١٠٢

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ اتّقُواْ اللّه حَقّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنّ إِلاّ وَأَنْتُمْ مّسْلِمُونَ }

يعنـي بذلك جلّ ثناؤه: يا معشر من صدّق اللّه ورسوله، {اتقوا اللّه } خافوا اللّه وراقبوه بطاعته، واجتناب معاصيه، {حق تقاته} حقّ خوفه، وهو أن يطاع فلا يعصى، ويشكر فلا يكفر، ويذكر فلا ينسى. {ولا تـموتنّ} أيها الـمؤمنون بـاللّه ورسوله، {إلا وأنتـم مسلـمون} لربكم، مذعنون له بـالطاعة، مخـلصون له الألوهية والعبـادة.

وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك

قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:

٦٠٨٣ـ حدثنا مـحمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفـيان، وحدثنا الـحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن زبـيد، عن مرة، عن عبد اللّه : {اتّقُوا اللّه حَق تُقاتِهِ} قال: أن يُطاع فلا يُعصى، ويُذكر فلا يُنسى، ويُشكر فلا يُكفر.

حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا شعبة، عن زبـيد، عن مرة الهمدانـي، عن عبد اللّه مثله.

حدثنا ابن الـمثنى، قال: حدثنا مـحمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن زبـيد، عن مرة الهمدانـي، عن عبد اللّه مثله.

حدثنا أبو كريب وأبو السائب، قالا: حدثنا ابن إدريس، قال: سمعت لـيثا، عن زبـيد، عن مرة بن شراحيـل الهمدانـي، عن عبد اللّه بن مسعود، مثله.

حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا الـحجاج بن الـمنهال، قال: حدثنا جرير، عن زبـيد، عن عبد اللّه ، مثله.

حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو نعيـم، قال: حدثنا مسعر، عن زبـيد، عن مرة، عن عبد اللّه ، مثله.

حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيـم، عن الـمسعودي، عن زبـيد الأيامي، عن مرّة، عن عبد اللّه ، مثله.

حدثنا ابن حميد قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن زبـيد، عن مرة، عن عبد اللّه ، مثله.

٦٠٨٤ـ حدثنا مـحمد بن سنان، قال: حدثنا يحيـى بن سفـيان، عن أبـي إسحاق، عن عمرو بن ميـمون: {اتّقُوا اللّه حَق تُقاتِهِ} قال: أن يطاع فلا يعصى، ويشكر فلا يكفر، ويذكر فلا ينسى.

حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبـي، عن إسرائيـل، عن أبـي إسحاق، عن عمرو بن ميـمون، نـحوه.

٦٠٨٥ـ حدثنا ابن الـمثنى، قال: حدثنا يحيـى بن سعيد، قال: حدثنا شعبة، قال: حدثنا عمرو بن مرة، عن الربـيع بن خُثَـيْـم، قال: أن يطاع فلا يعصى، ويشكر فلا يكفر، ويذكره فلا ينسى.

حدثنا الـمثنى، قال: حدثنا أبو داود، قال: حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، قال: سمعت مرة الهمدانـي يحدّث عن الربـيع بن خُثَـيْـم في قول اللّه عز وجل: {اتّقُوا اللّه حَق تُقاتِهِ} فذكر نـحوه.

٦٠٨٦ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن قـيس بن سعد، عن طاوس: {يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا اتّقُوا اللّه حَق تُقاتِهِ} أن يطاع فلا يعصى.

٦٠٨٧ـ حدثنا مـحمد بن سنان، قال: حدثنا أبو بكر الـحنفـي، قال: حدثنا عبـاد، عن الـحسن، فـي قوله: {يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا اتّقُوا اللّه حَق تُقاتِهِ} قال: حقّ تقاته أن يطاع فلا يعصي.

٦٠٨٨ـ حدثنـي مـحمد بن الـحسين، قال: حدثنا أحمد بن الـمفضل، قال: حدثنا أسبـاط، عن السدي: ثم تقدم إلـيهم، يعنـي إلـى الـمؤمنـين من الأنصار،

فقال: {يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا اتّقُوا اللّه حَق تُقاتِهِ وَلاَ تَـمُوتُنّ إلاّ وأنْتُـمْ مُسْلِـمُونَ} أما حق تقاته: يطاع فلا يعصى، ويذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر.

٦٠٨٩ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا حجاج بن الـمنهال، قال: حدثنا همام، عن قتادة: {يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا اتّقُوا اللّه حَق تُقاتِهِ} أن يطاع فلا يعصى، قال: {ولا تَـمُوتُنّ إلاّ وأنْتُـم مِسْلِـمُونَ}.

