٢٣٥القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النّسَآءِ ... } يعنـي تعالـى ذكره بذلك: ولا جناح علـيكم أيها الرجال فـيـما عرّضتـم به من خطبة النساء للنساء الـمعتدات، من وفـاة أزواجهن فـي عددهن، ولـم تصرّحوا بعقد نكاح. والتعريض الذي أبـيح فـي ذلك، هو ما: ٤حدثنا به ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن مـجاهد عن ابن عبـاس قوله: وَلا جُناحَ عَلَـيْكُمْ فِـيـما عَرّضْتـمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النّساءِ قال: التعريض أن يقول: إنى أريد التزويج، وإنـي لأحبّ امرأة من أمرها أمرها، يعرّض لها بـالقول بـالـمعروف. ٤٤٢٢ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: حدثنا سفـيان، عن منصور، عن مـجاهد، عن ابن عبـاس : لا جُناحَ عَلَـيْكُمْ فِـيـما عَرّضْتُـمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النّساءِ قال: إنـي أريد أن أتزوّج. ٤٤٢٣ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا شعبة، عن منصور، عن مـجاهد، عن ابن عبـاس قال: التعريض ما لـم ينصِب للـخطبة. قال مـجاهد: قال رجل لامرأة فـي جنازة زوجها لا تسبقـينـي بنفسك، قالت: قد سبقت. ٤٤٢٤ـ حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: حدثنا مـحمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن منصور، عن مـجاهد، عن ابن عبـاس ، قال فـي هذه الآية: وَلا جُناحَ عَلَـيْكُمْ فِـيـما عَرّضْتُـمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النّساءِ قال: التعريض ما لـم ينصب للـخطبة. ٤٤٢٥ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا حكام، عن عمرو، عن منصور، عن مـجاهد، عن ابن عبـاس : فِـيـما عَرّضْتُـمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النّساءِ قال: التعريض أن يقول للـمرأة فـي عدتها: إنـي لا أريد أن أتزوّج غيرك إن شاء اللّه ، ولوددت أنـي وجدت امرأة صالـحة، ولا ينصب لها ما دامت فـي عدتها. ٤٤٢٦ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا عبد اللّه بن صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس فـي قوله: وَلا جُناحَ عَلَـيْكُمْ فِـيـما عَرّضْتُـمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النّساءِ يقول: يعرّض لها فـي عدتها، يقول لها: إن رأيت أن لا تسبقـينـي بنفسك، ولوددت أن اللّه قد هيأ بـينـي وبـينك ونـحو هذا من الكلام فلا حرج. ٤٤٢٧ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا آدم العسقلانـي، قال: حدثنا شعبة، عن منصور، عن مـجاهد، عن ابن عبـاس فـي قوله: وَلا جُناحَ عَلَـيْكُمْ فِـيـما عَرّضْتُـمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النّساءِ قال: هو أن يقول لها فـي عدتها: إنـي أريد التزويج، ووددت أن اللّه رزقنـي امرأة ونـحو هذا، ولا ينصب للـخطبة. ٤حدثنـي يعقوب، قال: حدثنا ابن علـية، عن ابن عون، عن مـحمد، عن عبـيدة فـي هذه الآية، قال: يذكرها إلـى ولـيها يقول: لا تسبقنـي بها. حدثنـي يعقوب، قال: حدثنا ابن علـية، عن لـيث، عن مـجاهد فـي قوله: وَلا جُناحَ عَلَـيْكُمْ فِـيـما عَرّضْتُـمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النّساءِ قال: يقول: إنك لـجميـلة، وإنك لنافقة، وإنك إلـى خير. ٤حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفـيان، عن لـيث، عن مـجاهد أنه كره أن يقول: لا تسبقـينـي بنفسك. ٤٤٢٨ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد فـي قول اللّه تعالـى ذكره: وَلا جُناحَ عَلَـيْكُمْ فِـيـما عَرّضْتُـمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النّساءِ قل: هو قول الرجل للـمرأة: إنك لـجميـلة وإنك لنافقة وإنك لإلـى خير. ٤٤٢٩ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا سويد، قال: أخبرنا ابن الـمبـارك، عن معمر، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد فـي قوله: وَلا جُناحَ عَلَـيْكُمْ فِـيـما عَرّضْتُـمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النّساءِ قال: يعرّض للـمرأة فـي عدتها فـ يقول: واللّه إنك لـجميـلة، وإن النساء لـمن حاجتـي، وإنك إلـى خير إن شاء اللّه . ٤حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا شعبة، عن سلـمة بن كهيـل، عن مسلـم البطين، عن سعيد بن جبـير، قال: