٥٥

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {إِذْ قَالَ اللّه يَعِيسَىَ إِنّي مُتَوَفّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيّ ...}

يعنـي بذلك جل ثناؤه: ومكر اللّه بـالقوم الذين حاولوا قتل عيسى مع كفرهم بـالله، وتكذيبهم عيسى فـيـما أتاهم به من عند ربهم، إذ

قال اللّه جل ثناؤه: {إنّـي مُتَوَفّـيكَ} فـ(إذْ) صلة من قوله: {وَمَكَرَ اللّه } يعنـي: ومكر اللّه بهم حين قال اللّه لعيسى: {إنّـي مُتَوَفّـيكَ وَرَافِعُكَ إِلـيّ} فتوفـاه ورفعه إلـيه.

ثم اختلف أهل التأويـل فـي معنى الوفـاة التـي ذكرها اللّه عزّ وجلّ فـي هذه الاَية،

فقال بعضهم: هي وفـاة نوم، وكان معنى الكلام علـى مذهبهم: إنـي مُنِـيـمُك، ورافعك فـي نومك. ذكر من قال ذلك:

٥٧٤٧ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد اللّه بن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع فـي قوله: {إنّـي مُتَوَفّـيكَ} قال: يعنـي وفـاة الـمنام: رفعه اللّه فـي منامه. قال الـحسن: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم للـيهود: (إِنّ عِيسَى لَـمْ يَـمُتْ، وَإِنّهُ رَاجِعٌ إِلَـيْكُمْ قَبْلَ يَوْمِ القِـيامَةِ).

وقال آخرون: معنى ذلك: إنـي قابضك من الأرض، فرافعك إلـيّ،

قالوا: ومعنى الوفـاة: القبض، لـما يقال: توفـيت من فلان ما لـي علـيه، بـمعنى: قبضته واستوفـيته.

قالوا: فمعنى قوله: {إِنّـي مُتَوَفّـيكَ وَرَافِعُكَ}: أي قابضك من الأرض حيا إلـى جواري، وآخذك إلـى ما عندي بغير موت، ورافعك من بـين الـمشركين وأهل الكفر بك. ذكر من قال ذلك:

٥٧٤٨ـ حدثنا علـيّ بن سهل، قال: حدثنا ضمرة بن ربـيعة، عن ابن شوذب، عن مطر الورّاق فـي قول اللّه : {إنّـي مُتَوَفّـيكَ} قال: متوفـيك من الدنـيا، ولـيس بوفـاة موت.

٥٧٤٩ـ حدثنا الـحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الـحسن فـي قوله: {إنّـي مُتَوَفّـيكَ} قال: متوفـيك من الأرض.

٥٧٥٠ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قوله: {إنّـي مُتَوَفّـيكَ وَرَافِعُكَ إِلـيّ وَمُطَهّرُكَ مِنَ الّذِينَ كَفَرُوا} قال: فرفعه إياه إلـيه، توفـيه إياه، وتطهيره من الذين كفروا.

٥٧٥١ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا عبد اللّه بن صالـح، قال: ثنـي معاوية بن صالـح أن كعب الأحبـار، قال: ما كان اللّه عزّ وجلّ لـيـميت عيسى ابن مريـم، إنـما بعثه اللّه داعيا ومبشرا يدعو إلـيه وحده، فلـما رأى عيسى قلة من اتبعه وكثرة من كذّبه، شكا ذلك إلـى اللّه عزّ وجلّ، فأوحى اللّه إلـيه: {إِنّـي مُتَوَفّـيكَ وَرَافِعُكَ إِلـيّ} ولـيس من رفعته عندي ميتا، وإنـي سأبعثك علـى الأعور الدجال، فتقتله، ثم تعيش بعد ذلك أربعا وعشرين سنة، ثم أميتك ميتة الـحيّ. قال كعب الأحبـار: وذلك يصدّق حديث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حيث قال: (كيفَ تَهلِكُ أمةٌ أنَا فِـي أوّلهَا، وَعِيسَى فِـي آخِرِهَا؟).

٥٧٥٢ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، عن مـحمد بن جعفر بن الزبـير: يا عيسى إنـي متوفـيك: أي قابضك.

