١٨٠القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ ...} يعنـي بقوله تعالـى ذكره: كتب علـيكم: فرض علـيكم أيها الـمؤمنون الوصية إذا حضر أحدكم الـموت إنْ تَرَكَ خَيْرا والـخير: الـمال، للْوَالِدَيْن وَالأقْرَبـينَ الذين لا يرثونه، بـالـمَعْرُوفِ وهو ما أذن اللّه فـيه وأجازه فـي الوصية مـما لـم يجاوز الثلث، ولـم يتعمد الـموصي ظلـم ورثته، حَقّا علـى الـمُتّقـين، يعنـي بذلك: فرض علـيكم هذا وأوجبه، وجعله حقّا واجبـا علـى من اتقـى اللّه فأطاعه أن يعمل به. فإن قال قائل: أَوَ فرض علـى الرجل ذي الـمال أن يوصي لوالديه وأقربـيه الذين لا يرثونه؟ قـيـل: نعم. فإن قال: فإن هو فرّط فـي ذلك فلـم يوص لهم أيكون مضيعا فرضا يحرج بتضيـيعه؟ قـيـل: نعم. فإن قال: وما الدلالة علـى ذلك؟ قـيـل: قول اللّه تعالـى ذكره: كُتِبَ عَلَـيكُمْ إذَا حَضَرَ أحَدَكُمُ الـمَوْتُ إنْ تَرَكَ خَيْرا الوَصِيّةُ للْوَالِدَيْنِ والأقْرَبِـين فأعلـم أنه قد كتبه علـينا وفرضه، كما قال: كُتِبَ عَلَـيْكُمُ الصّيامُ ولا خلاف بـين الـجميع أن تارك الصيام وهو علـيه قادر مضيع بتركه فرضا للّه علـيه، فكذلك هو بترك الوصية لوالديه وأقربـيه وله ما يوصي لهم فـيه، مضيعٌ فرض اللّه عز وجل. فإن قال: فإنك قد علـمت أن جماعة من أهل العلـم قالوا: الوَصِيّةُ للْوَالِدَيْن وَالأقْرَبـينَ منسوخة بآية الـميراث؟ قـيـل له: وخالفهم جماعة غيرهم فقالوا: هي مـحكمة غير منسوخة: وإذا كان فـي نسخ ذلك تنازع بـين أهل العلـم لـم يكن لنا القضاء علـيه بأنه منسوخ إلا بحجة يجب التسلـيـم لها، إذ كان غير مستـحيـل اجتـماع حكم هذه الآية وحكم آية الـمواريث فـي حال واحدة علـى صحة بغير مدافعة حكم إحداهما حكم الأخرى وكان الناسخ والـمنسوخ هما الـمعنـيان اللذان لا يجوز اجتـماع حكمهما علـى صحة فـي حالة واحدة لنفـي أحدهما صاحبه. وبـما قلنا فـي ذلك قال جماعة من الـمتقدمين والـمتأخرين. ذكر من قال ذلك: ٢٠٩٢ـ حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم، قال: حدثنا هشيـم، عن جويبر، عن الضحاك أنه كان يقول: من مات ولـم يوصِ لذوي قرابته فقد ختـم عمله بـمعصية. ٢٠٩٣ـ حدثنـي سالـم بن جنادة، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مسلـم، عن مسروق: أنه حضر رجلاً فوصى بأشياء لا تنبغي، فقال له مسروق: إن اللّه قد قسم بـينكم فأحسن القسم، وإنه من يرغب برأيه عن رأي اللّه يضله، أوص لذي قرابتك مـمن لا يرثك، ثم دع الـمال علـى ما قسمه اللّه علـيه. ٢٠٩٤ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا أبو تـميـلة يحيى بن واضح، قال: حدثنا عبـيد، عن الضحاك ، قال: لا تـجوز وصية لوارث ولا يوصي إلا لذي قرابة، فإن أوصى لغير ذي قرابة فقد عمل بـمعصية، إلا أن لا يكون قرابة فـيوصي لفقراء الـمسلـمين. ٢٠٩٥ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن مغيرة، قال: العجبُ لأبـي العالـية أعتقته امرأة من بنـي رياح وأوصى بـماله لبنـي هاشم. ٢٠٩٦ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن رجل، عن الشعبـي، قال: لـم يكن له حال ولا كرامة. ٢٠٩٧ـ حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم، قال: حدثنا ابن علـية، قال: حدثنا أيوب، عن مـحمد، قال: قال عبد اللّه بن معمر فـي الوصية: من سَمّى جعلناها حيث سَمّى، ومن قال حيث أمر اللّه جعلناها فـي قرابته. ٢٠٩٨ـ حدثنـي مـحمد بن عبد الأعلـى الصنعانـي، قال: حدثنا الـمعتـمر، قال: حدثنا عمران بن جرير، قال: قلت لأبـي مـجلز: الوصية علـى كل مسلـم واجبة؟ قال: علـى من ترك خيرا. ٢٠٩٩ـ حدثنا سوّار بن عبد اللّه ، قال: حدثنا عبد الـملك بن الصبـاح، قال: حدثنا عمران بن حرير قال: قلت للاحق بن حميد: الوصية حق علـى كل مسلـم؟ قال: هي حق علـى من ترك خيرا. واختلف أهل العلـم فـي حكم هذه الآية، فقال بعضهم: لـم ينسخ اللّه شيئا من حكمها، وإنـما هي آية ظاهرها ظاهر عموم فـي كل والد ووالدة والقريب، والـمراد بها فـي الـحكم البعض منهم دون الـجميع، وهو من لا يرث منهم الـميت دون من يرث. وذلك قول من ذكرت قوله، وقول جماعة آخرين غيرهم معهم. ذكر قول من لـم يذكر قوله منهم فـي ذلك: ٢١٠٠ـ حدثنا مـحمد بن بشار، قال: حدثنا معاذ بن هشام، قال: حدثنـي أبـي، عن قتادة، عن جابر بن زيد فـي رجل أوصى لغير ذي قرابة، وله قرابة مـحتاجون، قال: يردّ ثلثا الثلث علـيهم، وثلث الثلث لـمن أوصى له به. ٢١٠١ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا معاذ، قال: حدثنا أبـي، عن قتادة، عن الـحسن وجابر بن زيد وعبد الـملك بن يعلـى أنهم قالوا فـي الرجل يوصي لغير ذي قرابته وله قرابة مـمن لا يرثه قال: كانوا يجعلون ثلثـي الثلث لذوي القرابة، وثلث الثلث لـمن أوصى له به. ٢١٠٢ـ حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم، قال: حدثنا هشيـم، قال: أخبرنا حميد، عن الـحسن أنه كان يقول: إذا أوصى الرجل لغير ذي قرابته بثلثه فلهم ثلث الثلث، وثلثا الثلث لقرابته. ٢١٠٣ـ حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن ابن طاوس، عن أبـيه قال: من أوصى لقوم وسماهم وترك ذوي قرابته مـحتاجين انتزعت منهم وردّت إلـى ذوي قرابته. وقال آخرون: بل هي آية قد كان الـحكم بها واجبـا وعمل به برهة، ثم نسخ اللّه منها بآية الـمواريث الوصية لوالدي الـموصي وأقربـائه الذين يرثونه، وأقرّ فرض الوصية لـمن كان منهم لا يرثه. ذكر من قال ذلك: ٢١٠٤ـ حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة فـي قوله: كُتِبَ عَلَـيكُمْ إذَا حَضَرَ أحَدَكُمُ الـمَوْتُ إنْ تَرَكَ خَيْرا الوَصِيّةُ للْوَالِدَيْنِ والأقْرَبِـينَ فجعلت الوصية للوالدين والأقربـين، ثم نسخ ذلك بعد ذلك فجعل لهما نصيب مفروض، فصارت الوصية لذوي القرابة الذين لا يرثون، وجعل للوالدين نصيب معلوم، ولا تـجوز وصية لوارث. ٢١٠٥ـ حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة فـي قوله: إنْ تَرَكَ خَيْرا الوَصِيّةُ للْوَالِدَيْن وَالأقْرَبـينَ قال: نسخ الوالدان منها، وترك الأقربون مـمن لا يرث. ٢١٠٦ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: حدثنـي حجاج عن ابن جريج، عن عكرمة، عن ابن عبـاس قوله: إنْ تَرَكَ خَيْرا الوَصِيّةُ للْوَالِدَيْن وَالأقْرَبـينَ قال: نسخ من يرث ولـم ينسخ الأقربـين الذين لا يرثون. ٢١٠٧ـ حدثنا يحيى بن نصر، قال: حدثنا يحيى