١٨٢

القول فـي تأويـل قوله: { ذَلِكَ بِـمَا قَدّمَتْ أيْدِيكُمْ وأنّ اللّه لَـيْسَ بِظلاّمٍ للْعَبـيِد}.

يعنـي بذلك جلّ ثناؤه: ونقول للقائلـين بأن اللّه فقـير ونـحن أغنـياء، القاتلـين أنبـياء اللّه بغير حقّ يوم القـيامة: ذوقوا عذاب الـحريق، يعنـي بذلك: عذاب نار مـحرقة ملتهبة، والنار اسم جامع للـملتهبة منها وغير الـملتهبة، وإنـما الـحريق صفة لها، يراد أنها مـحرقة، كما

قـيـل: (عَذَاب ألِـيـمٌ) يعنـي: مؤلـم، و(وجيع) يعنـي: موجع.

وأما قوله: {ذَلِكَ بِـمَا قَدّمَتْ أيْدِيكُمْ}: أي قولنا لهم يوم القـيامة: ذوقوا عذاب الـحريق بـما أسلفت أيديكم، واكتسبتها أيام حياتكم فـي الدنـيا، وبأن اللّه عدل لا يجور، فـيعاقب عبدا له بغير استـحقاق منه العقوبة، ولكنه يجازي كلّ نفس بـما كسبت، ويوفـي كل عامل جزاء ما عمل، فجازى الذين قال لهم يوم القـيامة من الـيهود الذين وصف صفتهم، فأخبر عنهم أنهم

قالوا: إن اللّه فقـير ونـحن أغنـياء، وقتلوا الأنبـياء بغير حقّ، بـما جازاهم به من عذاب الـحريق، بـما اكتسبوا من الاَثام، واجترحوا من السيئات، وكذبوا علـى اللّه بعد الإعذار إلـيهم بـالإنذار، فلـم يكن تعالـى ذكره بـما عاقبهم به من إذاقتهم عذاب الـحريق ظالـما ولا واضعا عقوبته فـي غير أهلها، وكذلك هو جل ثناؤه غير ظلام أحدا من خـلقه، ولكنه العادل بـينهم، والـمتفضل علـى جميعهم بـما أحبّ من فواضله ونعمه.

﴿ ١٨٢