١٤٢

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنّةَ ...}

يعنـي بذلك جلّ ثناؤه: أم حسبتـم يا معشر أصحاب مـحمد، وظننتـم أن تدخـلوا الـجنة، وتنالوا كرامة ربكم، وشرف الـمنازل عنده¹ {وَلـمّا يَعلَـمِ اللّه الّذِينَ جاهَدُوا مِنَكُمْ}

يقول: ولـما يتبـين لعبـادي الـمؤمنـين، الـمـجاهد منكم فـي سبـيـل اللّه ، علـى ما أمره به. وقد بـينت معنى قوله: {وَلـمّا يَعلَـمِ اللّه }: ولـيعلـم اللّه ، وما أشبه ذلك بأدلته فـيـما مضى بـما أغنى عن إعادته

وقوله: {وَيَعْلَـمَ الصّابِرِينَ} يعنـي: الصابرين عند البأس علـى ما ينالهم فـي ذات اللّه من جرح وألـم ومكروه. كما:

٦٤١٨ـ حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن ابن إسحاق: {أمْ حَسِبْتُـمْ أنْ تَدْخُـلُوا الـجَنّةَ} وتصيبوا من ثوابـي الكرامة، ولـم أختبركم بـالشدّة، وأبتلـيكم بـالـمكاره، حتـى أعلـم صدق ذلك منكم الإيـمان بـي، والصبر علـى ما أصابكم فـيّ.

ونصب {وَيَعْلَـمَ الصّابِرِينَ} علـى الصرف، والصرف أن يجتـمع فعلان ببعض حروف النسق، وفـي أوله ما لا يحسن إعادته مع حرف النسق، فـينصب الذي بعد حرف العطف علـى الصرف، لأنه مصروف عن معنى الأوّل، ولكن يكون مع جحد أو استفهام أو نهي فـي أول الكلام، وذلك كقولهم: لا يسعنـي شيء ويضيق عنك، لأن (لا) التـي مع (يسعنـي) لا يحسن إعادتها مع قوله: (ويضيق عنك)، فلذلك نصب. والقراء فـي هذا الـحرف علـى النصب¹ وقد روى عن الـحسن أنه كان يقرأ: (وَيَعْلَـمِ الصّابِرِينَ) فـيكسر الـميـم من (يعلـم)، لأنه كان ينوي جزمها علـى العطف به علـى قوله: {وَلـمّا يَعْلَـمِ اللّه }.

﴿ ١٤٢