٥٧٥٣ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد فـي قوله: {إنّـي مُتَوَفّـيكَ وَرَافِعُكَ إِلـيّ} قال: متوفـيك: قابضك، قال: ومتوفـيك ورافعك واحد

قال: ولـم يـمت بعد حتـى يقتلَ الدجال، وسيـموت، وقرأ قول اللّه عزّ وجلّ: {وَيُكَلّـمُ النّاسَ فِـي الـمَهْدِ وَكَهْلاً} قال: رفعه اللّه إلـيه قبل أن يكون كهلاً، قال: وينزل كهلاً.

٥٧٥٤ـ حدثنا مـحمد بن سنان، قال: حدثنا أبو بكر الـحنفـي، عن عبـاد، عن الـحسن في قول اللّه عز وجل: {يا عِيسَى إنّـي مُتَوَفّـيكَ وَرَافِعُكَ إلـيّ}.. الاَية كلها، قال: رفعه اللّه إلـيه، فهو عنده فـي السماء.

وقال آخرون: معنى ذلك: إنـي متوفـيك وفـاة موت. ذكر من قال ذلك:

٥٧٥٥ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا عبد اللّه بن صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس ، قوله: {إنّـي مُتَوَفّـيكَ}

يقول: إنـي مـميتك.

٥٧٥٦ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، عمن لا يتهم، عن وهب بن منبه الـيـمانـي أنه قال: توفـي اللّه عيسى ابن مريـم ثلاث ساعات من النهار حتـى رفعه إلـيه.

٥٧٥٧ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، قال: والنصارى يزعمون أنه توفـاه سبع ساعات من النهار، ثم أحياه اللّه .

وقال آخرون: معنى ذلك: إذ قال اللّه يا عيسى، إنـي رافعك إلـيّ، ومطهرك من الذين كفروا، ومتوفـيك بعد إنزالـي إياك إلـى الدنـيا

وقال: هذا من الـمقدّم الذي معناه التأخير، والـمؤخر الذي معناه التقديـم.

قال أبو جعفر: وأولـى هذه الأقوال بـالصحة عندنا قول من قال: معنى ذلك: إنـي قابضك من الأرض ورافعك إلـيّ، لتواتر الأخبـار عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: (يَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَـمَ فَـيَقْتُلُ الدّجّالَ) ثُمّ يَـمْكُثُ فِـي الأرْض مُدّةً ذَكَرَها اختلفت الرواية فـي مبلغها، ثم يـموت، فـيصلـي علـيه الـمسلـمون ويدفنونه.

٥٧٥٨ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، عن مـحمد بن مسلـم الزهري، عن حنظلة بن علـيّ الأسلـميّ، عن أبـي هريرة، قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم

يقول: (لَـيُهْبِطنّ اللّه عِيسَى ابْنَ مَرْيَـمَ حَكَما عَدْلاً وَإِمَاما مُقْسِطا، يَكْسِرُ الصّلِـيبَ، وَيَقْتُلُ الـخِنْزِيرَ، وَيَضَعُ الـجِزْيَةَ، وَيُفِـيضُ الـمالُ حتـى لا يَجِدَ مَنْ يَأْخُذُهُ، وَلَـيُسْلَكَنّ الرّوْحَاءَ حاجّا أَوْ مُعْتَـمِرا، أَوْ يَدِينُ بِهِمَا جَمِيعا).

٥٧٥٩ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، عن الـحسن بن دينار، عن قتادة، عن عبد الرحمن بن آدم، عن أبـي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (الأنْبِـيَاءُ إخْوَةٌ لعَلاّتٍ، أمّهاتُهُمْ شَتّـى، وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ، وَأنا أَوْلَـى النّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَـمَ، لأنّهُ لَـمْ يَكُنْ بَـيْنِـي وَبَـيْنَهُ نَبِـيّ، وَإِنّهُ خَـلِـيفَتِـي علـى أُمّتِـي، وإِنّهُ نَازِلٌ فَـإِذَا رَأيْتُـمُوهُ فَـاعْرِفُوهُ، فَـإِنّهُ رَجُلٌ مَرْبُوعُ الـخـلْقِ إلـى الـحُمْرَةِ وَالبَـيَاضِ سَبْطُ الشّعْرِ كأنّ شَعْرَهُ يَقْطُرُ، وَإِنْ لَـمْ يُصِبْهُ بَلَلٌ بَـيْنَ مُـمَصّرَتَـيْنِ، يَدُقّ الصّلِـيبَ، وَيَقْتُلُ الـخِنْزِيرَ، وَيُفِـيضُ الـمَالُ، وَيُقَاتِلُ النّاسَ علـى الإسْلاَمِ حتـى يُهْلِكَ اللّه فِـي زَمَانِهِ الـمِلَلَ كُلّها، وَيُهْلِكَ اللّه فِـي زَمَانِهِ مَسِيخَ الضّلاَلَةِ الكَذّابَ الدّجّالَ وَتَقَعُ فِـي الأرْضِ الأمَنَةُ حتـى تَرْتَعَ الأسُودُ مَعَ الإبِلِ، وَالنّـمْرُ مَعَ البَقَرِ، وَالذّئابُ مَعَ الغَنَـمِ، وَتَلْعَبُ الغِلْـمَانُ بـالـحَيّاتِ، لاَ يَضُرّ بَعْضُهُمْ بَعْضا، فَـيَثْبُتُ فِـي الأَرْضِ أرْبَعِينَ سَنَةً، ثُمّ يُتَوَفّـى وَيُصَلّـي الـمُسْلِـمُونَ عَلَـيْهِ وَيَدْفِنُونَهُ).