هو قول الرجل: إنـي أريد أن أتزوّج، وإنـي إن تزوّجت أحسنت إلـى امرأتـي، هذا التعريض. ٤٤٣٠ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا مسلـم بن إبراهيـم، قال: حدثنا شعبة، عن سلـمة بن كهيـل، عن مسلـم البطين، عن سعيد بن جبـير فـي قوله: وَلا جُناحَ عَلَـيْكُمْ فِـيـما عَرّضْتُـمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النّساءِ قال: يقول: لأعطينك، لأحسنن إلـيك، لأفعلنّ بك كذا وكذا. ٤حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الوهاب، قال: سمعت يحيى بن سعيد، قال: أخبرنـي عبد الرحمن بن القاسم، فـي قوله: فِـيـما عَرّضْتُـمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النّساءِ قال: قول الرجل للـمرأة فـي عدتها يعرّض بـالـخطبة: واللّه إنـي فـيك لراغب، وإنى علـيك لـحريص، ونـحو هذا. ٤حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد الوهاب الثقـفـي، قال: سمعت يحيى بن سعيد يقول: أخبرنـي عبد الرحمن بن القاسم أنه سمع القاسم بن مـحمد يقول: فِـيـما عَرّضْتُـمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النّساءِ هو قول الرجل للـمرأة: إنك لـجميـلة، وإنك لنافقة، وإنك إلـى خير. ٤حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا سويد، قال: أخبرنا ابن الـمبـارك، عن ابن جريج، قال: قلت لعطاء: كيف يقول الـخاطب؟ قال: يعرّض تعريضا ولا يبوح بشيء، يقول: إن لـي حاجة وأبشري، وأنت بحمد اللّه نافقة، ولا يبوح بشيء. قال عطاء: وتقول هي: قد أسمع ما تقول. ولا تعده شيئا، ولا تقول: لعل ذاك. ٤٤٣١ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن الـمبـارك، عن يحيى بن سعيد، قال: ثنـي عبد الرحمن بن القاسم: أنه سمع القاسم يقول فـي الـمرأة يتوفـى عنها زوجها، والرجل يريد خطبتها، ويريد كلامها ما الذي يجمل به من القول؟ قال: يقول: إنـي فـيك لراغب، وإنـي علـيك لـحريص، وإنـي بك لـمعجب، وأشبـاه هذا من القول. ٤حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن مغيرة، عن حماد، عن إبراهيـم فـي قوله: وَلا جُناحَ عَلَـيْكُمْ فِـيـما عَرّضْتُـمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النّساءِ قال: لا بأس بـالهدية فـي تعريض النكاح. ٤٤٣٢ـ حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم، قال: حدثنا هشيـم، قال: أخبرنا مغيرة، قال: كان إبراهيـم لا يرى بأسا أن يهدي لها فـي العدة إذا كانت من شأنه. ٤٤٣٣ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبـي، عن إسرائيـل، عن جابر، عن عامر فـي قوله: وَلا جُناحَ عَلَـيْكُمْ فِـيـما عَرّضْتُـمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النّساءِ قال: يقول: إنك لنافقة، وإنك لـمعجبة، وإنك لـجميـلة، وإن قضى اللّه شيئا كان. ٤٤٣٤ـ حدثت عن عمار، قال: حدثنا ابن أبـي جعفر، عن أبـيه قوله: وَلا جُناحَ عَلَـيْكُمْ فِـيـما عَرّضْتُـمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النّساءِ قال: كان إبراهيـم النـخعي يقول: إنك لـمعجبة، وإنـي فـيك لراغب. ٤٤٣٥ـ حدثنـي يونس بن عبد الأعلـى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: وأخبرنـي يعنـي شبـيبـا عن سعيد، عن شعبة، عن منصور، عن الشعبـي أنه قال فـي هذه الآية: وَلا جُناحَ عَلَـيْكُمْ فِـيـما عَرّضْتُـمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النّساءِ قال: لا يأخذ ميثاقها ألا تنكح غيره. ٤حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد فـي قوله: وَلا جُناحَ عَلَـيْكُمْ فِـيـما عَرّضْتُـمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النّساءِ قال: كان أبـي يقول: كل شيء كان دون أن يعزم عقدة النكاح، فهو كما قال اللّه تعالـى ذكره: وَلا جُناحَ عَلَـيْكُمْ فِـيـما عَرّضْتُـمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النّساءِ. ٤حدثنا ابن حميد قال: حدثنا مهران، وحدثنـي علـيّ، قال: حدثنا زيد جميعا، عن سفـيان قوله: وَلا جُناحَ عَلَـيْكُمْ فِـيـما عَرّضْتُـمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النّساءِ. والتعريض فـيـما سمعنا: أن يقول الرجل وهي فـي عدتها: إنك لـجميـلة، إنك إلـى خير، إنك لنافقة، إنك لتعجبـينـي، ونـحو هذا، فهذا التعريض. ٤حدثنا الـمثنى، قال: حدثنا سويد، قال: أخبرنا ابن الـمبـارك، عن عبد الرحمن بن سلـيـمان، عن خالته سكينة ابنة حنظلة بن عبد اللّه بن حنظلة، قالت: دخـل علـيّ أبو جعفر مـحمد بن علـيّ وأنا فـي عدتـي، فقال: يا ابنة حنظلة أنا من علـمت قرابتـي من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وحقّ جدّي علـيّ وقَدَمي فـي الإسلام. فقلت: غفر اللّه لك يا أبـا جعفر أتـخطبنـي فـي عدتـي، وأنت يؤخذ عنك فقال: أو قد فعلت؟ إنـما أخبرك بقرابتـي من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وموضعي، قد دخـل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم علـى أم سلـمة وكانت عند ابن عمها أبـي سلـمة، فتوفـي عنها، فلـم يزل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يذكر لها منزلته من اللّه وهو متـحامل علـى يده حتـى أثر الـحصير فـي يده من شدة تـحامله علـى يده، فما كانت تلك خطبة. ٤حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا عبد اللّه بن صالـح، قال: ثنـي اللـيث، قال: ثنـي عقـيـل، عن ابن شهاب: وَلا جُناحَ عَلَـيْكُمْ فِـيـما عَرّضْتُـمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النّساءِ قال: لا جناح علـى من عرّض لهنّ بـالـخطبة قبل أن يحللن إذا كنوا فـي أنفسهن من ذلك. ٤٤٣٦ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنـي مالك، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبـيه أنه كان يقول فـي قول اللّه تعالـى ذكره: وَلا جُناحَ عَلَـيْكُمْ فِـيـما عَرّضْتُـمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النّساءِ أن يقول الرجل للـمرأة وهي فـي عدة من وفـاة زوجها: إنك علـيّ لكريـمة، وإنـي فـيك لراغب، وإن اللّه سائق إلـيك خيرا ورزقا، ونـحو هذا من الكلام. واختلف أهل العربـية فـي معنى الـخطبة. فقال بعضهم: الـخطبة: الذكر، والـخطبة: التشهد. وكأن قائل هذا القول تأول الكلام: ولا جناح علـيكم فـيـما عرضتـم به من ذكر النساء عندهم وقد زعم صاحب هذا القول أنه قال: (لا تواعدوهنّ سرّا)، لأنه لـما قال: (لا جناح علـيكم)، كأنه قال: اذكروهن، ولكن لا تواعدوهنّ سرّا. وقال آخرون منهم: الـخِطْبَةُ أخطِب خِطْبَة وخَطْبـا، قال: وقول اللّه تعالـى ذكره: قالَ فَمَا خَطْبُكَ يا سامِرِيّ يقال إنه من هذا قال: وأما الـخُطبة، فهو الـمخطوب من قولهم: خطب علـى الـمنبر واختطب. قال أبو جعفر: والـخطبة عندي هي (الفِعْلة) من قول القائل: خطبت فلانة، كالـجلسة من قوله: جلس، أو القعدة من قوله: قعد. ومعنى قولهم: خطب فلان فلانة سألها خَطْبَهُ إلـيها فـي نفسها، وذلك حاجته، من قولهم: ما خطبك؟ بـمعنى: ما حاجتك وما أمرك؟. وأما التعريض فهو ما كان من لـحن الكلام الذي يفهم به السامع الفَهِمُ ما يفهم بصريحه. القول فـي تأويـل قوله تعالـى: أوْ أكْنَنْتُـمْ فِـي أنْفُسِكُمْ. يعنـي تعالـى ذكره بقوله: أوْ أكْنَنْتُـمْ فِـي أنْفُسِكُمْ أو أخفـيتـم فـي أنفسكم، فأسررتـموه من خطبتهن وعزم نكاحهن وهن فـي عددهن، فلا جناح علـيكم أيضا فـي ذلك إذا لـم تعزموا عقدة النكاح حتـى يبلغ الكتاب أجله. يقال منه: أكنّ فلان هذا الأمر فـي نفسه، فهو يُكِنّه إكنانا وَكَنّه: إذا ستره، يَكُنّهُ كَنّا وكُنونا، وجلس فـي الكِنّ. ولـم يسمع: كننتُه فـي نفسي، وإنـما يقال: كننته فـي البـيت أو فـي الأرض: إذا خبأته فـيه، ومنه قوله تعالـى ذكره: كأنّهُنّ بَـيْضٌ مَكْنُونٌ أي مخبوء، ومنه قول الشاعر: ثَلاثٌ مِنْ ثَلاَثٍ قُدامَيَاتٍمِنَ اللاّئي تَكُنّ مِنَ الصّقِـيع وتكنّ بـالتاء هو أجود ويكنّ، ويقال: أكنته ثـيابه من البرد، وأكنّه البـيت من الريح. وبنـحو ما قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك: ٤حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: أوْ أكْنَنْتُـمْ فِـي أنْفُسِكُمْ قال: الإكنان: ذكر خطبتها فـي نفسه لا يبديه لها، هذا كله حِلٌ معروف. ٤٤٣٧ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد، مثله. ٤حدثنـي موسى، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسبـاط، عن السدي قوله: أوْ أكْنَنْتُـمْ فِـي أنْفُسِكُمْ قال: أن يدخـل فـيسلّـم ويهدي إن شاء ولا يتكلـم بشيء. ٤٤٣٨ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا عبد الوهاب الثقـفـي، قال: سمعت يحيى بن سعيد، يقول: أخبرنـي عبد الرحمن بن القاسم أنه سمع القاسم بن مـحمد