٢٢٥

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {لاّ يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بِالّلغْوِ فِيَ أَيْمَانِكُمْ ...}

اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل قوله: لا يُؤَاخُذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمْ وفـي معنى اللغو. فقال بعضهم فـي معناه: لا يؤاخذكم اللّه بـما سبقتكم به ألسنتكم من الأيـمان علـى عجلة وسرعة، فـيوجب علـيكم به كفـارة إذا لـم تقصدوا الـحلف والـيـمين، وذلك كقول القائل: فعل هذا واللّه ، أو أفعله واللّه ، أو لا أفعله واللّه ، علـى سبوق الـمتكلـم بذلك لسانه بـما وصل به كلامه من الـيـمين. ذكر من قال ذلك:

٣٧٥٤ـ حدثنـي إسحاق بن إبراهيـم بن حبـيب بن الشهيد، قال: حدثنا عتاب بن بشير، عن خصيف، عن عكرمة عن ابن عبـاس : لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ قال: هي بلـى واللّه ، ولا واللّه .

٣٧٥٥ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، عن الزهري، عن القاسم، عن عائشة فـي قوله: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ قالت: لا واللّه ، وبلـى واللّه .

٣٧٥٦ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن ابن أبـي نـجيح، عن عطاء، عن عائشة نـحوه.

٣٧٥٧ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، عن هشام بن عروة، عن أبـيه، قال: سألت عائشة عن لغو الـيـمين، قالت: هو لا واللّه ، وبلـى واللّه ، ما يتراجع به الناس.

٣٧٥٨ـ حدثنا هناد، قال: حدثنا وكيع وعبدة وأبو معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبـيه، عن عائشة فـي قول اللّه لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ قالت: لا واللّه ، وبلـى واللّه .

٣٧٥٩ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن هشام بن عروة، عن أبـيه، عن عائشة: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ قالت: لا واللّه ، وبلـى اللّه ، يصل بها كلامه.

٣٧٦٠ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا حكام بن سلـم، عن عبد الـملك، عن عطاء قال: دخـلت مع عبـيد بن عمير علـى عائشة فقال لها: يا أمّ الـمؤمنـين قوله: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ قالت: هو لا واللّه ، وبلـى واللّه ، لـيس مـما عقدتـم الأيـمان.

 

٣٧٦١ـ حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم، قال: حدثنا هشيـم، قال: أخبرنا ابن أبـي لـيـلـى، عن عطاء، قال: أتـيت عائشة مع عبـيد بن عمير، فسألها عبـيد عن قوله: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ فقالت عائشة: هو قول الرجل: لا واللّه ، وبلـى واللّه ، ما لـم يعقد علـيه قلبه.

٣٧٦٢ـ حدثنـي يعقوب، قال: حدثنا ابن علـية قال: أخبرنا ابن جريج، عن عطاء، قال: انطلقت مع عبـيد بن عمير إلـى عائشة وهي مـجاورة فـي ثبـير، فسألها عبـيد عن لغو الـيـمين، فقالت: لا واللّه ، وبلـى واللّه .

٣٧٦٣ـ حدثنا مـحمد بن موسى الـحرسي، قال: حدثنا حسان بن إبراهيـم الكرمانـي، قال: حدثنا إبراهيـم الصائغ، عن عطاء فـي قوله: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ قال: قالت عائشة: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (هُوَ قَوْلُ الرّجُلِ فِـي بَـيْتِهِ كَلاّ وَاللّه وَبَلـى وَاللّه ).

٣٧٦٤ـ حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة فـي قوله: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ قالت: هم القوم يتدارءون فـي الأمر، فـيقول هذا: لا واللّه ، وبلـى واللّه ، وكلا واللّه ، يتدارءون فـي الأمر لا تعقد علـيه قلوبهم.

٣٧٦٥ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن مغيرة، عن الشعبـي فـي قوله: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ قال: قول الرجل: لا واللّه ، وبلـى واللّه ، يصل به كلامه لـيس فـيه كفـارة.

٣٧٦٦ـ حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم، قال: حدثنا هشيـم، قال: أخبرنا الـمغيرة، عن الشعبـي، قال: هو الرجل

يقول: لا واللّه ، وبلـى واللّه ، يصل حديثه.

٣٧٦٧ـ حدثنا حميد بن مسعدة، قال: حدثنا بشر بن الـمفضل، قال: حدثنا ابن عون، قال: سألت عامرا عن قوله: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ قال: هو لا واللّه ، وبلـى واللّه .

٣٧٦٨ـ حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم، قال: حدثنا ابن علـية، وحدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبـي جميعا، عن ابن عون، عن الشعبـي مثله.

٣٧٦٩ـ حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم وابن وكيع، قالا: حدثنا ابن علـية، قال: حدثنا أيوب، قال: قال أبو قلابة فـي (لا واللّه وبلـى واللّه ): أرجو أن يكون لغة.

وقال يعقوب فـي حديثه: أرجو أن يكون لغوا

وقال ابن وكيع فـي حديثه: أرجو أن يكون لغة، ولـم يشك.

٣٧٧٠ـ حدثنا أبو كريب وابن وكيع وهناد،

قالوا: حدثنا وكيع، عن إسماعيـل بن أبـي خالد، عن أبـي صالـح، قال: لا واللّه ، وبلـى واللّه .

٣٧٧١ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع، عن مالك، عن عطاء، قال: سمعت عائشة تقول فـي قوله: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ قالت: لا واللّه ، وبلـى واللّه .

٣٧٧٢ـ حدثنا هناد، قال: حدثنا وكيع، عن مالك بن مغول، عن عطاء، مثله.

٣٧٧٣ـ حدثنا هناد، قال: حدثنا أبو معاوية، عن عاصم الأحول، عن عكرمة فـي قوله: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ قال: هو قول الناس: لا واللّه وبلـى واللّه .

٣٧٧٤ـ حدثنا سفـيان بن وكيع، قال: حدثنا أبو معاوية، عن عاصم، عن الشعبـي وعكرمة قالا: لا واللّه ، وبلـى واللّه .

