١٨٨

القول فـي تأويـل قوله تعالـى: {لاَ تَحْسَبَنّ الّذِينَ يَفْرَحُونَ ...}.

اختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك،

فقال بعضهم: عُنِـيَ بذلك قوم من أهل النفـاق كانوا يقعدون خلاف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا غزا العدو، فإذا انصرف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم اعتذروا إلـيه، وأحبوا أن يحمدوا بـما لـم يفعلوا. ذكر من قال ذلك:

٦٧٦٣ـ حدثنا مـحمد بن سهل بن عسكر وابن عبد الرحيـم البرقـي، قالا: حدثنا ابن أبـي مريـم، قال: حدثنا مـحمد بن جعفر بن أبـي كثـير، قال: ثنـي زيد بن أسلـم، عن عطاء بن يسار، عن أبـي سعيد الـخدري: أن رجالاً من الـمنافقـين كانوا علـى عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، إذا خرج النبـي صلى اللّه عليه وسلم إلـى الغزو تـخـلفوا عنه وفرحوا بـمقعدهم خلاف رسول اللّه ، وإذا قدم النبـي صلى اللّه عليه وسلم من السفر اعتذروا إلـيه وأحبوا أن يحمدوا بـما لـم يفعلوا، فأنزل اللّه تعالـى فـيهم: {لا تَـحْسَبنّ الّذِينَ يَفْرَحُونَ بِـما أتَوْا}.. الاَية.

٦٧٦٤ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد فـي قوله: {لا تَـحْسَبنّ الّذِينَ يَفْرَحُونَ بِـمَا أتَوْا ويُحِبّونَ أنْ يُحْمَدُوا بِـمَا لَـمْ يَفْعَلُوا} قال: هؤلاء الـمنافقون يقولون النبـي صلى اللّه عليه وسلم: لو قد خرجت لـخرجنا معك، فإذا خرج النبـي صلى اللّه عليه وسلم تـخـلفوا وكذبوا، ويفرحون بذلك، ويرون أنها حيـلة احتالوا بها.

وقال آخرون: عُنِـي بذلك قوم من أحبـار الـيهود كانوا يفرحون بإضلالهم الناس، ونسبة الناس إياهم إلـى العلـم. ذكر من قال ذلك:

٦٧٦٥ـ حدثنا ابن حميد، حدثنا قال: سلـمة، عن ابن إسحاق، عن مـحمد بن أبـي مـحمد مولـى زيد بن ثابت، عن عكرمة مولـى ابن عبـاس أو سعيد بن جبـير: {وَإذْ أخَذَ اللّه مِيثاقَ الّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ} إلـى قوله {وَلهُمْ عَذَابٌ ألِـيـمٌ} يعنـي: فنـحاصا وأشيع وأشبـاههما من الأحبـار الذين يفرحون بـما يصيبون من الدنـيا علـى ما زينوا للناس من الضلالة {ويُحبّونَ أنْ يُحْمَدُوا بـما لـم يَفْعَلُوا} أن يقول لهم الناس علـماء ولـيسوا بأهل علـم، لـم يحملوهم علـى هدى ولا خير، ويحبون أن يقول لهم الناس: قد فعلوا.

حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا يونس بن بكير، قال: حدثنا مـحمد بن إسحاق، قال: ثنـي مـحمد بن أبـي مـحمد مولـى زيد بن ثابت، عن عكرمة، أنه حدثه عن ابن عبـاس بنـحو ذلك، إلا أنه قال: ولـيسوا بأهل علـم، لـم يحملوهم علـى هدى.

وقال آخرون: بل عُنِـي بذلك قوم من الـيهود فرحوا بـاجتـماع كلـمتهم علـى تكذيب مـحمد صلى اللّه عليه وسلم، ويحبون أن يحمدوا بأن يقال لهم أهل صلاة وصيام. ذكر من قال ذلك:

٦٧٦٦ـ حدثت عن الـحسين بن الفرج، قال: سمعت أبـا معاذ

يقول: أخبرنا عبـيد بن سلـيـمان، قال: سمعت الضحاك بن مزاحم، يقول فـي قوله: {لا تَـحْسَبنّ الّذِينَ يَفْرَحُونَ بِـمَا أتَوْا} فإنهم فرحوا بـاجتـماعهم علـى كفرهم بـمـحمد صلى اللّه عليه وسلم، و

قالوا: قد جمع اللّه كلـمتنا، ولـم يخالف أحد منا أحدا أنه نبـيّ، و

قالوا: نـحن أبناء اللّه وأحبـاؤه، ونـحن أهل الصلاة والصيام. وكذبوا، بل هم أهل كفر وشرك وافتراء علـى اللّه ، قال اللّه : {يُحِبّونَ أنْ يُحْمَدُوا بِـمَا لَـمْ يَفْعَلُوا}.