يقول، فذكر نـحوه. ٤٤٣٩ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد فـي قوله: أوْ أكْنَنْتُـمْ فِـي أنْفُسِكُمْ قال: جعلت فـي نفسك نكاحها وأضمرت ذلك. ٤٤٤٠ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، وحدثنـي علـيّ، قال: حدثنا زيد جميعا، عن سفـيان: أوْ أكْنَنْتُـمْ فِـي أنْفُسِكُمْ أن يسرّ فـي نفسه أن يتزوّجها. ٤٤٤١ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا هوذة، قال: حدثنا عوف، عن الـحسن فـي قوله: أوْ أكْنَنْتُـمْ فِـي أنْفِسِكُمْ قال: أسررتـم. قال أبو جعفر: وفـي إبـاحة اللّه تعالـى ذكره ما أبـاح من التعريض بنكاح الـمعتدة لها فـي حال عدتها وحظره التصريح، ما أبـان عن افتراق حكم التعريض فـي كل معانـي الكلام وحكم التصريح منه. وإذا كان ذلك كذلك تبـين أن التعريض بـالقذف غير التصريح به، وأن الـحدّ بـالتعريض بـالقذف لو كان واجبـا وجوبه بـالتصريح به لوجب من الـجناح بـالتعريض بـالـخطبة فـي العدة نظير الذي يجب بعزم عقدة النكاح فـيها، وفـي تفريق اللّه تعالـى ذكره بـين حكميها فـي ذلك الدلالة الواضحة علـى افتراق أحكام ذلك فـي القذف. القول فـي تأويـل قوله تعالـى: عَلِـم اللّه أنّكُمْ سَتَذْكُرُوَنَهُنّ. يعنـي تعالـى ذكره بذلك: علـم اللّه أنكم ستذكرون الـمعتدات فـي عددهن بـالـخطبة فـي أنفسكم وبألسنتكم. كما: ٤حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبـي، عن يزيد بن إبراهيـم، عن الـحسن: عَلِـمَ اللّه أنّكُمْ سَتَذْكُرُوَنهُنّ قال: الـخطبة. ٤حدثنـي أبو السائب سلـم بن جنادة، قال: حدثنا ابن إدريس، عن لـيث، عن مـجاهد فـي قوله: وَلا جُناحَ عَلَـيْكُمْ فِـيـما عَرّضْتُـمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النّساءِ قال: ذكرك إياها فـي نفسك قال: فهو قول اللّه : عَلِـمَ اللّه أنّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنّ. ٤٤٤٢ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا ابن أبـي زائدة، عن يزيد بن إبراهيـم، عن الـحسن فـي قوله: عَلِـمَ اللّه أنّكُمْ سَتَذْكُرُوَنهُنّ قال: هي الـخطبة. القول فـي تأويـل قوله تعالـى: وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنّ سِرّا. اختلف أهل التأويـل فـي معنى السرّ الذي نهى اللّه تعالـى عبـاده عن مواعدة الـمعتدات به، فقال بعضهم: هو الزنا. ذكر من قال ذلك: ٤حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا همام، عن صالـح الدهان، عن جابر بن زيد: وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنّ سِرّا قال: الزنا. ٤حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا الـمعتـمر بن سلـيـمان، عن أبـيه، عن أبـي مُـجلّز قوله: وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنّ سِرّا قال: الزنا. ٤٤٤٣ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا سلـيـمان التـيـمي، عن أبـي مـجلز، مثله. ٤٤٤٤ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفـيان، عن سلـيـمان التـيـمي، عن أبـي مـجلز، مثله. ٤حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو نعيـم، قال: حدثنا سفـيان، عن أبـي مـجلز: وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنّ سِرّا قال: الزنا. قـيـل لسفـيان التـيـمي: ذكره؟ قال: نعم. ٤حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا الـمعتـمر، عن أبـيه، عن رجل، عن الـحسن فـي الـمواعدة مثل قول أبـي مـجلز. ٤٤٤٥ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا يزيد بن إبراهيـم، عن الـحسن، قال: الزنا. ٤٤٤٦ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا يحيى، قال: حدثنا أشعث وعمران، عن الـحسن، مثله. ٤٤٤٧ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن ويحيى، قالا: حدثنا سفـيان، عن السدي، قال: سمعت إبراهيـم يقول: لا تُوَاعِدُوهُنّ سرّا قال: الزنا. ٤٤٤٨ـ حدثنـي أحمد بن حازم، قال: حدثنا أبو نعيـم، قال: حدثنا سفـيان، عن السدي، عن إبراهيـم، مثله. ٤٤٤٩ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الأعلـى، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة فـي قوله: لا تُوَاعِدُوهُنّ سِرّا قال: الزنا. ٤٤٥٠ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا ابن أبـي زائدة، عن يزيد بن إبراهيـم، عن