٣٧٧٥ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا ابن عيـينة عن عمرو، عن عطاء، قال: دخـلت مع عبـيد بن عمير علـى عائشة، فسألها، فقالت: لا واللّه ، وبلـى واللّه .

٣٧٧٦ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا حفص، عن ابن أبـي لـيـلـى وأشعث، عن عطاء، عن عائشة: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ قالت: لا واللّه ، وبلـى واللّه .

٣٧٧٧ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبـي وجرير، عن هشام، عن أبـيه، عن عائشة قالت: لا واللّه ، وبلـى واللّه .

٣٧٧٨ـ حدثنا ابن وكيع وهناد، قالا: حدثنا يعلـى، عن عبد الـملك، عن عطاء، قال: قالت عائشة فـي قول اللّه : لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ قالت: هو قولك: لا واللّه ، وبلـى واللّه ، لـيس لها عقد الأيـمان.

٣٧٧٩ـ حدثنا هناد، قال: حدثنا أبو الأحوص، عن مغيرة، عن الشعبـيّ قال: اللغو: قول الرجل: لا واللّه ، وبلـى واللّه ، يصل به كلامه ما لـم يشكّ شيئا يعقد علـيه قلبه.

٣٧٨٠ـ حدثنـي يونس، أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنـي عمرو أن سعيد بن أبـي هلال حدثه أنه سمع عطاء بن أبـي ربـاح

يقول: سمعت عائشة تقول: لغو الـيـمين قول الرجل: لا واللّه ، وبلـى واللّه فـيـما لـم يعقد علـيه قلبه.

٣٧٨١ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال عمرو: وحدثنـي عبد اللّه بن عبد الرحمن بن أبـي حسين النوفلـي، عن عطاء، عن عائشة، بذلك.

٣٧٨٢ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن الـحكم، عن مـجاهد فـي قوله: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ قال: الرجلان يتبـايعان، فـيقول

أحدهما: واللّه لا أبـيعك بكذا وكذا، ويقول الاَخر: واللّه لا أشتريه بكذا وكذا فهذا اللغو لا يؤاخذ به.

وقال آخرون: بل اللغو فـي الـيـمين: الـيـمين التـي يحلف بها الـحالف وهو يرى أنه كما يحلف علـيه ثم يتبـين غير ذلك وأنه بخلاف الذي حلف علـيه. ذكر من قال ذلك:

٣٧٨٣ـ حدثنـي يونس بن عبد الأعلـى، قال: أخبرنـي ابن نافع، عن أبـي معشر، عن مـحمد بن قـيس، عن أبـي هريرة أنه كان

يقول: لغو الـيـمين: حلف الإنسان علـى الشيء يظن أنه الذي حلف علـيه، فإذا هو غير ذلك.

٣٧٨٤ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس قوله: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ واللغو: أن يحلف الرجل علـى الشيء يراه حقا ولـيس بحق.

٣٧٨٥ـ حدثنا الـمثنى، قال: حدثنا أبو صالـح: قال: ثنـي معاوية، عن علـي، عن ابن عبـاس : لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ هذا فـي الرجل يحلف علـى أمر إضرار أن يفعله فلا يفعله، فـيرى الذي هو خير منه، فأمره اللّه أن يكفر عن يـمينه ويأتـي الذي هو خير. ومن اللغو أيضا: أن يحلف الرجل علـى أمر لا يألو فـيه الصدق وقد أخطأ فـي يـمينه، فهذا الذي علـيه الكفـارة ولا إثم علـيه.

٣٧٨٦ـ حدثنا ابن بشار وابن الـمثنى، قالا: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا هشام، عن قتادة، عن سلـيـمان بن يسار فـي قوله: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ قال: خطأ غير عمد.

٣٧٨٧ـ حدثنا ابن بشار قال: حدثنا ابن أبـي عديّ، عن عوف، عن الـحسن فـي هذه الآية: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ قال: هو أن تـحلف علـى الشيء وأنت يخيـل إلـيك أنه كما حلفت ولـيس كذلك فلا يؤاخذه اللّه ولا كفـارة، ولكن الـمؤاخذة والكفـارة فـيـما حلف علـيه علـى علـم.

٣٧٨٨ـ حدثنا هناد وابن وكيع، قالا: حدثنا وكيع، عن الفضل بن دلهم، عن الـحسن، قال: هو الرجل يحلف علـى الـيـمين لا يرى إلا أنه كما حلف.

٣٧٨٩ـ حدثنا سفـيان، قال: حدثنا أبو معاوية، عن عاصم، عن الـحسن: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ قال: هو الرجل يحلف علـى الـيـمين يرى أنها كذلك، ولـيست كذلك.

٣٧٩٠ـ حدثنا هناد، قال: حدثنا عبدة، عن سعيد، عن قتادة، عن الـحسن فـي قوله: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ قال: هو الرجل يحلف علـى الشي، وهو يرى أنه كذلك، فلا يكون كما قال فلا كفـارة علـيه.

٣٧٩١ـ حدثنا هناد وأبو كريب وابن وكيع،

قالوا: حدثنا وكيع، عن سفـيان، وحدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ قال: هو الرجل يحلف علـى الـيـمين لا يرى إلا أنها كما حلف علـيه، ولـيست كذلك.

٣٧٩٢ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبـي نـجيح فـي قول اللّه : لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ قال: من حلف بـاللّه ولا يعلـم إلا أنه صادق فـيـما حلف.

٣٧٩٣ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ حلف الرجل علـى الشيء وهو لا يعلـم إلا أنه علـى ما حلف علـيه فلا يكون كما حلف، كقوله: إن هذا البـيت لفلان ولـيس له، وإن هذا الثوب لفلان ولـيس له.

٣٧٩٤ـ حدثنا هناد، قال: حدثنا أبو الأحوص، عن مغيرة، عن إبراهيـم فـي قوله: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ قال: هو الرجل يحلف علـى الشيء يرى أنه فـيه صادق.

