٣٤

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {ذُرّيّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّه سَمِيعٌ عَلِيمٌ }

يعنـي بذلك: أن اللّه اصطفـى آل إبراهيـم وآل عمران {ذُرّيّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ} فـالذرّية منصوبة علـى القطع من آل إبراهيـم وآل عمران: لأن (الذرّية) نكرة، و(آل عمران) معرفة، ولو قـيـل نصبت علـى تكرير الاصطفـاء لكان صوابـا، لأن الـمعنى: اصطفـى ذرّية بعضها من بعض. وإنـما جعل (بعضهم من بعض) فـي الـموالاة فـي الدين والـموازرة علـى الإسلام والـحق، كما قال جلّ ثناؤه: {وَالـمُوءْمِنُونَ وَالـمُوءْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أوْلِـياءُ بَعْضٍ} وقال فـي موضع آخر: {الـمُنَافِقُونَ وَالـمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ} يعنـي أن دينهم واحد وطريقتهم واحدة، فكذلك قوله: {ذُرّيّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ} إنـما معناه: ذرّية دين بعضها دين بعض، وكلـمتهم واحدة، وملتهم واحدة فـي توحيد اللّه وطاعته. كما:

٥٥٢٠ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: {ذُرّيّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ}

يقول: فـي النـية والعمل والإخلاص والتوحيد له.

وقوله: {وَاللّه سَمِيعٌ عَلِـيـمٌ} يعنـي بذلك: واللّه ذو سمع لقول امرأة عمران، وذو علـم بـما تضمره فـي نفسها، إذ نذرت له ما فـي بطنها مـحرّرا.

﴿ ٣٤