٢٦٧القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُوَاْ أَنْفِقُواْ مِن طَيّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ ...} يعنـي جل ثناؤه بقوله: يا أيها الذين آمنوا صدّقوا بـاللّه ورسوله وآي كتابه. ويعنـي بقوله: {أنْفِقُوا} زكوا وتصدّقوا. كما: ٤٩٢٤ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا عبد اللّه ، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس قوله: {أنْفِقُوا مِنْ طَيّبـاتِ ما كَسَبْتُـمْ} يقول: تصدقوا. القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {مِنْ طَيّبَـاتِ مَا كَسَبْتُـمْ}. يعنـي بذلك جل ثناؤه: زكوا من طيب ما كسبتـم بتصرّفكم إما بتـجارة، وإما بصناعة من الذهب والفضة، ويعنـي بـالطيبـات: الـجياد. يقول: زكوا أموالكم التـي اكتسبتـموها حلالاً، وأعطوا فـي زكاتكم الذهب والفضة، الـجياد منها دون الرديء. كما: ٤٩٢٥ـ حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: حدثنا مـحمد بن جعفر، عن شعبة، عن الـحكم، عن مـجاهد فـي هذه الآية: {يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا أنْفِقُوا مِنْ طَيّبَـاتِ مَا كَسَبْتُـمْ} قال: من التـجارة. حدثنـي موسى بن عبد الرحمن، قال: حدثنا زيد بن الـحبـاب، قال: وأخبرنـي شعبة، عن الـحكم، عن مـجاهد، مثله. حدثنـي حاتـم بن بكر الضبـي، قال: حدثنا وهب، عن شعبة، عن الـحكم، عن جاهد، مثله. حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا شعبة، عن الـحكم، عن مـجاهد فـي قوله: {وَأنْفِقُوا مِنْ طَيّبَـاتِ مَا كَسَبْتُـمْ} قال: التـجارة الـحلال. ٤٩٢٦ـ حدثنا مـحمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفـيان، عن عطاء بن السائب، عن عبد اللّه بن معقل: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيّبَـاتِ مَا كَسَبْتُـمْ} قال: لـيس فـي مال الـمؤمن من خبـيث، ولكن لا تـيـمـموا الـخبـيث منه تنفقون. ٤٩٢٧ـ حدثنـي عصام بن رواد بن الـجراح، قال: حدثنا أبـي، قال: حدثنا أبو بكر الهذلـي، عن مـحمد بن سيرين، عن عبـيدة، قال: سألت علـيّ بن أبـي طالب صلوات اللّه علـيه عن قوله: {يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا أنْفِقُوا مِنْ طَيّبـاتِ ما كَسَبْتُـمْ} قال: من الذهب والفضة. حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد فـي قوله: {مِنْ طَيّبَـاتِ مَا كَسَبْتُـمْ} قال: التـجارة. حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، مثله. ٤٩٢٨ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا عبد اللّه بن صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس قوله: {أنْفِقُوا مِنْ طَيّبَـاتِ ما كَسَبْتُـمْ} يقول: من أطيب أموالكم وأنفسه. ٤٩٢٩ـ حدثنـي موسى، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسبـاط، عن السدي: {يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا أنْفِقُوا مِنْ طَيّبَـاتِ مَا كَسَبْتُـمْ} قال: من الذهب والفضة. القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {ومِـمّا أخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الأرْضِ}. يعنـي بذلك جلّ ثناؤه: وأنفقوا أيضا مـما أخرجنا لكم من