قال أبو جعفر: ومعلوم أنه لو كان قد أماته اللّه عزّ وجلّ لـم يكن بـالذي يـميته ميتة أخرى، فـيجمع علـيه ميتتـين، لأن اللّه عزّ وجلّ إنـما أخبر عبـاده أنه يخـلقهم ثم يـميتهم، ثم يحيـيهم، كما قال جل ثناؤه¹ {اللّه الّذِي خَـلَقَكُمْ ثُمّ رَزَقَكُمْ ثُمّ يُـمِيتُكُمْ ثُمّ يُحْيـيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْء}.

فتأويـل الاَية إذا: قال اللّه لعيسى: يا عيسى إنـي قابضك من الأرض ورافعك إلـيّ، ومطهرك من الذين كفروا، فجحدوا نبوتك. وهذا الـخبر وإن كان مخرجه مخرج خبر، فإن فـيه من اللّه عز وجل احتـجاجا علـى الذين حاجوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فـي عيسى من وفد نـجران، بأن عيسى لـم يقتل ولـم يصلب كما زعموا، وأنهم والـيهود الذين أقروا بذلك وادعوا علـى عيسى كَذَبةٌ فـي دعواهم وزعمهم. كما:

٥٧٦٠ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، عن مـحمد بن جعفر بن الزبـير ثم أخبرهم ـ يعنـي الوفد من نـجران ـ وردّ علـيهم فـيـما أخبروا هم والـيهود بصلبه، كيف رفعه وطهره منهم،

فقال: {إِذْ قَالَ اللّه يَا عِيسَى إِنّـي مُتَوَفّـيكَ وَرَافِعُكَ إِلـيّ}.

وأما مطهرك من الذين كفروا، فإنه يعنـي منظّفك، فمخـلّصك مـمن كفر بك وجحد ما جئتهم به من الـحق من الـيهود وسائر الـملل غيرها. كما:

٥٧٦١ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن ابن إسحاق، عن مـحمد بن جعفر بن الزبـير: {وَمُطَهّرُكَ مِنَ الّذِينَ كَفَرُوا} قال: إذ همّوا منك بـما همّوا.

٥٧٦٢ـ حدثنـي مـحمد بن سنان، قال: حدثنا أبو بكر الـحنفـي، عن عبـاد، عن الـحسن، فـي قوله: {وَمُطَهّرُكَ مِنَ الّذِينَ كَفَرُوا} قال: طهره من الـيهود والنصارى والـمـجوس، ومن كفـار قومه.

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {وَجاعِلُ الّذِينَ اتّبَعُوكَ فَوْقَ الّذِينَ كَفَرُوا إلـى يَوْمِ القِـيَامَةِ}.

(يعنـي بذلك جل ثناؤه: وجاعل الذين اتبعوك علـى منهاجك وملتك من الإسلام وفطرته فوق الذين جحدوا نبوتك، وخالفوا بسبـيـلهم جميع أهل الـملل، فكذبوا بـما جئت به، وصدوا عن الإقرار به، فمصيرهم فوقهم ظاهرين علـيهم.) كما:

٥٧٦٣ـ حدثنا بشر بن معاذ، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة فـي قوله: {وَجَاعِلُ الّذِينَ اتّبَعُوكَ فَوْقَ الّذِينَ كَفَرُوا إلـى يَوْمِ القِـيَامَةِ} هم أهل الإسلام الذين اتبعوه علـى فطرته وملته وسنته فلا يزالون ظاهرين علـى من ناوأهم إلـى يوم القـيامة.

