٢٧٦

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {يَمْحَقُ اللّه الْرّبَا وَيُرْبِي الصّدَقَاتِ وَاللّه لاَ يُحِبّ كُلّ كَفّارٍ أَثِيمٍ }

يعنـي عز وجل بقوله: {يَـمْـحَقُ اللّه الربـا}: ينقص اللّه الربـا فـيذهبه. كما:

٥٠٢٥ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قال:

قال ابن عبـاس : {يَـمْـحَقُ اللّه الرّبـا} قال: ينقص.

وهذا نظير الـخبر الذي رُوي عن عبد اللّه بن مسعود، عن النبـيّ صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: (الرّبـا وَإِنْ كَثُرَ فإلـى قُلّ)وأما قوله: {وَيُرَبى الصّدَقَاتِ} فإنه جل ثناؤه يعنـي: أنه يضاعف أجرها لربها، وينـميها له. وقد بـينا معنى الربـا قبل والإربـاء وما أصله، بـما فـيه الكفـاية من إعادته.

فإن قال لنا قائل: وكيف إربـاء اللّه الصدقات؟

قـيـل: إضعافه الأجر لربها، كما قال جل ثناؤه: {مَثَلُ الّذِينَ يُنْفِقُونَ أمْوَالَهُمْ فِـي سَبِـيـلِ اللّه كَمَثَلِ حَبّةٍ أنْبَتَتْ سَبْع سَنَابِلَ فِـي كُلّ سُنْبلَةٍ مِائَةُ حَبّةٍ} وكما قال: {مَنْ ذَا الّذِي يُقْرِضُ اللّه قَرْضا حَسَنا فَـيُضَاعِفَهُ لَهُ أضْعافـا كَثِـيرَةَ}. وكما:

٥٠٢٦ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا عبـاد بن منصور، عن القاسم أنه سمع أبـا هريرة

يقول: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (إِنّ اللّه عَزّ وَجَلّ يَقْبَلُ الصّدَقَةَ وَيَأخُذُها بِـيَـمِينِهِ، فَـيُرَبّـيها لأحَدِكُمْ كَما يُرَبّـي أحَدُكُمْ مُهْرَهُ، حتـى إِنّ اللّقْمَةَ لَتَصِيرُ مِثْلَ أُحِدٍ). وتصديق ذلك فـي كتاب اللّه عزّ وجل: {ألَـمْ يَعْلَـمُوا أنّ اللّه هُوَ يَقْبَلُ التّوْبَةَ عَنْ عِبـادِهِ ويأخُذُ الصّدَقَاتِ} و{يـمْـحَقُ اللّه الرّبـا ويُرْبَـي الصّدَقَاتِ}.

٥٠٢٧ـ حدثنـي سلـيـمان بن عمر بن خالد الأقطع، قال: حدثنا ابن الـمبـارك، عن سفـيان، عن عبـاد بن منصور، عن القاسم بن مـحمد، عن أبـي هريرة، ولا أراه إلا قد رفعه، قال: (إِنّ اللّه عزّ وجلّ يَقْبَلُ الصّدَقَةَ، ولا يَقْبَلُ إلا الطّيّبَ).

٥٠٢٨ـ حدثنـي مـحمد بن عمر بن علـيّ الـمقدمي، قال: حدثنا ريحان بن سعيد، قال: حدثنا عبـاد، عن القاسم، عن عائشة قالت: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (إِنّ اللّه تَبَـارَكَ وَتَعالـى يَقْبَلُ الصّدَقَةَ وَلا يَقْبَلُ مِنْهَا إِلاّ الطّيّبَ، وَيُرَبّـيها لِصَاحِبِها كَمَا يُرَبّـي أحَدُكُمْ مُهْرَهُ أوْ فَصِيـلَهُ، حتـى إِنّ اللّقْمَةَ لَتَصِيرُ مِثْلَ أُحُدٍ). وتصديق ذلك فـي كتاب اللّه عزّ وجلّ: {يَـمْـحَقُ اللّه الرّبـا وَيُرَبِـي الصّدَقَاتِ}.

٥٠٢٩ـ حدثنـي مـحمد بن عبد الـملك، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر، عن أيوب، عن القاسم بن مـحمد، عن أبـي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (إِنّ العَبْدَ إذَا تَصَدّقَ مِنْ طَيّبٍ تَقَبّلَهَا اللّه مِنْهُ، وَيَأَخُذُها بِـيَـمِينِهِ وَيُرَبّـيهَا كَمَا يُرَبَـي أحَدُكُمْ مُهْرَهُ أوْ فَصِيـلَهُ. وَإِنّ الرّجُلَ لَـيَتَصَدّقُ بِـاللّقْمَةِ فَتَرْبُو فِـي يَدِ اللّه )، أو قال: (فـي كف اللّه عَزّ وَجَلّ حتـى تَكُونَ مِثْلَ أُحُدٍ¹ فَتَصَدّقُوا).

حدثنا مـحمد بن عبد الأعلـى، قال: حدثنا الـمعتـمر بن سلـيـمان، قال: سمعت يونس، عن صاحب له، عن القاسم بن مـحمد، قال: قال أبو هريرة: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (إِنّ اللّه عَزّ وَجَلّ يَقْبَلُ الصّدَقَةَ بِـيَـمِينِهِ، وَلاَ يَقْبَلُ مِنْهَا إِلاّ مَا كَانَ طَيّبـا، وَاللّه يُرَبّـي لأحَدِكُمْ لُقْمَتَهُ كَمَا يُرَبّـي أحَدُكُمْ مُهْرَهُ وَفَصِيـلَهُ، حتـى يُوافَـى بِها يَوْمَ القِـيامَةِ وَهِيَ أعْظَمُ مِنْ أُحُدٍ).

وأما قوله: {وَاللّه لاَ يُحِبّ كُلّ كَفّـارٍ أثِـيـمٍ} فإنه يعنـي به: واللّه لا يحبّ كل مصرّ علـى كفر بربه، مقـيـم علـيه، مستـحلّ أكل الربـا وإطعامه، أثـيـم متـماد فـي الإثم فـيـما نهاه عنه من أكل الربـا والـحرام وغير ذلك من معاصيه، لا ينزجر عن ذلك، ولا يرعوي عنه، ولا يتعظ بـموعظة ربه التـي وعظه بها فـي تنزيـله وآي كتابه.

﴿ ٢٧٦