الأرض، فتصدقوا وزكوا من النـخـل والكرم والـحنطة والشعير، وما أوجبت فـيه الصدقة من نبـات الأرض. كما: ٤٩٣٠ـ حدثنـي عصام بن روّاد، قال: ثنـي أبـي، قال: حدثنا أبو بكر الهذلـي، عن مـحمد بن سيرين، عن عبـيدة، قال: سألت علـيا صلوات اللّه علـيه عن قول اللّه عزّ وجل: {ومِـمّا أخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأرْضِ} قال: يعنـي من الـحبّ والثمر وكل شيء علـيه زكاة. ٤٩٣١ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد قوله: {ومِـمّا أخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأرْضِ} قال: النـخـل. حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد: {ومِـمّا أخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأرْضِ} قال: من ثمر النـخـل. ٤٩٣٢ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: حدثنا هشيـم، قال: حدثنا شعبة، عن الـحكم، عن مـجاهد قوله: {يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا أنْفِقُوا مِنْ طَيّبَـاتِ مَا كَسَبْتُـمْ} قال: من التـجارة، {وَمِـمّا أخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأرْضِ} من الثمار. ٤٩٣٣ـ حدثنـي موسى، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسبـاط، عن السدي: {وَمِـمّا أخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأرْضِ} قال: هذا فـي التـمر والـحبّ. القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَلا تَـيَـمّـمُوا الـخَبِـيثَ}. يعنـي بقوله جل ثناؤه {وَلاَ تَـيَـمّـمُوا الـخَبِـيثَ} ولا تعمدوا ولا تقصدوا. مق وقد ذكر أن ذلك فـي قراءة عبد اللّه : (ولا تأمـموا)، من أمـمت، وهذه من تـيـمـمت، والـمعنى واحد وإن اختلفت الألفـاظ، يقال: تأمـمت فلانا وتـيـمـمته وأمـمته، بـمعنى: قصدته وتعمدته، كما قال ميـمون بن قـيس الأعشى: تـيـمّـمْتُ قَـيْسا وكَمْ دُونَهُمِنَ الأرْضِ من مَهْمَهٍ ذي شَزَنْ ٤٩٣٤ـ وكما حدثنا موسى، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسبـاط، عن السدي: {وَلاَ تَـيَـمّـمُوا الـخَبِـيث} ولا تعمّدُوا. ٤٩٣٥ـ حدثنا الـحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة: {وَلا تَـيَـمّـمُوا} لا تعمّدوا. حدثت عن عمار، قال: حدثنا ابن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن قتادة، مثله. ( القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَلا تَـيَـمّـمُوا الـخَبِـيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ}. يعنـي جل ثناؤه بـالـخبث: الرديء غير الـجيد، يقول: لا تعمدوا الرديء من أموالكم فـي صدقاتكم، فتصدّقوا منه، ولكن تصدّقوا من الطيب الـجيد. وذلك أن هذه الآية نزلت فـي سبب رجل من الأنصار علق قِنْوا من حَشَف فـي الـموضع الذي كان الـمسلـمون يعلقون صدقة ثمارهم صدقة من تـمره.) ذكر من قال ذلك: ٤٩٣٦ـ حدثنـي الـحسين بن عمرو بن مـحمد العنقزي، قال: حدثنا أبـي، عن أسبـاط، عن السدي، عن عديّ بن ثابت، عن البراء بن عازب فـي قول اللّه عزّ وجلّ {يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا أنْفِقُوا مِنْ طَيّبـاتِ مَا كَسَبْتُـمْ وَمِـمّا أخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الأرْضِ} إلـى