٣٧٩٥ـ حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم، قال: حدثنا هشيـم، قال: أخبرنا مغيرة، عن إبراهيـم فـي قوله: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ قال: هو الرجل يحلف علـى الأمر يرى أنه كما حلف علـيه فلا يكون كذلك، قال: فلا يؤاخذ بذلك

قال: وكان يحبّ أن يكفر.

٣٧٩٦ـ حدثنا موسى بن عبد الرحمن الـمسروقـي، قال: حدثنا الـجعفـي، عن زائدة، عن منصور، قال: قال إبراهيـم: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ قال: أن يحلف علـى الشيء وهو يرى أنه صادق وهو كاذب، فذلك اللغو لا يؤاخذ به.

٣٧٩٧ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا حكام، عن عمرو، عن منصور، عن إبراهيـم نـحوه، إلا أنه قال: إن حلفت علـى الشيء وأنت ترى أنك صادق ولـيس كذلك.

٣٧٩٨ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا أبو إدريس، قال: أخبرنا حصين، عن أبـي مالك أنه قال: اللغو: الرجل يحلف علـى الأيـمان، وهو يرى أنه كما حلف.

٣٧٩٩ـ حدثنـي إسحاق بن حبـيب بن الشهيد، قال: حدثنا عتاب بن بشير، عن خصيف، عن زياد، قال: هو الذي يحلف علـى الـيـمين يرى أنه فـيها صادق.

٣٨٠٠ـ حدثنا مـحمد بن بشار، قال: حدثنا يعقوب بن إسحاق الـحضرمي، قال: حدثنا بكير بن أبـي السميط، عن قتادة فـي قوله: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ قال: هو الـخطأ غير العمد، الرجل يحلف علـى الشيء يرى أنه كذلك ولـيس كذلك.

٣٨٠١ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيـم، عن منصور ويونس، عن الـحسن قال: اللغو: الرجل يحلف علـى الشيء يرى أنه كذلك فلـيس علـيه فـيه كفـارة.

٣٨٠٢ـ حدثنا هناد وابن وكيع قال هناد: حدثنا وكيع وقال ابن وكيع: حدثنـي أبـي، عن عمران بن حدير قال: سمعت زرارة بن أوفـى قال: هو الرجل يحلف علـى الـيـمين لا يرى إلا أنها كما حلف.

٣٨٠٣ـ حدثنا أحمد بن حازم، قال: حدثنا أبو نعيـم، قال: حدثنا عمر بن بشير، قال: سئل عامر عن هذه الآية: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ قال: اللغو: أن يحلف الرجل لا يألو عن الـحقّ فـيكون غير ذلك، فذلك اللغو الذي لا يؤاخذ به.

٣٨٠٤ـ حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ فـاللغو: الـيـمين الـخطأ غير العمد، أن تـحلف علـى الشيء وأنت ترى أنه كما حلفت علـيه ثم لا يكون كذلك، فهذا لا كفـارة علـيه، ولا مأثم فـيه.

٣٨٠٥ـ حدثنـي موسى، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسبـاط، عن السدي: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ أما اللغو: فـالرجل يحلف علـى الـيـمين، وهو يرى أنها كذلك فلا تكون كذلك، فلـيس علـيه كفـارة.

٣٨٠٦ـ حدثت عن عمار، قال: حدثنا ابن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع فـي قوله: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ قال: اللغو: الـيـمين الـخطأ فـي غير عمد أن يحلف علـى الشيء وهو يرى أنه كما حلف علـيه، وهذا ما لـيس علـيه فـيه كفـارة.

٣٨٠٧ـ حدثنا هناد، قال: حدثنا أبو الأحوص، عن حصين، عن أبـي مالك، قال: أما الـيـمين التـي لا يؤاخذ بها صاحبها فـالرجل يحلف علـى الـيـمين وهو يرى أنه فـيها صادق، فذلك اللغو.

٣٨٠٨ـ حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم، قال: حدثنا هشيـم، قال: أخبرنا حصين عن أبـي مالك مثله، إلا أنه قال: الرجل يحلف علـى الأمر، يرى أنه كما حلف علـيه فلا يكون كذلك، فلـيس علـيه فـيه كفـارة، وهو اللغو.

٣٨٠٩ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنـي معاوية بن صالـح، عن يحيى بن سعيد، وعن ابن أبـي طلـحة كذا قال ابن أبـي جعفر قالا: من قال: واللّه لقد فعلت كذا وكذا وهو يظن أن قد فعله، ثم تبـين أنه لـم يفعله، فهذا لغو الـيـمين، ولـيس علـيه فـيه كفـارة.

٣٨١٠ـ حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن رجل، عن الـحسن فـي قوله: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ قال: هو الـخطأ غير العمد، كقول الرجل: واللّه إن هذا لكذا وكذا وهو يرى أنه صادق ولا يكون كذلك. قال معمر: وقاله قتادة أيضا.

٣٨١١ـ حدثنـي ابن البرقـي، قال: حدثنا عمرو، قال: سئل سعيد عن اللغو فـي الـيـمين، قال سعيد وقال مكحول: الـخطأ غير العمد، ولكن الكفـارة فـيـما عقدت قلوبكم.

٣٨١٢ـ حدثنـي ابن البرقـي، قال: حدثنا عمرو، عن سعيد بن عبد العزيز، عن مكحول أنه قال: اللغو الذي لا يؤاخذ اللّه به: أن يحلف الرجل علـى الشيء الذي يظن أنه فـيه صادق، فإذا هو فـيه غير ذلك، فلـيس علـيه فـيه كفـارة، وقد عفـا اللّه عنه.

٣٨١٣ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيـم فـي قوله: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ قال: إذا حلف علـى الـيـمين وهو يرى أنه فـيه صادق وهو كاذب، فلا يؤاخذ به، وإذا حلف علـى الـيـمين وهو يعلـم أنه كاذب، فذاك الذي يؤاخذ به.