بن حسان، قال: حدثنا سفـيان، عن ابن طاوس، عن أبـيه، قال: كانت الوصية قبل الـميراث للوالدين والأقربـين، فلـما نزل الـميراث نسخ الـميراث من يرث وبقـي من لا يرث، فمن أوصى لذي قرابته لـم تـجز وصيته. ٢١٠٨ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن الـمبـارك، عن إسماعيـل الـمكي، عن الـحسن فـي قوله: إنْ تَرَكَ خَيْرا الوَصِيّةُ للْوَالِدَيْن وَالأقْرَبـينَ قال: نسخ الوالدين وأثبت الأقربـين الذين يحرمون فلا يرثون. حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا سويد، قال: أخبرنا ابن الـمبـارك، عن مبـارك بن فضالة، عن الـحسن فـي هذه الآية: الوَصِيّةُ للْوَالِدَيْن وَالأقْرَبـينَ قال: للوالدين منسوخة، والوصية للقرابة وإن كانوا أغنـياء. ٢١٠٩ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا عبد اللّه بن صالـح، قال: حدثنـي معاوية بن صالـح، عن علـيّ بن أبـي طلـحة عن ابن عبـاس قوله: إنْ تَرَكَ خَيْرا الوَصِيّةُ للْوَالِدَيْن وَالأقْرَبـينَ فكان لا يرث مع الوالدين غيرهم إلا وصية إن كانت للأقربـين، فأنزل اللّه بعد هذا: ولأبَوَيْهِ لِكُلّ وَاحِدٍ مِنْهُما السّدسُ مـمّا تَرَكَ إنْ كانَ لَه وَلَدٌ فإنْ لَـمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَه أبَوَاه فَلأُمّهِ الثّلُثُ فبـين اللّه سبحانه ميراث الوالدين، وأقرّ وصية الأقربـين فـي ثلث مال الـميت. ٢١١٠ـ حدثنـي علـيّ بن داود، قال: حدثنا عبد اللّه بن صالـح، قال: حدثنـي معاوية بن صالـح، عن علـيّ بن أبـي طلـحة، عن ابن عبـاس قوله: إنْ تَرَكَ خَيْرا الوَصِيّةُ للْوَالِدَيْن وَالأقْرَبـينَ فنسخ الوصية للوالدين وأثبت الوصية للأقربـين الذين لا يرثون. ٢١١١ـ حدثت عن عمار، قال: حدثنا ابن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع قوله: كُتِبَ عَلَـيكُمْ إذَا حَضَرَ أحَدَكُمُ الـمَوْتُ إنْ تَرَكَ خَيْرا الوَصِيّةُ للْوَالِدَيْنِ والأقْرَبِـين بـالـمعروف قال: كان هذا من قبل أن تنزل سورة النساء، فلـما نزلت آية الـميراث نسخ شأن الوالدين، فألـحقهما بأهل الـميراث وصارت الوصيةُ لأهل القرابة الذين لا يرثون. ٢١١٢ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا الـحجاج بن الـمنهال، قال: حدثنا حماد بن سلـمة، قال: أخبرنا عطاء بن أبـي ميـمونة، قال: سألت مسلـم بن يسار، والعلاء بن زياد، عن قول اللّه تبـارك وتعالـى: إنْ تَرَكَ خَيْرا الوَصِيّةُ للْوَالِدَيْن وَالأقْرَبـينَ قالا: فـي القرابة. ٢١١٣ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا الـحجاج، قال: حدثنا حماد، عن إياس بن معاوية، قال: فـي القرابة. وقال آخرون: بلـى نسخ اللّه ذلك كله، وفرض الفرائض والـمواريث، فلا وصية تـجب لأحد علـى أحد قريب ولا بعيد. ذكر من قال ذلك: ٢١١٤ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد فـي قوله: إنْ تَرَكَ خَيْرا الوَصِيّةُ للْوَالِدَيْن وَالأقْرَبـينَ الآية، قال: فنسخ اللّه ذلك كله وفرض الفرائض. ٢١١٥ـ حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم، قال: حدثنا ابن علـية، عن يونس، عن ابن سيرين، عن ابن عبـاس : أنه قام فخطب الناس