١٢٢

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {إِذْ هَمّتْ طّآئِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ وَاللّه وَلِيّهُمَا وَعَلَى اللّه فَلْيَتَوَكّلِ الْمُؤْمِنُونَ }

يعنـي بذلك جلّ ثناؤه: واللّه سميع علـيـم حين همّت طائفتان منكم أن تفشلا. والطائفتان اللتان همتا بـالفشل ذكر لنا أنهم بنو سَلِـمة وبنو حارثة. ذكر من قال ذلك:

٦٢٤٠ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد فـي قول اللّه : {إذْ هَمّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أنْ تَفْشَلا} قال: بَنو حارثة كانوا نـحو أحد، وبنو سلـمة نـحو سلع، وذلك يوم الـخندق.

قال أبو جعفر: وقد دللنا علـى أن ذلك كان يوم أحد فـيـما مضى بـما فـيه الكفـاية عن إعادته.

٦٢٤١ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: {إذْ هَمّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا}.. الاَية، وذلك يوم أحد، والطائفتان: بنو سلـمة، وبنو حارثة، حيان من الأنصار، همّوا بأمر، فعصمهم اللّه من ذلك. قال قتادة: وقد ذكر لنا أنه لـما أنزلت هذه الاَية

قالوا: ما يسرّنا أنا لـم نهم بـالذي همـمنا به، وقد أخبرنا اللّه أنه ولـينا.

٦٢٤٢ـ حُدثت عن عمار، قال: حدثنا ابن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع، قوله: {إذْ هَمّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ}.. الاَية، وذلك يوم أحد، فـالطائفتان: بنو سلـمة، وبنو حارثة، حيان من الأنصار، فذكر مثل قول قتادة.

٦٢٤٣ـ حدثنا مـحمد بن الـحسين، قال: حدثنا أحمد بن الـمفضل، قال: حدثنا أسبـاط، عن السدي، قال: خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلـى أحد فـي ألف رجل، وقد وعدهم الفتـح إن صبروا¹ فلـما رجع عبد اللّه بن أبـيّ ابن سلول فـي ثلثمائة، فتبعهم أبو جابر السلـمي يدعوهم، فلـما غلبوه وقالوا له: ما نعمل قتالاً، ولئن أطعتنا لترجعنّ معنا، وقال: {إذْ هَمّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أنْ تَفْشَلا} وهم بنو سلـمة، وبنو حارثة، هموا بـالرجوع حين رجع عبد اللّه بن أبـيّ، فعصمهم اللّه ، وبقـي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فـي سبعمائة.

٦٢٤٤ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قال: قال عكرة: نزلت فـي بنـي سلـمة من الـخزرج، وبنى حارثة من الأوس، ورأسهم عبد اللّه بن أبـيّ ابن سلول.

٦٢٤٥ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس قوله: {إذْ هَمّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أنْ تَفْشَلا} فهو بنو حارثة وبنو سلـمة.

٦٢٤٦ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن ابن إسحاق: {إذْ هَمّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أنْ تَفْشلا} والطائفتان: بنو سلـمة من جشم بن الـخزرج، وبنو حارثة بن النبـيت من الأوس، وهما الـجناحان.

٦٢٤٧ـ حدثنـي مـحمد بن سنان، قال: حدثنا أبو بكر الـحنفـي، عن عبـاد، عن الـحسن فـي قوله: {إذْ هَمّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أنْ تَفْشَلا}.. الاَية، قال: هما طائفتان من الأنصار همّا أن يفشلا، فعصمهم اللّه ، وهزم عدوّهم.

٦٢٤٨ـ حدثنا الـحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن عيـينة، عن عمرو بن دينار، قال: سمعت جابر بن عبد اللّه

يقول: {إذْ هَمّتْ طائِفَتانِ منكم أنْ تَفْشلاَ} قال: هم بنو سلـمة، وبنو حارثة وما نـحبّ أن لو لـم تكن همتا لقول اللّه عزّ وجلّ: {وَاللّه وَلِـيّهُما}.

حدثنـي أحمد بن حازم، قال: حدثنا أبو نعيـم، قال: حدثنا ابن عيـينة، عن عمرو، قال: سمعت جابر بن عبد اللّه يقول، فذكر نـحوه.

٦٢٤٩ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: {إذْ هَمّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أنْ تَفْشلا} قال: هذا يوم أحد.

وأما قوله {أنْ تَفْشَلا} فإنه يعنـي: همّا أن يضعفـا ويجبنا عن لقاء عدوّهما، يقال منه: فشل فلان عن لقاء عدوّه يفشل فشلاً. كما:

٦٢٥٠ـ حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، عن ابن جريج، قال:

قال ابن عبـاس : الفشل: الـجبن.

وكان همهما الذي همّا به من الفشل: الانصراف عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم والـمؤمنـين حين انصرف عنهم عبد اللّه بن أبـيّ بن سلول ابن معه، جبنا منهم، من غير شكّ منهم فـي الإسلام ولا نفـاق¹ فعصمهم اللّه مـما هموا به من ذلك، ومضوا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لوجهه الذي مضى له، وتركوا عبد اللّه بن أبـيّ ابن سلول والـمنافقـين معه، فأثنى اللّه عزّ وجلّ علـيهما بثبوتهما علـى الـحقّ، وأخبر أنه ولـيهما وناصرهما علـى أعدائهما من الكفـار. كما:

٦٢٥١ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن ابن إسحاق: {وَاللّه وَلِـيّهُما}: أي الدافع عنهما ما هما به من فشلهما، وذلك أنه إنـما كان ذلك منهما عن ضعف ووهن أصابهما من غير شكّ أصابهما فـي دينهما، فتولـى دفع ذلك عنهما برحمته وعائدته، حتـى سلـمتا من وهنهما وضعفهما، ولـحقتا بنبـيهما صلى اللّه عليه وسلم¹

يقول: {وَعَلـى اللّه فَلْـيَتَوَكّلِ الـمُؤْمِنُونَ} أي من كان به ضعف من الـمؤمنـين أو وهن فلـيتوكل علـيّ، ولـيستعن بـي، أعنه علـى أمره، وأدفع عنه، حتـى أبلغ به وأقوّيه علـى نـيته.

وذكر أن ابن مسعود رضي اللّه عنه كان يقرأ: (وَاللّه وَلِـيّهُمْ). وإنـما جاز أن يقرأ ذلك كذلك، لأن الطائفتـين وإن كانتا فـي لفظ اثنـين، فإنهما فـي معنى جماع بـمنزلة الـخصمين والـحزبـين.

﴿ ١٢٢