حدثنـي يحيـى بن أبـي طالب، قال: أخبرنا يزيد، قال: أخبرنا جويبر، عن الضحاك ، فـي قوله: {لاَ تَـحْسَبنّ الّذِينَ يَفْرَحُونَ بِـمَا أتَوْا ويُحِبّونَ أنْ يُحْمَدُوا بِـمَا لَـمْ يَفْعَلُوا} قال: كانت الـيهود أمر بعضكم بعضا، فكتب بعضهم إلـى بعض أن مـحمدا لـيس بنبـيّ، فـاجمعوا كلـمتكم، وتـمسكوا بدينكم وكتابكم الذي معكم. ففعلوا وفرحوا بذلك، وفرحوا بـاجتـماعهم علـى الكفر بـمـحمد صلى اللّه عليه وسلم.

٦٧٦٧ـ حدثنا مـحمد، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا أسبـاط، عن السديّ، قال: كتـموا اسم مـحمد صلى اللّه عليه وسلم، ففرحوا بذلك، وفرحوا بـاجتـماعهم علـى الكفر بـمـحمد صلى اللّه عليه وسلم.

٦٧٦٨ـ حدثنا مـحمد، قال: حدثنا أحمد، قال: حدثنا أسبـاط، عن السدي، قال: كتـموا اسم مـحمد صلى اللّه عليه وسلم، وفرحوا بذلك حين اجتـمعوا علـيه، وكانوا يزكون أنفسهم، فـيقولون: نـحن أهل الصيام وأهل الصلاة وأهل الزكاة، ونـحن علـى دين إبراهيـم صلى اللّه عليه وسلم. فأنزل اللّه فـيهم: {لا تَـحْسَبنّ الّذِينَ يَفْرَحُونَ بِـمَا أتَوْا} من كتـمان مـحمد صلى اللّه عليه وسلم: {ويُحِبّونَ أنْ يُحْمَدُوا بِـمَا لَـمْ يَفْعَلُوا} أحبوا أن تـحمدهم العرب بـما يزكون به أنفسهم، ولـيسوا كذلك.

٦٧٦٩ـ حدثنا الـحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوريّ، عن أبـي الـجَحّاف، عن مسلـم البطين، قال: سأل الـحجاج جلساءه عن هذه الاَية: {لا تَـحْسَبنّ الّذِيَ يَفْرَحُونَ بِـمَا أتَوْا} قال سعيد بن جبـير: بكتـمانهم مـحمدا، {ويُحِبّونَ أنْ يُحْمَدُوا بِـمَا لَـمْ يَفْعَلُوا} قال: هو قولهم: نـحن علـى دين إبراهيـم علـيه السلام.

٦٧٧٠ـ حدثنـي مـحمد بن سعد، قال: ثنـي أبـي، قال: ثنـي عمي، قال: ثنـي أبـي، عن أبـيه، عن ابن عبـاس : {لاَ تَـحْسَبنّ الّذِينَ يَفْرَحُونَ بِـمَا أتَوْا ويُحِبّونَ أنْ يُحْمَدُوا بِـمَا لَـمْ يَفْعَلُوا}: هم أهل الكتاب أنزل علـيهم الكتاب، فحكموا بغير الـحقّ، وحرّفوا الكلـم عن مواضعه، وفرحوا بذلك، وأحبوا أن يحمدوا بـما لـم يفعلوا، فرحوا بأنهم كفروا بـمـحمد صلى اللّه عليه وسلم، وما أنزل اللّه ، وهم يزعمون أنهم يعبدون اللّه ، ويصومون، ويصلون، ويطيعون اللّه ¹ فقال اللّه جل ثناؤه لـمـحمد صلى اللّه عليه وسلم: {لا تَـحْسَبنّ الّذِينَ يَفْرَحُونَ بِـمَا أتَوْا} كفروا بـاللّه وكفروا بـمـحمد صلى اللّه عليه وسلم، {ويُحِبّونَ أنْ يُحْمَدُوا بِـمَا لَـمْ يَفْعَلُوا} من الصلاة والصوم، فقال اللّه جلّ وعزّ لـمـحمد صلى اللّه عليه وسلم: {فَلا تَـحْسَبَنّهُمْ بِـمَفـازَةٍ مِنَ العَذَابِ ولَهُمْ عَذَابٌ ألِـيـمٌ}.