ههنا، فقرأ علـيهم سورة البقرة لـيبـين لهم منها، فأتـى علـى هذه الآية: إنْ تَرَكَ خَيْرا الوَصِيّةُ للْوَالِدَيْن وَالأقْرَبـينَ قال: نسخت هذه. حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: حدثنـي أبـي، قال: حدثنـي عمي، قال: حدثنـي أبـي عن أبـيه، عن ابن عبـاس قوله: إنْ تَرَكَ خَيْرا الوَصِيّةُ للْوَالِدَيْن وَالأقْرَبـينَ نسخت الفرائض التـي للوالدين والأقربـين الوصية. ٢١١٦ـ حدثنـي مـحمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: حدثنا سفـيان، عن جهضم، عن عبد اللّه بن بدر، قال: سمعت ابن عمر يقول فـي قوله: إنْ تَرَكَ خَيْرا الوَصِيّةُ للْوَالِدَيْن وَالأقْرَبـينَ قال: نسختها آية الـميراث. قال ابن بشار: قال عبد الرحمن: فسألت جهضما عنه فلـم يحفظه. ٢١١٧ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا يحيى بن واضح، قال: حدثنا الـحسين بن واقد، عن يزيد النـحوي، عن عكرمة والـحسن البصري، قالا: إنْ تَرَكَ خَيْرا الوَصِيّةُ للْوَالِدَيْن وَالأقْرَبـينَ فكانت الوصية كذلك حتـى نسختها آية الـميراث. ٢١١٨ـ حدثنـي أحمد بن الـمقدام، قال: حدثنا الـمعتـمر، قال: سمعت أبـي، قال: زعم قتادة، عن شريح فـي هذه الآية: إنْ تَرَكَ خَيْرا الوَصِيّةُ للْوَالِدَيْن وَالأقْرَبـينَ قال: كان الرجل يوصي بـماله كله حتـى نزلت آية الـميراث. ٢١١٩ـ حدثنا أحمد بن الـمقدام، قال: حدثنا الـمعتـمر، قال: سمعت أبـي، قال: زعم قتادة أنه نسخت آيتا الـمواريث فـي سورة النساء الآية فـي سورة البقرة فـي شأن الوصية. ٢١٢٠ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد فـي قول اللّه : إنْ تَرَكَ خَيْرا الوَصِيّةُ للْوَالِدَيْن وَالأقْرَبـينَ قال: كان الـميراث للولد والوصية للوالدين والأقربـين، وهي منسوخة. حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قال: كان الـميراث للولد، والوصية للوالدين والأقربـين، وهي منسوخة نسختها آية فـي سورة النساء: يُوصيكُمُ اللّه فِـي أوْلادِكُم. ٢١٢١ـ حدثنـي موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسبـاط، عن السدي: كُتِبَ عَلَـيكُمْ إذَا حَضَرَ أحَدَكُمُ الـمَوْتُ إنْ تَرَكَ خَيْرا الوَصِيّةُ للْوَالِدَيْنِ والأقْرَبِـين أما الوالدان والأقربون فـيومَ نزلت هذه الآية كان الناس لـيس لهم ميراث معلوم، إنـما يوصي الرجل لوالده ولأهله فـيقسم بـينهم حتـى نسختها النساء فقال: يُوصِيكُمُ اللّه فِـي أوْلاَدِكُمْ. ٢١٢٢ـ حدثنـي يعقوب، قال: حدثنا ابن علـية، قال: حدثنا أيوب، عن نافع أن ابن عمر لـم يوص وقال: أما مالـي فـاللّه أعلـم ما كنت أصنع فـيه فـي الـحياة، وأما رِبـاعي فما أحبّ أن يشرك ولدي فـيها أحد. ٢١٢٣ـ حدثنـي مـحمد بن خـلف العسقلانـي، قال: حدثنا مـحمد بن يوسف، قال: حدثنا سفـيان، عن نسير بن ذعلوق قال: قال عروة: يعنـي ابن ثابت لربـيع بن خُيْثَم: أوص لـي بـمصحفك قال: فنظر إلـى أبـيه فقال: وأُولُو الأرْحامِ بَعْضهُمْ أوْلـى بِبَعْضٍ فِـي كِتابِ اللّه . ٢١٢٤ـ حدثنا علـيّ بن سهل، قال: حدثنا يزيد، عن سفـيان، عن الـحسن بن عبد اللّه ، عن إبراهيـم، قال: ذكرنا له أن زيدا وطلـحة كانا يشددان