٥٤القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللّه وَاللّه خَيْرُ الْمَاكِرِينَ } يعنـي بذلك جلّ ثناؤه: ومكر الذين كفروا من بنـي إسرائيـل، وهم الذين ذكر اللّه أن عيسى أحسّ منهم الكفر، وكان مكرهم الذي وصفهم اللّه به، مواطأة بعضهم بعضا علـى الفتك بعيسى وقتله، وذلك أن عيسى صلوات اللّه علـيه بعد إخراج قومه إياه وأمه من بـين أظهرهم عاد إلـيهم، فـيـما: ٥٧٤٥ـ حدثنا مـحمد بن الـحسين، قال: حدثنا أحمد بن الـمفضل، قال: حدثنا أسبـاط، عن السديّ: ثم إن عيسى سار بهم: يعنـي بـالـحواريـين الذين كانوا يصطادون السمك، فآمنوا به واتبعوه إذ دعاهم حتـى أتـى بنـي إسرائيـل لـيلاً فصاح فـيهم، فذلك قوله: {فآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِـي إِسْرَائِيـلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ}.. الاَية. وأما مكر اللّه بهم فإنه فـيـما ذكر السديّ: إلقاؤه شبه عيسى علـى بعض أتبـاعه، حتـى قتله الـماكرون بعيسى، وهم يحسبونه عيسى، وقد رفع اللّه عزّ وجلّ عيسى قبل ذلك. كما: ٥٧٤٦ـ حدثنـي مـحمد بن الـحسين، قال: حدثنا أحمد بن الـمفضل، قال: حدثنا أسبـاط، عن السديّ: ثم إن بنـي إسرائيـل حصروا عيسى وتسعة عشر رجلاً من الـحواريـين فـي بـيت، فقال عيسى لأصحابه: من يأخذ صورتـي فـيقتل وله الـجنة، فأخذها رجل منهم، وصُعِد بعيسى إلـى السماء، فذلك قوله: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللّه وَاللّه خَيْرُ الـمَاكِرِينَ}. فلـما خرج الـحواريون أبصروهم تسعة عشر، فأخبروهم أن عيسى قد صعد به إلـى السماء، فجعلوا يعدّون القوم فـيجدونهم ينقصون رجلاً من العدّة، ويرون صورة عيسى فـيهم فشكّوا فـيه، وعلـى ذلك قتلوا الرجل وهم يرون أنه عيسى، وصلبوه، فذلك قول اللّه عزّ وجلّ {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبّهَ لَهُمْ}. وقد يحتـمل أن يكون معنى مكر اللّه بهم استدراجه إياهم لـيبلغ الكتاب أجله، كما قد بـينا ذلك فـي قول اللّه : {اللّه يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ}. |
﴿ ٥٤ ﴾