وقال آخرون: بل اللغو من الأيـمان التـي يحلف بها صاحبها فـي حال الغضب علـى غير عقد قلب ولا عزم، ولكن وُصْلَةً للكلام. ذكر من قال ذلك:

٣٨١٤ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا مالك بن إسماعيـل، عن خالد، عن عطاء، عن وسيـم، عن طاوس، عن ابن عبـاس ، قال: لغو الـيـمين: أن تـحلف وأنت غضبـان.

٣٨١٥ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا يحيى بن واضح، قال: حدثنا أبو حمزة، عن عطاء، عن طاوس، قال: كل يـمين حلف علـيها رجل وهو غضبـان فلا كفـارة علـيه فـيها، قوله: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ وعلة من قال هذه الـمقالة ما:

٣٨١٦ـ حدثنـي به أحمد بن منصور الـمروزي، قال: حدثنا عمر بن يونس الـيـمامي، قال: حدثنا سلـيـمان بن أبـي سلـيـمان الزهري، عن يحيى بن أبـي كثـير، عن طاوس، عن ابن عبـاس ، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (لاَ يـمِينَ فِـي غَضَبٍ).

وقال آخرون، بل اللغو فـي الـيـمين: الـحلف علـى فعل ما نهى اللّه عنه، وترك ما أمر اللّه بفعله. ذكر من قال ذلك:

٣٨١٧ـ حدثنا هناد، قال: حدثنا حفص بن غياث، عن داود بن أبـي هند، عن سعيد بن جبـير، قال: هو الذي يحلف علـى الـمعصية، فلا يفـي ويكفر يـمينه قوله: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ.

٣٨١٨ـ حدثنا مـحمد بن عبد الـملك بن أبـي الشوارب، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا داود، عن سعيد بن جبـير، قال: لغو الـيـمين أن يحلف الرجل علـى الـمعصية للّه لا يؤاخذه اللّه بإيفـائها.

٣٨١٩ـ حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: حدثنا ابن أبـي عديّ، عن داود، عن سعيد بن جبـير بنـحوه، وزاد فـيه: قال: وعلـيه كفـارة.

٣٨٢٠ـ حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: ثنـي عبد الأعلـى ويزيد بن هارون، عن داود، عن سعيد بنـحوه.

٣٨٢١ـ حدثنا ابن الـمثنى، قال: حدثنا عبد الوهاب، قال: حدثنا داود، عن سعيد بن جبـير: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ قال: هو الرجل يحلف علـى الـمعصية فلا يؤاخذه اللّه أن يكفر عن يـمينه ويأتـي الذي هو خير.

٣٨٢٢ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا مـحمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، وحدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبـي، عن شعبة، عن أبـي بشر، عن سعيد بن جبـير فـي هذه الآية: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ قال: الرجل يحلف علـى الـمعصية فلا يؤاخذه اللّه بتركها.

٣٨٢٣ـ حدثنا الـحسن بن الصبـاح البزار، قال: حدثنا إسحاق، عن عيسى ابن بنت داود بن أبـي هند، قال: حدثنا خالد بن إلـياس، عن أمّ أبـيه: أنها حلفت أن لا تكلـم ابنة ابنها ابنة أبـي الـجهم، فأتت سعيد بن الـمسيب وأبـا بكر وعروة بن الزبـير،

فقالوا: لا يـمين فـي معصية، ولا كفـارة علـيها.

٣٨٢٤ـ حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم، قال: حدثنا هشيـم، عن أبـي بشر، عن سعيد بن جبـير فـي قوله: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ قال: هو الرجل يحلف علـى الـمعصية فلا يؤاخذه اللّه بتركها إن تركها. قلت: فكيف يصنع؟ قال: يكفر عن يـمينه ويترك الـمعصية.

٣٨٢٥ـ حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا هشيـم، عن أبـي بشر، عن سعيد بن جبـير فـي قوله: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ قال: هو الرجل يحلف علـى الـحرام، فلا يؤاخذه اللّه بتركه.

٣٨٢٦ـ حدثنـي يعقوب، قال: حدثنا ابن علـية، قال: أخبرنا داود، عن سعيد بن جبـير، قال فـي لغو الـيـمين، قال: هي الـيـمين فـي الـمعصية، قال: أو لا تقرأ فتفهم؟ قال اللّه : لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ وَلَكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِـمَا عَقّدْتُـمْ الأيـمَانَ قال: فلا يؤاخذه بـالإيفـاء، ولكن يؤاخذه بـالتـمام علـيها، قال: وقال لاَ تَـجْعَلُوا اللّه عُرْضَةً لأيـمَانِكُمْ... إلـى قوله: وَاللّه غَفُورٌ حَلِـيـمٌ.

٣٨٢٧ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن الـمبـارك، عن هشيـم، عن أبـي بشر، عن سعيد بن جبـير فـي قوله: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ قال: الرجل يحلف علـى الـمعصية فلا يؤاخذه اللّه بتركها ويُكَفّر.

٣٨٢٨ـ حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: حدثنا وهب بن جرير، قال: حدثنا شعبة، عن عاصم، عن الشعبـي، عن مسروق فـي الرجل يحلف علـى الـمعصية،

فقال: أيكفر خطوات الشيطان؟ لـيس علـيه كفـارة.

٣٨٢٩ـ حدثنـي ابن الـمثنى، قال: حدثنا وهب بن جرير، قال: حدثنا شعبة، عن عاصم، عن عكرمة، عن ابن عبـاس ، مثل ذلك.

٣٨٣٠ـ حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: حدثنا ابن أبـي عديّ، عن داود، عن الشعبـي فـي الرجل يحلف علـى الـمعصية قال: كفـارتها أن يتوب منها.

٣٨٣١ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا هشيـم، قال: أخبرنا مغيرة، عن الشعبـي أنه كان

يقول: يترك الـمعصية ولا يكفر، ولو أمرته بـالكفـارة لأمرته أن يتـمّ علـى قوله.