قوله: {وَاللّه غَنِـيّ حَمِيدٌ} قال: نزلت فـي الأنصار، كانت الأنصار إذا كان أيام جذاذ النـخـل أخرجت من حيطانها أقناء البسر، فعلقوه علـى حبل بـين الأسطوانتـين فـي مسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فـيأكل فقراء الـمهاجرين منه، فـيعمد الرجل منهم إلـى الـحشف فـيدخـله مع أقناء البسر، يظنّ أن ذلك جائز، فأنزل اللّه عزّ وجلّ فـيـمن فعل ذلك: {وَلا تَـيَـمّـمُوا الـخَبِـيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} قال لا تـيـمـموا الـحَشَفَ منه تنفقون. حدثنـي موسى، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسبـاط، زعم السدي، عن عديّ بن ثابت، عن البراء بن عازب بنـحوه، إلا أنه قال: فكان يعمد بعضهم، فـيدخـل قنو الـحشف، ويظن أنه جائز عنه فـي كثرة ما يوضع من الأقناء، فنزل فـيـمن فعل ذلك: {وَلاَ تَـيَـمّـمُوا الـخَبِـيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} القنو الذي قد حَشِفَ، ولو أهدي إلـيكم ما قبلتـموه. ٤٩٣٧ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا مؤمل، قال: حدثنا سفـيان، عن السدي، عن أبـي مالك، عن البراء بن عازب، قال: كانوا يجيئون فـي الصدقة بأردإ تـمرهم وأردإ طعامهم، فنزلت: {يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا أنْفِقُوا مِنْ طَيّبَـاتِ ما كَسَبْتُـمْ}.. الآية. ٤٩٣٨ـ حدثنـي عصام بن رواد، قال: حدثنا أبـي، قال: حدثنا أبو بكر الهذلـي، عن ابن سيرين، عن عبـيدة السلـمانـي، قال: سألت علـيا عن قول اللّه : {يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا أنْفِقُوا مِنْ طَيّبـاتِ ما كَسَبْتُـمْ وَمِـمّا أخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأرْضِ وَلاَ تَـيَـمّـمُوا الـخَبِـيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} قال: فقال علـي: نزلت هذه الآية فـي الزكاة الـمفروضة، كان الرجل يعمد إلـى التـمر فـيصرمه، فـيعزل الـجيد ناحية، فإذا جاء صاحب الصدقة أعطاه من الرديء، فقال عزّ وجلّ: {وَلا تَـيَـمّـمُوا الـخَبِـيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ}. ٤٩٣٩ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: ثنـي عبد الـجلـيـل بن حميد الـيحصبـي، أن ابن شهاب حدثه، قال: ثنـي أبو أمامة بن سهل بن حنـيف فـي الآية التـي قال اللّه عزّ وجلّ: {وَلا تَـيَـمّـمُوا الـخَبِـيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} قال: هو الـجُعْرُور، ولون حُبَـيْق، فنهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يؤخذ فـي الصدقة. ٤٩٤٠ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: {وَلاَ تَـيَـمّـمُوا الـخَبِـيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} قال: كانوا يتصدّقون، يعنـي من النـخـل بحشفه وشراره، فنهوا عن ذلك وأمروا أن يتصدّقوا بطيبه. ٤٩٤١ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: {يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا أنْفِقُوا مِنْ طَيّبَـاتِ مَا كَسَبْتُـمْ} إلـى قوله: {وَاعْلَـمُوا أنّ اللّه غَنِـيّ حَمِيدٌ} ذكر لنا أن الرجل كان يكون له الـحائطان علـى عهد نبـيّ اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فـيعمد إلـى أردئهما تـمرا فـيتصدّق به ويخـلط فـيه من الـحشف، فعاب اللّه ذلك علـيهم ونهاهم عنه. ٤٩٤٢ـ حدثنا الـحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة فـي قوله: {وَلا تَـيَـمّـمُوا الـخَبِـيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} قال: تعمد إلـى رذالة مالك فتصدّق به، ولست بآخذه إلا أن تغمض فـيه. ٤٩٤٣ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبـي، عن يزيد بن إبراهيـم، عن الـحسن قال: كان الرجل يتصدّق برذالة ماله، فنزلت: {وَلا تَـيَـمّـمُوا الـخَبِـيثِ مِنْهُ تُنْفِقُونَ}. ٤٩٤٤ـ حدثنا الـمثنى، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قال: أخبرنا عبد اللّه بن كثـير أنه سمع مـجاهدا يقول: {وَلا تَـيَـمّـمُوا الـخَبِـيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} قال: فـي الأقناء التـي تعلّق، فرأى فـيها حشفـا، فقال: (ما هذا؟). قال ابن جريج: سمعت عطاء يقول: علق إنسان حشفـا فـي الأقناء التـي تعلق بـالـمدينة، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (ما هَذَا؟ بِئْسَمَا عَلّقَ هَذَا!) فنزلت: {وَلا تَـيَـمّـمُوا الـخَبِـيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ}. وقال آخرون: معنى ذلك: ولا تـيـمـموا الـخبـيث من الـحرام منه تنفقون، وتدعوا أن تنفقوا الـحلال الطيب. ذكر من قال ذلك: ٤٩٤٥ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: وسألته عن قول اللّه عزّ وجلّ: {وَلاَ تَـيَـمّـمُوا الـخَبِـيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} قال: الـخبـيث: الـحرام، لا تتـيـمه: تنفق منه، فإن اللّه عزّ وجلّ لا يقبله. وتأويـل الآية: هو التأويـل الذي حكيناه عمن حكينا من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم واتفـاق أهل التأويـل فـي ذلك دون الذي قاله ابن زيد. القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَلَسْتُـمْ بِآخِذِيهِ إلاّ أَنْ تُغْمِضُوا فِـيهِ}. (يعنـي بذلك جل ثناؤه: ولستـم بآخذي الـخبـيث فـي حقوقكم. والهاء فـي قوله: {بآخِذِيهِ} من ذِكر الـخبـيث. {إلاّ أنْ تُغْمِضُوا فِـيهِ} يعنـي إلا أن تتـجافوا فـي أخذكم إياه عن بعض الواجب لكم من حقكم، فترخصوا فـيه لأنفسكم،) يقال منه: أغمض فلان لفلان عن بعض حقه فهو يغمض، ومن ذلك قول الطرِمّاح بن حكيـم: لَـمْ يَفُتْنا بـالوِتْرِ قَوْمٌ وللضّيْــيْـمِ رِجالٌ يَرْضَوْنَ بـالإغْماضِ واختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك، فقال بعضهم: معنى ذلك: ولستـم بآخذي هذا الرديء من غرمائكم فـي واجب حقوقكم قبلهم إلا عن إغماض منكم لهم فـي الواجب لكم علـيهم. ذكر من قال ذلك: ٤٩٤٦ـ حدثنا عصام بن رواد قال: حدثنا أبـي، قال: حدثنا أبو بكر الهذلـي، عن مـحمد بن سيرين، عن عبـيدة قال: سألت علـيا عنه، فقال: {وَلَسْتُـمْ بِآخِذِيهِ إلاّ أنْ تُغْمِضُوا فـيه} يقول: ولا يأخذ أحدكم هذا الرديء حتـى يهضم له. ٤٩٤٧ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا مؤمل، قال: حدثنا سفـيان، عن السدي، عن أبـي مالك، عن البراء بن عازب: {وَلَسْتُـمْ بِآخِذِيهِ إلاّ أنْ تُغْمِضُوا