٣٥القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبّ إِنّي نَذَرْتُ لَكَ ...} يعنـي بقوله جلّ ثناؤه: {إذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبّ إِنّـي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِـي بَطْنِـي مُـحَرّرا فَتَقَبّلْ مِنّـي} فـ(إذْ) من صلة (سميع)وأما امرأة عمران. فهي أمّ مريـم ابنة عمران أم عيسى ابن مريـم صلوات اللّه علـيه، وكان اسمها فـيـما ذكر لنا حنة ابنة فـاقوذ بن قتـيـل. كذلك: ٥٥٢١ـ حدثنا به مـحمد بن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن ابن إسحاق فـي نسبه وقال غير ابن حميد: ابنة فـاقود ـ بـالدال ـ ابن قتـيـل. فأما زوجها فإنه عمران بن ياشهم بن آمنون بن منشا بن حزقـيا بن أحريق بن يويـم بن عزاريا بن أمصيا بن ياوش بن احريهو بن يازم بن يهفـاشاط بن اشابرابـان بن رحبعم بن سلـيـمان بن داود بن إيشا. كذلك: ٥٥٢٢ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، فـي نسبه. وأما قوله: {رَبّ إنّـي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِـي بَطنِـي مُـحَرّرا} فإن معناه: إنـي جعلت لك يا ربّ نذرا أن لك الذي فـي بطنـي مـحرّرا لعبـادتك، يعنـي بذلك: حبسته علـى خدمتك وخدمة قدسك فـي الكنـيسة، عتـيقة من خدمة كل شيء سواك، مفرغة لك خاصة. ونصب (مـحرّرا) علـى الـحال من (ما) التـي بـمعنى (الذي). {فَتَقَبّلْ مِنّـي} أي فتقبل منـي ما نذرت لك يا ربّ. {إِنّكَ أَنْتَ السّمِيعُ العّلِـيـمُ} يعنـي: إنك أنت يا ربّ السميع لـما أقول وأدعو، العلـيـم لـما أنوي فـي نفسي وأريد، لا يخفـى علـيك سرّ أمري وعلانـيته. وكان سبب نذر حنة ابنة فـاقوذ امرأة عمران الذي ذكره اللّه فـي هذه الاَية فـيـما بلغنا، ما: ٥٥٢٣ـ حدثنا به ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، قال: ثنـي مـحمد بن إسحاق، قال: تزوّج زكريا وعمران أختـين، فكانت أمّ يحيـى عند زكريا، وكانت أمّ مريـم عند عمران، فهلك عمران وأمّ مريـم حامل بـمريـم، فهي جنـين فـي بطنها قال: وكانت فـيـما يزعمون قد أمسك عنها الولد حتـى أسنّت، وكانوا أهل بـيت من اللّه جل ثناؤه بـمكان. فبـينا هي فـي ظلّ شجرة نظرت إلـى طائر يطعم فرخا له، فتـحرّكت نفسها للولد، فدعت اللّه أن يهب لها ولدا، فحملت بـمريـم وهلك عمران. فلـما عرفت أن فـي بطنها جنـينا، جعلته لله نذيرة¹ والنذيرة أن تعبّده لله، فتـجعله حبسا فـي الكنـيسة، لا ينتفع به بشيء من أمور الدنـيا. ٥٥٢٤ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، عن مـحمد بن جعفر بن الزبـير، قال: ثم ذكر امرأة عمران، وقولها: {رَبّ إنّـي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِـي بَطْنِـي مُـحَرّرا} أي نذرته، تقول: جعلتُه عتـيقا لعبـادة اللّه لا ينتفع به بشيء من أمور الدنـيا. {فَتَقَبّلْ مِنّـي إنكَ أنتَ السّمِيعُ العَلِـيـمُ}. ٥٥٢٥ـ حدثنـي عبد الرحمن بن الأسود الطّفـاوي، قال: حدثنا مـحمد بن ربـيعة، قال: حدثنا النضر بن عربـي، عن مـجاهد فـي قوله: {مُـحَرّرا} قال: خادما للبِـيعة. حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا جابر بن نوح، عن النضر بن عربـي، عن مـجاهد، قال: خادما للكنـيسة. ٥٥٢٦ـ حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا جابر بن نوح، قال: أخبرنا إسماعيـل، عن الشعبـي فـي قوله: {إِنّـي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِـي بَطْنِـي مُـحَرّرا} قال: فرّغته للعبـادة. حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم، قال: حدثنا هشيـم، قال: أخبرنا إسماعيـل بن أبـي خالد، عن الشعبـي فـي قوله: {إنّـي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِـي بَطْنِـي مُـحَرّرا} قال: جعلته فـي الكنـيسة، وفرّغته للعبـادة. حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيـم، عن إسماعيـل، عن الشعبـي، نـحوه. حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد فـي قوله: {إِنّـي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِـي بَطْنِـي مُـحَرّرا} قال: للكنـيسة يخدمها. حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، مثله. ٥٥٢٧ـ حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبـي، عن سفـيان، عن خصيف، عن مـجاهد: {إنّـي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِـي بَطْنِـي مُـحَرّرا} قال: خالصا لا يخالطه شيء من أمر الدنـيا. ٥٥٢٨ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا حكام، عن عمرو، عن عطاء، عن سعيد بن جبـير: {إِنّـي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِـي بَطْنِـي مُـحَرّرا} قال: للبـيعة والكنـيسة. ٥٥٢٩ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا الـحمانـي، قال: حدثنا شريك، عن سالـم، عن سعيد: {إنّـي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِـي بَطْنِـي مُـحَرّرا} قال: مـحرّرا للعبـادة. ٥٥٣٠ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: {إذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبّ إنّـي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِـي بَطْنِـي مُـحَرّرا}.. الاَية. كانت امرأة عمران حرّرت لله ما فـي بطنها، وكانوا إنـما يحررون الذكور، وكان الـمـحرر إذا حرّر جعل فـي الكنـيسة لا يبرحها، يقوم علـيها ويكنسها. ٥٥٣١ـ حدثنا الـحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة فـي قوله: {إِنّـي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِـي بَطْنِـي مُـحَرّرا} قال: نذرت ولدها للكنـيسة. ٥٥٣٢ـ حدثنـي موسى، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسبـاط، عن السدي: {إذْ قَالَتِ امْرأةُ عِمْرَانَ رَبّ إنّـي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِـي بَطْنِـي مُـحَرّرا فَتَقَبّلْ مِنّـي إنّكَ أنْتَ السّمِيعُ العَلِـيـمُ} قال: وذلك أن امرأة عمران حملت، فظنت أن ما فـي بطنها غلام، فوهبته لله لا يعمل فـي الدنـيا. ٥٥٣٣ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا ابن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع، قال: كانت امرأة عمران حرّرت لله ما فـي بطنها قال: وكانوا إنـما يحرّرون الذكور، فكان الـمـحرّر إذا حرر جعل فـي الكنـيسة لا يبرحها، يقوم علـيها ويكنسها. ٥٥٣٤ـ حدثت عن الـحسين بن الفرج، قال: سمعت أبـا معاذ، قال: أخبرنا عبـيد، قال: سمعت الضحاك فـي قوله: {إنّـي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِـي بَطْنِـي مُـحَرّرا} قال: جعلت ولدها لله وللذين يدرسون الكتاب ويتعلـمونه. ٥٥٣٥ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن القاسم بن أبـي بزة أنه أخبره عن عكرمة وأبـي بكر، عن عكرمة: أن امرأة عمران كانت عجوزا عاقرا تسمى حنة، وكانت لا تلد. فجعلت تغبط النساء لأولادهن، فقالت: اللهمّ إن علـي نذرا شكرا إن رزقتنـي ولدا أن أتصدّق به علـى بـيت الـمقدس، فـيكون من سَدَنته وخدامه قال: وقوله: {نَذَرْتُ لَكَ مَا فِـي بَطْنِـي مُـحَرّرا} إنها للـحرّة ابنة الـحرائر مـحرّرا للكنـيسة يخدمها. ٥٥٣٦ـ حدثنـي مـحمد بن سنان، قال: حدثنا أبو بكر الـحنفـي، عن عبـاد بن منصور، عن الـحسن فـي قوله: {إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ}.. الاَية كلها، قال: نذرت ما فـي بطنها ثم سَيّبَتْها. |
﴿ ٣٥ ﴾