٣٨٣٢ـ حدثنا يحيى بن داود الواسطي، قال: حدثنا أبو أسامة، عن مـجالد، عن عامر، عن مسروق قال: كل يـمين لا يحلّ لك أن تفـي بها فلـيس فـيها كفـارة.

وعلة من قال هذا القول من الأثر ما:

٣٨٣٣ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا أبو أسامة، عن الولـيد بن كثـير، قال: ثنـي عبد الرحمن بن الـحرث، عن عمرو بن شعيب، عن أبـيه، عن عبد اللّه بن عمرو، أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (مَنْ نَذَرَ فِـيـما لا يَـمْلِكُ فَلا نَذْرَ لَهُ، وَمَنْ حَلَفَ علـى مَعْصِيَةٍ اللّه فَلاَ يَـمِينَ لَهُ، وَمَنْ حَلَفَ علـى قَطِيعَةِ رَحِمٍ فَلاَ يَـمِينَ لَهُ).

٣٨٣٤ـ حدثنـي علـيّ بن سعيد الكندي، قال: حدثنا علـيّ بن مسهر، عن حارثة بن مـحمد، عن عمرة، عن عائشة، قالت: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (مَنْ حَلَفَ علـى يَـمِينِ قَطِيعَةِ رَحِمٍ أوْ مَعْصِيَةٍ للّه فَبِرّهُ أنْ يَحْنَثَ بِهَا وَيَرْجِعَ عَنْ يَـمِينِهِ).

وقال آخرون: اللغو من الأيـمان: كل يـمين وصل الرجل بها كلامه علـى غير قصد منه إيجابَها علـى نفسه. ذكر من قال ذلك:

٣٨٣٥ـ حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم، قال: حدثنا ابن علـية، قال: حدثنا هشام، قال: حدثنا حماد، عن إبراهيـم، قال: لغو الـيـمين: أن يصل الرجل كلامه بـالـحلف، واللّه لـيأكلنّ، واللّه لـيشربنّ، ونـحو هذا لا يتعمد به الـيـمين ولا يريد به حلفـا، لـيس علـيه كفـارة.

٣٨٣٦ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا ابن علـية، عن هشام الدستوائي، عن حماد، عن إبراهيـم: لغو الـيـمين: ما يصل به كلامه: واللّه لتأكلنّ، واللّه لتشربن.

٣٨٣٧ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن الـحكم، عن مـجاهد: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ قال: هما الرجلان يتساومان بـالشيء، فـيقول

أحدهما: واللّه لا أشتريه منك بكذا، ويقول الاَخر: واللّه لا أبـيعك بكذا وكذا.

٣٨٣٨ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنـي يونس، عن ابن شهاب، أن عروة حدثه أن عائشة زوج النبـيّ صلى اللّه عليه وسلم، قالت: أيـمان اللغو ما كان فـي الهزل والـمراء والـخصومة والـحديث الذي لا يعتـمد علـيه القلب.

وعلة من قال هذا القول من الأثر ما:

٣٨٣٩ـ حدثنا به مـحمد بن موسى الـحرسي، قال: حدثنا عبـيد اللّه بن ميـمون الـمرادي، قال: حدثنا عوف الأعرابـي، عن الـحسن بن أبـي الـحسن، قال: مرّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بقوم ينتضلون يعنـي يرمون ومع النبـيّ صلى اللّه عليه وسلم رجل من أصحابه، فرمى رجل من القوم،

فقال: أصبت واللّه وأخطأت فقال الذي مع النبـيّ صلى اللّه عليه وسلم: حنث الرجل يا رسول اللّه ، قال: (كَلاّ أيـمَانُ الرّماةِ لَغْوٌ لا كَفّـارَةَ فِـيها وَلا عُقُوبَةَ).

وقال آخرون: اللغو من الأيـمان: ما كان من يـمين بـمعنى الدعاء من الـحالف علـى نفسه إن لـم يفعل كذا وكذا، أو بـمعنى الشرك والكفر. ذكر من قال ذلك:

٣٨٤٠ـ حدثنـي مـحمد بن عبد اللّه بن عبد الـحكم الـمصري، قال: حدثنا إسماعيـل بن مرزوق، عن يحيى بن أيوب، عن مـحمد بن عجلان، عن زيد بن أسلـم فـي قول اللّه : لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ قال: هو كقول الرجل: أعمى اللّه بصري إن لـم أفعل كذا وكذا، أخرجنـي اللّه من مالـي إن لـم آتك غدا. فهو هذا، ولا يترك اللّه له مالاً ولا ولدا.

يقول: لو يؤاخذكم اللّه بهذا لـم يترك لكم شيئا.

٣٨٤١ـ حدثنا مـحمد بن عبد اللّه بن عبد الـحكم، قال: حدثنا إسماعيـل، قال: ثنـي يحيى بن أيوب، عن عمرو بن الـحارث، عن زيد بن أسلـم، بـمثله.

٣٨٤٢ـ حدثنا مـحمد بن عبد اللّه بن عبد الـحكم، قال: حدثنا إسماعيـل بن مرزوق، قال: ثنـي يحيى بن أيوب أن زيد بن أسلـم كان يقول فـي قوله: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ مثل قول الرجل: هو كافر وهو مشرك

قال: لا يؤاخذه حتـى يكون ذلك من قلبه.

٣٨٤٣ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد فـي قوله: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ قال: اللغو فـي هذا: الـحلف بـاللّه ما كان بـالألسن فجعله لغوا، وهو أن

يقول: هو كافر بـاللّه ، وهو إذن يشرك بـاللّه ، وهو يدعو مع اللّه إلها. فهذا اللغو الذي قال اللّه فـي سورة البقرة.

وقال آخرون: اللغو فـي الأيـمان: ما كانت فـيه كفـارة. ذكر من قال ذلك:

٣٨٤٤ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا عبد اللّه بن صالـح، قال: ثنـي معاوية بن صالـح، عن علـيّ بن أبـي طلـحة، عن ابن عبـاس قوله: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ فهذا فـي الرجل يحلف علـى أمر إضرار أن يفعله فلا يفعله، فـيرى الذي هو خير منه، فأمره اللّه أن يكفر يـمينه ويأتـي الذي هو خير.

