١٦

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {الّذِينَ يَقُولُونَ رَبّنَآ إِنّنَآ آمَنّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النّارِ }

ومعنى ذلك: قل هل أنبئكم بخير من ذلكم؟ للذين اتقوا يقولون ربنا آمنا إننا، فاغفر لنا ذنوبناوقنا عذاب النار. وقد يحتمل (الذين يقولون) وجهين من الإعراب: الخفض على الرد على (الذين) الأولى، والرفع على الإبتداء، إذ كان في مبتدأ آية أخرى غير التي فيها (الذين) الأولى، فيكون رفعها نظير قول اللّه عز وجل: {إنّ اللّه اشْتَرَى منَ المُؤْمِنِنَ أنفُسَهُمْ وَأَموَالَهُمْ} ثم قال في مبتدإ الاَية التي بعدها {التّائِبُونَ العابِدونَ}، ولو كان جاء ذلك مخفوضا كان جائزا.

ومعنى قوله: {الّذِينَ يَقُولُونَ رَبّنَا إنّنا آمَنّا فـاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا} الذين يقولون: إننا صدقنا بك وبنبـيك، وما جاء به من عندك¹ {فـاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا}

يقول: فـاستر علـينا بعفوك عنها وتركك عقوبتنا علـيها¹ {وَقِنا عَذَابَ النّارِ} ادفع عنا عذابك إيانا بـالنار أن تعذبنا بها. وإنـما معنى ذلك: لا تعذبنا يا ربنا بـالنار. وإنـما خصوا الـمسألة بأن يقـيهم عذاب النار، لأن من زحزم يومئذ عن النار فقد فـاز بـالنـجاة من عذاب النار وحسن مآبه. وأصل قوله (قِنا): من قول القائل: وقـى اللّه فلانا كذا، يراد به: دفع عنه فهو يقـيه، فإذا سأل بذلك سائل قال: قنـي كذا.

﴿ ١٦