فِـيهِ} يقول: لو كان لرجل علـى رجل فأعطاه ذلك لـم يأخذه إلا أن يرى أنه قد نقصه من حقه. ٤٩٤٨ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا عبد اللّه ، قال: حدثنا معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس قوله: {وَلاَ تَـيَـمّـمُوا الـخَبِـيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُـمْ بِآخِذِيهِ إلاّ أَنْ تُغْمِضُوا فِـيهِ}. يقول: لو كان لكم علـى أحد حقّ فجاءكم بحقّ دون حقكم، لـم تأخذوا بحساب الـجيد حتـى تنقصوه، فذلك قوله: {إلاّ أنْ تُغْمِضُوا فِـيهِ} فكيف ترضون لـي ما لا ترضون لأنفسكم، وحقـي علـيكم من أطيب أموالكم وأنفسها؟ وهوقوله: {لَنْ تَنَالُوا البِرّ حتـى تُنْفِقُوا مِـمّا تُـحِبّونَ}. ٤٩٤٩ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد: {وَلَسْتُـمْ بِآخِذِيهِ إلاّ أنْ تُغْمِضُوا فِـيهِ} قال: لا تأخذونه من غرمائكم ولا فـي بـيوعكم إلا بزيادة علـى الطيّب فـي الكيـل. ٤٩٥٠ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: حدثنا أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس قوله: {يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا أنْفِقُوا مِنْ طَيّبَـاتِ مَا كَسَبْتُـمْ ومِـمّا أخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأرْضِ وَلا تَـيَـمّـمُوا الـخَبِـيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُـمْ بِآخِذِيهِ إلاّ أنْ تُغْمِضُوا فِـيهِ} وذلك أن رجالاً كانوا يعطون زكاة أموالهم من التـمر، فكانوا يعطون الـحشف فـي الزكاة، فقال: لو كان بعضهم يطلب بعضا ثم قضاه لـم يأخذه إلا أن يرى أنه قد أغمض عنه حقه. ٤٩٥١ـ حدثت عن عمار، قال: حدثنا ابن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع قوله: {وَلَسْتُـمْ بِآخِذِيهِ إلاّ أنْ تُغْمِضُوا فِـيهِ} يقول: لو كان لك علـى رجل دين فقضاك أردأ مـما كان لك علـيه هل كنت تأخذ ذلك منه إلا وأنت له كاره؟ ٤٩٥٢ـ حدثنـي يحيـى بن أبـي طالب، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا جويبر، عن الضحاك فـي قوله: {يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا أنْفِقُوا مِنْ طَيّبـاتِ مَا كَسَبْتُـمْ} إلـى قوله: {إلاّ أنْ تُغْمِضُوا فِـيهِ} قال: كانوا حين أمر اللّه أن يؤدوا الزكاة يجيء الرجل من الـمنافقـين بأردإ طعام له من تـمر وغيره، فكره اللّه ذلك، وقال: {أنْفِقُوا مِنْ طَيّبـاتِ مَا كَسَبْتُـمْ وَمِـمّا أخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأرْضِ} يقول: لستـم بآخذيه إلا أن تغمضوا فـيه. يقول: لـم يكن رجل منكم له حقّ علـى رجل فـيعطيه دون حقه فـيأخذه إلا وهو يعلـم أنه قد نقصه، فلا ترضوا لـي ما لا ترضون لأنفسكم، فـيأخذ شيئا وهو مغمض علـيه أنقص من حقه. وقال آخرون: معنى ذلك: ولستـم بآخذي هذا الرديء الـخبـيث إذا اشتريتـموه من أهله بسعر الـجيد إلا بإغماض منهم لكم فـي ثمنه. ذكر من قال ذلك: ٤٩٥٣ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبـي، عن عمران بن حدير، عن الـحسن: {وَلَسْتُـمْ بآخِذِيهِ إلاّ أنْ تُغْمِضُوا فِـيـهِ} قال: لو وجدتـموه فـي السوق يبـاع ما أخذتـموه حتـى يُهضم لكم من