وقال آخرون: بل معنى ذلك: لا تـحسبنّ الذين يفرحون بـما أتوا من تبديـلهم كتاب اللّه ، ويحبون أن يحمدهم الناس علـى ذلك. ذكر من قال ذلك:

٦٧٧١ـ حدثنا مـحمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد فـي قول اللّه تعالـى: {لاَ تَـحْسَبنّ الّذِينَ يَفْرَحُونَ بِـمَا أتَوْا} قال: يهود، فرحوا بإعجاب الناس بتبديـلهم الكتاب وحمدهم إياهم علـيه، ولا تـملك يهود ذلك.

وقال آخرون: معنى ذلك: أنهم فرحوا بـما أعطى اللّه تعالـى آل إبراهيـم علـيه السلام. ذكر من قال ذلك:

٦٧٧٢ـ حدثنـي مـحمد بن الـمثنى، قال: حدثنا مـحمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن أبـي الـمعلـى، عن سعيد بن جبـير أنه قال فـي هذه الاَية: {ويُحِبّونَ أنْ يُحْمَدُوا بِـمَا لَـمْ يَفْعَلُوا} قال: الـيهود يفرحون بـما آتـى اللّه إبراهيـم علـيه السلام.

حدثنا ابن الـمثنى، قال: حدثنا وهب بن جرير، قال: حدثنا شعبة، عن أبـي الـمعلـى العطار، عن سعيد بن جبـير، قال: هم الـيهود، فرحوا بـما أعطى اللّه تعالـى إبراهيـم علـيه السلام.

وقال آخرون: بل عُنِـي بذلك قوم من الـيهود سألهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن شيء، فكتـموه، ففرحوا بكتـمانهم ذلك إياه. ذكر من قال ذلك:

٦٧٧٣ـ حدثنا الـحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن جريج، قال: أخبرنـي ابن أبـي ملـيكة أن علقمة بن أبـي وقاص أخبره: أن مروان قال لرافع: اذهب يا رافع إلـى ابن عبـاس فقل له: لئن كان كل امرىء منا فرح بـما أتـى وأحب أن يحمد بـما لـم يفعل معذبـا، لـيعذبنا اللّه أجمعين!

فقال ابن عبـاس : ما لكم ولهذه؟ إنـما دعا النبـي صلى اللّه عليه وسلم يهود، فسألهم عن شيء فكتـموه إياه وأخبروه بغيره، فأروه أن قد استـجابوا لله بـما أخبروه عنه مـما سألهم، وفرحوا بـما أتوا من كتـمانهم إياه. ثم قال: {وَإذْ أخَذَ اللّه مِيثاقَ الّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ}.. الاَية.

حدثنا القاسم، قال: حدثنا الـحسين، قال: ثنـي حجاج، قال: قال ابن جريج: أخبرنـي عبد اللّه بن أبـي ملـيكة، أن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أخبره أن مروان بن الـحكم قال لبوابه: يا رافع اذهب إلـى ابن عبـاس ، فقل له: لئن كان كل امرىء منا فرح بـما أتـى وأحبّ أن يحمد بـما لـم يفعل معذّبـا، لنعذبن جميعا

فقال ابن عبـاس : ما لكم ولهذه الاَية؟ إنـما أنزلت فـي أهل الكتاب. ثم تلا ابن عبـاس : {وَإذْ أخَذَ اللّه مِيثاقَ الّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ لَـيُبَـيّنُنّهُ للنّاسِ} إلـى قوله: {أنْ يُحْمَدُوا بِـمَا لَـمْ يَفْعَلُوا}

قال ابن عبـاس : سألهم النبـيّ صلى اللّه عليه وسلم عن شيء فكتـموه إياه، وأخبروه بغيره، فخرجوا وقد أروه أن قد أخبروه بـما قد سألهم عنه، فـاستـحمدوا بذلك إلـيه، وفرحوا بـما أتوا من كتـمانهم إياه ما سألهم عنه.

وقال آخرون: بل عنـي بذلك قوم من يهود أظهروا النفـاق للنبـيّ صلى اللّه عليه وسلم مـحبة منهم للـحمد، واللّه عالـم منهم خلاف ذلك. ذكر من قال ذلك:

٦٧٧٤ـ حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: ذكر لنا أن أعداء اللّه الـيهود يهود خيبر أتوا نبـيّ اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فزعموا أنهم راضون بـالذي جاء به، وأنهم متابعوه وهم متـمسكون بضلالتهم، وأرادوا أن يحمدهم نبـيّ اللّه صلى اللّه عليه وسلم بـما لـم يفعلوا، فأنزل اللّه تعالـى: {لا تَـحْسَبنّ الّذِينَ يَفْرَحُونَ بِـمَا أتَوْا ويُحِبّونَ أنْ يُحْمَدُوا بِـمَا لَـمْ يَفْعَلُوا}.. الاَية.

حدثنا الـحسن بن يحيـى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، قال: إن أهل خيبر أتوا النبـيّ صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه،

فقالوا: إنا علـى رأيكم وهيئتكم، وإنا لكم ردء، فأكذبهم اللّه ،

فقال: {لا تَـحْسَبنّ الّذِينَ يَفْرَحُونَ بِـمَا أتَوْا}.. الاَيتـين.

٦٧٧٥ـ حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفـيان، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبـي عبـيدة، قال: جاء رجل إلـى عبد اللّه ،

فقال: إن كعبـا يقرأ علـيك السلام، و

يقول: إن هذه الاَية لـم تنزل فـيكم: {لا تَـحْسَبنّ الّذِينَ يَفْرَحُونَ بِـمَا أتَوْا ويُحِبّونَ أنْ يُحْمَدُوا بِـمَا لَـمْ يَفْعَلُوا} قال: أخبروه أنها نزلت وهو يهوديّ.

وأولـى هذه الأقوال بـالصواب فـي تأويـل قوله: {لا تَـحْسَبنّ الّذِينَ يَفْرحُونَ بِـمَا أتَوْا}.. الاَية، قول من قال: عنـي بذلك أهل الكتاب الذين أخبر اللّه جلّ وعزّ أنه أخذ ميثاقهم، لـيبـيننّ للناس أمر مـحمد صلى اللّه عليه وسلم، ولا يكتـمونه، لأن قوله: {لا تَـحْسَبنّ الّذِينَ يَفْرَحُونَ بِـمَا أتَوْا}.. الاَية فـي سياق الـخبر عنهم، وهو شبـيه بقصتهم مع اتفـاق أهل التأويـل علـى أنهم الـمعنـيون بذلك، فإذ كان ذلك كذلك،

فتأويـل الاَية: لا تـحسبن يا مـحمد الذين يفرحون بـما أتوا من كتـمانهم الناس أمرك، وأنك لـي رسول مرسل بـالـحقّ، وهم يجدونك مكتوبـا عندهم فـي كتبهم، وقد أخذت علـيهم الـميثاق بـالإقرار بنبوّتك، وبـيان أمرك للناس، وأن لا يكتـموهم ذلك، وهم مع نقضهم ميثاقـي الذي أخذت علـيهم بذلك، يفرحون بـمعصيتهم إياي فـي ذلك، ومخالفتهم أمري، ويحبون أن يحمدهم الناس بأنهم أهل طاعة لله وعبـادة وصلاة وصوم، واتبـاع لوحيه، وتنزيـله الذي أنزله علـى أنبـيائه، وهم من ذلك أبرياء أخـلـياء لتكذيبهم رسوله، ونقضهم ميثاقه الذي أخذ علـيهم، لـم يفعلوا شيئا مـما يحبون أن يحمدهم الناس علـيه، فلا تـحسبنهم بـمفـازة من العذاب، ولهم عذاب ألـيـموقوله: {فَلا تَـحْسَبَنّهُمْ بِـمَفـازَةٍ مِنَ العَذَابِ} فلا تظنهم بـمنـجاة من عذاب اللّه الذي أعدّه لأعدائه فـي الدنـيا من الـخسف والـمسخ والرجف والقتل، وما أشبه ذلك من عقاب اللّه ، ولا هم ببعيد منه. كما:

٦٧٧٦ـ حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد فـي قوله: {فَلا تَـحْسَبَنّهُمْ بِـمَفـازَةٍ مِنَ العَذَابِ} قال: بـمنـجاة من العذاب.

قال أبو جعفر: {وَلَهُمْ عَذَابٌ ألِـيـمٌ}

يقول: ولهم عذاب فـي الاَخرة أيضا مؤلـم، مع الذي لهم فـي الدنـيا معجل.

﴿ ١٨٨