٧٦القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {بَلَىَ مَنْ أَوْفَىَ بِعَهْدِهِ وَاتّقَى فَإِنّ اللّه يُحِبّ الْمُتّقِينَ } وهذا إخبـار من اللّه عزّ وجلّ عمّا لـمن أدّى أمانته إلـى من ائتـمنه علـيها اتقاءَ اللّه ومراقبَته عنده. فقال جل ثناؤه: لـيس الأمر كما يقول هؤلاء الكاذبون علـى اللّه من الـيهود، من أنه لـيس علـيهم فـي أموال الأميـين حرج ولا إثم، ثم قال بلـى، ولكن من أوفـى بعهده واتقـى، يعنـي ولكن الذي أوفـى بعهده، وذلك وصيته إياهم، التـي أوصاهم بها فـي التوراة من الإيـمان بـمـحمد صلى اللّه عليه وسلم وما جاءهم به. والهاء فـي قوله: {مَنْ أَوْفَـى بِعَهْدِهِ} عائدة علـى اسم اللّه فـي قوله: {وَيَقُولُونَ علـى اللّه الكَذِبَ} يقول: بلـى من أوفـى بعهد اللّه الذي عاهده فـي كتابه، فآمن بـمـحمد صلى اللّه عليه وسلم وصدّق به. بـما جاء به من اللّه من أداء الأمانة إلـى من ائتـمنه علـيها، وغير ذلك من أمر اللّه ونهيه، و{وَاتّقَـى} يقول: واتقـى ما نهاه اللّه عنه من الكفر به وسائر معاصيه التـي حرّمها علـيه، فـاجتنب ذلك مراقبة وعيد اللّه ، وخوف عقابه {فإنّ اللّه يُحِبّ الـمُتقـينَ} يعنـي: فإن اللّه يحبّ الذين يتقونه فـيخافون عقابه، ويحذرون عذابه، فـيجتنبون ما نهاهم عنه، وحرّمه علـيهم، ويطيعونه فـيـما أمرهم به. وقد رُوي عن ابن عبـاس أنه كان يقول: هو اتقاء الشرك. ٥٨٧٨ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا عبد اللّه بن صالـح، قال: حدثنا معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس ، قوله: {بَلَـى مَنْ أَوْفَـى بِعَهْدِهِ وَاتّقَـى} يقول: اتقـى الشرك¹ {إنّ اللّه يُحِبّ الـمُتّقِـينَ} يقول: الذين يتقون الشرك. وقد بـينا اختلاف أهل التأويـل فـي ذلك والصواب من القول فـيه بـالأدلة الدالة علـيه فـيـما مضى من كتابنا بـما فـيه الكفـاية عن إعادته. |
﴿ ٧٦ ﴾