١٤القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {زُيّنَ لِلنّاسِ حُبّ الشّهَوَاتِ مِنَ النّسَاءِ ...} يعنـي تعالـى ذكره: (زين للناس مـحبة ما يشتهون من النساء والبنـين وسائر ما عدّ. وإنـما أراد بذلك توبـيخ الـيهود الذين آثروا الدنـيا وحبّ الرياسة فـيها علـى اتبـاع مـحمد صلى اللّه عليه وسلم بعد علـمهم بصدقه. وكان الـحسن يقول: من زَيْنها ما أحدٌ أشدّ لها ذما من خالقها.) ٥٣٩٣ـ حدثنـي بذلك أحمد بن حازم: قال: حدثنا أبو نعيـم، قال: حدثنا أبو الأشعث، عنه. ٥٣٩٤ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن عطاء، عن أبـي بكر بن حفص بن عمر بن سعد، قال: قال عمر: لـما نزل: {زُيّنَ للنّاسِ حُبّ الشّهَوَاتِ} قلت: الاَن يا ربّ حين زينتها لنا! فنزلت: {قُلْ أَؤنَبّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلّذِينَ اتّقَوْا عِنْدَ رَبّهِمْ جَنّاتٌ تَـجْرِي مِنْ تَـحْتِهَا الأنْهارُ}.. الاَية. وأما القناطير: فإنها جمع القنطار. واختلف أهل التأويـل فـي مبلغ القنطار، فقال بعضهم: هو ألف ومائتا أوقـية. ذكر من قال ذلك: ٥٣٩٥ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفـيان، عن أبـي حصين، عن سالـم بن أبـي الـجعد، عن معاذ بن جبل، قال: القنطار: ألف ومائتا أوقـية. حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، قال: حدثنا أبو حصين، عن سالـم بن أبـي الـجعد، عن معاذ، مثله. ٥٣٩٦ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنا، يعنـي حفص بن ميسرة، عن أبـي مروان، عن أبـي طيبة، عن ابن عمر، قال: القنطار: ألف ومائتا أوقـية. ٥٣٩٧ـ حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم، قال: حدثنا قاسم بن مالك الـمزنـي، قال: أخبرنـي العلاء بن الـمسيب، عن عاصم بن أبـي النّـجود، قال: القنطار: ألف ومائتا أوقـية. ٥٣٩٨ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهديّ، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن عاصم بن بهدلة، عن أبـي صالـح، عن أبـي هريرة، مثله. ٥٣٩٩ـ حدثنـي زكريا بن يحيـى الصديق، قال: حدثنا شبـابة، قال: حدثنا مخـلد بن عبد الواحد، عن علـيّ بن زيد عن عطاء بن أبـي ميـمونة، عن زرّ بن حبـيش، عن أبـيّ بن كعب، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (القِنْطَارُ ألْفُ أُوقِـيّةٍ وَمِائَتا أُوقِـيّة). وقال آخرون: القنطار: ألف دينار ومائتا دينار. ذكر من قال ذلك: ٥٤٠٠ـ حدثنا عمران بن موسى، قال: حدثنا عبد الوارث بن سعيد، قال: حدثنا يونس عن الـحسن، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (القِنْطَارُ ألْفٌ وَمِائَتا دِينارٍ). ٥٤٠١ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا يونس، عن الـحسن، قال: القنطار: ألف ومائتا دينار. ٥٤٠٢ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: حدثنا أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس قال: القنطار ألف ومائتا دينار، ومن الفضة ألف ومائتا مثقال. ٥٤٠٣ـ حدثت عن الـحسين، قال: سمعت أبـا معاذ، قال: أخبرنا عبـيد بن سلـمان، قال: سمعت الضحاك بن مزاحم يقول: القناطير الـمقنطرة، يعنـي: الـمال الكثـير من الذهب والفضة، والقنطار: ألف ومائتا