ثمنه. ٤٩٥٤ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: {وَلَسْتُـمْ بآخِذِيهِ إلاّ أنْ تُغْمِضُوا فِـيهِ} يقول: لستـم بآخذي هذا الرديء بسعر هذا الطيب إلا أن يغمض لكم فـيه. وقال آخرون: معناه: ولستـم بآخذي هذا الرديء الـخبـيث لو أهدي لكم إلا أن تغمضوا فـيه، فتأخذوه وأنتـم له كارهون علـى استـحياء منكم مـمن أهداه لكم. ذكر من قال ذلك: ٤٩٥٥ـ حدثنـي الـحسين بن عمرو بن مـحمد العنقزي، قال: حدثنا أبـي، عن أسبـاط، عن السدي، عن عديّ بن ثابت، عن البراء بن عازب: {وَلَسْتُـمْ بِآخِذِيهِ إلاّ أنْ تُغْمِضُوا فِـيه} قال: لو أهدي لكم ما قبلتـموه إلا علـى استـحياء من صاحبه أنه بعث إلـيك بـما لـم يكن له فـيه حاجة. حدثنـي موسى، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسبـاط، قال: زعم السدي، عن عديّ بن ثابت، عن البراء نـحوه، إلا أنه قال: إلا علـى استـحياء من صاحبه وغيظا أنه بعث إلـيك بـما لـم يكن له فـيه حاجة. وقال آخرون: معنى ذلك: ولستـم بآخذي هذا الرديء من حقكم إلا أن تغمضوا من حقكم. ذكر من قال ذلك: ٤٩٥٦ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن عطاء، عن ابن معقل: {وَلَسْتُـمْ بِآخِذِيهِ} يقول: ولستـم بآخذيه من حقّ هو لكم، إلا أن تغضموا فـيه، يقول: أغمض لك من حقك. وقال آخرون: معنى ذلك: ولستـم بآخذي الـحرام إلا أن تغمضوا علـى ما فـيه من الإثم علـيكم فـي أخذه. ذكر من قال ذلك: ٤٩٥٧ـ حدثنـي يونس، قال: حدثنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: وسألته عن قوله: {وَلَسْتُـمْ بِآخِذِيهِ إلاّ أنْ تُغْمِضُوا فِـيهِ} قال: يقول: لست آخذا ذلك الـحرام حتـى تغمض علـى ما فـيه من الإثم ـ قال: وفـي كلام العرب: أما واللّه لقد أخذه ولقد أغمض علـى ما فـيه ـ وهو يعلـم أنه حرام بـاطل. (والذي هو أولـى بتأويـل ذلك عندنا أن يقال: إن اللّه عزّ وجلّ حثّ عبـاده علـى الصدقة وأداء الزكاة من أموالهم وفرضها علـيهم فـيها، فصار ما فرض من ذلك فـي أموالهم حقا لأهل سهمان الصدقة، ثم أمرهم تعالـى ذكره أن يخرجوا من الطيبِ، وهو الـجيد من أموالهم، الطيبَ، وذلك أن أهل السهمان شركاء أربـاب الأموال فـي أموالهم بـما وجب لهم فـيها من الصدقة بعد وجوبها، فلا شكّ أن كل شريكين فـي مال فلكلّ واحد منهما بقدر ملكه، ولـيس لأحدهما منع شريكه من حقه من الـملك الذي هو فـيه شريكه بإعطائه بـمقدار حقه منه من غيره، مـما هو أردأ منه أو أخسّ، فكذلك الـمزكي ماله حرم اللّه علـيه أن يعطي أهل السهمان مـما وجب لهم فـي ماله من الطيب الـجيد من الـحقّ، فصاروا فـيه شركاء من الـخبـيث الرديء غيره، ويـمنعهم ما هو لهم من حقوقهم فـي الطيب من ماله الـجيد، كما لو كان مال ربّ الـمال رديئا كله غير جيد، فوجبت فـيه الزكاة وصار أهل سهمان الصدقة فـيه شركاء بـما أوجب اللّه لهم فـيه لـم يكن علـيه أن يعطيهم الطيب الـجيد من غير ماله الذي منه حقهم، فقال تبـارك وتعالـى لأربـاب الأموال: زكوا من جيد أموالكم الـجيد، ولا تـيـمـموا الـخبـيث الرديء، تعطونه أهل سهمان الصدقة، وتـمنعونهم الواجب لهم من الـجيد الطيب فـي أموالكم، ولستـم بآخذي الرديء لأنفسكم مكان الـجيد الواجب لكم قِبل من وجب لكم علـيه ذلك من شركائكم وغرمائكم وغيرهم إلا عن إغماض منكم