٣٨٤٥ـ حدثنـي يحيى بن جعفر، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا جويبر، عن الضحاك فـي قوله: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ قال: الـيـمين الـمكفرة.

وقال آخرون: اللغو من الأيـمان: هو ما حنث فـيه الـحالف ناسيا. ذكر من قال ذلك:

٣٨٤٦ـ حدثنـي الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا هشيـم، قال: أخبرنـي مغيرة، عن إبراهيـم، قال: هو الرجل يحلف علـى الشيء ثم ينساه يعنـي فـي قوله: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْو فِـي أيـمَانِكُمُ.

قال أبو جعفر: واللغو من الكلام فـي كلام العرب كل كلام كان مذموما وفعلاً لا معنى له مهجورا، يقال منه: لغا فلان فـي كلامه يـلغو لغوا: إذا قال قبـيحا من الكلام، ومنه قول اللّه تعالـى ذكره: وَإذَا سَمِعُوا اللّغْوَ أعْرَضُوا عَنْهُ

وقوله: وَإذَا مَرّوا بـاللّغْوِ مَرّوا كِرَاما ومسموع من العرب لغيت بـاسم فلان، بـمعنى أولعت بذكره بـالقبـيح. فمن قال لغيت، قال ألْغَى لَغا، وهي لغة لبعض العرب، ومنه قول الراجز:

وَرُبّ أسْرابِ حجيجٍ كُظّمِعَنِ اللّغا ورفَثِ التّكلـمِ

فإذا كان اللغو ما وصفت، وكان الـحالف بـاللّه ما فعلت كذا وقد فعل ولقد فعلت كذا وما فعل، واصلاً بذلك كلامه علـى سبـيـل سبوق لسانه من غير تعمد إثم فـي يـمينه، ولكن لعادة قد جرت له عند عجلة الكلام، والقائل: واللّه إن هذا لفلان وهو يراه كما قال، أو واللّه ما هذا فلان وهو يراه لـيس به، والقائل: لـيفعلنّ كذا واللّه ، أو لا يفعل كذا واللّه ، علـى سبـيـل ما وصفنا من عجلة الكلام، وسبوق اللسان للعادة، علـى غير تعمد حلف علـى بـاطل، والقائل هو مشرك أو هو يهودي أو نصرانـي إن لـم يفعل كذا، أو إن فعل كذا من غير عزم علـى كفر، أو يهودية أو نصرانـية جميعهم قائلون هُجْرا من القول، وذميـما من الـمنطق، وحالفون من الأيـمان بألسنتهم ما لـم تتعمد فـيه الإثم قلوبهم. كان معلوما أنهم لغاة فـي أيـمانهم لا تلزمهم كفـارة فـي العاجل، ولا عقوبة فـي الاَجل لإخبـار اللّه تعالـى ذكره أنه غير مؤاخذ عبـاده بـما لغوا من أيـمانهم، وأن الذي هو مؤاخذهم به ما تعمدت فـيه الإثم قلوبهم. وإذ كان ذلك كذلك، وكان صحيحا عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: (مَنْ حَلَفَ علـى يـمينٍ فرأى غيرَها خيرا مِنْها فَلْـيأتِ الّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْـيُكَفّرْ عَنْ يَـمِينِهِ) فأوجب الكفـارة بإتـيان الـحالف ما حلف أن لا يأتـيه مع وجوب إتـيان الذي هو خير من الذي حلف علـيه أن لا يأتـيه، وكانت الغرامة فـي الـمال أو إلزام الـجزاء من الـمـجزيّ أبدال الـجازين، لا شك عقوبة كبعض العقوبـات التـي جعلها اللّه تعالـى ذكره نكالاً لـخـلقه فـيـما تعدّوا من حدوده، وإن كان يجمع جميعها أنها تـمـحيص وكفـارات لـمن عوقب بها فـيـما عوقبوا علـيه كان بـينا أن من ألزم الكفـارة فـي عاجل دنـياه فـيـما حلف به من الأيـمان فحنث فـيه، وإن كانت كفـارة لذنبه فقد واخذه اللّه بها بإلزامه إياه الكفـارة منها، وإن كان ما عجل من عقوبته إياه علـى ذلك مسقطا عنه عقوبته فـي آجله. وإذ كان تعالـى ذكره قد واخذه بها، فغير جائز لقائل أن

يقول: وقد واخذه بها هي من اللغو الذي لا يؤاخذ به قائله، فإذ كان ذلك غير جائز، فبـين فساد القول الذي روي عن سعيد بن جبـير أنه قال: اللغو: الـحلف علـى الـمعصية، لأن ذلك لو كان كذلك لـم يكن علـى الـحالف، علـى معصية اللّه كفـارة بحنثه فـي يـمينه، وفـي إيجاب سعيد علـيه الكفـارة دلـيـل واضح علـى أن صاحبها بها مؤاخذ لـما وصفنا: من أن من لزمه الكفـارة فـي يـمينه فلـيس مـمن لـم يؤاخذ بها.

فإذا كان اللغو هو ما وصفنا مـما أخبرنا اللّه تعالـى ذكره أنه غير مؤاخذنا به، وكل يـمين لزمت صاحبها بحنثه فـيها الكفـارة فـي العاجل، أو أوعد اللّه تعالـى ذكره صاحبها العقوبة علـيها فـي الاَجل، وإن كان وضع عنه كفـارتها فـي العاجل، فهي مـما كسبته قلوب الـحالفـين، وتعمدت فـيه الإثم نفوس الـمقسمين، وما عدا ذلك فهو اللغو وقد بـينا وجوهه.

