٢٩

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ ...}

يعنـي بذلك جلّ ثناؤه: قل يا مـحمد للذين أمرتهم أن لا يتـخذوا الكافرين أولـياء من دون الـمؤمنـين، إن تـخفوا ما فـي صدوركم من موالاة الكفـار فتسرّوه، أو تبدوا ذلكم من أنفسكم بألسنتكم وأفعالكم، فتظهروه يعلـمه اللّه فلا يخفـى علـيه¹

يقول: فلا تضمروا لهم مودّة، ولا تظهروا لهم موالاة، فـينالكم من عقوبة ربكم ما لا طاقة لكم به، لأنه يعلـم سركم وعلانـيتكم، فلا يخفـى علـيه شيء منه، وهو مـحصيه علـيكم حتـى يجازيكم علـيه بـالإحسان إحسانا، وبـالسيئة مثلها. كما:

٥٥٠٦ـ حدثنـي موسى، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسبـاط، عن السدي، قال: أخبرهم أنه يعلـم ما أسرّوا من ذلك وما أعلنوا،

فقال: {إِنْ تُـخْفُوا ما فـي صُدُورِكُمْ أوْ تُبْدُوهُ}.

وأما قوله: {وَيَعْلَـمُ مَا فِـي السّمَوَاتِ وَمَا فِـي الأرْضِ} فإنه يعنـي أنه إذ كان لا يخفـى علـيه شيء هو فـي سماء أو أرض أو حيث كان، فكيف يخفـى علـيه أيها القوم الذين يتـخذون الكافرين أولـياء من دون الـمؤمنـين، ما فـي صدوركم من الـميـل إلـيهم بـالـمودّة والـمـحبة، أو ما تبدونه لهم بـالـمعونة فعلاً وقولاً.

وأما قوله: {وَاللّه علـى كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} فإنه يعنـي: واللّه قدير علـى معاجلتكم بـالعقوبة علـى موالاتكم إياهم، ومظاهرتكموهم علـى الـمؤمنـين، وعلـى ما يشاء من الأمور كلها، لا يتعذّر علـيه شيء أراده، ولا يـمتنع علـيه شيء طلبه.

﴿ ٢٩