وهضم لهم وكراهة منكم لأخذه. يقول: ولا تأتوا من الفعل إلـى من وجب له فـي أموالكم حقّ ما لا ترضون من غيركم أن يأتـيه إلـيكم فـي حقوقكم الواجبة لكم فـي أموالهم¹ فأما إذا تطوّع الرجل بصدقة غير مفروضة فإنـي وإن كرهت له أن يعطي فـيها إلا أجود ماله وأطيبه¹ لأن اللّه عزّ وجلّ أحقّ من تقرّب إلـيه بأكرم الأموال وأطيبها، والصدقة قربـان الـمؤمن، فلست أحرّم علـيه أن يعطي فـيها غير الـجيد، لأن ما دون الـجيد ربـما كان أعمّ نفعا لكثرته، أو لعظم خطره، وأحسن موقعا من الـمسكين، ومـمن أعطيه قربة إلـى اللّه عزّ وجلّ من الـجيد، لقلته أو لصغر خطره وقلة جدوى نفعه علـى من أعطيه.) وبـمثل ما قلنا فـي ذلك قال جماعة أهل العلـم. ذكر من قال ذلك: ٤٩٥٨ـ حدثنا مـحمد بن عبد الـملك بن أبـي الشوارب، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا سلـمة بن علقمة، عن مـحمد بن سيرين، قال: سألت عبـيدة عن هذه الآية: {يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا أنْفِقُوا مِنْ طَيّبَـاتِ ما كَسَبْتُـمْ ومِـمّا أخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الأرْضِ وَلاَ تَـيَـمّـمُوا الـخَبِـيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُـمْ بِآخِذِيهِ إلاّ أنْ تُغْمِضُوا فِـيهِ} قال: ذلك فـي الزكاة، الدرهم الزائف أحبّ إلـيّ من التـمرة. حدثنـي يعقوب، قال: حدثنا ابن علـية، قال: حدثنا سلـمة بن علقمة، عن مـحمد بن سيرين، قال: سألت عبـيدة عن ذلك، فقال: إنـما ذلك فـي الزكاة، والدرهم الزائف أحبّ إلـيّ من التـمرة. حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا ابن إدريس، عن هشام، عن ابن سيرين، قال: سألت عبـيدة عن هذه الآية: {يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا أنْفِقُوا مِنْ طَيّبَـاتِ مَا كَسَبْتُـمْ وَمِـمّا أخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأرْضِ وَلا تَـيَـمّـمُوا الـخَبِـيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُـمْ بِآخِذِيهِ} فقال عبـيدة: إنـما هذا فـي الواجب، ولا بأس أن يتطوّع الرجل بـالتـمرة، والدرهم الزائف خير من التـمرة. ٤٩٥٩ـ حدثنـي أبو السائب، قال: حدثنا ابن إدريس، عن هشام، عن ابن سيرين فـي قوله: {وَلاَ تَـيَـمّـمُوا الـخَبِـيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} قال: إنـما هذا فـي الزكاة الـمفروضة، فأما التطوّع فلا بأس أن يتصدّق الرجل بـالدرهم الزائف، والدرهم الزائف خير من التـمرة. القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَاعْلَـمُوا أنّ اللّه غَنِـيّ حَمِيدٌ}. يعنـي بذلك جلّ ثناؤه: واعلـموا أيها الناس أن اللّه عزّ وجلّ غنـيّ عن صدقاتكم وعن غيرها، وإنـما أمركم بها، ورفضها فـي أموالكم، رحمة منه لكم لـيغنـي بها عائلكم، ويقوّي بها ضعيفكم، ويجزل لكم علـيها فـي الاَخرة مثوبتكم، لا من حاجة به فـيها إلـيكم. ويعنـي بقوله: {حَمِيدٌ} أنه مـحمود عند خـلقه بـما أولاهم من نعمه، وبسط لهم من فضله. كما: ٤٩٦٠ـ حدثنـي الـحسين بن عمرو بن مـحمد العنقزي، قال: حدثنا أبـي، عن أسبـاط، عن السدي، عن عديّ بن ثابت، عن البراء بن عازب فـي قوله: {وَاللّه غَنِـيّ حَمِيدٌ} عن صدقاتكم. |
﴿ ٢٦٧ ﴾