وقال آخرون: بل تأويـل ذلك كما:

٦٠٩٠ـ حدثنـي به الـمثنى، قال: حدثنا عبد اللّه بن صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس ، قوله: {اتّقُوا اللّه حَق تُقاتِهِ} قال: حقّ تقاته أن يجاهدوا فـي سبـيـل اللّه حقّ جهاده، ولا يأخذهم فـي اللّه لومة لائم، ويقوموا لله بـالقسط ولو علـى أنفسهم وآبـائهم وأبنائهم.

ثم اختلف أهل التأويـل فـي هذه الاَية، هل هي منسوخة أم لا؟

فقال بعضهم: هي مـحكمة غير منسوخة. ذكر من قال ذلك:

٦٠٩١ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا عبد اللّه بن صالـح، قال: ثنـي معاوية بن صالـح، عن علـيّ، عن ابن عبـاس قوله: {اتّقُوا اللّه حَق تُقاتِهِ} إنها لـم تنسخ، ولكن حقّ تقاته أن تـجاهد فـي اللّه حقّ جهاده. ثم ذكر تأويـله الذي ذكرناه عنه آنفا.

٦٠٩٢ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن نـجيح، عن قـيس بن سعد، عن طاوس: {يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا اتّقُوا اللّه حَق تُقاتِهِ} فإن لـم تفعلوا ولـم تستطيعوا، {فَلاَ تَـمُوتُنّ إلاّ وأنْتُـمْ مُسْلِـمُونَ}.

حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قال: قال طاوس، قوله: {وَلاَ تَـمُوتُنّ إلاّ وأنْتُـمْ مُسْلِـمُونَ}

يقول: إن لـم تتقوه فلا تـموتنّ إلا وأنتـم مسلـمون.

وقال آخرون: هي منسوخة، نسخها قوله: {فـاتّقُوا اللّه ما استْطَعْتُـمْ}. ذكر من قال ذلك:

٦٠٩٣ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: {يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا اتّقُوا اللّه حَق تُقاتِهِ وَلاَ تَـمُوتُنّ إلاّ وأنْتُـمْ مُسْلِـمُونَ} ثم أنزل التـخفـيف والـيسر، وعاد بعائدته ورحمته علـى ما يعلـم من ضعف خـلقه،

فقال: {فـاتّقُوا اللّه ما اسْتَطَعْتُـمْ} فجاءت هذه الاَية فـيها تـخفـيف وعافـية ويسر.

ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا الـحجاج بن الـمنهال الأنـماطي، قال: حدثنا همام، عن قتادة: {يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا اتّقُوا اللّه حَق تُقاتِهِ وَلاَ تَـمُوتُنّ ألاّ وأنْتُـمْ مُسْلِـمُونَ} قال: نسختها هذه الاَية التـي فـي التغابن {فـاتّقُوا اللّه ما اسْتَطَعْتُـمْ واسمَعُوا وأطِيعُوا} وعلـيها بـايع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم علـى السمع والطاعة فـيـما استطاعوا.

٦٠٩٤ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد اللّه بن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع بن أنس، قال: لـما نزلت: {اتّقُوا اللّه حَق تُقاتِهِ} ثم نزل بعدها: {فـاتّقُوا اللّه ما اسْتَطَعْتُـم} فنسخت هذه الاَية التـي فـي آل عمران.

٦٠٩٥ـ حدثنا مـحمد، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا أسبـاط، عن السديّ: {يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا اتّقُوا اللّه حَق تُقاتِهِ وَلاَ تَـمُوتُنّ إلاّ وأنْتُـمْ مُسْلِـمُونَ} فلـم يطق الناس هذا، فنسخه اللّه عنهم،

فقال: {فـاتّقُوا اللّه ما اسْتَطَعْتُـمْ}.

٦٠٩٦ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، فـي قوله: {يا أيّها الّذِينَ آمَنُوا اتّقُوا اللّه حَق تُقاتِهِ} قال: جاء أمر شديد،

قالوا: ومن يعرف قدر هذا أو يبلغه؟ فلـما عرف أنه قد اشتدّ ذلك علـيهم، نسخها عنهم، وجاء بهذه الأخرى،

فقال: {فـاتّقُوا اللّه ما اسْتَطَعْتُـمْ} فنسخها.

وأما قوله: {وَلاَ تَـمُوتُنّ إلاّ وأنْتُـمْ مُسْلِـمُونَ} فإن تأويـله كما:

٦٠٩٧ـ حدثنـي الـمثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن قـيس بن سعد، عن طاوس: {وَلاَ تَـمُوتُنّ إلاّ وأنْتُـمْ مُسْلِـمُونَ} قال: علـى الإسلام وعلـى حرمة الإسلام.

﴿ ١٠٢