فـي الوصية، فقال: ما كان علـيهما أن يفعلا، مات النبـيّ صلى اللّه عليه وسلم ولـم يوص، وأوصى أبو بكر، أيّ ذلك فعلتَ فحسن. حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن الـحسن بن عبد اللّه ، عن إبراهيـم، قال: ذكر عنده طلـحة وزيد، فذكر مثله. وأما الـخير الذي إذا تركه تارك وجب علـيه الوصية فـيه لوالديه وأقربـيه الذين لا يرثون فهو الـمال. كما: ٢١٢٥ـ حدثنـي الـمثنى بن إبراهيـم، قال: حدثنا عبد اللّه بن صالـح، عن معاوية بن صالـح، عن علـيّ بن أبـي طلـحة، عن ابن عبـاس قوله: إنْ تَرَكَ خَيْرا يعنـي مالاً. ٢١٢٦ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد فـي قول اللّه : إنْ تَرَكَ خَيْرا مالاً. ٢١٢٧ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: إنْ تَرَكَ خَيْرا كان يقول: الـخير فـي القرآن كله الـمال لـحبّ الـخيرِ لَشديدٌ الـخير الـمال وأحبَبْتُ حُبّ الـخيرِ عَنْ ذِكْرِ رَبـي الـمال فَكاتِبُوهُم إن عَلِـمْتُـم فِـيهِمْ خَيْرا الـمال وإنْ تَرَكَ خَيْرا الوَصِيّةُ الـمال. ٢١٢٨ـ حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: إنْ تَرَكَ خَيْرا الوَصِيّةُ أي مالاً. ٢١٢٩ـ حدثنـي موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسبـاط، عن السدي: إنْ تَرَكَ خَيْرا الوَصِيّةُ أما خيرا فـالـمال. ٢١٣٠ـ حدثت عن عمار بن الـحسن، قال: حدثنا ابن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع: إنْ تَرَكَ خَيْرا قال إن ترك مالاً. حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: حدثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة، عن ابن عبـاس قوله: إنْ تَرَكَ خَيْرا قال: الـخير: الـمال. ٢١٣١ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا سويد، قال: أخبرنـي ابن الـمبـارك، عن الـحسن بن يحيى، عن الضحاك فـي قوله: إنْ تَرَكَ خَيْرا الوَصِيّةُ قال: الـمال، ألا ترى أنه يقول: قال شعيب لقومه: إنّـي أرَاكُمْ بِخَيْرٍ يعنـي الغنى. ٢١٣٢ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنا مـحمد بن عمرو الـيافعي، عن ابن جريج، عن عطاء بن أبـي ربـاح قال: كُتِبَ عَلَـيكُمْ إذَا حَضَرَ أحَدَكُمُ الـمَوْتُ إنْ تَرَكَ خَيْرا قال عطاء: الـخير فـيـما يرى الـمال. ثم اختلفوا فـي مبلغ الـمال الذي إذا تركه الرجل كان مـمن لزمه حكم هذه الآية، فقال بعضهم: ذلك ألف درهم. ذكر من قال ذلك: ٢١٣٣ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا الـحجاج بن الـمنهال، قال: حدثنا همام بن يحيى، عن قتادة فـي هذه الآية: إنْ تَرَكَ خَيْرا الوَصِيّةُ قال: الـخير: ألف فما فوقه. ٢١٣٤ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا الـحجاج، قال: حدثنا حماد، قال: أخبرنا هشام بن عروة، عن عروة: أن علـيّ بن أبـي طالب دخـل علـى ابن عم له يعوده، فقال: إنـي أريد أن أوصي، فقال علـيّ: لا توص فإنك لـم تترك خيرا فتوصي قال: وكان ترك من السبعمائة إلـى تسعمائة. حدثنـي يونس بن عبد الأعلـى، قال: أخبرنا ابن وهب قال: حدثنـي عثمان بن الـحكم الـحزامي وابن أبـي الزناد عن هشام بن عروة، عن أبـيه، عن علـيّ بن أبـي طالب: أنه دخـل علـى رجل مريض، فذكر له الوصية، فقال: لا توص إنـما قال اللّه : إنْ تَرَكَ خَيْرا وأنت لـم تترك خيرا. قال ابن أبـي الزناد فـيه: فدع مالك لبنـيك. ٢١٣٥ـ حدثنا مـحمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفـيان، عن منصور بن صفـية، عن عبد اللّه بن عيـينة أو عتبة، الشك منـي: أن رجلاً أراد أن يوصي وله ولد كثـير، وترك أربعمائة دينار، فقالت عائشة: ما أرى فـيه فضلاً. حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن هشام بن عروة، عن أبـيه قال: دخـل علـيّ علـى مولـى لهم فـي الـموت وله سبعمائة درهم أو ستـمائة درهم، فقال: ألا أوصي؟ فقال: لا، إنـما قال اللّه إنْ تَرَكَ خَيْرا ولـيس لك كثـير مال. وقال بعضهم: ذلك ما بـين الـخمسمائة درهم إلـى الألف. ذكر من قال ذلك: ٢١٣٦ـ حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، عن أبـان بن إبراهيـم النـخعي فـي قوله: إنْ تَرَكَ خَيْرا قال: ألف درهم إلـى خمسمائة. وقال بعضهم: الوصية واجبة من قلـيـل الـمال وكثـيره. ذكر من قال ذلك: ٢١٣٧ـ حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر عن الزهري، قال: جعل اللّه الوصية حقا مـما قل منه أو كثر. وأولـى هذه الأقوال بـالصواب فـي تأويـل قوله: كُتِبَ عَلَـيكُمْ إذَا حَضَرَ أحَدَكُمُ الـمَوْتُ إنْ تَرَكَ خَيْرا الوَصِيّةُ ما قال الزهري لأن قلـيـل الـمال وكثـيره يقع علـيه خير، ولـم يحدّ اللّه ذلك بحدّ ولا خصّ منه شيئا فـيجوز أن يحال ظاهر إلـى بـاطن، فكل من حضرته منـيته وعنده مال قلّ ذلك أو كثر فواجب علـيه أن يوصى منه لـمن لا يرثه من آبـائه وأمهاته وأقربـائه الذين لا يرثونه بـمعروف، كما قال اللّه جل ذكره وآمره به. ١٥٥القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَلَنَبْلُوَنّكُمْ بِشَيْءٍ مّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مّنَ الأمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثّمَرَاتِ وَبَشّرِ الصّابِرِينَ } وهذا إخبـار من اللّه تعالـى ذكره أتبـاع رسوله صلى اللّه عليه وسلم أنه مبتلـيهم ومـمتـحنهم بشدائد من الأمور لـيعلـم من يتبع الرسول مـمن ينقلب علـى عقبـيه، كما ابتلاهم فـامتـحنهم بتـحويـل القبلة من بـيت الـمقدس إلـى الكعبة، وكما امتـحن أصفـياءه قبلهم، ووعدهم ذلك فـي آية أخرى فقال لهم: أمْ حَسِبْتُـمْ أنْ تَدْخُـلُوا الـجَنّةَ وَلَـمّا يَأتِكُمْ مَثَلُ الّذِينَ خَـلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسّتْهُمُ البأساءُ والضّرّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتّـى يَقُولَ الرّسُولُ وَالّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَـى نَصْرُ اللّه ألا إنّ نَصْرَ اللّه قَرِيبٌ. وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك كان ابن عبـاس وغيره يقول. ١٨٢١ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا عبد اللّه بن صالـح، قال: حدثنـي معاوية، عن علـيّ بن أبـي طلـحة، عن ابن عبـاس قوله: وَلَنَبْلُوَنّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الـخَوْفِ والـجُوعِ ونـحو هذا، قال: أخبر اللّه