دينار، ومن الفضة: ألف ومائتا مثقال. وقال آخرون: القنطار: اثنا عشر ألف درهم، أو ألف دينار. ذكر من قال ذلك: ٥٤٠٤ـ حدثنـي علـيّ بن داود، قال: حدثنا أبو صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس ، قال: القنطار: اثنـي عشر ألف درهم، أو ألف دينار. ٥٤٠٥ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيـم، عن جويبر، عن الضحاك ، قال: القنطار: ألف دينار، ومن الورِق: اثنا عشر ألف درهم. ٥٤٠٦ـ حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن الـحسن: أن القنطار اثنا عشر ألفـا. حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: أخبرنا عوف، عن الـحسن: القنطار: اثنا عشر ألفـا. حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عوف، عن الـحسن: اثنا عشر ألفـا. حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الأعلـى، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن الـحسن بـمثل. ٥٤٠٧ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيـم، عن عوف، عن الـحسن، قال: القنطار: ألف دينار، دية أحدكم. وقال آخرون: هو ثمانون ألفـا من الدراهم، أو مائة رطل من الذهب. ذكر من قال ذلك: ٥٤٠٨ـ حدثنا مـحمد بن بشار ومـحمد بن الـمثنى، قالا: حدثنا يحيـى بن سعيد، عن سلـيـمان التـيـمي، عن قتادة، عن سعيد بن الـمسيب، قال: القنطار، ثمانون ألفـا. حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيـم، عن علـي بن زيد، عن سعيد بن الـمسيب، قال: القنطار: ثمانون ألفـا. ٥٤٠٩ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قال: كنا نـحدث أن القنطار مائة رطل من ذهب، أو ثمانون ألفـا من الورِق. حدثنا الـحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، قال: القنطار: مائة رطل من ذهب، أو ثمانون ألف درهم من وَرِق. ٥٤١٠ـ حدثنا أحمد بن حازم، قال: حدثنا أبو نعيـم، قال: حدثنا سفـيان، عن إسماعيـل، عن أبـي صالـح، قال: القنطار: مائة رطل. ٥٤١١ـ حدثنـي موسى، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسبـاط، عن السدي: القنطار يكون مائة رطل، وهو ثمانـية آلاف مثقال. وقال آخرون: القنطار سبعون ألفـا. ذكر من قال ذلك: ٥٤١٢ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد فـي قول اللّه : {القَنَاطِيرِ الـمُقَنْطَرَةِ} قال: القنطار: سبعون ألف دينار. حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، مثله. ٥٤١٣ـ حدثنا الـحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا عمر بن حوشب، قال: سمعت عطاء الـخراسانـي، قال: سئل ابن عمر عن القنطار، فقال: سبعون ألفـا. وقال آخرون: هي ملء مَسْك ثور ذهبـا. ذكر من قال ذلك: ٥٤١٤ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا سالـم بن نوح، قال: حدثنا سعيد الـجريري، عن أبـي نضرة، قال: ملء مسك ثور ذهبـا. حدثنـي أحمد بن حازم، قال: حدثنا أبو نعيـم، قال: حدثنا أبو الأشعث، عن أبـي نضرة: ملء مسك ثور ذهبـا. وقال آخرون: هو الـمال الكثـير. ذكر من قال ذلك: ٥٤١٥ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد اللّه بن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع بن أنس، قال: {القناطير الـمقنطرة}: الـمال الكثـير بعضه علـى بعض. وقد ذكر بعض أهل العلـم بكلام العرب أن العرب لا تـحدّ القنطار بـمقدار معلوم من الوزن، ولكنها تقول: هو قدر ووزن. وقد ينبغي أن يكون ذلك كذلك، لأن ذلك لو كان مـحدودا قدره عندها لـم يكن بـين متقدمي أهل التأويـل فـيه كل هذا الاختلاف. (فـالصواب فـي ذلك أن يقال: هو الـمال الكثـير، كما قال الربـيع بن أنس، ولا يحدّ قدر وزنه بحدّ علـى تعنف، وقد قـيـل ما قـيـل مـما رويناوأما الـمقنطرة: فهي الـمضعفة، وكأن القناطير ثلاثة والـمقنطرة تسعة، وهو كما قال الربـيع بن أنس: الـمال الكثـير بعضه علـى بعض.) كما: ٥٤١٦ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: القناطير الـمقنطرة من الذهب والفضة: والـمقنطرة الـمال الكثـير بعضه علـى بعض. ٥٤١٧ـ حدثت عن الـحسين، قال: سمعت أبـا معاذ، قال: أخبرنا عبـيد بن سلـمان، قال: سمعت الضحاك فـي قوله: {القَنَاطِير الـمُقَنْطَرة}: يعنـي الـمال الكثـير من الذهب والفضة. وقال آخرون: معنى الـمقنطرة: الـمضروبة دراهم أو دنانـير. ذكر من قال ذلك: ٥٤١٨ـ حدثنا موسى، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسبـاط، عن السدي: أما قوله: {الـمُقْنَطَرَة} فـ يقول: الـمضروبة حتـى صارت دنانـير أو دراهم. وقد رُوي عن النبـي صلى اللّه عليه وسلم فـي قوله: {وآتَـيْتُـمْ إحْدَاهُنّ قِنْطارا} خبر لو صح سنده لـم نعده إلـى غيره، وذلك ما: ٥٤١٩ـ حدثنا به ابن عبد الرحمن البرقـي، قال: ثنـي عمرو بن أبـي سلـمة، قال: حدثنا زهير بن مـحمد، قال: ثنـي أبـان بن أبـي عياش وحميد الطويـل، عن أنس بن مالك، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: {وآتَـيْتُـمْ إحْدَاهُنّ قِنْطارا} قال: (ألْفَـا مِئِين). يعنـي ألفـين. القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {والـخَيْـلُ الـمُسَوّمَةِ}. اختلف أهل التأويـل فـي معنى الـمسوّمة، فقال بعضهم: هي الراعية. ذكر من قال ذلك: ٥٤٢٠ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبـي، عن سفـيان، عن حبـيب بن أبـي ثابت، عن سعيد بن جبـير: الـخيـل الـمسوّمة، قال: الراعية التـي ترعى. حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفـيان، عن حبـيب، عن سعيد بن جبـير، مثله. حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو نعيـم، قال: حدثنا سفـيان، عن حبـيب، عن سعيد بن جبـير، مثله. حدثنا الـحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا سفـيان، عن حبـيب بن أبـي ثابت، عن سعيد بن جبـير: هي الراعية، يعنـي السائمة. ٥٤٢١ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبـي، عن طلـحة القناد، قال: سمعت عبد اللّه بن عبد الرحمن بن أبزى يقول: الراعية. ٥٤٢٢ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس : {والـخَيْـلِ الـمُسَوّمَةِ} قال: الراعية. ٥٤٢٣ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن الـحسن: {والـخَيْـلِ الـمُسَوّمَةِ} الـمسرّحة فـي الرعي. ٥٤٢٤ـ حدثت عن عمار بن الـحسن، قال: حدثنا ابن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع قوله: {والـخَيْـلِ الـمُسَوّمَةِ} قال: الـخيـل الراعية. ٥٤٢٥ـ حدثت عن عمار، قال: حدثنا