماء. فترك ذكر الـمسؤول ذلك، والـمعنى الذي سأل موسى، إذ كان فـيـما ذكر من الكلام الظاهر دلالة علـى معنى ما ترك. وكذلك قوله: فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الـحَجَرَ فَـانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْنا مـما استغنـي بدلالة الظاهر علـى الـمتروك منه. وذلك أن معنى الكلام، فقلنا: اضرب بعصاك الـحجر، فضربه فـانفجرت. فترك ذكر الـخبر عن ضرب موسى الـحجر، إذ كان فـيـما ذكر دلالة علـى الـمراد منه. وكذلك قوله: قَدْ عَلِـمَ كُلّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ إنـما معناه: قد علـم كل أناس منهم مشربهم، فترك ذكر منهم لدلالة الكلام علـيه. وقد دللنا فـيـما مضى علـى أن الناس جمع لا واحد له من لفظه، وأن الإنسان لو جمع علـى لفظه لقـيـل: أناسيّ وأناسية. وقوم موسى هم بنو إسرائيـل الذين قصّ اللّه عز وجل قصصهم فـي هذه الآيات

، وإنـما استسقـى لهم ربه الـماء فـي الـحال التـي تاهوا فـيها فـي التـيه، كما:

٧٥٢ـ حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد بن زريع، عن سعيد بن أبـي عروبة، عن قتادة قوله: وَإِذِ اسْتَسْقَـى مُوسَى لِقَوْمِهِ الآية قال: كان هذا إذ هم فـي البرية اشتكوا إلـى نبـيهم الظمأ، فأمروا بحجر طوريّ أي من الطور أن يضربه موسى بعصاه، فكانوا يحملونه معهم، فإذا نزلوا ضربه موسى بعصاه، فـانفجرت منه اثنتا عشرة عينا، لكل سبط عين معلومة مستفـيض ماؤها لهم.

٧٥٣ـ حدثنـي تـميـم بن الـمنتصر، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: حدثنا أصبغ بن زيد، عن القاسم بن أبـي أيوب، عن سعيد بن جبـير، عن ابن عبـاس ، قال: ذلك فـي التـيه ظلل علـيهم الغمام، وأنزل علـيهم الـمنّ والسلوى، وجعل لهم ثـيابـا لا تبلـى ولا تتسخ، وجعل بـين ظهرانـيهم حجر مربّع، وأمر موسى فضرب بعصاه الـحجر، فـانفجرت منه اثنتا عشرة عينا فـي كل ناحية منه ثلاث عيون، لكل سبط عين، ولا يرتـحلون مَنْقلة إلا وجدوا ذلك الـحجر معهم بـالـمكان الذي كان به معهم فـي الـمنزل الأول.

٧٥٤ـ حدثنـي عبد الكريـم، قال: أخبرنا إبراهيـم بن بشار، قال: حدثنا سفـيان، عن أبـي سعيد، عن عكرمة عن ابن عبـاس ، قال: ذلك فـي التـيه، ضرب لهم موسى الـحجر، فصار فـيه اثنتا عشرة عينا من ماء، لكل سبط منهم عين يشربون منها.

٧٥٥ـ وحدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الـحَجَرَ فـانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْنا لكل سبط منهم عين، كل ذلك كان فـي تـيههم حين تاهوا.

حدثنا القاسم بن الـحسن، قال: حدثنا الـحسين، قال: حدثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد قوله: وَإذِ اسْتَسْقَـى مُوسَى لِقَوْمِهِ قال: خافوا الظمأ فـي تـيههم حين تاهوا، فـانفجر لهم الـحجر اثنتـي عشرة عينا ضربه موسى. قال ابن جريج،

قال ابن عبـاس : الأسبـاط: بنو يعقوب كانوا اثنـي عشر رجلاً كل واحد منهم ولد سبطا أمّة من الناس.