فتأويـل الكلام إذًا: لا تـجعلوا اللّه أيها الـمؤمنون عرضة لأيـمانكم، وحجة لأنفسكم فـي أقسامكم فـي أن لا تبرّوا، ولا تتقوا، ولا تصلـحوا بـين الناس، فإن اللّه لا يؤاخذكم بـما لغته ألسنتكم من أيـمانكم، فنطقت به من قبـيح الأيـمان وذميـمها، علـى غير تعمدكم الإثم وقصدكم بعزائم صدوركم إلـى إيجاب عقد الأيـمان التـي حلفتـم بها، ولكنه إِنـما يؤاخذكم بـما تعمدتـم فـيه عقد الـيـمين وإيجابها علـى أنفسكم، وعزمتـم علـى الإتـمام علـى ما حلفتـم علـيه بقصد منكم وإرادة، فـيـلزمكم حينئذ إما كفـارة فـي العاجل، وإما عقوبة فـي الاَجل.

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: وَلَكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِـمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ.

اختلف أهل التأويـل فـي الـمعنى الذي أوعد اللّه تعالـى ذكره بقوله: وَلَكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِـمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ عبـاده أنه مؤاخذهم به بعد إجماع جميعهم علـى أن معنى قوله: بِـمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ما تعمدت.

فقال بعضهم: الـمعنى الذي أوعد اللّه عبـاده مؤاخذتهم به هو حلف الـحالف منهم علـى كذب وبـاطل. ذكر من قال ذلك:

٣٨٤٧ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيـم، قال: إذا حلف الرجل علـى الـيـمين وهو يرى أنه صادق وهو كاذب، فلا يؤاخذ بها، وإذا حلف وهو يعلـم أنه كاذب، فذاك الذي يؤاخذ به.

٣٨٤٨ـ حدثنـي موسى بن عبد الرحمن الـمسروقـي، قال: حدثنا حسين الـجعفـي عن زائدة، عن منصور، قال: قال إبراهيـم: وَلَكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِـمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ قال: أن يحلف علـى الشيء وهو يعلـم أنه كاذب، فذاك الذي يؤاخذ به.

٣٨٤٩ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا حكام، عن عمرو، عن منصور، عن إبراهيـم: وَلَكِنْ يُؤاخُذُكُمْ بِـمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ أن تـحلف وأنت كاذب.

٣حدثنـي الـمثنى، قال: ثنـي معاوية بن صالـح، عن علـيّ بن أبـي طلـحة، عن ابن عبـاس : وَلَكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِـمَا عَقّدْتُـمْ الأيـمَانَ وذلك الـيـمين الصبر الكاذبة، يحلف بها الرجل علـى ظلـم أو قطيعة. فتلك لا كفـارة لها إلا أن يترك ذلك الظلـم، أو يردّ ذلك الـمال إلـى أهله، وهو قوله تعالـى ذكره: إنّ الّذِين يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّه وأيـمَانِهِمْ ثَمنَا قَلِـيلاً إلـى قوله: وَلَهُمْ عَذَابٌ ألِـيـمٌ.

٣٨٥٠ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: وَلَكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِـمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ما عقدت علـيه.

٣٨٥١ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، مثله.

٣٨٥٢ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن عبد الـملك، عن عطاء قال: لا تؤاخذ حتـى تقصد الأمر ثم تـحلف علـيه بـاللّه الذي لا إله إلا هو فتعقد علـيه يـمينك.

والواجب علـى هذا التأويـل أن يكون قوله تعالـى ذكره: وَلَكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِـمَا كَسَبَتْ قُلوبُكُمْ فـي الاَخرة بـما شاء من العقوبـات، وأن تكون الكفـارة إنـما تلزم الـحالف فـي الأيـمان التـي هي لغو. وكذلك روي عن علـيّ بن أبـي طلـحة، عن ابن عبـاس أنه كان لا يرى الكفـارة إلا فـي الأيـمان التـي تكون لغوا. فأما ما كسبته القلوب، وعقدت فـيه علـى الإثم، فلـم يكن يوجب فـيه الكفـارة. وقد ذكرنا الرواية عنهم بذلك فـيـما مضى قبل.

وإذ كان ذلك تأويـل الآية عندهم، فـالواجب علـى مذهبهم أن يكون معنى الآية فـي سورة الـمائدة: لا يُؤاخِذُكُمُ اللّه بـاللّغْوِ فِـي أيـمَانِكُمْ فكفـارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهلـيكم أو كسوتهم، أو تـحرير رقبة، فمن لـم يجد فصيام ثلاثة أيام، ذلك كفـارة أيـمانكم إذا حلفتـم، ولكن يؤاخذكم بـما عقدتـم، واحفظوا أيـمانكم.

وبنـحو ما ذكرناه عن ابن عبـاس من القول فـي ذلك كان سعيد بن جبـير والضحاك بن مزاحم وجماعة أخر غيرهم يقولون، وقد ذكرنا الرواية عنهم بذلك آنفـا.

وقال آخرون: الـمعنى الذي أوعد اللّه تعالـى عبـاده الـمؤاخذة به بهذه الآية هو حلف الـحالف علـى بـاطل يعلـمه بـاطلاً، وبذلك أوجب اللّه عندهم الكفـارة دون اللغو الذي يحلف به الـحالف وهو مخطىء فـي حلفه يحسب أن الذي حلف علـيه كما حلف ولـيس ذلك كذلك. ذكر من قال ذلك:

٣٨٥٣ـ حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: وَلَكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِـمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ

يقول: بـما تعمدت قلوبكم، وما تعمدت فـيه الـمأثم، فهذا علـيك فـيه الكفـارة.

٣٨٥٤ـ حدثت عن عمار، قال: حدثنا ابن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع، مثله سواء.

وكأن قائلـي هذه الـمقالة وجهوا تأويـل مؤاخذة اللّه عبده علـى ما كسبه قلبه من الأيـمان الفـاجرة، إلـى أنها مؤاخذة منه له بإلزامه الكفـارة فـيه

وقال بنـحو قول قتادة جماعة أخر فـي إيجاب الكفـارة علـى الـحالف الـيـمين الفـاجرة، منهم عطاء والـحكم.

