٩القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {رَبّنَآ إِنّكَ جَامِعُ النّاسِ لِيَوْمٍ لاّ رَيْبَ فِيهِ إِنّ اللّه لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ } يعنـي بذلك جل ثناؤه: أنهم يقولون أيضا مع قولهم آمنا بـما تشابه من آي كتاب ربنا كل الـمـحكم والـمتشابه الذي فـيه من عند ربنا يا ربنا إنك جامع الناس لـيوم لا ريب فـيه، إن اللّه لا يخـلف الـميعاد. وهذا من الكلام الذي استغنـي بذكر ما ذكر منه عما ترك ذكره. وذلك أن معنى الكلام: ربنا إنك جامع الناس لـيوم القـيامة فـاغفر لنا يومئذٍ، واعف عنا، فإنك لا تـخـلف وعدك، أن من آمن بك، واتبع رسولك، وعمل بـالذي أمرته به فـي كتابك أنك غافره يومئذٍ. وإنـما هذا من القوم مسألة ربهم أن يثبتهم علـى ما هم علـيه من حسن بصرتهم بـالإيـمان بـاللّه ورسوله، وما جاءهم به من تنزيـله، حتـى يقبضهم علـى أحسن أعمالهم وإيـمانهم، فإنه إذا فعل ذلك بهم وجبت لهم الـجنة، لأنه قد وعد من فعل ذلك به من عبـاده أنه يدخـله الـجنة، فـالاَية وإن كانت قد خرجت مخرج الـخبر، فإن تأويـلها من القوم مسألة ودعاء ورغبة إلـى ربهم. وأما معنى قوله: {لِـيَوْمٍ لاَ رَيْبَ فِـيهِ} فإنه لا شك فـيه. وقد بـينا ذلك بـالأدلة علـى صحته فـيـما مضى قبل. ومعنى قوله: {لِـيَوْمٍ} فـي يوم، وذلك يوم يجمع اللّه فـيه خـلقه لفصل القضاء بـينهم فـي موقـف العرض والـحساب، والـميعاد: الـمفعال من الوعد. |
﴿ ٩ ﴾