الـمؤمنـين أن الدنـيا دار بلاء، وأنه مبتلـيهم فـيها، وأمرهم بـالصبر وبشرهم، فقال: وَبَشّرِ الصّابِرِينَ ثم أخبرهم أنه فعل هكذا بأنبـيائه وصفوته لتطيب أنفسهم، فقال: مَسّتْهُم البَأْسَاءُ والضّرّاءُ وزُلْزِلُوا. ومعنى قوله: وَلَنَبْلُوَنّكُمْ: ولنـختبرنكم. وقد أتـينا علـى البـيان عن أن معنى الابتلاء الاختبـار فـيـما مضى قبل. وقوله: بِشَيْءٍ مِنَ الـخَوْفِ يعنـي من الـخوف من العدوّ وبـالـجوع، وهو القحط. يقول: لنـختبرنكم بشيء من خوف ينالكم من عدوّكم وبسَنَة تصيبكم ينالكم فـيها مـجاعة وشدة وتعذر الـمطالب علـيكم فتنقص لذلك أموالكم، وحروب تكون بـينكم وبـين أعدائكم من الكفـار، فـينقص لها عددكم، وموت ذراريكم وأولادكم، وجدوب تـحدث، فتنقص لها ثماركم. كل ذلك امتـحان منـي لكم واختبـار منـي لكم، فـيتبـين صادقوكم فـي إيـمانهم من كاذبـيكم فـيه، ويعرف أهل البصائر فـي دينهم منكم من أهل النفـاق فـيه والشكّ والارتـياب. كل ذلك خطاب منه لأتبـاع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه. كما: ١٨٢٢ـ حدثنـي هارون بن إدريس الكوفـي الأصمّ، قال: حدثنا عبد الرحمَن بن مـحمد الـمـحاربـي، عن عبد الـملك عن عطاء فـي قوله: وَلَنَبْلُوَنّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الـخَوْفِ والـجُوعِ قال: هم أصحاب مـحمد صلى اللّه عليه وسلم. وإنـما قال تعالـى ذكره: بِشَيْءٍ مِنَ الـخَوْفِ ولـم يقل (بأشياء) لاختلاف أنواع ما أعلـم عبـاده أنه مـمتـحنهم به. فلـما كان ذلك مختلفـا وكانت (مِن) تدلّ علـى أن كل نوع منها مضمر (فـي) شيء وأن معنى ذلك: ولنبلونكم بشيء من الـخوف وبشيء من الـجوع وبشيء من نقص الأموال. اكتفـى بدلالة ذكر الشيء فـي أوله من إعادته مع كل نوع منها. ففعل تعالـى ذكره كل ذلك بهم وامتـحنهم بضروب الـمـحن. كما: ١٨٢٣ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا ابن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع فـي قوله: وَلَنَبْلُوَنّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الـخَوْفِ والـجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأمْوَالِ والأنْفُسِ والثّمَرَاتِ قال: قد كان ذلك، وسيكون ما هو أشدّ من ذلك. قال اللّه عند ذلك: وَبَشّرِ الصّابِرِينَ الّذِينَ إذَا أصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إنّا للّه وَإنّا إلَـيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَـيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبّهِمْ وَرَحْمَةٌ وأُولَئِكَ هُمُ الـمُهْتَدُونَ. ثم قال تعالـى ذكره لنبـيه صلى اللّه عليه وسلم: يا مـحمد بشر الصابرين علـى امتـحانـي بـما أمتـحنهم به، والـحافظين أنفسهم عن التقدم علـى نهيـي عما أنهاهم عنه، والاَخذين أنفسهم بأداء ما أكلفهم من فرائضي مع ابتلائي إياهم بـما ابتلـيتهم به القائلـين إذا أصابتهم مصيبة: إنا للّه وإنا إلـيه راجعون. فأمره اللّه تعالـى ذكره بأن يخصّ بـالبشارة علـى ما يـمتـحنهم به من الشدائد أهل الصبر الذين وصف اللّه صفتهم. وأصل التبشير: إخبـار الرجل الرجل الـخبر يسرّه أو يسوءه لـم يسبقه به إلـيه غيره. |
﴿ ١٨٠ ﴾