٣٨٥٥ـ حدثنا أبو كريب ويعقوب، قالا: حدثنا هشيـم، قال: أخبرنا حجاج، عن عطاء والـحكم أنهما كانا يقولان فـيـمن حلف كاذبـا متعمدا: يكَفّر.

وقال آخرون: بل ذلك معنـيان: أحدهما مؤاخذ به العبد فـي حال الدنـيا بإلزام اللّه إياه الكفـارة منه، والاَخر منهما مؤاخذ به فـي الاَخرة، إلا أن يعفو. ذكر من قال ذلك:

٣حدثنـي موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسبـاط، عن السدي: وَلَكِنْ يُؤَاخُذُكُمْ بِـمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ أما ما كسبت قلوبكم: فما عقدت قلوبكم، فـالرجل يحلف علـى الـيـمين يعلـم أنها كاذبة إرادة أن يقضي أمره. والأيـمان ثلاثة: اللغو، والعمد، والغموس، والرجل يحلف علـى الـيـمين وهو يريد أن يفعل ثم يرى خيرا من ذلك، فهذه الـيـمين التـي قال اللّه تعالـى ذكره: وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِـمَا عَقّدْتُـمْ الأيـمَانَ فهذه لها كفـارة.

وكأن قائل هذه الـمقالة وجه تأويـل قوله: وَلَكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِـمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ إلـى غير ما وجه إلـيه تأويـل قوله: وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِـمَا عَقّدْتُـمُ الأيـمَانَ وجعل قوله: بِـمَا كَسَبَتْ قُلُوبِكُمْ الغموس من الأيـمان التـي يحلف بها الـحالف علـى علـم منه بأنه فـي حلفه بها مبطل،

وقوله: بِـمَا عَقّدْتُـمْ الأيـمَانَ الـيـمين التـي يستأنف فـيها الـحنث أو البرّ، وهو فـي حال حلفه بها عازم علـى أن يبرّ فـيها.

وقال آخرون: بل ذلك هو اعتقاد الشرك بـاللّه والكفر. ذكر من قال ذلك:

٣حدثنـي مـحمد بن عبد اللّه بن عبد الـحكم، قال: حدثنا إسماعيـل بن مرزوق، قال: ثنـي يحيى بن أيوب، عن مـحمد، يعنـي ابن عجلان، أن يزيد بن أسلـم كان يقول فـي قول اللّه تعالـى ذكره: وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِـمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُم مثل قول الرجل: هو كافر، هو مشرك، قال: لا يؤاخذه اللّه حتـى يكون ذلك من قلبه.

٣حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد فـي قوله: لا يُؤَاخِذُكُمْ اللّه بـاللّغْوِ فِـي أيـمَانِكُمْ قال: اللغو فـي هذا: الـحلف بـاللّه ما كان بـالألسن فجعله لغوا، وهو أن

يقول: هو كافر بـاللّه ، وهو إذًا يشرك بـاللّه ، وهو يدعو مع اللّه إلها، فهذا اللغو الذي قال اللّه تعالـى فـي سورة البقرة: وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِـمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُم قال: بـما كان فـي قلوبكم صدقا وَاخَذَك به، فإن لـم يكن فـي قلبك صدقا لـم يواخذك به، وإن أثمت.

والصواب من القول فـي ذلك أن يقال: إن اللّه تعالـى ذكره أوعد عبـاده أن يؤاخذهم بـما كسبت قلوبهم من الأيـمان، فـالذي تكسبه قلوبهم من الأيـمان، هو ما قصدته، وعزمت علـيه علـى علـم ومعرفة منها بـما تقصده وتريده، وذلك يكون منها علـى وجهين:

أحدهما علـى وجه العزم علـى ما يكون به العازم علـيه فـي حال عزمه بـالعزم علـيه آثما وبفعله مستـحقا الـمؤاخذة من اللّه علـيها، وذلك كالـحالف علـى الشيء الذي لـم يفعله أنه قد فعله، وعلـى الشيء الذي قد فعله أنه لـم يفعله، قاصدا لقـيـل الكذب، وذاكرا أنه قد فعل ما حلف علـيه أنه لـم يفعله، أو أنه لـم يفعل ما حلف علـيه أنه قد فعل، فـيكون الـحالف بذلك إن كان من أهل الإيـمان بـاللّه وبرسوله فـي مشيئة اللّه يوم القـيامة إن شاء واخذه به فـي الاَخرة، وإن شاء عفـا عنه بتفضله، ولا كفـارة علـيه فـيها فـي العاجل، لأنها لـيست من الإيـمان التـي يحنث فـيها، وإنـما الكفـارة تـجب فـي الأيـمان بـالـحنث فـيها، والـحالف الكاذب فـي يـمينه لـيست يـمينه مـما يتبدأ فـيه الـحنث فتلزم فـيه الكفـارة.

والوجه الاَخر منهما: علـى وجه العزم عل إيجاب عقد الـيـمين فـي حال عزمه علـى ذلك، فذلك مـما لا يواخذ به صاحبه حتـى يحنث فـيه بعد حلفه، فإذا حنث فـيه بعد حلفه كان مواخذا بـما كان اكتسبه قلبه من الـحلف بـاللّه علـى إثم وكذب فـي العاجل بـالكفـارة التـي جعلها اللّه كفـارة لذنبه.

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: وَاللّه غَفُورٌ حَلِـيـمٌ.

يعنـي تعالـى ذكره بذلك: واللّه غفور لعبـاده فـيـما لغوا من أيـمانهم التـي أخبر اللّه تعالـى ذكره أنه لا يؤاخذهم بها، ولو شاء واخذهم بها، ولـما واخذهم بها فكفروها فـي عاجل الدنـيا بـالتكفـير فـيه، ولو شاء واخذهم فـي آجل الاَخرة بـالعقوبة علـيه، فساتر علـيهم فـيها، وصافح لهم بعفوه عن العقوبة فـيها وغير ذلك من ذنوبهم. حلـيـم فـي تركه معاجلة أهل معصيته العقوبة علـى معاصيهم.

﴿ ٢٢٥