الـحسن: وَلَكِنْ لا تُوَاعِدوهُنّ سرّا قال: الزنا. ٤٤٥١ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا سويد، قال: أخبرنا ابن الـمبـارك، عن معمر، عن قتادة، عن الـحسن فـي قوله: وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنّ سِرّا قال: الفـاحشة. ٤٤٥٢ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك ، وحدثنـي يحيى بن أبـي طالب، قال: أخبرنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا جويبر، عن الضحاك : لا تُوَاعِدُهُنّ سِرّا قال: السرّ: الزنا. ٤٤٥٣ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس : لا تُواعِدُوهُنّ سِرّا قال: فذلك السرّ: الزّنـية، كان الرجل يدخـل من أجل الزنـية وهو يعرّض بـالنكاح، فنهى اللّه عن ذلك، إلا من قال معروفـا. ٤٤٥٤ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: حدثنا هشيـم، قال: أخبرنا منصور، عن الـحسن وجويبر، عن الضحاك وسلـيـمان التـيـمي، عن أبـي مـجلز أنهم قالوا: الزنا. ٤حدثت عن عمار، قال: حدثنا ابن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع قوله: وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنّ سِرّا للفحش، والـخَضْع من القول. ٤٤٥٥ـ حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، عن الـحسن: وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنّ سِرّا قال: هو الفـاحشة. وقال آخرون: بل معنى ذلك: لا تأخذوا ميثاقهنّ وعهودهنّ فـي عِددهن أن لا ينكحن غيركم. ذكر من قال ذلك: ٤حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا عبد اللّه بن صالـح، قال: ثنـي معاوية بن صالـح، عن علـيّ بن أبـي طلـحة، عن ابن عبـاس : لا تُوَاعِدُوهُنّ سِرّا يقول: لا تقل لها إنـي عاشق، وعاهدينـي أن لا تتزوّجي غيري، ونـحو هذا. ٤حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفـيان، عن مسلـم البطين، عن سعيد بن جبـير فـي قوله: لا تُوَاعِدُوهُنّ سِرّا قال: لا يقاضِها علـى كذا وكذا أن لا تتزوّج غيره. ٤حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبـي عن إسرائيـل، عن جابر عن عامر ومـجاهد وعكرمة، قالوا: لا يأخذ ميثاقها فـي عدتها أن لا تتزوّج غيره. ٤حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: حدثنا مـحمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن منصور، قال: ذكر لـي عن الشعبـي أنه قال فـي هذه الآية: لا تُوَاعِدُوهُنّ سِرّا قال: لا تأخذ ميثاقها أن لا تنكح غيرك. ٤٤٥٦ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا حكام، عن عمرو، عن منصور، عن الشعبـي: وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنّ سِرّا قال: لا يأخذ ميثاقها فـي أن لا تتزوّج غيره. ٤٤٥٧ـ حدثنـي يعقوب، قال: حدثنا هشيـم، قال: أخبرنا إسماعيـل بن سالـم عن الشعبـي، قال: سمعته يقول فـي قوله: لا تُوَاعِدُوهُنّ سِرّا قال: لا تأخذ ميثاقها أن لا تنكح غيرك، ولا يوجب العقدة حتـى تنقضي العدة. ٤٤٥٨ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن الشعبـي: لا تُوَاعِدُوهُنّ سِرّا قال: لا يأخذ علـيها ميثاقا أن لا تتزوّج غيره. ٤٤٥٩ـ حدثنـي موسى، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسبـاط، عن السدي: وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُهُنّ سرّا يقول: أمسكي علـي نفسك، فأنا أتزوّج، ويأخذ علـيها عهدا أن لا تنكحي غيري. ٤٤٦٠ـ حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنّ سِرّا قال: هذا فـي الرجل يأخذ عهد الـمرأة وهي فـي عدتها أن لا تنكح غيره، فنهى اللّه عن ذلك، وقدم فـيه وأحلّ الـخطبة والقول بـالـمعروف، ونهى عن الفـاحشة، والـخَضْع من القول. ٤٤٦١ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، وحدثنـي علـيّ، قال: حدثنا زيد جميعا، عن سفـيان: وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنّ سِرّا قال: أن تواعدها سرّا علـى كذا وكذا علـى أن لا تنكحي غيري. ٤٤٦٢ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا سويد، قال: أخبرنا ابن الـمبـارك، عن معمر، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد فـي قوله: لا تُوَاعِدُوهُنّ سِرّا قال: موعدة السرّ: أن يأخذ علـيها عهدا وميثاقا أن تـحبس نفسها علـيه، ولا تنكح غيره. ٤٤٦٣ـ حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، بنـحوه. وقال آخرون: بل معنى ذلك: أن يقول لها الرجل: لا تسبقـينـي بنفسك. ذكر من قال ذلك: ٤٤٦٤ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد فـي قول اللّه : وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنّ سِرّا قال: قول الرجل للـمرأة: لا تفوتـينـي بنفسك، فإنـي ناكحك. هذا لا يحلّ. ٤حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، قال: هو قول الرجل للـمرأة: لا تفوتـينـي. ٤٤٦٥ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن لـيث، عن مـجاهد: وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنّ سِرّا قال: الـمواعدة أن يقول: لا تفوتـينـي بنفسك. ٤٤٦٦ـ حدثنا الـمثنى، قال: حدثنا سويد، قال: أخبرنا ابن الـمبـارك، عن سفـيان، عن لـيث، عن مـجاهد: وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنّ سِرّا أن يقول: لا تفوتـينـي بنفسك. وقال آخرون: بل معنى ذلك: ولا تنكحوهنّ فـي عدتهنّ سرّا. ذكر من قال ذلك: ٤حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد فـي قوله: وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنّ سِرّا يقول: لا تنكحوهنّ سرّا، ثم تـمسكها حتـى إذا حلت أظهرتَ ذلك وأدخـلتها. ٤٤٦٧ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد فـي قوله: وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنّ سِرّا قال: كان أبـي يقول: لا تواعدوهنّ سرّا، ثم تـمسكها، وقد ملكت عقدة نكاحها، فإذا حلت أظهرت ذلك وأدخـلتها. قال أبو جعفر: وأولـى الأقوال بـالصواب فـي تأويـل ذلك، تأويـل من قال: السرّ فـي هذا الـموضع: الزنا وذلك أن العرب تسمي الـجماع وغشيان الرجل الـمرأة سرّا، لأن ذلك مـما يكون بـين الرجال والنساء فـي خفـاء غير ظاهر مطلع علـيه، فـيسمى لـخفـائه سرّا. من ذلك قول رؤبة بن العجاج: فَعَفّ عَنْ أسْرَارِها بَعْدَ العَسَقْوَلْـم يُضِعْها بـينَ فِرْكٍ وَعشَقْ يعنـي بذلك: عفّ عن غشيانها بعد طول ملازمته ذلك. ومنه قول الـحطيئة: وَيحْرُمُ سِرّ جاَرتِهمْ عَلَـيْهِمْويأكُلُ جارُهُمْ أنفَ القِصَاع وكذلك يقال لكل ما أخفـاه الـمرء فـي نفسه سرّ، ويقال: هو فـي سرّ قومه، يعنـي فـي خيارهم وشرفهم. فلـما كان السرّ إنـما يوجه فـي كلامها إلـى أحد هذه الأوجه الثلاثة، وكان معلوما أن أحدهن غير معنّـي به قوله: وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنّ سِرّا وهو السرّ الذي هو معنى الـخيار والشرف، فلـم يبق إلا الوجهان الاَخران وهو السرّ الذي بـمعنى ما أخفته نفس الـمواعدين الـمتواعدين، والسرّ الذي بـمعنى الغشيان والـجماع. فلـما لـم يبق غيرهما، وكانت الدلالة واضحة علـى أن أحدهما غير معنّـي به صحّ أن الاَخر هو الـمعنـيّ به. فإن قال (قائل): فما الدلالة علـى أن مواعدة القول سرّا غير معنّـي به علـى ما قال من قال: إن معنى ذلك: أخذ الرجل ميثاق الـمرأة أن لا تنكح غيره، أو علـى ماقال من قال: قول الرجل لها: لا تسبقـينـي بنفسك؟ قـيـل: لأن السرّ إذا كان بـالـمعنى الذي تأوّله قائلو ذلك، فلن يخـلو ذلك السرّ من أن يكون هو مواعدة الرجل الـمرأة ومسألته إياها أن لا تنكح غيره، أو يكون هو النكاح الذي سألها أن تـجيبه إلـيه بعد انقضاء عدتها وبعد عقده له دون الناس غيره. فإن كان السرّ الذي نهى اللّه الرجل أن يواعد الـمعتدات هو أخذ العهد علـيهن أن لا ينكحن غيره، فقد بطل أن يكون السرّ معناه ما أخفـى من الأمور فـي النفوس، أو نطق به فلـم يطلع علـيه، وصارت العلانـية من الأمر سرّا، وذلك خلاف الـمعقول فـي لغة من نزل القرآن بلسانه، إلا أن يقول قائل هذه الـمقالة: إنـما نهى اللّه الرجال عن مواعدتهنّ ذلك سرّا بـينهم وبـينهن، لا أن نفس الكلام بذلك وإن كان قد أعلن سر. فـيقال له: إن قال ذلك فقد يجب أن تكون جائزة مواعدتهن النكاح والـخطبة صريحا علانـية، إذ كان الـمنهيّ عنه من الـمواعدة إنـما هو ما كان منها سرّا. فإن قال إن ذلك كذلك خرج من قول جميع الأمة علـى أن ذلك لـيس من قـيـل أحد مـمن تأوّل الآية أن السرّ ها هنا بـمعنى الـمعاهدة أن لا تنكح غير الـمعاهد. وإن قال: ذلك غير جائز. قـيـل له: فقد بطل أن يكون معنى ذلك: إسرار الرجل إلـى الـمرأة بـالـمواعدة، لأن معنى ذلك لو كان كذلك لـم يحرم علـيه مواعدتها مـجاهرة وعلانـية، وفـي كون ذلك علـيه مـحرّما سرّا وعلانـية ما أبـان أن معنى السرّ فـي هذا الـموضع غير معنى إسرار الرجل إلـى الـمرأة بـالـمعاهدة، أن لا تنكح غيره إذا انقضت عدتها أو يكون إذا بطل هذا الوجه معنى ذلك: الـخطبة والنكاح الذي وعدت الـمرأة الرجل أن لا تعدوه إلـى غيره، فذلك إذا كان، فإنـما يكون بولـيّ وشهود علانـية غير سرّ، وكيف يجوز أن يسمى سرّا وهو علانـية لا يجوز إسراره؟ وفـي بطول هذه الأوجه أن تكون تأويلاً لقوله: وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنّ سِرّا بـما علـيه دللنا من الأدلة وضوح صحة تأويـل ذلك أنه بـمعنى الغشيان والـجماع. وإذا كان ذلك صحيحا، فتأويـل الآية: ولا جناح علـيكم أيها الناس فـيـما عرضتـم به للـمعتدات من وفـاة أزواجهن من خطبة النساء وذلك حاجتكم إلـيهن، فلـم تسرحوا لهن بـالنكاح والـحاجة إلـيهن إذا أكننتـم فـي أنفسكم، فأسررتـم حاجتكم إلـيهن وخطبتكن إياهن فـي أنفسكم ما دمن فـي عددهن، علـم اللّه أنكم ستذكرون خطبتهن وهن فـي عددهن. فأبـاح لكم التعريض بذلك لهنّ، وأسقط الـحرج عما أضمرته نفوسكم حلـما منه، ولكن حرم علـيكم أن تواعدوهنّ جماعا فـي عددهن، بأن يقول أحدكم لإحداهنّ فـي عدتها: قد تزوّجتك فـي نفسي، وإنـما أنتظر انقضاء عدتك، فـيسألها بذلك القول إمكانه من نفسها الـجماع والـمبـاضعة، فحرّم اللّه تعالـى ذكره ذلك. القول فـي تأويـل قوله تعالـى: إلاّ أنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفـا. قال أبو جعفر: ثم قال تعالـى ذكره: إلاّ أنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفـا فـاستثنى القول الـمعروف مـما نهى عنه، من مواعدة الرجل الـمرأة السرّ، وهو من غير جنسه ولكنه من الاستثناء الذي قد ذكرت قبل أنه يأتـي بـمعنى خلاف الذي قبله فـي الصفة خاصة، وتكون (إلا) فـيه بـمعنى (لكن)، فقوله: إلاّ أنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفـا منه، ومعناه: ولكن قولوا قولاً معروفـا. فأبـاح اللّه تعالـى ذكره أن يقول لها الـمعروف من القول فـي عدّتها، وذلك هو ما أذن له بقوله: وَلاَ جُناحَ عَلَـيْكُمْ فِـيـما عَرّضْتُـمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النّساءِ. كما: ٤حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفـيان، عن سلـمة بن كهيـل، عن مسلـم البطين، عن سعيد بن جبـير: إلاّ أنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفـا قال: يقول: إنـي فـيك لراغب، وإنـي لأرجو أن نـجتـمع. ٤حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا عبد اللّه بن صالـح، قال: حدثنـي معاوية بن صالـح، عن علـيّ بن أبـي طلـحة عن ابن عبـاس : إلاّ أنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفـا قال: هوقوله: إن رأيت أن لا تسبقـينـي بنفسك. ٤٤٦٨ـ حدثنـي الـمثنى، قال حدثنا: سويد، قال: أخبرنا ابن الـمبـارك، عن سفـيان، عن لـيث، عن مـجاهد: إلاّ أنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفـا قال: يعنـي التعريض. ٤٤٦٩ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: حدثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد: إلاّ أنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفـا قال: يعنـي التعريض. ٤٤٧٠ـ حدثنـي موسى، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسبـاط، عن السدي: وَلا جُناحَ عَلَـيْكُمْ فِـيـمَا عَرّضْتُـمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النّساءِ إلـى حتّـى يَبْلُغَ الكِتابُ أجَلَهُ قال: هو الرجل يدخـل علـى الـمرأة وهي فـي عدتها، فـ يقول: واللّه إنكم لأكفـاء كرام، وإنكم لرعة، وإنك لتعجبـينـي، وإن يقدّر شيء يكن. فهذا القول الـمعروف. ٤٤٧١ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، وحدثنـي علـيّ، قال: حدثنا زيد، قالا جميعا: قال سفـيان: إلاّ أنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفـا قال: يقول: إنـي فـيك لراغب، وإنـي أرجو إن شاء اللّه أن نـجتـمع. ٤٤٧٢ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد فـي قوله: إلاّ أنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفـا قال: يقول: إن لك عندي كذا، ولك عندي كذا، وأنا معطيك كذا وكذا قال: هذا كله وما كان قبل أن يعقد عقدة النكاح، فهذا كله نسخه قوله: وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النّكاحِ حتـى يَبْلُغَ الكِتابُ أجَلَهُ. ٤٤٧٣ـ حدثنـي يحيى بن أبـي طالب، قال: أخبرنا يزيد، قال: أخبرنا جويبر، عن الضحاك : إلاّ أنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفـا قال: الـمرأة تطلق، أو يـموت عنها زوجها، فـيأتـيها الرجل فـ يقول: احبس علـيّ نفسك، فإن لـي بك رغبة، فتقول: وأنا مثل ذلك. فتتوق نفسه لها، فذلك القول الـمعروف. القول فـي تأويـل قوله تعالـى: وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النّكاح حتـى يَبْلُغَ الكِتابُ أجَلَهُ. يعنـي تعالـى ذكره بقوله: وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النّكاحِ ولا تصححوا عقدة النكاح فـي عدة الـمرأة الـمعتدة، فتوجبوها بـينكم وبـينهن، وتعقدوها قبل انقضاء العدة حَتّـى يَبْلُغَ الكِتَابُ أَجَلَهُ يعنـي: يبلغن أجل الكتاب الذي بـينه اللّه تعالـى ذكره بقوله: وَالّذِينَ يُتَوَفّونَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أزْوَاجا يَتَرَبّصْنَ بأنْفُسِهِنّ أرْبَعَةَ أشْهُرٍ وَعَشْرا فجعل بلوغ الأجل للكتاب. والـمعنى: للـمتناكحين أن لا ينكح الرجل الـمرأة الـمعتدة فـيعزم عقدة النكاح علـيها حتـى تنقضي عدتها، فـيبلغ الأجل الذي أجله اللّه فـي كتابه لانقضائها. كما: ٤٤٧٤ـ حدثنا مـحمد بن بشار وعمرو بن علـيّ، قالا: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفـيان، وحدثنا الـحسن بن يحيى، قال: حدثنا عبد الرزاق، عن الثوري، عن لـيث، عن مـجاهد: حَتـى يَبْلُغَ الكِتابُ أجَلَهُ قال: حتـى تنقضي العدة. ٤٤٧٥ـ حدثنـي موسى، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسبـاط، عن السدي قوله: حتـى يَبْلُغَ الْكِتابُ أجَلَهُ قال: حتـى تنقضي أربعة أشهر وعشر. ٤حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: حتّـى يَبْلُغَ الْكِتابُ أجَلَهُ قال: حتـى تنقضي العدة. ٤حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا ابن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع، مثله. ٤حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: حدثنـي أبـي، قال: حدثنـي عمي، قال: حدثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس : حتـى يَبْلُغَ الكِتابُ أجَلَهُ قال: تنقضي العدة. ٤٤٧٦ـ حدثنـي القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: حدثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء الـخراسانـي عن ابن عبـاس قوله: وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النّكاحِ حتـى يَبْلُغَ الكِتابُ أجَلَهُ قال: حتـى تنقضي العدة. ٤٤٧٧ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك قوله: حتـى يَبْلُغَ الكِتابُ أجَلَهُ قال: لا يتزوّجها حتـى يخـلو أجلها. ٤٤٧٨ـ حدثنا عمرو بن علـيّ، قال: حدثنا أبو قتـيبة، قال: حدثنا يونس بن أبـي إسحاق، عن الشعبـي فـي قوله: وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النّكاحِ حتـى يَبْلُغَ الْكِتابُ أجَلَهُ قال: مخافة أن تتزوّج الـمرأة قبل انقضاء العدة. ٤٤٧٩ـ حدثنا عمرو بن علـيّ، قال: حدثنا عبد الأعلـى، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النّكاحِ حتـى يَبْلُغَ الكِتابُ أجَلَهُ حتـى تنقضي العدة. ٤٤٨٠ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران، وحدثنـي علـيّ، قال: حدثنا زيد جميعا، عن سفـيان قوله: حتـى يَبْلُغَ الكِتابُ أجَلَهُ قال: حتـى تنقضي العدة. القول فـي تأويـل قوله تعالـى: وَاعْلَـمُوا أنّ اللّه يَعْلَـمُ ما فِـي أنْفُسِكُمْ فـاحْذَرُوهُ وَاعْلَـمُوا أنّ اللّه غَفُورٌ حَلِـيـمٌ. يعنـي تعالـى ذكره بذلك: واعلـموا أيها الناس أن اللّه يعلـم ما فـي أنفسكم من هواهن ونكاحهن وغير ذلك من أموركم. فـاحْذَرُوهُ يقول: فـاحذروا اللّه واتقوه فـي أنفسكم أن تأتوا شيئا مـما نهاكم عنه من عزم عقدة نكاحهنّ أو مواعدتهنّ السرّ فـي عددهن، وغير ذلك مـما نهاكم عنه فـي شأنهن فـي حال ما هنّ معتدات، وفـي غير ذلك. وَاعْلَـمُوا أنّ اللّه غَفُورٌ يعنـي أنه ذو ستر لذنوب عبـاده وتغطية علـيها فـيـما تكنّه نفوس الرجال من خطبة الـمعتدات وذكرهم إياهن فـي حال عددهن، وفـي غير ذلك من خطاياهموقوله: حَلِـيـمٌ يعنـي أنه ذو أناة لا يعجل علـى عبـاده بعقوبتهم علـى ذنوبهم. |
﴿ ٢٣٥ ﴾