٥٧٦٤ـ حدثنا الـمثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا ابن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع فـي قوله: {وَجَاعِلُ الّذِينَ اتّبَعُوكَ فَوْقَ الّذِينَ كَفَرُوا إلـى يَوْمِ القِـيَامَةِ} ثم ذكر نـحوه.

٥٧٦٥ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج: {وَجاعِلُ الّذِينَ اتّبَعُوكَ فَوْقَ الّذِينَ كَفَرُوا إلـى يَوْمِ القِـيَامَةِ} ثم ذكر نـحوه.

حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج: {وَجَاعِلُ الّذِينَ اتّبَعُوكَ فَوْقَ الّذِينَ كَفَرُوا إلـى يَوْمِ القِـيَامَةِ} قال: ناصر من اتبعك علـى الإسلام علـى الذين كفروا إلـى يوم القـيامة.

٥٧٦٦ـ حدثنا مـحمد بن الـحسين، قال: حدثنا أحمد بن الـمفضل، قال: حدثنا أسبـاط، عن السدي: {وَجَاعِلُ الّذِينَ اتّبَعُوكَ فَوْقَ الّذِينَ كَفَرُوا إلـى يَوْمِ القِـيَامَةِ} أما الذين اتبعوك، فـيقال: هم الـمؤمنون ولـيس هم الروم.

٥٧٦٧ـ حدثنـي مـحمد بن سنان، قال: حدثنا أبو بكر الـحنفـيّ، عن عبـاد، عن الـحسن: {وَجَاعِلُ الّذِينَ اتّبَعُوكَ فَوْقَ الّذِينَ كَفَرُوا إلـى يَوْمِ القِـيَامَةِ} قال: جعل الذين اتبعوه فوق الذين كفروا إلـى يوم القـيامة، قال: الـمسلـمون من فوقهم، وجعلهم أعلـى مـمن ترك الإسلام إلـى يوم القـيامة.

وقال آخرون: ومعنى ذلك: وجاعل الذين اتبعوك من النصارى فوق الـيهود. ذكر من قال ذلك:

٥٧٦٨ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد فـي قول اللّه : {وَمُطَهّرُكَ مِنَ الّذِينَ كَفَرُوا} قال: الذين كفروا من بنـي إسرائيـل. {وَجَاعِلُ الّذِينَ اتّبَعُوكَ} قال: الذين آمنوا به من بنـي إسرائيـل وغيرهم، {فَوْقَ الّذِينَ كَفَرُوا} النصارى فوق الـيهود إلـى يوم القـيامة، قال: فلـيس بلد فـيه أحد من النصارى إلا وهم فوق يهود فـي شرق ولا غرب، هم فـي البلدان كلها مستذلّون.

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {ثُمّ إِلـيّ مَرْجِعُكُمْ فأحْكُمُ بَـيْنَكُمْ فِمَا كُنْتُـمْ فِـيهِ تَـخْتَلِفُونَ}.

يعنـي بذلك جل ثناؤه: {ثمّ إلـيّ} ثم إلـى اللّه أيها الـمختلفون فـي عيسى، {مَرْجِعُكُمْ} يعنـي مصيركم يوم القـيامة، {فأحْكُمْ بَـيْنَكُمْ}

يقول: فأقضي حينئذٍ بـين جميعكم فـي أمر عيسى بـالـحق فـيـما كنتـم فـيه تـختلفون من أمره. وهذا من الكلام الذي صرف من الـخبر عن الغائب إلـى الـمخاطبة، وذلك أن قوله: {ثُمّ إِلـيّ مَرْجِعُكُمْ} إنـما قصد به الـخبر عن متبعي عيسى والكافرين به.

وتأويـل الكلام: وجاعلُ الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلـى يوم القـيامة، ثم إلـيّ مرجع الفريقـين: الذين اتبعوك، والذين كفروا بك، فأحكم بـينهم فـيـما كانوا فـيه يختلفون. ولكن ردّ الكلام إلـى الـخطاب لسَبُوقِ القول علـى سبـيـل ما ذكرنا من الكلام الذي يخرج عل وجه الـحكاية، كما قال: {حتـى إذَا كُنْتُـمْ فِـي الفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيّبَةٍ}.

﴿ ٥٥