١١القول فـي تأويـل قوله تعالـى:{كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذّبُواْ بِآيَاتِنَا ...} يعنـي بذلك جلّ ثناؤه: إن الذين كفروا لن تغنـي عنهم أموالهم ولا أولادهم من اللّه شيئا عند حلول عقوبتنا بهم، كسنة آل فرعون وعادتهم، والذين من قبلهم من الأمـم الذين كذبوا بآياتنا، فأخذناهم بذنوبهم فأهلكناهم حين كذبوا بآياتنا، فلن تغنـي عنهم أموالهم ولا أولادهم من اللّه شيئا حين جاءهم بأسنا كالذي عوجلوا بـالعقوبة علـى تكذيبهم ربهم من قبل آل فرعون من قوم نوح وقوم هود وقوم لوط وأمثالهم. واختلف أهل التأويـل فـي تأويـل قوله: {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ} فقال بعضهم: معناه: كسنتهم. ذكر من قال ذلك: ٥٣٦٢ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا إسحاق بن الـحجاج، قال: حدثنا عبد اللّه بن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع فـي قوله: {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ} يقول: كسنتهم. وقال بعضهم: معناه: كعملهم. ذكر من قال ذلك: ٥٣٦٣ـ حدثنا مـحمد بن بشار، قال: حدثنا مؤمل، قال: حدثنا سفـيان، وحدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو نعيـم، قال: حدثنا سفـيان جميعا، عن جويبر، عن الضحاك : {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنِ} قال: كعمل آل فرعون. ٥٣٦٤ـ حدثنا يحيـى بن أبـي طالب، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا جويبر. عن الضخاك فـي قوله: {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ} قال: كعمل آل فرعون. ٥٣٦٥ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد فـي قوله: {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ} قال: كفعلهم كتكذيبهم حين كذبوا الرسل. وقرأ قول اللّه : {مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ} أن يصيبكم مثل الذي أصابهم علـيه من عذاب اللّه قال: الدأب: العمل. ٥٣٦٦ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: حدثنا أبو تـميـلة يحيـى بن واضح، عن أبـي حمزة، عن جابر، عن عكرمة ومـجاهد فـي قوله: {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ} قال: كفعل آل فرعون، كشأن آل فرعون. ٥٣٦٧ـ حدثت عن الـمنـجاب، قال: حدثنا بشر بن عمارة، عن أبـي روق، عن الضحاك ، عن ابن عبـاس فـي قوله: {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ} قال: كصنع آل فرعون. وقال آخرون: معنى ذلك: كتكذيب آل فرعون. ذكر من قال ذلك: ٥٣٦٨ـ حدثنـي موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسبـاط، عن السدي: {كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذّبُوا بِآيَاتِنَا فَأخَذَهُمُ اللّه بِذُنُوبِهِمْ} ذكر الذين كفروا وأفعال تكذيبهم كمثل تكذيب الذين من قبلهم فـي الـجحود والتكذيب. وأصل الدأب من دأبت فـي الأمر دأْبـا: إذا أدمنت العمل والتعب فـيه. ثم إن العرب نقلت معناه إلـى الشأن والأمر والعادة، كما قال امرؤ القـيس بن حجر: وَإِنّ شِفـائي عَبْرَةٌ مُهَرَاقَةٌفَهَلْ عندَ رَسْمٍ دَارِسٍ من مُعَوّلِ كَدأْبِكَ مِنْ أُم الـحُوَيْرِث قَبْلَهاوَجارَتِها أُمّ الرّبـابِ بِـمأْسَل يعنـي بقوله كدأبك: كشأنك وأمرك وفعلك، يقال منه: هذا دأبـي ودأبك أبدا، يعنـي به: فعلـي وفعلك وأمري وأمرك، وشأنـي وشأنك، يقال منه: دأبت دووبـا ودَأْبـا. وحكي عن العرب سماعا: دأبت دَأَبـا مثقلة مـحركة الهمزة، كما قـيـل هذا شعَر وبهَر، فتـحرك ثانـيه لأنه حرف من الـحروف الستة، فألـحق الدأب إذ كان ثانـيه من الـحروف الستة، كما قال الشاعر: لَهُ نَعْلٌ لاَ يَطّبِـي الكَلْبَ رِيحُهاوَإِنْ وُضِعَتْ بَـيْنَ الـمَـجالِسِ شُمّتِ وأما قوله: {وَاللّه شَدِيدُ العِقَابِ} فإنه يعنـي به: واللّه شديد عقابه لـمن كفر به وكذّب رسله بعد قـيام الـحجة علـيه. |
﴿ ١١ ﴾