٧٥٦ـ وحدثنـي يونس بن عبد الأعلـى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: استسقـى لهم موسى فـي التـيه، فسقوا فـي حجر مثل رأس الشاة

قال: يـلقونه فـي جوانب الـجوالق إذا ارتـحلوا، ويقرعه موسى بـالعصا إذا نزل، فتنفجر منه اثنتا عشرة عينا، لكل سبط منهم عين. فكان بنو إسرائيـل يشربون منه، حتـى إذا كان الرحيـل استـمسكت العيون، وقـيـل به فألقـي فـي جانب الـجوالق، فإذا نزل رُمي به. فقرعه بـالعصا، فتفجرت عين من كل ناحية مثل البحر.

٧٥٧ـ حدثنـي موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنـي أسبـاط، عن السدي، قال: كان ذلك فـي التـيه.

وأما قوله: قَدْ عَلِـمَ كُلّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ فإنـما أخبر اللّه عنهم بذلك، لأن معناهم فـي الذي أخرج اللّه جل وعز لهم من الـحجر الذي وصف جل ذكره فـي هذه الآية صفته من الشرب كان مخالفـا معانـي سائر الـخـلق عن ذكره ما ترك ذكره. وذلك أن تأويـل الكلام: فَقُلْنَا اضْرِبْ بعَصَاكَ الـحَجَرَ فضربه فـانفجرت منه اثنتا عشرة عينا، قد علـم كل أناس مشربهم، فقـيـل لهم: كلوا واشربوا من رزق اللّه أخبر اللّه جل ثناؤه أنه أمرهم بأكل ما رزقهم فـي التـيه من الـمنّ والسلوى، وبشرب ما فجر لهم فـيه من الـماء من الـحجر الـمتعاور الذي لا قرار له فـي الأرض ولا سبـيـل إلـيه لـمالكيه يتدفق بعيون الـماء ويزخر بـينابـيع العذب الفرات بقدرة ذي الـجلال والإِكرام ثم تقدم جل ذكره إلـيهم مع إبـاحتهم ما أبـاح وإنعامه علـيهم بـما أنعم به علـيهم من العيش الهنـيء بـالنهي عن السعي فـي الأرض فسادا والعثا فـيها استكبـارا فقال جل ثناؤه: لهم ولا تعثوا فـي الأرض مفسدين

القول فـي تأويـل قوله تعالى: {ولا تعثوا فـي الأرض مفسدين} يعنـي بقوله لا تعثوا لا تطغوا ولا تسعوا فـي الأرض مفسدين كما:

٧٥٨ـ حدثنـي به الـمثنى، قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا أبو جعفر، عن الربـيع، عن أبـي العالـية: وَلا تَعْثَوْا فِـي الأرْضِ مُفْسِدِينَ

يقول: لا تسعوا فـي الأرض فسادا.

٧٥٩ـ حدلا تَعْثَوْا لا تطغوا، ولا تسعوا فـي الأرض مفسدين. كما:

٧٦٠ـ حدثنـي به الـمثنى، قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا أبو جعفر، عن الربـيع، عن أبـي العالـية: وَلا تَعْثَوْا فِـي الأرْضِ مُفْسِدِينَ

يقول: لا تسعوا فـي الأرض فسادا.

٧٦١ـ حدلا تَعْثَوْا لا تطغوا، ولا تسعوا فـي الأرض مفسدين. كما:

٧٦٢ـ حدثنـي به الـمثنى، قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا أبو جعفر، عن الربـيع، عن أبـي العالـية: وَلا تَعْثَوْا فِـي الأرْضِ مُفْسِدِينَ

يقول: لا تسعوا فـي الأرض فسادا.

٧٦٣ـ حدلا تَعْثَوْا لا تطغوا، ولا تسعوا فـي الأرض مفسدين. كما:

٧٦٤ـ حدثنـي به الـمثنى، قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا أبو جعفر، عن الربـيع، عن أبـي العالـية: وَلا تَعْثَوْا فِـي الأرْضِ مُفْسِدِينَ

يقول: لا تسعوا فـي الأرض فسادا.