ابن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن لـيث، عن مـجاهد أنه كان يقول: الـخيـل الراعية. وقال آخرون: الـمسوّمة: الـحسان. ذكر من قال ذلك: ٥٤٢٦ـ حدثنا مـحمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفـيان، عن حبـيب، قال: قال مـجاهد: الـمسوّمة: الـمطهمة. حدثنا الـحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن حبـيب بن أبـي ثابت، عن مـجاهد فـي قوله: {وَالـخَيْـلِ الـمُسَوّمَةِ} قال: الـمطهمة الـحسان. حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد فـي قوله: {وَالـخَيْـلِ الـمُسَوّمَةِ} قال: الـمطهمة حسنا. حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيج، عن مـجاهد، مثله. حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو نعيـم، قال: حدثنا سفـيان، عن حبـيب، عن مـجاهد: الـمطهمة. ٥٤٢٧ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن الـمقري، قال: حدثنا سعيد بن أبـي أيوب، عن بشير بن أبـي عمرو الـخولانـي، قال: سألت عكرمة عن الـخيـل الـمسوّمة، قال: تسويـمها: حسنها. حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرنـي سعيد بن أبـي أيوب، عن بشير بن أبـي عمرو الـخولانـي، قال: سمعت عكرمة يقول: {الـخَيْـلِ الـمُسَوّمَةِ} قال: تسويـمها: الـحسن. ٥٤٢٨ـ حدثنـي موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسبـاط، عن السدي: {وَالـخَيْـلِ الـمُسَوّمَةِ والأنْعَامِ} الرائعة. وقد حدثنـي بهذا الـحديث عن عمرو بن حماد غير موسى، قال: الراعية. وقال آخرون: {الـخَيْـلِ الـمُسَوّمَةِ} الـمعلـمة. ذكر من قال ذلك: ٥٤٢٩ـ حدثنـي علـيّ بن داود، قال: حدثنا أبو صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس : {والـخَيْـلِ الـمُسَوّمَةِ} يعنـي: الـمعلـمة. ٥٤٣٠ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: {والـخَيْـلِ الـمُسَوّمَةِ} وسيـماها شِيَتها. حدثنا الـحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة فـي قوله: {والـخَيْـلِ الـمُسَوّمَةِ} قال: شية الـخيـل فـي وجوهها. وقال غيرهم: الـمسوّمة: الـمعدّة للـجهاد. ذكر من قال ذلك: ٥٤٣١ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد {وَالـخَيْـلِ الـمُسَوّمَةِ} قال: الـمعدة للـجهاد. قال أبو جعفر: أولـى هذه الأقوال بـالصواب فـي تأويـل قوله: {والـخَيْـلِ الـمُسَوّمَةِ} الـمعلـمة بـالشيات الـحسان الرائعة حسنا من رآها، لأن التسويـم فـي كلام العرب: هو الإعلام، فـالـخيـل الـحسان معلـمة بإعلام إياها بـالـحسن من ألوانها وشياتها وهيئاتها، وهي الـمطهمة أيضا، ومن ذلك قول نابغة بنـي ذبـيان فـي صفة الـخيـل: بِسُمْرٍ كالْقِدَاحٍ مُسَوّماتٍعلـيها مَعْشَرٌ أشبـاهُ جِنّ يعنـي بـالـمسوّمات: الـمعلـمات وقول لبـيد: وَغَدَاةَ قَاعِ القُرْنَتَـيْنِ أتَـيْنَهُمْ زُجَلاً يَـلُوحُ خِلالَها التّسْويـمُ فمعنى تأويـل من تأول ذلك: الـمطهمة، والـمعلـمة، والرائعة واحدوأما قول من تأوّله بـمعنى الراعية فإنه ذهب إلـى قول القائل: أسَمْتُ الـماشية فأنا أُسيـمها إسامة: إذا رعيتها الكلأ والعشب، كما قال اللّه عزّ وجلّ: {ومنهُ شجرٌ فِـيهِ تسيـمونَ} بـمعنى ترعون، ومنه قول الأخطل: مثلِ ابن بَزْعَةَ أو كآخَرَ مِثْلِهِأوْلـى لكَ ابنَ مُسِيـمَةِ الأجْمالِ يعنـي بذلك راعية الأجمال، فإذا أريد أن الـماشية هي التـي رعت، قـيـل: سامت الـماشية تسوم سوما، ولذلك قـيـل: إبل سائمة، بـمعنى راعية، غير أنه مستفـيض فـي كلامهم سوّمت الـماشية، بـمعنى أرعيتها، وإنـما يقال إذا أريد ذلك: أسمتها. فإذا كان ذلك كذلك، فتوجيه تأويـل الـمسوّمة إلـى أنها الـمعلـمة بـما وصفنا من الـمعانـي التـي تقدم ذكرها أصحّوأما الذي قاله ابن زيد من أنها الـمعدّة فـي سبـيـل اللّه ، فتأويـل من معنى الـمسوّمة بـمعزل. القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {والأنْعامِ والـحَرْثِ}. (فـالأنعام جمع نعم: وهي الأزواج الثمانـية التـي ذكرها فـي كتابه من الضأن والـمعز والبقر والإبلوأما الـحرث: فهو الزرع. وتأويـل الكلام: زين للناس حبّ الشهوات من النساء ومن البنـين، ومن كذا ومن كذا، ومن الأنعام والـحرث.) القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {ذَلِكَ مَتاعُ الـحَيَاةِ الدّنْـيا وَاللّه عِنْدَهُ حُسْنُ الـمآبِ}. يعنـي بقوله جل ثناؤه: ذلك جميع ما ذكر فـي هذه الاَية من النساء والبنـين، والقناطير الـمقنطرة من الذهب والفضة، والـخيـل الـمسوّمة، والأنعام والـحرث، فكنى بقوله (ذلك) عن جميعهن، وهذا يدلّ علـى أن (ذلك) يشتـمل علـى الأشياء الكثـيرة الـمختلفة الـمعانـي، ويكنى به عن جميع ذلكوأما قوله: {مَتاعُ الـحَيَاةِ الدّنْـيا} فإنه خبر من اللّه عن أن ذلك كله مـما يستـمتع به فـي الدنـيا أهلها أحياء، فـيتبلغون به فـيها، ويجعلونه وصلة فـي معايشهم، وسببـا لقضاء شهواتهم، التـي زين لهم حبها، فـي عاجل دنـياهم، دون أن يكون عدّة لـمعادهم، وقربة لهم إلـى ربهم، إلا ما أسلك فـي سبـيـله، وأنفق منه فـيـما أمر به. وأما قوله: {وَاللّه عِنْدَهُ حُسْنُ الـمآبِ} فإنه يعنـي بذلك جل ثناؤه: وعند اللّه حسن الـمآب، يعنـي حسن الـمرجع. كما: ٥٤٣٢ـ حدثنـي موسى، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسبـاط، عن السدي: {وَاللّه عِنْدَهُ حُسْنُ الـمآبِ} يقول: حسن الـمنقلب، وهي الـجنة. وهو مصدر علـى مثال مفْعَل، من قول القائل: آب الرجل إلـينا: إذا رجع، فهو يؤوب إيابـا وأوبة وأيبة ومآبـا، غير أن موضع الفـاء منها مهموز، والعين مبدلة من الواو إلـى الألف بحركتها إلـى الفتـح، فلـما كان حظها الـحركة إلـى الفتـح، وكانت حركتها منقولة إلـى الـحرف الذي قبلها وهو فـاء الفعل انقلبت فصارت ألفـا، كما قـيـل: قال: فصارت عين الفعل ألفـا، لأن حظها الفتـح والـمآب، مثل الـمقال والـمعاد والـمـحال، كل ذلك مَفْعَلْ، منقولة حركة عينه إلـى فـائه، فتصير وواه أو ياؤه ألفـا لفتـحة ما قبلها. فإن قال قائل: وكيف قـيـل: {وَاللّه عِنْدَهُ حُسْنُ الـمآبِ} وقد علـمت ما عنده يومئذٍ من ألـيـم العذاب وشديد العقاب؟ قـيـل: إن ذلك معنـيّ به خاصّ من الناس، ومعنى ذلك: واللّه عنده حسن الـمآب للذين اتقوا ربهم، وقد أنبأنا عن ذلك فـي هذه الاَية التـي تلـيها. فإن قال: وما حسن الـمآب؟ قـيـل: هو ما وصفه به جلّ ثناؤه، وهو الـمرجع إلـى جنات تـجري من تـحتها الأنهار مخـلدا فـيها، وإلـى أزواج مطهرة ورضوان من اللّه . |
﴿ ١٤ ﴾