٧٦٥ـ حدلا تَعْثَوْا لا تطغوا، ولا تسعوا فـي الأرض مفسدين. كما:

٧٦٦ـ حدثنـي به الـمثنى، قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا أبو جعفر، عن الربـيع، عن أبـي العالـية: وَلا تَعْثَوْا فِـي الأرْضِ مُفْسِدِينَ

يقول: لا تسعوا فـي الأرض فسادا.

٧٦٧ـ حدلا تَعْثَوْا لا تطغوا، ولا تسعوا فـي الأرض مفسدين. كما:

٧٦٨ـ حدثنـي به الـمثنى، قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا أبو جعفر، عن الربـيع، عن أبـي العالـية: وَلا تَعْثَوْا فِـي الأرْضِ مُفْسِدِينَ

يقول: لا تسعوا فـي الأرض فسادا.

٧٦٩ـ حد لن نطيق حبس أنفسنا علـى طعام واحد وذلك الطعام الواحد هو ما أخبر اللّه جل ثناؤه أنه أطعمهموه فـي تـيههم وهو السلوى فـي قول بعض أهل التأويـل، وفـي قول وهب بن منبه هو الـخبز النّقـيّ مع اللـحم فـاسأل لنا ربك يخرج لنا مـما تنبت الأرض من البقل والقثاء. وما سمى اللّه مع ذلك وذكر أنهم سألوه موسى. وكان سبب مسألتهم موسى ذلك فـيـما بلغنا، ما:

٧٧٠ـ حدثنا به بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: وَإذْ قُلْتُـمْ يا مُوسَى لَنْ نَصْبِر علـى طَعامٍ وَاحِدٍ قال: كان القوم فـي البرية قد ظلل علـيهم الغمام، وأنزل علـيهم الـمنّ والسلوى، فملوا ذلك، وذكروا عيشا كان لهم بـمصر، فسألوه موسى، فقال اللّه تعالـى: اهْبِطُوا مِصْرا فإنّ لَكُمْ ما سألْتُـمْ.

حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: لَنْ نَصْبِرَ علـى طَعامٍ وَاحِدٍ قال: ملوا طعامهم، وذكروا عيشهم الذي كانوا فـيه قبل ذلك، قالُوا ادْعُ لَنّا ربّكَ يُخْرِجْ لَنا مِـمّا تُنْبِتُ الأرْضُ مِنْ بَقْلِها وَقِثائِها وَفُومِها... الآية.

٧٧١ـ حدثنـي الـمثنى بن إبراهيـم، قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا أبو جعفر، عن الربـيع، عن أبـي العالـية في قوله: وَإذْ قُلْتُـمْ يا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ علـى طعَامٍ وَاحِدٍ قال: كان طعامهم السلوى، وشرابهم الـمنّ، فسألوا ما ذكر، فقـيـل لهم: اهْبِطُوا مِصْرا فإنّ لَكُمْ ما سألْتُـمْ.

قال أبو جعفر، وقال قتادة: إنهم لـما قدموا الشأم فقدوا أطعمتهم التـي كانوا يأكلونها،

فقالوا: ادْعُ لَنَا رَبّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِـمّا تُنْبِتُ الأرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثّائِها وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا وكانوا قد ظلل علـيهم الغمام وأنزل علـيهم الـمنّ والسلوى، فملوا ذلك، وذكروا عيشا كانوا فـيه بـمصر.

٧٧٢ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، قال: سمعت ابن أبـي نـجيح في قوله عزّ وجل: لَنْ نَصْبِرَ علـى طَعامٍ وَاحِدٍ الـمنّ والسلوى، فـاستبدلوا به البقل وما ذكر معه.

٧٧٣ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد بـمثله سواء.

حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: حدثنا حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد بـمثله.

٧٧٤ـ حدثنـي موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسبـاط، عن السدي: أعطوا فـي التـيه ما أعطوا، فملوا ذلك.

﴿ ٦٠